(الحوادث المرورية) خطب مختارة

الفريق العلمي

1439/06/11 - 2018/02/27 09:38AM

لقد جاء الإسلام بكل ما يحقق مصالح العباد وما يكف عنهم الأخطار والأضرار، وعظم شأن الأرواح وما يعصم النفوس ويصون العقول، وبين مكانة الأموال وشدد على حسن التصرف فيها بما يحقق مصالح الناس الدينية والدنيوية والأخروية وما لا يسبب في إلحاق أي ضرر بهم.

ولم تدع الشريعة الغراء كبيرة ولا صغيرة في شؤون الإنسان وما يصلحه في هذه الحياة إلا وأرشدت إليه وبينته أحسن بيان؛ ومن ذلك الاحتفاظ بالمظهر الحضاري في سلوكياته في الطريق وتعامله معه من خلال آداب وتوجيهات عامة؛ وتلك الآداب والتوجيهات تعتبر التفاتة جمالية بحق ومظهر تربوي وجمالي عميق يحفظ السلوك الإسلامي في الشارع ويحفظ أرواح المسلمين، وفي نفس الوقت يُبقِي على صيانة الطريق الذي يستخدمه الناس في حاجاتهم، ما يعكس صورة حضارية جذابة للمجتمع المسلم تلفت نظر أهله وغير أهله من زائرين أو مسافرين.

لكن للأسف بمرور الأيام تتجدد المخاوف من حالات الفراغ التي يعاني منها شبابنا، والتي يستغلها بعضهم في ممارسة التهور في القيادة التي تتسبب في الحوادث وإزهاق الأرواح؛ حتى غدت عشرات الحوادث تطرق أسماعنا كل يوم؛ فكم يموت من الأطفال والصغار، والشباب في مقتبل العمر، ونساء لم يضعن أجنتهن بسبب أخطاء نرتكبها في حق أنفسنا وحق غيرنا؛ فلمَ هذه الحوادث؟ ومن يتسبب بها؟

والجواب يرجع إلى أسباب عدة؛ منها: الإهمال البشري لقواعد المرور من قبل السائقين أو المشاة، والسرعة الزائدة أو تجاوز السرعة المقررة، أو استخدام الهاتف في الحديث اتصالاً، أو تبادل الرسائل وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي من قبل السائق أو المشاة، كما يسهم عدم إتباع السائق والمشاة إشارات المرور بزيادة نسبة حوادث المرور بشكل كبير.

معظم السائقين يقودون سياراتهم رغم شعورهم بالنعاس أو التعب، أو قيادة السيارات وهم تحت تأثير دواءٍ يكون من أعراضه الإرهاق والنعاس، أو عدم التركيز، أو الهلوسة.

ورغم التحذيرات الطبية والأمنية، إلا أن أغلب السائقين يتجاهلون ذلك معرِّضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر الأكيد. والرغبة في السفر لمسافات طويلةٍ يجب الحرص على أخذ قسطٍ من الراحة بين الحين والآخر

ومن الأسباب -كذلك- لحوادث المرور؛ إهمال إشارات المرور، والقيادة تحت تأثير الكحول والمسكرات، أو قيادة المركبات من قبل أشخاصٍ غير مؤهلين، كفاقدي الأهلية، أو مَن هم دون سن الرشد، أو لديهم مشامل في الرؤية البصرية، وكذا الإهمال والاستهتار أثناء قيادة السيارات أو المجاراة بين الأصدقاء والمسابقات.

الله كم سمعنا عن حالات وفاة بسبب حوادث المرور حتى وصل إلى ما يقارب مليون حالة وفاة سنويا، وأكبر وفيات حوادث المرور هم الشباب، وتحديداً من عمر 15 الى عمر 29، كما تسبب حوادث المرور خسائر مادية ونفسية، إلى جانب الخسائر البشرية، فقد بلغت التكاليف الاقتصادية الناجمة عن الحوادث المرورية في عام 2000 ب 518 مليار دولار.

عباد الله: من يوقف نزيف الحوادث المرورية إذا لم يشارك الجميع في الحل؟

ولا شك أن على الجميع مسؤولية كبيرة؛ وسأذكر بعض العلاج لهذه الظاهرة وهذا الداء، ومن تلك الحلول كما يلي:

معرفة أن هذه المركبات نعمة من نعم الله التي تدوم بالشكر، وأي نعمة؛ فكم قضت من حاجة، وكم أسعفت من مريض، وكم أغاثت من ملهوف! ناهيك عن الطاعات والقربات من سيرٍ إلى المساجد، أو حج وعمرة، أو بر والدين، أو صلة رحم، أو عيادة مريض.

