الذكر .. أفضل ما يفعل في هذه العشر ..

عبدالله محمد الطوالة
1441/12/03 - 2020/07/24 00:47AM
الحمدُ للهِ الذي خلَقَ الخلْقَ ليعبدوهُ، وأودعَ فيهمُ العقولَ ليعرفوهُ، وعرَّفهُم بأسمائه وصفاتهِ ليوحِدوهُ ويُـطيعُوهُ، {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} ..
وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، أسبغَ عليكم نعمهُ ظاهرةً وباطنةً لتشكروهُ٬ وبيَّنَ لكم طريقَ الحقِّ والخيرِ لتسلكوهُ، وطريقَ الشرِّ والضلالِ لتجتنبوهُ، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} ..
وأشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ .. اخْتَارَهُ اللهُ تَعَالَى واجتباهُ، وشرحَ صدْرهُ وهداهُ، وطهـرَ قلبهُ وزكاهُ، ورفعَ ذكرهُ وأعلاهُ، وآتاهُ الوسيلةَ والفضيلةَ والشفاعةَ وأرضاهُ، وأراهُ من عظيمِ ملكُوتهِ ما أراهُ، صلّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وصحبهِ ومن والاهُ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا لا حدَّ لمُنتهاهُ ..
أمَّا بعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ حقَّ التقوى، فدينُكم أسهلُ الأديانِ وأسمحُها، وكتابُكم أوضحُ الكتبِ وأحكمُها، ونبيكم أرحمُ الأنبياءِ بأمته وأنصحُها، فاغتنموا لحظاتِ الأعمارِ فما أسرعُهَا، وانتهزوا الفُرصَ السانحةَ فما أنفسُهَا، وتاجروا مع الله فما أربحَهَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} ..
معاشر المؤمنين الكرام: مَنْ تأمل الْقُرْآنِ الكريم وَجَدَ أَنَّ الْأَمْرَ بِكَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى قد تَكَرَّرَ فِيه كثيراً .. بل لَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ الْأَمْرُ بِالْإِكْثَارِ مِنْ شَيْءٍ كَالْأَمْرِ بِالْإِكْثَارِ مِنَ الذِّكْرِ، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} .. وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} .. وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} ..
فذِكرُ اللهِ تعالى هو حِصنُ المؤمِن الحصِين، وكنزُهُ الدَّفِين، وذُخْرُهُ ليومِ الدِّينِ، وهُوَ قُوتُ القلوبِ، ونُورُ الصُدورِ، وقُرةُ العُيونِ، وسُرورُ النُفوسِ، ورُوحُ الحياةِ، وحياةُ الأرواحِ .. يَطرُدُ الشيطانُ، ويُرضِيِ الرحمنَ، وَهو خَيرُ مَا شُغِلَت بِهِ الأَوقَاتُ، واستُثمِرت فيهِ الطاقَات، وَهُوَ أقوى عُدَّةُ المؤمِن فِي مُوَاجَهَةِ الْفِتَنِ وَالِابْتِلَاءَاتِ، وَهُوَ فَوْزُهُ فِي الْآخِرَةِ، ورِفعَتهُ في الدَرجات، وَمَا رُتِّبَ عَلَيه مِنَ الْأُجُورِ, أمرٌ لَا يُحْصِيهِ إِلَّا ربُّ الأرضِ والسموات؛ وَلِأَنَّه لَا يَحْتَاجُ إِلَى كَثِيرِ جُهدٍ، فإنما هو تَحْرِيكُ اللِّسَانِ مَعَ اسْتِحْضَار الْقَلْبِ لِمَا يَقُولُ، وذلك مما يَسْتَطِيعُهُ الْعَبْدُ فِي كُلِّ أحيانِه، وَعَلَى كل أحَوالِه .. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَى عِبَادِهِ فَرِيضَةً إِلَّا جَعَلَ لَهَا حَدًّا مَعْلُومًا، ثُمَّ عَذَرَ أَهْلَهَا إن عجزوا، إلا الذِّكْرِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَدًّا يَنْتَهِي إِلَيْهِ، وَلَمْ يَعْذُرْ أَحَدًا فِي تَرْكِهِ، إِلَّا مَغْلُوبًا عَلَى تَرْكِهِ، فَقَالَ: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} .. وأَخْبَرَ النَّبِيُّ  أَنَّ السَّبْقَ إنما يَكُونُ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ، فقَالَ عليه الصلاة والسلام: «سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ» .. وعَن أَبي هُرَيرَةَ  أن النبي  قال: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: "بلى يا رسول الله"! قال: «ذكر الله عز وجل» .. وجاء في صحيح مسلم: إنَّ رسول الله خرجَ على حلقةٍ من أصحابهِ فقال: "ما أجلسَكُم؟"، قالوا: جلَسنَا نَذكُرُ اللهَ ونحمدهُ على ما هَدانا للإسلام، وما منَّ به علينا، قال: "آللهُ ما أجلَسَكُم إلَّا ذَاك؟" ، قالوا: آللهُ ما أجلَسنا إلا ذاك، قال: "أما إني لم أستحلِفكم تُهمةً لكم، ولكنَّهُ أتاني جِبريلُ فأخبرني أن اللهَ عزَّ وجلَّ يُباهِي بِكم الملائكة" .. ومَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، أَكْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذِكْرِهِ، ففِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .. ووالله لو لم يكن للذكر إلا هذه الميزة لكفت ورجحت ..
ثم اعلموا أنَّ شَرَفَ الذِّكرِ وَعُلُوَّ مَنزِلَتِهِ، وَعَظِيمَ فَضلِهِ، وَشِدَّةِ حَاجَةُ المسلمِ إِلَيهِ، مَعَ سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ، وَكثرةِ أَجورِهِ، كُلُّ ذلكَ ليَحثُنا ويحفزنا أَن نَكُونَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ تَعَالى كَثِيرًا، وَأَلاَّ نَكُونَ مِنَ المُفَرِّطِينَ الغَافِلِينَ ..
معاشِرَ المؤمنينَ الكِرامَ: وإذا وازَنَ العاقِلُ هذه الحياةَ القَصِيرةَ بالخلود المنتَظَر، عَلِمَ أن كُلَّ نَفَسٍ من أنفاسِه يَعدِلُ في الآخرةِ أحقابًا لا نهاية لها، ودُهوراً لا تفنى ولا تُحصى، في نعيمٍ لا ينفد، وقُرةُ عينٍ لا تنقطع، نسألُ اللهُ الكريمَ من فضلِه، فالعَاقِل لا يُضيِّعُ نفِيسَ عُمرِهِ بغير عملٍ صالح، ففي الحديث الصحيح: مَا جَلَسَ قَومٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكرُوا الله تَعَالَى فِيهِ ولَم يُصَّلُّوا عَلَى نَبِيِّهم فِيهِ إلاَّ كانَ عَلَيّهمْ تِرةٌ وفي رواية حَسرةً يومَ القيامة .. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله : "لَقيتُ إبراهيمَ ليلةَ أُسْريَ بي فقالَ: يا محمَّدُ، أقرئ أمَّتَكَ منِّي السَّلامَ وأخبِرْهُم أنَّ الجنَّةَ طيِّبةُ التُّربةِ عذبةُ الماءِ، وأنَّها قيعانٌ، وأنَّ غِراسَها سُبحانَ اللَّهِ والحمدُ للَّهِ ولا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واللَّهُ أَكْبرُ" ..
وأسمعوا إلى كلامٍ نفيسٍ كتبهُ ابن الجوزي رحمهُ اللهُ في رسالةٍ لطيفةٍ إلى ابنهِ ينصحهُ فيها، وسماها "لفتةُ الكبدِ في نصيحة الولد"، وكانَ ممَّا جاءَ فيها:
"اعلم يا بُني أن الأيام تُبْسَطُ ساعات، والساعات تبسط أنفاساً، وكل نَفَسٍ خِزانةٌ، فاحذر أن يَذهبَ نَفَسٌ بغير شيء فترى في القيامة خِزانةً فارغةً فتندم، وانظر كلَّ ساعةٍ من ساعاتِك بما تَذهَب، فلا تُودِعها إلا أشرَفَ ما يُمكنُك، ولا تُهمِل نَفسَك، وعوِّدِها أشرَفَ ما يكونُ من العمل وأحسنَه، وابعث إلى صُندوقِ القبرِ ما يَسرُكَ يومَ القيامةِ أن تراه" ..
