الحَلالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ 3 /6/1440هـ

خالد محمد القرعاوي
1440/06/01 - 2019/02/06 23:44PM

الحَلالُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ 3 /6/1440هـ
الحمدُ للهِ أَعَزَّنَا بِالإسلامِ ، وَأَكْرَمَنَا بِالإيمَانِ ، أَنْزَلَ عَلينا خَيرَ كُتبِهِ، وَأَرْسَلَ إلينَا أَفْضَلَ رُسُلُهِ، وَشَرَعَ لَنَا أَفْضَلَ شَرَائِعِ دِينِهِ، نَشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شَريكَ لَهُ، لَهُ الحُكْمُ وَإليهِ تُرْجَعُونَ. وَنَشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَتَرَكَنَا عَلى مَحَجَّةِ بَيضَاءَ، لا يَزِيغُ عَنْهَا إلَّا أَهْلُ الأَهْوَاءِ ، فَصَلواتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَليهِ، وَعَلى آلِ بَيتِهِ الطَّيِّبِينَ، وَعَلى أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعدُ ، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ ).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ : التَّحلِيلُ وَالتَّحرِيمُ حَقٌّ للهِ تَعَالى ، فَلَهُ سُبحَانهُ الخَلْقُ وَالأَمرُ والحُكْمُ ، فَيُحِلُّ لِعِبَادِهِ مَا فِيهِ مَصلَحَةٌ لَهُمْ عَاجِلةٌ أَو آجِلَةٌ ، وَيُحَرِّمُ عَلَيهِم مَا لا شَكَّ في ضَرَرِهِ عَلَيهِم في الحَالِ أَوِ المَآلِ ، أَمَّا مَن سِوَى اللهِ صَغُرُوا أَمْ كَبُرُوا ، فَغَيرُ مَسمُوحٍ لأَيٍّ مِنهُم أَن يَقُولَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ بِمَحضِ رَأيِهِ ، أَوِ اِتِّبَاعِ لِهَوَى نَفسِهِ ، أَو ضَعفِ أَمَامَ غَيرِهِ !
عِباَدَ اللهِ: وَلِعِظَمِ حَقِّ التَّحلِيلِ وَالتَّحرِيمِ ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالى اخْتَصَّهُ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يُفَوِّضْ فِيهِ أَحَدًا مِنَ خَلقِهِ ، فَمَنْ تَجَرَّأَ على ذَلكَ فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللهِ وَافتَرَى عَلَى اللهِ الكَذِبَ, وَعَرَّضَ نَفسَهُ لِلْعَذَابِ الأَلِيمِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى : (إِنِ الحُكمُ إِلاَّ للهِ ), وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : ( وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لا يُفلِحُونَ *مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ). عَن عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : سَمِعتُ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقرَأُ في سُورَةِ بَرَاءَةَ : ( اتَّخَذُوا أَحبَارَهُم وَرُهبَانَهُم أَربَابًا مِن دُونِ اللهِ ) حَتَّى فَرَغَ مِنهَا , فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللهِ : إِنَّا لَسنَا نَعبُدُهُم , فَقَالَ : أَلَيسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ , وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَتَستَحِلُّونَهُ ؟! قُلتُ : بَلَى . قَالَ : فَتِلكَ عِبَادَتُهُم ). وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( مَا أَحَلَّ اللهُ في كِتَابِهِ فَهُوَ حُلالٌ ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهُوَ عَفوٌ فَاقبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ ؛ فَإِنَّ اللهَ لم يَكُنْ لِيَنسَى شَيئًا). أَيُّهَا المُسلِمُونَ: أَجمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى كُفرِ مَن شَرَّعَ لِلنَّاسِ شَرعًا لَمْ يَأذَنْ بِهِ اللهُ ، أو أَعرَضَ عَن شَرعِ اللهِ وَلم يَحكُمْ بِهِ قَالَ سُبحَانَهُ: ( وَمَن لَمْ يَحكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ ). وَتَحلِيلُ الحَرَامِ وَتَحرِيمُ الحَلالِ ، لا يَحصُلُ إلاَّ مِن خِفَافِ العُقُولِ الطَّائِشِينَ وَالسُّفَهَاءِ الفَاسِقِينَ ، الَّذِينَ تَقُودُهُم شَيَاطِينُ الإِنسِ وَالجِنِّ فَتُضِلُّهُم عَنِ السَّبِيلِ! وَفي الحَدِيثِ القُدسِيِّ أنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى قَالَ: (وَإِنِّي خَلَقتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُم، وَإِنَّهُم أَتَتهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجتَالَتهُمْ عَن دِينِهِم ، وَحَرَّمَت عَلَيهِم مَا أَحلَلتُ لَهُم ، وَأَمَرَتهُم أَن لا يُشرِكُوا بي مَا لم أُنزِلْ بِهِ سُلطَانًا).