الحياء والفراغ
محمد البدر
1434/07/21 - 2013/05/31 11:17AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.فالمؤمن كل حياته لله تعالى. وكل أوقاته مجردة لعبادة الله تعالى وهو يعلم أن هذه هي الحكمة التي خلق من أجلها أن يعبد ربه سبحانه وتعالى ولذلك فهو قائم بهذه المهمة وبهذا التكليف في كل وقت وفي كل حين وفي كل شهر من شهور السنة.
عباد الله : إن الزمن عزيز ونفيس وقد أقسم الله عز وجل بجميع أجزاء اليوم في كتابه فقال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ ﴾ وقال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1)وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ وقال: ﴿وَالضُّحَى(1)وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ ،وقال أيضًا: ﴿وَالْعَصْرِ ﴾ .
عباد الله :كثير هم الذين يجعلون مشاغل الحياة مطية لتقصيرهم ، ووسيلة ومبررا لعدم قيامهم بواجباتهم ، وشماعة لإهمالهم وعدم مبالاتهم بكثير من حقوق غيرهم ، تأملوا يا عباد الله عندما يعاتب أحدهم لتقصيره بصلة رحمه ، أو عدم حرصه على ما يقربه من خالقه ، كالصلاة مع الجماعة وطلب العلم وحضور حلق الذكر ، وغير ذلك ، تجده يشتكي من عدم توفر الوقت ، يقول : مشغول وليس عندي وقت ! وهذا ليس بصحيح ، والدليل على ذلك ، أنه يقضي أوقاتاً طويلة أمام التلفاز يقلب القنوات ،ويتصفح المجلات والجرائد،ويتنقل بين المواقع الإلكترونية ويتابع الفيسبوك والتويتر والوات ساب بشغف ويجتهد في توفير الوقت لذلك ومثل ذلك الخروج للعب أو الخروج إلى الأسواق وفي الطلعات وفي النزهات والسفر .. إلخ ، ولكنه يبخل ببضع دقائق يصل بها رحمه ، ويعجز عن تخصيص دقائق يقرأ بها صفحة من كتاب الله يكتب له في كل حرف منها عشر حسنات ، تجده لا يصلى إلا في الصفوف المتأخرة وقد يصلي مع المتأخرين بعد صلاة الإمام فسبحان الله ، أين مشاغله عن شهواته وملذاته .
عباد الله :إن الحديث عن قضية الفراغ ، يتأكد في هذه الأيام ، حيث نستقبل بعد أيام قليلة الإجازة ، فهذه النعمة العظيمة ، يتمتع بها الكثير من الناس وخاصةً طلاب المدارس .
عباد الله :الإجازة متعة ومسؤولية فهل حققنا ذلك ، فنحن من أمة كانت لا تعرف الكسل ولا الدعة ولا الراحة, امة صادقة.. امة تعرف للأوقات قيمتها وللعمر معناه.. تحاسب على ثوانيه قبل دقائقه.
حتى جاءنا ذلك المفهوم المغلوط عن الإجازة ،والتي يقضيها صاحبها الآن دون عمل سواء من المدرسة أو من الدائرة أو من الشركة .
وأصبحت في حياة بعض الناس ميدان كسل وخمول فشغل بنوم النهار و سهر الليل .
عباد الله : الإجازة ينتظرها قوم ليهتكوا فيها محارم الله و يشوهوا سمعة دينهم و يصدوا عن سبيل الله بقبيح ما يصنعون ،يرتحلون في طلب الغدرات والفجرات و ينتظرها آخرون لتكون ميدانا للتجارة الموسمية و يفوز بها قلة قليلة جعلوها ميدانا سباقٍ للفائدة والإفادة . و إنك لو سألت الكثير من أبنائنا عن الإجازة لوجدت أنها لديه هي:النوم والدعة والسفر والاسترخاء و مفارقة الجد و التحصيل ،كأنها موسم لتفريغ العقول وتجديد الخمول .
عباد الله :إنَّ المسلم الصَّادق هو الَّذي يُعِدُّ لكلِّ شيء عدَّته، ويحسب لكلِّ أمر حسابه، ويعلم تمام العلم أنَّه مُحاسب على هذا الوقت، الَّذي يقضيه في دنياه منذُ بلوغه وتكليفه إلى أنْ يلقى ربَّه؛ فلا تمرُّ لحظةٌ من لحظات هذا الوقت إلَّا كانت له أو عليه؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» رواه التِّرمذي وصححه الألباني.