ثم إنَّ اللهَ بِكَرَمِهِ العظيمِ قَد جَعَلَ لِهَذِهِ الأُمَّةِ المَرحُومَةِ مَوَاسِمَ خَيرٍ تُضَاعَفُ فِيهَا الحَسَنَاتُ، وَتُغفرُ فِيهَا السَّيِّئَاتُ، وَتُعَوَّضُ فِيهَا عَن قِصَرِ أَعمَارِها .. منها هذه الأيامُ المباركة، التي هِيَ أَفضَلُ الأَيَّامِ عِندَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ .. جاء في الحديث الصحيح: “ما من أيامٍ أعظمَ عندَ اللهِ ولا أحبَّ إليهِ العملُ فيهنَّ من أيامِ العشرِ فأكثروا فيهنَّ من التسبيحِ والتحميدِ والتكبيرِ والتهليل” ..
فحريٌ بِالمُسلِمِ العَاقِلِ، الَّذِي يُوقِنُ أَنَّهُ في دَارِ عَمَلٍ وَاجتِهَادٍ، تَتلُوهَا دَارُ حِسَابٍ وَجَزَاءٍ، جديرٌ به أَن يُجَاهِدَ نَفسَهُ في استثمار هذه الفرص الثمينة، فالأَعمَارَ تطوى، والأوقات تمضي سريعاً .. وَكُلُّ يَومٍ يَمُرُّ فَهُوَ يُباعِدُنا عَنِ الدُّنيَا وَيُقَرِّبُنا مِنَ الآخِرَةِ، فَالخَسَارَةُ كُلُّ الخَسَارَةِ، وَالغَبنُ كُلُّ الغَبنِ، أَن يَعلَمَ المَرءُ بِكُلِّ هَذَا، وَيُوقِنُ بِأَنَّهُ مُرتهنٌ بعملهِ، وأنهُ سيُتركُ وَحِيدَاً في لَحدِهِ، لَيسَ لَهُ أَنِيسٌ وَلا جَلِيسٌ إِلاَّ ما قدمَ من صالحِ عَمَلهِ، ثم هُوَ مَعَ هَذَا مُستمرٌ على حالِهِ، تَمُرُّ بِهِ مَوَاسِمُ الطَّاعَاتِ مَوسمٌ في إثرِ موسمٍ، وَعُمرُهُ يَزدَادُ وَأَجَلُهُ يَقتَرِبُ، وَجِسمُهُ يَضعُفُ وَصِحَّتُهُ تَذهَبُ، وَهُوَ مَعَ كُلِّ هَذَا يُؤَجِّلُ وَيُسوّفُ، وَيَتَبَاطَأُ وَيَتَكَاسَلُ، وَيُعرِضُ وَيَتَجَاهَلُ، زاهدٌ فيِ الحَسَنَاتِ ، مُعرِضٌ عَنِ النَّفَحَاتِ وَالرَّحَمَاتِ .. أَفلا نَتَّقِ اللهَ يا عباد اللهِ في هذه الفُرصِ السانِحةِ، فنجتَهدَ فيها بمَا نَستَطِيعُهُ مِنَ الخَيرِ، وَنَتَقَرَّبَ إِلى اللهِ بما نَقدِرُ عَلَيهِ من الأعمال الصالحة، جاءَ في حَدِيثِ قُدسِيِّ صحيحٍ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِليَّ عَبدِي بِشَيءٍ أَحَبَّ إِليَّ مِمَّا افتَرَضتُ عَلَيهِ، وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِليَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بِهَا، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِن استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ" .. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} .. بارك الله ...
 
الحمد لله كما ينبغي لجلاله وجماله وكماله عظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمد عبدا لله ورسوله الداعي إلى رضوانه .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه .. وسلم تسليماً كثيراً ..