وَلا تَنْسَوا يا مُسْلِمُونَ: أنَّ فِرعَونَ قَدْ استَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ, فَكَانُوا قَومًا فَاسِقِينَ! أَمَّا المُؤمِنُونَ الصَّادِقُونَ, فَإنْ تَنَازَعَ النَّاسُ في أَمْرٍ أَوِ اختَلَفُوا في شَيءٍ ، فَلا يَخرُجُونَ عَن حُكمِ رَبِّهِم ، الَّذِي أَمَرَهُمْ أنْ يَرُدُّوهُ إِلى اللهِ وَالرَّسُولِ .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّهُ لَوَاجِبٌ عَلَينا أَن نَقِفَ عِندَ حُدودِ اللهِ وَلا نَتَعَدَّاهَا ، وَإِذَا بُيِّنَ لَنا الحُكْمُ الشَّرعِيُّ فَعَلينَا أَن نَقُولَ : سَمِعنَا وَأَطَعنَا. أَمَّا مَنْ أَبى إِلاَّ أَن يُطِيعَ غَيرَ اللهِ في تَحلِيلِ مَا حَرَّمَ اللهُ أَو تَحرِيمِ مَا أَحَلَّهُ ، فَقَدِ اتَّخَذَهُ رَبًّا وَمَعبُودًا مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالى ، إِذِ الإِشرَاكُ بِاللهِ في حُكمِهِ كَالإِشرَاكِ بِهِ في عِبَادَتِهِ ، قَالَ تَعَالى: (وَإِنْ أَطَعتُمُوهُم إِنَّكُم لَمُشرِكُونَ).
أَلَا فَلنَتَّقِ اللهَ جَلَّ وَعَلا وَلنُحِلَّ مَا أَحَلَّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَلنُحَرِّم مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ، وَلْنَقِفْ عِندَ هَذَا الحَدِّ ، وَلْنَصبِرْ عَلى ذَلِكَ حَتَّى نَلقَى اللهَ تَعَالى ، وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنَ الانجِرَافِ مَعَ قَولِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كَائِنًا مَن كَانَ.(رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ) الَّلهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنَا وَبِكَ آمَنَّا وَعَليكَ تَوَكَّلْنَا وإليكَ أَنَبْنَا وَبِكَ خَاصَمْنَا وإليكَ حَاكَمْنَا فَاغْفِرْ لَنا مَا قَدَّمْنَا وَمَا أَخَّرْنَا وَمَا أَسْرَرْنَا وَمَا أَعْلَنَّا وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا أَنْتَ المُقدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ وَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.


الخطبة الثانية :
الحمدُ لله الذي أَنْقَذَنَا بِالدِّينِ، وَرَحِمَنَا بِهَدْيِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ، نَشهَد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لَهُ إلَهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، ونَشهدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّدًا عَبدُاللهِ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ البَرُّ الأمِينُ، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وأتْبَاعِهِ بِإحْسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ. أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَرَاقِبُوهُ ولا تَعصُوهُ.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، تَأَمَّلُوا مَعِيَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ تُجَلِّي المُرَادَ وَتَصِفُ الوَاقِعَ ! ثُمَّ تَأَمَّلُوا بِمَ خَتَمَها اللهُ تَعَالى لِتُدْرِكُوا عَظَمَةَ هذا الدِّينِ , وَتَحْذِيرَ رَبِّ العَالَمِينَ مِنْ أَنْ نَقُولَ على اللهِ بِغيرِ عِلْمٍ ! قَالَ اللهُ تَعَالى : (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ). يُخبرُ اللهُ تعالى عن حَالِ كُفَارِ قُرَيشٍ وَمَنْ شَاكَلَهُمْ أنَّهُمْ يُسَوِّغُوِّنَ وَيُسَوِّقُونَ لأنْفُسِهِمْ فِعْلَ الفَواحِشِ وَأَنَّهَا فِعْلُ آبَائِهِم وَأَسْلافِهِمْ , وَتَغافَلُوا عَنْ نَهْيِ اللهِ لَهُمْ وَتحذِيرِهِ سُبْحَانَهُ إيَّاهُمْ , حَتى وَصَلُوا بالتَّعَرِّي والفِسْقِ أَسْفَلَهُ فَكَانُوا يَطُفُونَ بالبيتِ الحَرَامِ عُرَاةً وَيَأَمُرُونَ النَّاسَ بِذلِكَ ! سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ مِنْ أينَ لَكُمْ هذهِ الفُهُومُ ؟ حَقَّاً لقدْ كَانُوا أَولِيَاءَ لِشَيَاطِينِ الإنْسِ وَالجِنِّ . فاللهُ تَعالى لا يَأمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَلا يَرْضَى بِهِ ! ولا يَأمُرُ بالتَّعَرِّي وَلا يَرْضَى بِهِ ! فَقَولُكُمْ هذا افتِرَاءٌ على دِينِ اللهِ تعَالى وَشَريعَتِهِ المُحْكَمَةِ .فَلِبَاسُ التَّقْوى هُوَ الخَيرُ لَكُمْ في الدُّنيا والآخِرَةِ.