إنَّ أهمَّ ما يملكه العبد هو الوقت، فالعاقل هو الذي يحرص على أنْ يشغله فيما ينفعه - في الدُّنيا والآخرة - ولهذا جاء التَّنبيه عليه مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ»رواه البخاري عن ابن عبَّاس رضي الله عنه.
ولقد برزت أهميَّة الوقت في حثِّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم على الاستفادة منه، وعدم تركه يضيع سُدًى، إذ قال صلَّى الله عليه وسلَّم : « اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَك قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ »صححه الألباني .
فحثَّ الإسلام على اغتنام فُرصة الفراغ - في الحياة - قبل ورود ما يشغل مِن هرم، ومرض، وفقر؛ فالغالب أنَّ هذه الأمور تُلهي الإنسان، وتمنعه مِن الاستفادة مِن أوقاته، وتشغله عن استغلاله .أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
عباد الله:الحياء كلُّه خيرٌ ، فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ » متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية لمسلمٍ : «الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ » أَوْ قَالَ : « الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ » .
وهو من الأخلاق التي يحبها الله ،والحياء يحمل على الاستقامة على الطاعة ، وعلى ترك المعصية ونبذ طريقها ، وهل أدل على ذلك من قول نبينا صلى الله عليه وسلم « إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ »رواه البخاري .
عباد الله:إن من المخالفات التي انتشرت أيام الاختبارات وهي ليست من الحياء في شيء ، رمي الكتب والأوراق في قارعة الطريق وحول المدارس وفي حاويات القمامة , وهذا والله مما يندى له الجبين , فكم ترى كتاب للتوحيد مرمياً ونحن في بلاد التوحيد, وكتاب التفسير, وكتاب الحديث وغيرها من الكتب الدراسية بلا مبالاة ولا رادع وتعلمون أن جميع الكتب عندنا تبدأ بالبسملة , مع احتوائها على لفظ الجلالة والآيات القرآنية,والأحاديث النبوية ,فأين قدسية العلم وأين المحافظة على تراث الأمة أين الاحترام لكلام الله جل وعلا وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
عباد الله :أذكركم بما فعل المسلمون يوم أن أساءوا لنبينا صلى الله عليه وسلم في دولة كافرة من دول أوربا من خلال رسوم قذرة تسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم والتي هاج فيها المسلمون وماجو في كل دول العام وأعلنوا المقاطعة وخرجت المظاهرات تندد وتستنكر وتشجب ونحن في بلد الأمن والأمان في بلد التوحيد والسنة وفي بلد الوحي وفي بلد يقيم للشريعة وزناً وللسنة مكانة وفضلا ، وللأسف الشديد أبنائنا ومن جلدتنا يهينون كلام الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم من خلال رمي الكتب بين القاذورات والنفايات أليس هذا استهتار وامتهان وانتكاسة في الفطر السوية ، لماذا لم نرى تحركاً لإنكار هذا المنكر أوليس هذا بمنكر والله المستعان .
عباد الله:من هذا المنبر المبارك ندعو كل ولي أمر أولاً بأن يربي أبنائه وبناته على الإحساس بالمسؤولية وتعليمهم احترام الكتب وأنها من أولويات المسلم وكذلك المعلمين والمربين لتوعية طلابهم بواجبهم نحو هذه الكتب والمحافظة عليها وصيانتها ووضعها في المكان اللائق .
* ثم ندعو القائمين على التعليم باتخاذ المناسب للحد من هذه الظاهرة ووأدها في مهدها .
وندعو كذلك القائمين على تنظيم ونظافة هذه المدينة بتخصيص حاويات لتجميع هذه الأوراق والكتب .
* وندعو الجمعيات الخيرية لدراسة وتفعيل دورهم في المساهمة لحفظ هذه الأوراق والكتب والمسارعة لهذا الخير وحث المجتمع عليه .
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على نعمة هذه الكتب التي بين أيدينا ، قبل زوالها .
ألا وصلوا عباد الله ...
