الحوقلة-17-1-1445ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري (للجوال)
محمد بن سامر
الحوقلة-17-1-1445ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري
الحمدُ للَّهِ حمدًا كثيرًا طيِّبًا مبارَكًا فيهِ مبارَكًا عليْهِ كما يحبُّ ربُّنا ويرضى.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ-صلى اللهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ-.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَـمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) أَمَّا بَعْدُ: فيا إخواني الكرامُ:
الحديثُ اليَومَ عَنْ كَلِمةٍ مِنْ أَعجَبِ الكَلِمَاتِ، كَلِمَةٌ تُحمَلُ بِهَا أَثقَالٌ كَالجِبالِ، وتُكَابَدُ بِها شَدَائدُ الأَهوَالِ، ويُواجَهُ بِها بَواسلُ الأبطَالِ، وَيُنَالُ بِهَا رَفِيعُ الأَحوَالِ، وتُعينُ عَلى عَسيرِ الأَشغالِ، حَتَى قَالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّةِ-رَحِمَهُ اللهُ-: إِنَّ الملائكةَ لما أُمروا بحملِ العرشِ استعظموا ذلك، فقالَ اللهُ لهم: قولوا: (لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ)، فلمَّا قالوها حملُوه.
(لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) هِيَ الكَلَمةُ التي تَخرُجُ بِقَولِها مِن حَولِكَ وقُوَّتِكَ إلى حَولِ اللهِ وقُوَّتِهِ، ومعناها: اللهمَّ لا قَدرَةَ لي في الانتِقالِ مِن حَالٍ إلى حَالٍ، ولا قُوَّةَ لي عَلَى شَيءٍ إلا بِكَ، عِندَها تَستَبدِلُ ضَعفَكَ بِقُوَّةِ العَزيزِ القَاهِرِ، وتَنتَقِلُ مِن عَجزِكَ إلى بَأسِ القَويِّ القَادرِ، كَمَا اعتَمَدَ هُودٌ-عَليهِ السَّلامُ-عَلَى حَولِ رَبِّهِ وقُوَّتِهِ لَمَّا وَاجَهَ قَومَهُ: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ*إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
(لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) كَنزٌ مِن كُنوزِ الجَنَّةِ، قَالَ رَسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ-لأبي مُوسى الأشعَريِّ-رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: "يا عبدَاللهِ بنَ قَيْسٍ: أَلا أَدُلُّكَ على كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجنَّةِ؟ فقُلْتُ: بَلَى يا رسولَ اللهِ، قالَ: قُلْ: (لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ)".
(لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ) قُولُها: مِن أسبَابِ مَغفِرةِ الذُّنوبِ، قالَ-عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: "مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، ولَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ"، فَهَل رَأَيتُم أَنفسَ أو أسهَلَ مِن هَذا الكَنزِ؟
(لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) أَنيسُ الذَّاكرينَ، وَأَمانُ الخَائفِينَ، وَسَلوَّةُ المَحزونينَ، وَعُدَّةُ المُجَاهِدينَ، كَتَبَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إلى مُعَاوِيَةَ بنِ أَبِي سُفْيَانَ-رَضيَ اللهُ عَنهم-: "أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ وَلَّيْتُكَ قَيْسَارِيَّةَ-مدينةٌ فِلَسْطِينيةٌ-، فَسِرْ إِلَيْهَا وَاسْتَنْصِرِ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، وَأَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، اللَّهُ رَبُّنَا وَثِقَتُنَا، وَرَجَاؤُنَا وَمَوْلَانَا، فَنِعَمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ"، فَسَارَ إِلَيْهَا فَحَاصَرَهَا وَوَقعَ قِتَالٌ عَظِيمٌ انتَهى بالنَّصرِ والفَتحِ للمسلمينَ.
وَكَانَ حَبِيبُ بنُ مَسْلَمَةَ-رحمه الله تعالى-إِذَا لَقِيَ عَدُوًّا أَوْ حاصرَ حِصْنًا يَقٌولُ: (لَا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا باللهِ)، وَإِنَّهُ حاصرَ يَوْمًا حِصْنًا، فَقَالَ، هو والْمُسْلِمُونَ: (لَا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا باللهِ)، فَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَانْصَدَعَ الْحِصْنُ.
(لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) نَقولُها مَع المؤذنِ إذا قَالَ: حَيَّ على الصَّلاةِ، حَيَّ عَلى الفَلاحِ، إقرَارًا أنَّهُ لا حَولَ لَنا ولا قُوةَّ على القِيامِ للصلاةِ إلَّا بِعَونِ اللهِ-تَعالى-، واعتِراَفًا أنَّنا مَا صَلَّينا إلا بِإعَانةٍ مِنَ اللهِ وَحدَهُ، تَحقِيقًا لِقَولِنا فِيها: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) -عَلى عِبَادَتِكَ-.
أَستغفرُ اللهَ لي ولكم وللمسلمينَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فعِندَمَا نَخرُجُ مِنْ بُيَوتِنا، فَإنَّنا نَحتَاجُ إلى هِدايةٍ تَحمِينَا مِنَ الفِتَنِ والشَّهَواتِ، وإلى كِفَايةٍ لِمَا نُريدُ مِنَ المَطَالبِ والحَاجاتِ، وإلى وِقَايةٍ مِنَ شَرِّ الحَوادثِ والفَاجِعاتِ، وإلى حِفظٍ مِن وَسوَسةِ الشَّياطينِ المُضِّلَّاتِ، فإليكَ هَذهِ الكَلِمَاتُ المُبَارَكَاتُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ قَالَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ: بِاسمِ اللهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ، يُقالُ لَهُ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيطَانُ، فَيَقُولُ الشَّيطَانُ لِشَيطَانٍ آخَرَ: كَيفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟".
(لَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ) هِيَ المِفتاحُ والبابُ لكلِّ الحَاجاتِ، فَيُلِّحُ بِها الفَقيرُ، ويَلهَجُ بِها المَريضُ، ويُرَدِّدُها المَهمومُ، ويُكَرِّرُها المَغمومُ، فَتُفتَحُ بِها أبوابُ السَّمَاواتِ، وَيُستَجابُ بِها الدَّعواتُ، وتَنزِلُ مِن رَبِّنا الرَّحَمَاتُ، وَصَدقَ اللهُ-تَعالى-: (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ).
يا حيُّ يا قيومُ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، نسألكَ بأسمائِك الحُسْنَى، وصفاتِك العُلَى، يا ولي الإسلامِ وأهلِه ثبتْنا والمسلمينَ به حتى نلقاكَ.
اللهم أصلحْ لنا وللمسلمينَ الدِّينَ والدُنيا والآخرةَ، واجعلِ الحياةَ زيادةً في كلِّ خيرٍ، والموتَ راحةً منْ كلِّ شرٍ.
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا وعنهم سيِئها، اللهم اغفرْ لوالدينا وارحمْهم واجعلْهم في الفردوسِ الأعلى من الجنةِ وإيانا والمسلمينَ، اللهم إنَّا نسألك لنا وللمسلمينَ من كلِّ خيرٍ، ونعوذُ ونعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، ونسْأَلُكَ لنا ولهم العفوَ والْعَافِيَةَ في كلِّ شيءٍ، اللهم يا شافي اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمينَ والـمسالـمينَ، اللَّهُمَّ اِكْفِنَا والمسلمينَ بحلالِكَ عن حرامِكَ، وأَغْنِنـَا بفضلِكَ عَمَّنْ سِواكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ مِنْ فَضْلِكَ ورَحْـمَتِكَ فإنَّهُ لا يـَمْلِكُها إلا أنتَ، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهُمَّ عليك بأعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ وعليكَ بالظالمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ، اللهُمَّ إنَّا نجعلُكَ في نـُحورِهم، ونعوذُ بكَ مِنْ شرورِهم، اللهم إنَّا والمسلمينَ مستضعفونَ فانتصرْ لنا يا قويُ يا عزيزُ.
اللهم أصلحْ وُلاةَ أُمورِنا وأُمورِ المسلمينِ وبطانتَهم، واجعلْ أَمرَهم لِنَصرِ دِينِكَ، ولإعلاءِ كَلمتِكَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالـمينَ غانـمينَ.
اللهم صلِ وسلمْ وباركْ على نبيِنا محمدٍ، والحمدُ للهِ ربِ العالمين.
المرفقات
1691035641_الحوقلة-17-1-1445ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.docx
1691035642_الحوقلة-17-1-1445ه-مستفادة من خطبة الشيخ هلال الهاجري.pdf