الحوثي شَرُّ مَنْ وطِئَ الثرى وشر خلف لأَبَرْهَةَ الأشرم
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللهِ :قَال تَعَالَى:﴿أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا﴾وَ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾وَقَالَﷺ:«إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً،فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِﷺفَقُولُوا لَهُ:إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِﷺوَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ،وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ..إلخ الحديث» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
عِبَادَ اللهِ:توالت الأحداث على مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ على مر العصور ومن أشهر الأحداث التي وقعت قِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ و حادثة القرامطة الذين عاثوا في مكة الفساد واستحلوا حرمة البيت الحرام وهم طائفة من الباطنية الشيعة،وَأما قِصَّةُ أَصْحَابِ الْفِيلِ،فيروى أن أَبَرْهَةَ الأشرم بنى كَنِيسَةٍ بِصَنْعَاءَ،رَفِيعَةَ الْبِنَاءِ عَالِيَةَ الفِناء مُزَخْرَفَةَ الْأَرْجَاءِ ، سَمَّتْهَا الْعَرَبُ (الْقُلَّيْسَ) لِارْتِفَاعِهَا، وعزم أَبَرْهَةَ عَلَى أَنْ يَصْرِفَ حَجَّ الْعَرَبِ إِلَيْهَا كَمَا يُحَجُّ إِلَى الْكَعْبَةِ بِمَكَّةَ، وَنَادَى بِذَلِكَ فِي مملكته، فكرهت العرب ذَلِكَ، وَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ، لِذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، حَتَّى قصدها بعضهم ،فَأَحْدَثَ فِيهَا وَكَرَّ رَاجِعًا، فَلَمَّا رَأَى السَّدَنَةُ ذَلِكَ الْحَدَثَ رَفَعُوا أَمْرَهُمْ إِلَى مَلِكِهِمْ (أَبَرْهَةَ)وَقَالُوا لَهُ:إِنَّمَا صَنَعَ هَذَا بَعْضُ قُرَيْشٍ غَضَبًا لِبَيْتِهِمُ الَّذِي ضَاهَيْتَ هَذَا بِهِ،فَأَقْسَمَ أَبَرْهَةُ لَيَسِيرَنَّ إِلَى بَيْتِ مَكَّةَ وَلَيُخَرِّبَنَّهُ حَجَرًا حجراً، فَتَأَهَّبَ أَبَرْهَةُ لِذَلِكَ، وَصَارَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ عَرَمْرَمٍ ،وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ فِيلًا عَظِيمًا يقال له(محمود)ويقال:كان معه اثنا عشر فيلاً غيره فَلَمَّا انْتَهَى أَبَرْهَةُ إِلَى الْمُغَمْسِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَكَّةَ نَزَلَ بِهِ،وَأَغَارَ جَيْشُهُ عَلَى سَرْحِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنَ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا،فَأَخَذُوهُ، وَكَانَ فِي السَّرْحِ مِائَتَا بَعِيرٍ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَذَهَبَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ وَبَلَّغَهُ عَنْ أَبَرْهَةَ مَا قَالَ ، فَلَمَّا رَآهُ أَبَرْهَةُ أجله وكان عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رجلاً جسيماً حَسَنَ الْمَنْظَرِ ،وَنَزَلَ أَبَرْهَةُ عَنْ سَرِيرِهِ وَجَلَسَ مَعَهُ عَلَى الْبِسَاطِ،وَقَالَ لَهُ ما حَاجَتُكَ فَقَالَ:إِنَّ حَاجَتِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ الْمَلِكُ مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَصَابَهَا لِي،فَقَالَ أَبَرْهَةُ:لَقَدْ كُنْتَ أَعْجَبْتَنِي حِينَ رَأَيْتُكَ، ثُمَّ قَدْ زَهِدْتُ فِيكَ حِينَ كَلَّمْتَنِي، أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِيرٍ أَصَبْتُهَا لَكَ،وَتَتْرُكُ بَيْتًا هُوَ دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكِ، قَدْ جِئْتُ لِهَدْمِهِ لَا تُكَلِّمُنِي فِيهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:إِنِّي أَنَا رَبُّ الْإِبِلِ،وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رِبًّا سَيَمْنَعُهُ،قَالَ:مَا كَانَ لِيَمْتَنِعَ مِنِّي،قَالَ:أَنْتَ وَذَاكَ،وَرَجَعَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ، فَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ، والتحصن