[/align]
قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }.فالمؤمن كل حياته لله تعالى. وكل أوقاته مجردة لعبادة الله تعالى وهو يعلم أن هذه هي الحكمة التي خلق من أجلها أن يعبد ربه سبحانه وتعالى ولذلك فهو قائم بهذه المهمة وبهذا التكليف في كل وقت وفي كل حين وفي كل شهر من شهور السنة.
عباد الله : إن الزمن عزيز ونفيس وقد أقسم الله عز وجل بجميع أجزاء اليوم في كتابه فقال تعالى: ﴿وَالْفَجْرِ ﴾ وقال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى(1)وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ وقال: ﴿وَالضُّحَى(1)وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ﴾ ،وقال أيضًا: ﴿وَالْعَصْرِ ﴾ .
عباد الله :كثير هم الذين يجعلون مشاغل الحياة مطية لتقصيرهم ، ووسيلة ومبررا لعدم قيامهم بواجباتهم ، وشماعة لإهمالهم وعدم مبالاتهم بكثير من حقوق غيرهم ، تأملوا يا عباد الله عندما يعاتب أحدهم لتقصيره بصلة رحمه ، أو عدم حرصه على ما يقربه من خالقه ، كالصلاة مع الجماعة وطلب العلم وحضور حلق الذكر ، وغير ذلك ، تجده يشتكي من عدم توفر الوقت ، يقول : مشغول وليس عندي وقت ! وهذا ليس بصحيح ، والدليل على ذلك ، أنه يقضي أوقاتاً طويلة أمام التلفاز يقلب القنوات ،ويتصفح المجلات والجرائد،ويتنقل بين المواقع الإلكترونية ويتابع الفيسبوك والتويتر والوات ساب بشغف ويجتهد في توفير الوقت لذلك ومثل ذلك الخروج للعب أو الخروج إلى الأسواق وفي الطلعات وفي النزهات والسفر .. إلخ ، ولكنه يبخل ببضع دقائق يصل بها رحمه ، ويعجز عن تخصيص دقائق يقرأ بها صفحة من كتاب الله يكتب له في كل حرف منها عشر حسنات ، تجده لا يصلى إلا في الصفوف المتأخرة وقد يصلي مع المتأخرين بعد صلاة الإمام فسبحان الله ، أين مشاغله عن شهواته وملذاته .
عباد الله :إن الحديث عن قضية الفراغ ، يتأكد في هذه الأيام ، حيث نستقبل بعد أيام قليلة الإجازة ، فهذه النعمة العظيمة ، يتمتع بها الكثير من الناس وخاصةً طلاب المدارس .
عباد الله :الإجازة متعة ومسؤولية فهل حققنا ذلك ، فنحن من أمة كانت لا تعرف الكسل ولا الدعة ولا الراحة, امة صادقة.. امة تعرف للأوقات قيمتها وللعمر معناه.. تحاسب على ثوانيه قبل دقائقه.
حتى جاءنا ذلك المفهوم المغلوط عن الإجازة ،والتي يقضيها صاحبها الآن دون عمل سواء من المدرسة أو من الدائرة أو من الشركة .
وأصبحت في حياة بعض الناس ميدان كسل وخمول فشغل بنوم النهار و سهر الليل .
عباد الله : الإجازة ينتظرها قوم ليهتكوا فيها محارم الله و يشوهوا سمعة دينهم و يصدوا عن سبيل الله بقبيح ما يصنعون ،يرتحلون في طلب الغدرات والفجرات و ينتظرها آخرون لتكون ميدانا للتجارة الموسمية و يفوز بها قلة قليلة جعلوها ميدانا سباقٍ للفائدة والإفادة . و إنك لو سألت الكثير من أبنائنا عن الإجازة لوجدت أنها لديه هي:النوم والدعة والسفر والاسترخاء و مفارقة الجد و التحصيل ،كأنها موسم لتفريغ العقول وتجديد الخمول .
عباد الله :إنَّ المسلم الصَّادق هو الَّذي يُعِدُّ لكلِّ شيء عدَّته، ويحسب لكلِّ أمر حسابه، ويعلم تمام العلم أنَّه مُحاسب على هذا الوقت، الَّذي يقضيه في دنياه منذُ بلوغه وتكليفه إلى أنْ يلقى ربَّه؛ فلا تمرُّ لحظةٌ من لحظات هذا الوقت إلَّا كانت له أو عليه؛ فعن ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» رواه التِّرمذي وصححه الألباني.
