الخمر مفتاح كل شر(خطبة مستقاة من خطب أخرى)
عبدالرزاق المضياني
1440/10/30 - 2019/07/03 14:36PM
أيها الناس:قد تحدثنا في الخطبة الماضية عن بعض محبطات الأعمال وفي هذه الخطبة سنكمل على ماسبق فنقول وبالله التوفيق... قال بعضُ الصالحين:"مات لي ولد صغير،فلما دفنتُه رأيته بعد موته في المنام وقد شابَ رأسُه،فقلت:يا ولدي، دفنتك وأنت صغير،فما الذي شيَّبك؟فقال:يا أبتِ،دُفن إلى جانبي رجل ممن كان يشرب الخمر في الدنيا،فزفَرَتْ جهنمُ لقدومه زفْرةً لم يبق منها طفل إلا شاب رأسه؛مِن شدة زفرتها"هذه القصة ذكرها الذهبي في كتابه الكبائر. عباد الله:من محبطات الأعمال،شرب الخمر،أمّ الخبائث ،ومجمع المصائب،فكم أغوتْ من إنسان،وهدمتْ من بيت،ويتّمت من أولاد،وأرملت من نساء،وأسفرت عن جريمة،وأهلكت من مال،وضيّعت من عيال. ولذلك جاءت الشريعةُ الإسلامية الحكيمة بتحريمها والتحذير منها وعقوبةِ متعاطيها،بل جعلتها من كبائر الذنوب وحبائل الشيطان.يقول الله تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ويدخل في الخمر والمسكرات المخدرات بأنواعها فهي أشد ضرراً من الخمر كما هو معلوم وقد أجمع العلماء على تحريمها وإلحاقها بالمسكرات. الإنسان في هذه الدنيا سلاحه عقل سليم،وصحة قوية، ومال يغنيه،وكرامة وشرف يعليه،والعقل أغلى هذه الأمور،فبالعقل يستفيد الإنسان من ماله وصحته وشرفه ،وبدونه لا يستفيد منها،أو لا يحس بالاستفادة منها. قال الحسن البصري رحمه الله:"لو كان العقل يشترى لتغالى الناس في ثمنه،فالعجب ممن يشتري بماله ما يفسده". أخرج النسائي وابن حبان في صحيحه،أن عثمان رضي الله عنه قام خطيبا فقال:" أيها الناس،اتقوا الخمر؛فإنها أمُّ الخبائث،وإن رجلا ممن كان قبلكم من العباد،كان يختلف إلى المسجد،فلقيته امرأةُ سُوء،فأمرت جاريتها فأدخلته المنزل.فأغلقت الباب،وعندها باطيةٌ من خمر،وعندها صبي،فقالت له:لا تفارقني حتى تشرب كأساً من هذا الخمر،أو تواقعني،أو تقتل الصبي،وإلا صِحتُ،تعني: صرخت،وقلت:دخل علي في بيتي،فمن الذي يصدِّقك؟ فضعف الرجلُ عند ذلك وقال:أما الفاحشة فلا آتيها، وأما النفس فلا أقتلها،فشرب كأسا من الخمر.فقال:زيديني فزادته،فوالله ما برح،حتى واقع المرأة وقتل الصبي". قال عثمان رضي الله عنه:" فاجتنبوها،فإنها أم الخبائث، وإنه ـ والله ـ لا يجتمع الإيمان والخمر في قلب رجل، إلا يوشك أحدهما أن يذهب بالآخر".
الخطبة الثانية: يقول بعض أصحاب المسكرات والمخدرات:إنها تجلب المسرة والفرح،وفَاتَهُم أنه فرحٌ مُزيَّفٌ مغشُوش،وسُرور كاذب،يعقبه هبوط وحسرة،وركود وذلة،وهمٌ وغمٌ لأوقات طويلة. ويقولون:إنها تقوي الجسم،وتفيد الصحة،وفاتهم أن لها رد فعل يصحبه اصفرار وهزال،وقيء وكسل،والتهاب للكبد،والكلى، وغيرُها من العلل. وأعظم من هذا كله:ما ورد من الوعيد لمتعاطيها،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ ،فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ،وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا،فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ،وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا،فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ،فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ،وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.قَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ،وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟قَالَ:عُصَارَةُ أَهْلِ النَّار).صححه الألباني في صحيح ابن ماجه . أيها المسلمون،سترجعون إلى الله وستقفون بين يديه،والله سائِلُكم يوم القيامة عما استرعاكم(فَكُلُّكُمْ رَاعٍ،وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِه) . أحسنوا الرعاية على أولادكم-ذُكُورِهم وإناثِهم-وجنِّبوهم جلساءَ السوء،وامنعوهم من أماكن الفساد والاختلاط، واحذروا عليهم مِن السهر مع رُفقة السوء. أَيُّهَا المُسلِمُونَ،وإِنَّ المُبتَلَينَ بِالمُخَدِّرَاتِ والمسكرات مَرضَى يَحتَاجُونَ إِلى رِّعَايَةِ وَعِلاجِ، وَغَرقَى يَتَشَوَّفُونَ إِلى مُسَاعَدَةٍ وَإِنقَاذٍ، وَمِن ثَمَّ فَلا بُدَّ مِن فَتحِ القُلُوبِ لهم ، بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ وَنَصِيحَةٍ مُخلِصَةٍ، ومُعَامَلَةٍ حَسَنَةٍ، وَأَسَالِيبَ مُنَوَّعَةٍ، كما علينا الإلحاحَ بِالدُّعَاءِ لهم.ثم صلوا،،
المرفقات
7-خطر-المسكرات-والمخدرات