ولقد أشار الله إلى هذه النعمة المتجددة، أعني نعمة وسائل النقل، قبل ألف وأربعمائة سنة؛ فقال -سبحانه -،كما في سورة النحل: (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [النحل:7-8]، قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: (ويخلق ما لا تعلمون) مما يكون بعد نزول القرآن من الأشياء التي يركبها الخلق في البر والبحر والجو، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم. انتهى كلامه.

إنها نعمة عظيمة، تستوجب شكرَ المنعم سبحانه، وتسخيرَها فيما يحبه ويرضاه، لكننا، في هذا الزمان رأينا كيف يحوّل بعض الناس هذه النعمة إلى نقمة، ورأينا الشباب بالأرواح يغامرون، وبالأبرياء يضحون، وللأموال يبددون.

ومن الحلول للحد من هذه الظاهرة -أيها المسلمون- حرص الآباء على توجيه أبنائهم الصغار أثناء عبور الشوارع ألا يعبروا إلا حين تسمح لهم الإشارات الضوئية، أو العبور من الأماكن المخصصة للمشاة؛ كجسر المشاة وممر المشاة.

كما يجب عدم وضع الأطفال في المقعد الأمامي من المركبة، والحرص على وضع حزام الأمان للسائق والركاب، والحرص على عدم إخراج الأيدي والرؤوس من نافذة المركبة وخاصةً من قبل الصغار.

ومن الحلول -أيضاً- أن تحمل الجهات المسؤولة عن الطرقات جزءاً من المسؤولية، بحيث يقع على عاتقها التأكد من سلامة الطرقات، ومناسبتها لسير المركبات، وخلوها من الحفر ومعرقلات المرور، والتأكد من صلاحية ووضوح الإشارات المرورية، وإقامة برامج توعوية وإرشادات تثقيفية تساهم في رفع مستوى الوعي لدى المجتمع.

كما يجب على مالكي المركبات ومن يقودها تفقد مركباتهم قبل الركوب عليها وصيانتها والتزام قوانين المرور وتوجيهاته أثناء سيرهم ووقوفهم؛ كالسرعة المحددة لكل طريق والتقيد بالمسارات المخصصة لكل مركبة والوقوف الصحيح وعدم قطع الإشارات الحمراء والمشي بالاتجاهات المعاكسة لسير السيارات وكذا عدم التساهل في لبس حزام الأمان، والانضباط بكافة بقوانين السلامة المرورية.

أيها المؤمنون: لنبذل جميعا جهود مضاعفة للحد من حوادث السير؛ فلا داعي للسرعة والمخالفات المرورية، فحياتك وحياة الآخرين أهم بكثير من وقتك، وراحتك، وتذكر دائماً أن وصولك المتأخر خير لك من عدم الوصول أبداً، أو من دفع حياة الآخرين ثمناً لوصولك، لذا حافظ على حياتك وصحتك، حافظ على حياة أبنائك وصحتهم، حافظ على حياة أحبابك وصحتهم، لا تكن السبب في إنهاء حياة الآخرين.

خطباؤنا الكرام: إن عليكم مسؤولية كبيرة في تذكير الناس بخطر هذه الحوادث وعليكم بيان أسبابها لهم حتى يحذروها ويحذرون أبناءهم منها؛ حتى تحفظ الأرواح وتسلم الجوارح من الإصابات، ويحيا الناس في أنس ونعيم لا يفقدون مع هذه المركبات قريبا ولا حبيبا

وعليكم توعية المجتمع بوجوب شكر المنعم -سبحانه وتعالى- فبشكره تدوم النعم وبالكفر بها تحل النقم؛ سائلين الله تعالى أن يحفظ جميع عباده وأن يقينا شر هذه الحوادث وأن يهدينا لحسن استخدامها وأن يصلح شباب المسلمين وأن يهديهم إلى ما يسعدهم في الدنيا والآخرة.

حوادث السيارات وآداب القيادة - الشيخ د.: عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس

https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/172482

حوادث السيارات - الشيخ: عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس

https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/175963

الحوادث المرورية - الشيخ: ناصر بن عمر العمر

https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/175962

حوادث المرور والوضع المروع - الشيخ: عبد الله بن علي الطريف

https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/178893

حوادث السيارات .. مصائب وأحزان - الشيخ : هلال الهاجري

https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/179322

الحوادث المرورية وأخطارها - الشيخ د.: عبد الله بن محمد الطيار

https://khutabaa.com/khutabaa-section/corncr-speeches/176191