إنَّ أهمَّ ما يملكه العبد هو الوقت، فالعاقل هو الذي يحرص على أنْ يشغله فيما ينفعه - في الدُّنيا والآخرة - ولهذا جاء التَّنبيه عليه مِن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ»رواه البخاري عن ابن عبَّاس رضي الله عنه.
ولقد برزت أهميَّة الوقت في حثِّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم على الاستفادة منه، وعدم تركه يضيع سُدًى، إذ قال صلَّى الله عليه وسلَّم : « اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَك قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ »صححه الألباني .
فحثَّ الإسلام على اغتنام فُرصة الفراغ - في الحياة - قبل ورود ما يشغل مِن هرم، ومرض، وفقر؛ فالغالب أنَّ هذه الأمور تُلهي الإنسان، وتمنعه مِن الاستفادة مِن أوقاته، وتشغله عن استغلاله .أقول قولي هذا ....
الخطبة الثانية :
عباد الله:الحياء كلُّه خيرٌ ، فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ » متفقٌ عَلَيْهِ .
وفي رواية لمسلمٍ : «الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ » أَوْ قَالَ : « الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ » .
وهو من الأخلاق التي يحبها الله ،والحياء يحمل على الاستقامة على الطاعة ، وعلى ترك المعصية ونبذ طريقها ، وهل أدل على ذلك من قول نبينا صلى الله عليه وسلم « إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِى فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ »رواه البخاري .
عباد الله:إن من المخالفات التي انتشرت أيام الاختبارات وهي ليست من الحياء في شيء ، رمي الكتب والأوراق في قارعة الطريق وحول المدارس وفي حاويات القمامة , وهذا والله مما يندى له الجبين , فكم ترى كتاب للتوحيد مرمياً ونحن في بلاد التوحيد, وكتاب التفسير, وكتاب الحديث وغيرها من الكتب الدراسية بلا مبالاة ولا رادع وتعلمون أن جميع الكتب عندنا تبدأ بالبسملة , مع احتوائها على لفظ الجلالة والآيات القرآنية,والأحاديث النبوية ,فأين قدسية العلم وأين المحافظة على تراث الأمة أين الاحترام لكلام الله جل وعلا وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم .
عباد الله :أذكركم بما فعل المسلمون يوم أن أساءوا لنبينا صلى الله عليه وسلم في دولة كافرة من دول أوربا من خلال رسوم قذرة تسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم والتي هاج فيها المسلمون وماجو في كل دول العام وأعلنوا المقاطعة وخرجت المظاهرات تندد وتستنكر وتشجب ونحن في بلد الأمن والأمان في بلد التوحيد والسنة وفي بلد الوحي وفي بلد يقيم للشريعة وزناً وللسنة مكانة وفضلا ، وللأسف الشديد أبنائنا ومن جلدتنا يهينون كلام الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم من خلال رمي الكتب بين القاذورات والنفايات أليس هذا استهتار وامتهان وانتكاسة في الفطر السوية ، لماذا لم نرى تحركاً لإنكار هذا المنكر أوليس هذا بمنكر والله المستعان .
عباد الله:من هذا المنبر المبارك ندعو كل ولي أمر أولاً بأن يربي أبنائه وبناته على الإحساس بالمسؤولية وتعليمهم احترام الكتب وأنها من أولويات المسلم وكذلك المعلمين والمربين لتوعية طلابهم بواجبهم نحو هذه الكتب والمحافظة عليها وصيانتها ووضعها في المكان اللائق .
* ثم ندعو القائمين على التعليم باتخاذ المناسب للحد من هذه الظاهرة ووأدها في مهدها .
وندعو كذلك القائمين على تنظيم ونظافة هذه المدينة بتخصيص حاويات لتجميع هذه الأوراق والكتب .
* وندعو الجمعيات الخيرية لدراسة وتفعيل دورهم في المساهمة لحفظ هذه الأوراق والكتب والمسارعة لهذا الخير وحث المجتمع عليه .
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على نعمة هذه الكتب التي بين أيدينا ، قبل زوالها .
ألا وصلوا عباد الله ...
[/align]