أما بعد: فاتقوا الله عبادَ الله وكونوا من أهلِ الخشيةِ والمراقبةِ، فهم الذين ينتفعون بالذكرى والموعِظةِ، قالَ جلَّ وعلا: {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}، واعلَموا أنَّ لكلِّ أجلٍ كتابًا، ولكلِّ غائِبٍ إيابًا، ولكلِّ عملٍ ثوابًا .. منْ كثرُ كلامهُ كثرتْ آثامهُ .. ومنْ عَلتْ هِمتهُ كَبُرَ همُّهُ .. ومنْ لمْ يقنعْ برزقِه عذَّبَ نفسهُ .. وجاءَ في وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم: " اِغتَنِمْ خَمسًا قَبلَ خَمسٍ: شَبَابَكَ قَبلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبلَ فَقرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبلَ شُغلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبلَ مَوتِكَ" ..
واعلموا أن أفضلُ الأعمال: أداءُ ما افترضَ الله، والورعُ عمَّا حرَّم الله، وصِدقُ النيَّةِ فيما عِندَ اللهِ، والنفسُ إنْ لم تَشغَلهَا بطاعة اللهِ شغَلَتكَ بما لا يَنفعُ، والذنوبُ مَفْسَدةُ القلوب، والصَدقَةُ تَدفعُ البَلاء، وصَنائِعُ المعروفِ تقي مَصارِعَ السوءِ، وأهلُ المعروفِ في الدنيا هم أهلُ المعروفِ في الآخرةِ، ومن لم يَرضَ بالقضاء فليسَ لعلتهِ دواءٌ، الأجلُ محتومٌ، والرزقُ مقسومٌ، والهمومُ وإن تكالبت فلا تدومُ، ومن عرفَ شأنَهُ حفِظَ لسانَهُ، ومَن نظرَ في عيبِ نفسِهِ شُغِلَ عن عَيبِ غَيرهِ، ومن استقلَ زَلـلَهُ استَكثرَ زَلَلَ غَيرِهِ، ومن تلمحَ حَلاوةَ الأجرِ، هانت عليهِ مرارةُ الصبرِ .. وجاءَ في الأثر: ارضَ بما قسمَ اللهُ تكن أغنى الناسِ، واجتنب محارِمَ اللهِ تكن أورَعَ الناسِ، وأدّ ما فرضَ اللهُ تكن أعبدَ الناسِ .. وإن عجزتَ عن نُصرةِ المظلومِ، فلا تقفْ مع الظالمِ، وإن أسكتكَ الخوفُ، فلا يُنطِقُكَ الطمعُ .. وإن فاتكَ الحقُّ، فلا تَتبع البَاطلَ .. ومن كانَ في نعمةٍ ولم يَشْكُر .. خَرجَ مِنها دُونَ أن يَشعُر .. وعلى قَدر نيةِ العبدِ وهمتهِ، يَكونُ تَوفِيقُ اللهِ لهُ وإعانَتهُ .. والمؤمِنُ القويُ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمِنِ الضعِيفِ، والمسلمُ من سلِمَ المسلمونَ من لسانهِ ويدِهِ، والمؤمنُ من أمِنَهُ الناسُ، والمهاجِرُ من هَجرَ ما حرَّمَ اللهُ، والمُسلمُ أخو المسلمِ لا يَظلِمُهُ ولا يُسلِمهُ ولا يخذِلهُ ولا يحقِرُهُ، وأقربُ الناسِ مجلِساً من رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ القيامةِ أحاسِنُهم أخلاقًا، وما كان الرِّفقُ في شيءٍ إلا زَانَه، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شَانَهُ .. وصحَ عنهُ صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ: "خَيرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَومِ عَرَفَةَ ، وصِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتي بَعدَهُ" ..
فاتقوا الله رحمكم اللهُ وسارعوا في الخيراتِ، ونافِسوا في المكرُماتِ، وسَابِقوا للجنَّاتِ، وأكثروا من الطَاعاتِ والقُربَاتِ، ودَاموا على الذكرِ في هذه الأيام المباركات، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} ..{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ..
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان .. اللهم صل ..  

 

المشاهدات 767 | التعليقات 0