الديمقراطية - خطب مختارة
الفريق العلمي
لقد أدركوا تمام الإدراك أنهم لن يستطيعوا أن يخذِّلوا المسلم الحق عن التمسك بدينه وعقيدته وأن يدفعوه لأن يخالف تعاليمه ويرتكب متعمدًا مخالفاته، فلما تيقنوا من ذلك حاولوا جاهدين أن يلبسوا الحرام لباس الحلال وأن يقدموا السم في أطباق من ذهب وأن يسموا الأشياء بغير مسمياتها؛ لينخدع بها المسلمون ويقعوا في براثنها، فسموا الربا أرباحًا والزنا حبًا والتبرج تحررًا، والرقص والخنا فنًا والخمر مشروبات روحية... وكذلك فقد سموا التحاكم إلى غير ما أنزل الله "ديمقراطية"!
***
ولكي لا نتجنى، ولأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، فدعونا نعرف ما هي تلك "الديمقراطية" ليكون حكمنا عليها على بينة، إن الديمقراطية كلمة يونانية مكونة من مقطعين: "demos" وتعني: الشعب، و"karatos" وتعني: الحكم أو السلطة، فالمعنى: سلطة الشعب، أو حكم الشعب، وهذا ما تتفق عليه أغلب القواميس والمعاجم ودوائر المعارف.
فهذا قاموس اكسفورد يعرفها بأنها: حكم الشعب؛ شكل من أشكال الحكم الذي تكون فيه مطلق القوة كامنة لدى الشعب بأكمله.. وعرفتها دائرة المعارف البريطانية بأنها: شكل من أشكال الحكم يمارس فيه المواطنون حق اتخاذ القرار السياسي تطبيقًا لحكم الأغلبية.. وعرفها ابراهام لينكولن الرئيس الأمريكي الأسبق بأنها: حكم الشعب للشعب ولصالح الشعب.
وممن كان دور بارز في الدعوة إلى الديمقراطية والترويج لها "جون لوك" وقد عرفها هو الآخر بأنها: حق الأكثرية التي اكتسبت سلطة الجماعة في استخدام تلك السلطة لتشريع القوانين وتنفيذها بواسطة موظفين عينوا لذلك.
فهذا هي ديمقراطيتهم؛ حكم الشعب لا حكم الله ولا حكم القرآن، وهي حكم الأغلبية؛ فلو اتفقت هذه الأغلبية على استحلال الزنا أو الربا.. لصار ذلك حلالًا مباحًا سائغًا لأن أغلب الشعب قد أراده!!
***
ومما سبق يتضح أن تلك الديمقراطية قد بدأت في المجتمعات البدائية في اليونان قبل الميلاد، وتدعمت أصول تلك الديمقراطية في عهد "بريكليس" ذلك السياسي الخطيب في الفترة بين عام: 460 وعام 429 قبل الميلاد، ولقد كانت ديمقراطية تعارض مبادئها؛ فقد أُقصي منها النساء والعبيد تمامًا.
ويعتبرون "سولون" و"كليسثنيس" الإغريقيين من أوائل من وضع أسس الديمقراطية وأصولها، فالناس تبع في الديمقراطية لهذين الوثنيين الذين قد عاشا قبل الميلاد!
ثم ما زالت تتطور تلك الديمقراطية وتتبلور معالمها حتى صارت بصورتها الحالية المطاطية التي أجمعت في جميع أشكالها وألوانها أنها "حكم الشعب" لا حكم شريعة ولا حكم دين!
***
ومن جملة التلبيس على الأمة الإسلامية أن ادعوا -كذبًا زورًا- أن الديمقراطية لا تخالف الإسلام وأنها هي نفسها "الشورى" ذلك النظام الإسلامي، وأنه لا تغاير بينهما ولا تناقض..! لكن الحقائق تكذب ذلك كله وتفضحه؛ فإن الديمقراطية تخالف الشورى الإسلامية بداية من اسمها ومرورًا بوصفها وانتهاء بنتاجها وحصادها.
فالشورى كلمة عربية ونظام رباني ذكره القرآن وأمر به: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)[الشورى: 38]، أما الديمقراطية فكلمة أجنبية خبيثة المنبت والمنشأ والمرجع ولا أصل لها في لغتنا ولا في دين ربنا.
والشورى تقرر أن السيادة لله -تعالى- وحده لا شريك له: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)[يوسف: 40]، ففيها يكون حق التشريع لله وحده.. بينما تقرر الديمقراطية أن الحكم والسيادة للشعب وللأغلبية وحدها.
ومحل الشورى في مسائل الاجتهاد فقط وفيما لا نص فيه، أما الديمقراطية فلا تعرف أصول الدين ولا ثوابته بل كل شيء -حتى الدين نفسه- خاضع لقبول الأغلبية أو رفضها!!
وتقتصر الشورى الإسلامية على أهل الحل والعقد وحدهم، أما الديمقراطية فيشارك فيها الجاهلون والهمج والرعاع... وهم بالضرورة أكثر عددًا وأعلى صوتًا، فيكون لهم -دون الأكابر من العلماء والأمراء- الحكم والأمر والقرار والتصرف.
***
فنستطيع القول الآن في يقين وثقة ودون التفاف ولا مواربة أن الإسلام برئ من تلك الديمقراطية، وأنها تخالفه في كثير من أصولها ومبادئها، وأن الجمع ما بين الشورى الإسلامية وبين الديمقراطية الدخيلة عليه جمع ما بين متنافرين متغايرين وظلم واضح لنظام الشورى الإسلامي.
***
فهذه هي الديمقراطية التي يحتفل الغرب بها هذه الأيام ويعقدون لها "يومًا عالميًا"، ليروجوا لها ويخدعوا بها الشعوب الإسلامية التي اكتوى بعضها من مرارتها وزقومها وعلقمها... وما ذكرنا هنا إلا مقدمة وتمهيدًا لنعرض صياحات خطبائنا وصرخاتهم التي تحذِّر وتخوِّف وتفضح تلك الديمقراطية وثمارها المرة الخبيثة، فهاكم بعض خطبهم.
إن الحكم إلا لله - صالح بن عبد الله بن حميد.
فضل الشورى الإسلامية على الديمقراطية الغربية - حسن بن علي البار.
الموقف من الديمقراطية - أحمد عبدالرحمن الزومان.
الديمقراطية الدين الأمريكي الجديد (1) - جابر السيد الحناوي.
الدستور الوضعي وحكم الشعب كلاهما طاغوت - عصام بن عبد الله السناني.
تحكيم القوانين - مرزوق بن سالم الغامدي.
الديمقراطية غاية أم مطية؟ - إيهاب كمال أحمد.