الخوارج والدواعش وجهان لعملة واحدة

محمد البدر
1436/10/08 - 2015/07/24 01:26AM
[align=justify]الْخُطْبَةُ الْأُولَى :
قال تعالى: : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) (يوسف:108)
عباد الله :أمرنا الله تعالى بالدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن على هدى وبصيرة،وقد طبق صلى الله عليه وسلم هذا المنهج أكمل تطبيق، فقام وحده يدعو إلى الله تعالى في مجتمع الشرك والجاهلية الأولى، ولا شك أنه أشد فساداً من مجتمعاتنا اليوم، فكان يدعو بالحكمة متدرجاً في دعوته لا يدعو إلا إلى أساس العقيدة والتوحيد ومبادئ الإسلام ، فكان يريبهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، حتى تخرجوا على يديه فكانوا النواة الأولى للمجتمع المسلم، والأساس الذي قام عليه بناؤه.
عباد الله :لأبد من أتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة ومناهجها وخطواتها وكيف دعا الناس ومنهج جميع الرسل من قبل ، فأول ما يبدؤون في التوحيد وإصلاح العقيدة ، ثم تعليم الناس أحكام الشريعة ، هذه هي الدعوة الصحيحة ، أما أننا نأتي بطرق جديدة مثل التمثيليان أو الاناشيد او مقاطع فيديو مخلوطة بالنغمات الموسيقية أو المؤثرات الصوتية او القصص الكاذبة و بعض الدعاة هداهم الله ينشر الأحاديث المكذوبة والموضوعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو القصص الوهمية والمكذوبة ، فهذه الطريقة لا تصلح للدعوة ولا يصلح أخر هذه الآمة ألا بما صلح أولها .
وإذا كنا اليوم قد فقدنا شخص الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن بين يدينا المنهج الذي سار عليه وسار عليه صحابته رضوان الله عليهم اجمعين ، الكتاب والسنة المحفوظ بحفظ الله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9]، وقال صلى الله عليه وسلم: " خَلَّفْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِى "صححه الألباني .
عباد الله : إن أنسب طريق لمحاربة الفساد هي الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن على هدى وبصيرة، وهذا هو واجبك وواجب كل مسلم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا لا شك أنه من الجهاد الذي أمرنا الله تعالى به، وهو منهج القرآن الذي قال الله تعالى عنه لنبيه صلى الله عليه وسلم: (فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا) [الفرقان:52].وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم ،فمن أراد أن يعيد إلى الأمة ما كان لها من العزة، فعليه أن يصلح نفسه أولا، ثم يسعى بعد ذلك في إصلاح غيره. :قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}23.
عبادالله : ظهرة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقة تغلو في التعامل مع الآخرين تحت شعار إنكار المنكر فبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم أتاه رجل فقال كما في جاء في الحديث عن أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قَسْمًا، أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اعْدِلْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ؟ قَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِيهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ رواه مسلم .
فوصفهم بالاجتهاد في العبادة ومع ذلك يخرجون من الإسلام فهؤلاء قوم أتاهم الشيطان من قبل دينهم فأهلكهم من باب الغلو والعياذ بالله .
فليست العبرة بكثرة العمل ولا بالحرص على الخير وإرادته وإنما العبرة بموافقة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاستقامة على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم أخبر عليه الصلاة والسلام أن أصحاب ذلك الرجل سيخرجون من بعده ووقع ذلك في زمن علي رضي الله عنه فقاتلهم حتى استأصلهم ثم استمر فكر هؤلاء الخوارج إلى يومنا هذا .
فالخوارج والدواعش وجهان لعملة واحدة فاحذروهم وحذروا منهم .
أقول قولي هذا ......



الخطبة الثانية:
أما بعد:عباد الله:إن مذهب الخوارج مذهب خطير لأنه يقوم على تكفير المسلمين واستحلال دمائهم ففي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
فالواجب على المسلم أن يحذر من المذاهب الباطلة كلها لاسيما هذا المذهب الخبيث .
عباد الله :لا شك إن بلادنا أصيبت في بعض أبنائها بداء الحزبية المقيتة بعد دخول الفكر الإخواني والتكفيري والتبليغي والداعشي وهي مناهج تصرف أتباعها عن التبصر الحقيقي بمنهج السلف الصالح وهي مناهج تغرس في قلوب أتباعها البعد والنفور عن الولاء لولاتها وتقدير علمائها وإذا تهدمت هذه الأسوار الحصينة سهل على العدو تمرير مخططاتهم ولكن بلادنا منصورة بإذن الله.
والعصمة من هذه الفتن إنما تكون بطلب العلم الشرعي على أيدي العلماء المعتبرين ، ولزوم السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور والدعاء لهم وبذل النصيحة لهم والرد على كل من يحاول زعزعة الأمن وفساد العقيدة والأخذ على يده وتبليغ الجهات المختصة عنه حتى يعالجوا مرضه بالدواء المناسب .
الا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 1700 | التعليقات 0