اَلرُّؤَى وَالْأَحْلَامِ لَا تَنْفَع وَلَا تَضُر

عايد القزلان التميمي
1444/08/18 - 2023/03/10 09:04AM
  الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهْ وَرَسُولُهُ اَلْقَائِلُ ( ( اَلرُّؤْيَا اَلصَّادِقَةُ مِنْ اَللَّهِ ، وَالْحُلْمُ مِنْ اَلشَّيْطَانِ ) ) صَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ اَلدِّينِ
 أَمَّا بُعْدٌ : فَاتُّقُوا اَللَّه عِبَادُ اَللَّهِ حَقَّ اَلتَّقْوَى ، فَبِالتَّقْوَى تُرْفَع اَلدَّرَجَاتُ ، وَتُقَالَ اَلْعَثَرَاتُ .
أَيُّهَا اَلْمُؤْمِنُونَ : قال الله عَزَّ وَجَلَّ : ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ﴾ ، قَالَ عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالْبُشْرَى ؛ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ .
عِبَاد اَللَّهِ وَلَقَدْ اِهْتَمَّ كَثِيرٌ مِنْ اَلنَّاسِ فِي زَمَانِنَا هَذَا بِالرُّؤَى وَالْأَحْلَامِ ، وَكَثُرَ اَلسُّؤَالُ عَنْهَا لِأَنَّهُ مَا مِنْ يَوْمِ إِلَّا وَيَحْصُلُ لَهُمْ فِيهِ رُؤَى أَوْ أَحْلَام ، وَلَقَدْ ذَكَرَ رَبُّنَا فِي كِتَابِهِ أَنَّ يُوسُف عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ رَأَى رُؤْيَا ثُمَّ تَحَقَّقَتْ تِلْكَ اَلرُّؤْيَا بَعْدَ سنين كثيرة { إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ }
ثم قال جل وعلا في آخر السورة : { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا }
يعني أن إخوته كانوا هم الكواكب وكان أبوه وكانت أمه هما الشمس والقمر.
 

