الرؤيا المبشرة
mo ab
إن الحمد الله نحمده ونستعينه.......
فِيْ حَدِيْثٍ رَوَاْهُ اَلْحَاْفِظُ أَبُوْ مُوْسَىْ اَلْمَدِيْنِيْ، وَقَاْلَ عَنْهُ أَنَّهُ حَدِيْثٌ حَسَنٌ جِدَاً، وَذَكَرَ اِبْنُ اَلْقَيِّمِ ، أَنَّهُ سَمِعَ شَيْخَ اَلْإِسْلَاْمِ اِبْنَ تَيْمِيَةَ يَقُوْلُ عَنْهُ: هُوَ مِنْ أَحْسَنِ اَلْأَحَاْدِيْثِ، وَأَنَّ أُصُوْلَ اَلْسُّنَّةِ تَشْهَدُ لَهُ ، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَرضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ فِيْ صُفَّةٍ فِيْ اَلْمَدِينَةِ، فَقَاْلَ: (( إِنِّي رَأَيْتُ اَلْبَاْرِحَةَ عَجَبًا: رَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِيْ ، أَتَاْهُ مَلَكُ اَلْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوْحَهُ، فَجَاْءَهُ بِرُّهُ بِوَاْلِدَيْهِ فَرَدَّ مَلَكَ اَلْمُوْتِ عَنْهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي، قَدِ اِحْتَوَشَتْهُ اَلْشَّيَاْطِيْنُ، فَجَاْءَهُ ذِكْرُ اَللَّهِ فَطَرَدَ اَلْشَّيَاْطِيْنَ عَنْهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِيْ، قَدِ اِحْتَوَشَتْهُ مَلَاْئِكَةُ اَلْعَذَاْبِ، فَجَاْءَتْهُ صَلَاْتُهُ فَاَسْتَنْقَذَتْهُ مِنْ أَيْدِيْهِمْ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي، يَلْهَثُ عَطَشًا كُلَّمَاْ دَنَىْ مِنْ حَوْضٍ مُنِعَ وَطُرِدَ، فَجَاْءَهُ صِيَاْمُ رَمَضَاْنَ فَأسَقَاْهُ وَأَرْوَاْهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِيْ، وَرَأَيْتُ اَلْنَّبِيِّيْنَ جُلُوْسَاً حِلَقًا حِلَقَاً، كُلَّمَاْ دَنَاْ إِلَىْ حَلْقَةٍ طُرِدَ وَمُنِعَ، فَجَاْءَهُ غُسْلُهُ مِنَ اَلْجَنَاْبَةِ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَقْعَدَهُ إِلَى جَنْبِي. وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ظُلْمَةٌ، وَمِنْ خَلْفِهِ ظُلْمَةٌ، وَعَنْ يَمِينِهِ ظُلْمَةٌ، وَعَنْ يَسِاَرِهِ ظُلْمَةٌ، وَمِنْ فَوْقِهِ ظُلْمَةٌ، وَمِنْ تَحْتِهِ ظُلْمَةٌ، وَهُوَ مُتَحَيِّرٌ فِيْ ذَلِكَ، فَجَاءَهُ حَجُّهُ وَعُمْرَتُهُ فَاَسْتَخْرَجَاْهُ مِنَ اَلْظُّلْمَةِ، وَأَدْخَلَاْهُ فِيْ اَلْنُّوْرِ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي، يَتَّقِيْ وَهَجَ اَلْنَّاْرِ وَشَرَرَهَاْ، فَجَاْءَتْهُ صَدَقَتُهُ فَصَاْرَتْ سِتْرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَلْنَّاْرِ وَظِلَاً عَلَىْ رَأْسِهِ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي، يُكَلِّمُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَلَاْ يُكَلِّمُوْنَهُ، فَجَاْءَتْهُ صِلَتُهُ لِرَحِمِهِ، فَقَاْلَتْ: يَاْ مَعْشَرَ اَلْمُؤْمِنِيْنَ إِنَّهُ كَاْنَ وَصُوْلَاً لِرَحِمِهِ فَكَلِّمُوْهُ، فَكَلَّمَهُ اَلْمُؤْمِنُوْنَ وَصَاْفَحُوْهُ وَصَاْفَحَهُمْ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِيْ، احتوشته اَلْزَّبَاْنِيَةُ، فَجَاْءَهُ أَمْرُهُ باَلْمَعْرُوْفِ وَنَهْيُهُ عَنِ اَلْمُنْكَرِ، فَاَسْتَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيْهِمْ، وأَدْخَلَهُ فِيْ مَلَاْئِكَةِ اَلْرَّحْمَةِ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِيْ، جَاْثِيًا عَلَىْ رُكْبَتَيْهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اَللَّهِ حِجَابٌ، فَجَاءَهُ حُسْنُ خُلُقِهِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى اللَّهِ. وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي، قَدْ ذَهَبَتْ صَحِيْفَتُهُ مِنْ قِبَلَ شِمَاْلِهِ، فَجَاءَهُ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل فَأَخَذَ صَحِيْفَتَهُ فَوَضَعَهَاْ فِي يَمِينِهِ. وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي، قَدْ خَفَّ مِيزَانُهُ، فَجَاءَهُ أَفْرَاطُهُ فَثَقَّلُوا مِيزَانَهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي، قَائِمًا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَجَاءَهُ رَجَاْؤُهُ بِاَللهِ عز وجل، فَاسْتَنْقَذَهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَضَى. وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي، قَدْ هَوَىْ فِيْ اَلْنَّاْرِ، فَجَاءَتْهُ دَمْعَتُهُ اَلَّتِيْ قَدْ بَكَاْهَاْ مِنْ خَشْيَةِ اَللَّهِ، فَاَسْتَنْقَذَتْهُ مِنْ ذَلِكَ. وَرَأَيْتُ رَجُلا مِنْ أُمَّتِي، قَائِمًا عَلَى الصِّرَاطِ، يَرْعُدُ كَمَا تَرْعُدُ السَّعْفَةُ فِيْ رِيْحٍ عَاْصِفٍ، فَجَاءَهُ حُسْنُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ فَسَكَّنَ رِعْدَتَهُ وَمَضَىْ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي، يَزْحَفُ عَلَىْ اَلْصِّرَاْطِ يَحْبُوْ أَحْيَانًا وَيَتَعَلَّقُ أَحْيَانًا، فَجَاءَتْهُ صَلاتُهُ عَلَيَّ فَأَقَامَتْهُ عَلَىْ قَدَمَيْهِ وَأَنْقَذَتْهُ. وَرَأَيْتُ رَجُلَاً مِنْ أُمَّتِي، اِنْتَهَىْ إِلَىْ أَبْوَاْبِ اَلْجَنَّةِ فَغُلِّقَتِ اَلْأَبْوَاْبُ دُوْنَهُ، فَجَاْءَتْهُ شَهَاْدَةُ أَنْ لَاْ إِلَهَ إِلَّاْ اَللَّهُ، فَفَتَحَتْ لَهُ اَلأَبْوَاْبَ وَأَدْخَلَتْهُ اَلْجَنَّةَ))
حَدِيْثٌ عَظِيْمٌ ذَكَرَ فِيْهِ اَلْنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‘مَاْ رَآهُ فِيْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ، اَلْمُنْجِيَةِ مِنْ اَلْعَذَاْبِ، وَرُؤْيَاْ اَلْأَنْبِيَاْءِ حَقٌ، فَيَنْبَغِيْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاْحِدَةٍ مِنْهَاْ بِنَصِيْبٍ، وَكَمَاْ قَاْلَ تَعَاْلَىْ: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين.....
لَقَدْ حَوَتْ رُؤْيَاْ اَلْنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‘جُمْلَةً مِنْ اَلْأَعْمَاْلِ اَلْصَّاْلِحَةِ، وَبَيَّنَتْ فَضْلَهَاْ، فَيَنْبَغِيْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَاْ، وَأَنْ يَكُوْنَ لَهُ نَصِيْبَاً وَاْفِرَاً مِنْهَاْ، وَقَدْ وَعَدَ الله عز وجل اَلَّذِيْنَ يَعْمَلُوْنَ مِثْلَ هَذِهِ اَلْأَعْمَاْلِ سَعَاْدَةَ اَلْدُّنْيَاْ وَاَلْآخِرَةِ ، يَقُوْلُ تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}، وَيَقُوْلُ أَيْضَاً: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}، وَيَقُوْلُ سُبْحَاْنَهُ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}.