في رؤوس الْجِبَالِ تَخَوُّفًا عَلَيْهِمْ مِنْ مَعَرَّةِ الْجَيْشِ، ثُمَّ قَامَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فَأَخْذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ، وَقَامَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَدْعُونَ اللَّهَ، ويستنصرون على أَبَرْهَةُ وجنده،فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبَرْهَةُ تَهَيَّأَ لِدُخُولِ مَكَّةَ وَهَيَّأَ جيشه،فلما وجهوا الْفِيلَ نحو مَكَّةَ،برك الْفِيلُ، وَضَرَبُوا الْفِيلَ لِيَقُومَ، فَأَبَى، فَضَرَبُوا فِي رَأْسِهِ وَأَدْخَلُوا مَحَاجِنَ لَهُمْ فِي مراقه،فنزعوه بِهَا لِيَقُومَ، فَأَبَى، فَوَجَّهُوهُ رَاجِعًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَامَ يُهَرْوِلُ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى الشَّامِ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ،وَوَجَّهُوهُ إِلَى الْمَشْرِقِ، فَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَوَجَّهُوهُ إِلَى مَكَّةَ فَبَرَكَ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا مِنَ الْبَحْرِ أَمْثَالَ الْخَطَاطِيفِ وَالْبَلَسَانِ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ يَحْمِلُهَا:حَجَرٌ فِي مِنْقَارِهِ وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ أَمْثَالُ الْحُمُّصِ والعدس، لا يصيب مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا هَلَكَ،قَال تَعَالَى:﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4)فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ(5)﴾وَخَرَجُوا هَارِبِينَ يَبْتَدِرُونَ الطَّرِيقَ،فَأَبَادَهُمُ اللَّهُ، وَأَرْغَمَ آنَافَهُمْ، وَخَيَّبَ سَعْيَهُمْ، وَأَضَلَّ عَمَلَهُمْ، وَرَدَّهُمْ بِشَرِّ خيبة، قَالَﷺ:«يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.هذه هي مكةُ وهي بكةُ،والحرَمُ,والبلدَةُ,والمسجدُ الحرام, وهي: البلدُ الأمينُ, وأمُّ القرى، التي عظَّمها الله تعالى, ورفَع قدرَهَا, واختارها على سائر البقاع؛ لتكونَ ملاذاً للناس وأمناً, تهفو إليها الأفئدةُ من كلِّ مكــان, حتى ما يكادَ يراها أحدٌ إلا ويشتاق إليها, ولا يشبعُ منهاأحدٌ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ :ومن فضلِ الله ورحمتِهِ بمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ وأهلِها: أن جعلها في سلطان من يُعظِّمُها ويحميها,وهي محميةٌ حتى من الدجال،قَالَﷺ«لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَّا سَيَطَؤُهُ الدَّجَّالُ،إِلَّا مَكَّةَ،وَالمَدِينَةَ،لَيْسَ لَهُ مِنْ نِقَابِهَا نَقْبٌ،إِلَّا عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَهَا»مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.وَهَا هُوَ الحوثي الرافضي شَرُّ مَنْ وطِئَ الثرى ونائب إيران وشر خلف لأَبَرْهَةَ والقرامطة،وهذا دأب الروافض في كل مكان وزمان يتربصون بأهل السنة ويستهدفونهم دائماً في العِرَاقِ،وَفي سوريا ولبنان،وَفي اليَمَنِ،بَل حَتَّى أَطهَرُ البِقَاعِ بَيتُ اللهِ الحرام،لم يَسلَمُ مِنِ اعتِدَاءِ الرَّوَافِضِ،الذين يجاهرون ويتفاخرون بِالمُظَاهَرَاتِ وَرَفعِ الأَصوَاتِ،وَإِعلانِ الشِّركِ وَالبدع،وَسَبِّ الصَّحَابَةِ وَالطَّعنِ في أُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ،هاهو يعود و يتجرأ وَيُطْلِقُ صَارُوخًا باتجاه أَطْهَرِ بُقْعَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ، وَبِفَضْلِ من اللَّهِ وتوفيقه تَمَّ اعْتِرَاضُهُ وتدميره من قبل القوات الجوية الملكية السعودية ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾وَقَال تَعَالَى:﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.الا وصلوا...
المرفقات
1624506790_الحوثي شَرُّ مَنْ وطِئَ الثرى وشر خلف لأَبَرْهَةَ الأشرم.pdf
محمد البدر
تم تعديل العنوان
تعديل التعليق