ونبينا عليه الصلاة والسلام أول ما بُدئ به الوحي الرؤيا الصادقة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام « الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ
وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ » [ متفق عليه ].
عباد الله واعلموا أن الرؤيا ثلاثة أقسام ويدل على هذا التقسيم ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلاثَةٌ : فَالرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ ...) .
عباد الله وأذكر لكم  بعضاً من الأحاديث الصحيحة التي فيها إرشاد إلى أدبِ الرَّائِي تِجَاهَ ما يراه في منامِه : فعن أبي قتادة رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ حُلُمًا يَخَافُهُ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا فَإِنَّهَا لا تَضُرُّهُ ) رواه البخاري.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَتَحَوَّلْ وَلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْأَلِ اللَّهَ مِنْ خَيْرِهَا وَلْيَتَعَوَّذْ مِنْ شَرِّهَا ) . صحيح سنن ابن ماجه .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ اَلرُّؤْيَا اَلطَّيِّبَةَ اَلسَّارَّةَ مِنْ اَللَّهِ وَأَنَّ اَلرُّؤْيَا اَلسَّيِّئَةَ اَلَّتِي يَكْرَهُهَا اَلْإِنْسَانُ فَإِنَّهَا حُلْمٌ مِنْ اَلشَّيْطَانِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهَا .
فيا أيها المؤمنون إن الرؤيا الصالحة حق وأنها اذا عُبِّرت وقعت، ولا يُعَبِّرُ الرؤيا إلا عالماً بأحكامها، ومدلولاتها، وقد يُصِيبُ المُعَبِّر وقد يُخْطِىء.
ولقد افتُتِنَ كثيرٌ من الناس بِبِعْضِ المُعَبِّرين للرُؤَى، الذين يبحثون عن الوسائل المعاصرة لتبليغ تعبيراتهم للناس ، فأشغلوهم ، وأكلوا أموالهم ، أو تَسَلَّقُوا على مَنَامَاتِهِم لبلوغ الشهرة وانتشار الصيت ، وكثير منهم جاهل أصلاً في هذا الباب ، ومن كان منهم عالِماً فإنه يعلم
أن التعبير يختلف في الرؤيا الواحدة من شخص لآخر ، ومعرفة حال الرائي ورؤيته  له ، له دورٌ كبير في صحة التعبير.
أيها المؤمنون وقد صدر بيان من اللجنة الدائمة للإفتاء جاء فيه: (والواجب على المعبرين للرؤى تقوى الله تعالى، والحذر من الخوض في
هذا الباب بغير علم؛ فإن تعبير الرؤى فتوى؛ بدليل ما قصه الله في كتابه عن رؤيا الملك، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} )).
كما صدر بيان من سماحة المفتي العام للملكة حفظه الله جاء فيه:(وقد حصل التوسع في باب تأويل الرؤيا حتى سمعنا أنه يخصص لها في القنوات الفضائية، وكذلك على الهواتف، وفي الصحف، والمجلات، والمنتديات العامة من المنتجعات، وغيرها أماكن خاصة بها؛ جذباً للناس، وأكلاً لأموالهم بالباطل: كل هذا شرٌّ عظيم، وتلاعب بهذا العلم الذي هو جزء من النبوة…)، إلى أن قال:(.. فيجب على المسلمين التعاون في منع هذا الأمر، كلٌّ حسب استطاعته، لأنه باب شر، وذريعة إلى التخرص، والاستعانة بالجن، وجر المسلمين في ديار الإسلام إلى الكهانة، والسؤال عن المغيبات، زيادة على ما فيها من مضار لا تخفى، من إحداث النزاعات، والشقاق، والتفريق بين المرء وزوجه، والرجل وأقاربه وأصدقائه، - إلى أن قال سماحته- وإني إبراءً للذمة ، ونصحاً للأمة : لأحذر كل من يصل إليه هذا البيان ، من التعامل مع هؤلاء ، أو التعاطي معهم ، والتمادي في ذلك ، بل الواجب مقاطعتهم ، والتحذير من شرهم ،) انتهى كلامه حفظه الله.
واحذروا من تجار الرقية الشرعية ومُفسري الأحلام حيث أنهم في الغالب يجمعون بين الاثنتين
بارك الله لي ولكم .....
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً لا ينفد ، أفضلَ ما ينبغي أن يُحمد . وأصلي وأسلّم على أفضل المصطفين  نبينا  محمد ، وعلى آله وصحبه ومن تعبّد
.أما بعد :  فيا عباد الله إن الأحلام لا تنفع ولا تضر وما كتبه الله لنا سوف يقع علينا ولكن نعمل ونجد ونجتهد ونحكم عقلنا ونقوي جانب التوكل على الله.
واعلموا عباد الله أن المَنَامَات لاَ تَعْدُو أَنْ تَكُونَ مُبَشِّرَاتٍ أَو مُحَذِّرَاتٍ، لاَ يُعقَدُ عَلَيهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَلَيسَتْ طِرِيقًا لِعِلاَجِ مَسْحُورٍ أَو مُعَانٍ، اللهُ سُبحَانَهُ هُوَ مَالِكُ الضُّرِّ وَالنَّفْعِ، وَلَو اجْتَمَعَ مَنْ عَلى ظَهْرِهَا عَلَى نَفْعِ عَبْدٍ أو ضُرِّهِ لم يَنفعُوه إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبه الله له، ولو اجْتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوه لَم يَضُّروه إلاَّ بشيءٍ قَد كَتبهُ الله عَليه، رُفِعَتِ الأقلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ .
وختامًا من أراد الرؤيا الصالحة فعليه بالصدق في أقواله وأفعاله، وأن لا ينام إلا على وضوء، وينام على جنبه الأيمن، ويأتي بالأوراد الثابتة عند النوم، ويسأل الله الخير،
ولا يغترّ بما يرى ولو عُبِّر بما عُبِّر فالإمام أحمد رحمه الله يقول: (( الرؤيا تسرّ المؤمن ولا تغرُّه ))
هذا وصلوا وسلموا على رسول الله ....
المرفقات

1678428435_خطبة الرؤى والأحلام لا تنفع ولا تضر.docx

المشاهدات 501 | التعليقات 0