يا مُؤمِنُونَ : إنَّ هُنَاكَ تَلازُمًا بينَ شَرْعِ اللِه بِالَّلبَاسِ السَاتِرِ لِلعورَاتِ وَالزِّينَةِ لِلأجْسَامِ ، وبينَ تَقْوىَ اللهِ تَعَالى ! فَكِلاهُمَا لِبَاسٌ. هذا يَسْتُرُ عَوْرَاتِ القَلْبِ وَيُزَيِّنُهُ. وَذَاك يَسْتُرُ عَورَاتِ الجِسْمِ وَيُزَينُهُ. وَكُلَّما شَعُرَ الإنْسَانُ بِالتَّقوى للهِ وَالحَياءِ مِنْهُ انْبَثَقَ مِنْهُ شُعُورٌ فِطْرِيٌّ بِاسْتِقْبَاحِ أيِّ عُرِيٍّ ! وَمَنْ لا يَسْتَحِي مِن اللهِ وَلا يَتَّقِيهِ لا يَهُمُّهُ أنْ يَتَعَرَّى وَيَدْعُوَ إليهِ ! وَصَدَقَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حينَ قَالَ: " إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ". فالحَيَاءُ مِن التَّعَرِّي: فِطْرَةٌ خَلَقَهَا اللهُ فِي الإنْسَانِ السَّوِيِّ, ثُمَّ هِيَ شَرِيعَةٌ أَنَزْلَهَا اللهُ لِلبَشَرِ وَذَكَّرَهُمْ بِنِعْمَتِهِ عَلَيهِمْ بتَوفِير الِّلبَاسِ السَّاتِرِ لَهُمْ صِيَانَةً لإنْسَانِيَّتِهِمْ مِنْ أنْ يَتَدَهْوَرُوا كَالبَهَائِمِ! وَذَكَّرَهُمْ بِنِعْمَةِ الرِّيشِ : الذي يَتَجَمَّلُون بِهِ مِنَ الثِّيَابِ والأَمْوالِ والفُرُشِ،،حَقَّاً كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى في الآيَاتِ: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)
مِن هُنَا يَسْتَطِيعُ المُسْلِمُ الحَصِيفُ أَنْ يَرْبِطَ بَينَ الحَمْلَةِ القَوِيَّةِ المُوَجَّهَةِ إلى حَيَاءِ النَّاسِ وَأَخْلاقِهِمِ وَالدَّعَوَاتِ السَّافِرَةِ إلى عُرِيِّ أجْسَادِهِمْ بِاسْمْ الزِّينَةِ وَالحَضَارَةِ وَالمُوَاكَبَةِ! وَبَينَ تَحْذِيرِ اللهِ تَعالى لَنا! إنَّهَا خِطَطٌ صُهيُونِيَّةٌ يُنَفِّذُهَا مُنَافِقُونَ بَاعُوا دِينَهُمْ وَوَطَنَهُمْ وَأَهْلَهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ! فاللهُ حَسِيبُهُمْ, وَرَدَّ اللهُ كَيدَهُمْ فِي نُحُورِهِمْ. يَا مُحَمَّدُ قُلْ لِكُلِّ النَّاسِ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) نَعَمْ عِبَادَ اللهِ: اللهُ يَنْهى عَنْ أنْ يَتَجَاوَزَ أحَدٌ حُدُدَهُ ! فَأَوَامِرُ اللهِ وَشَرِائِعُهُ لَيسَتْ بِالادِّعَاءاتِ والتَّدليسِ على النَّاسِ. فَهِيَ مَوجُودةٌ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ وَ على لِسَانِ رَسُولِهِ الكَرِيمِ. وإلَّا فَأَيُّ فَوضَى تَكُونُ في المُجْتَمَعَاتِ إذَا قَدَّمَ كُلُّ إنْسَانٍ هَوَاهُ، عِبَادَ اللهِ: إنَّ الجَاهِلِيَّةَ التي يَعِيشُها البَعْضُ اليَومَ تُطَالِعُنا بِكَذَّابِينَ مُفْتَرِينَ يَقُولُونَ مَا تُمْلِيهِ عليهِ أَهْوَاؤُهُمْ وَمَصَالِحُهُمْ فَيَتَلاعَبُونَ في تَحْلِيلِ الحَرَامِ وَيُسَوِّقُونَهُ , ثُّمَّ يَقُولُونَ: هَذِهِ شَرِيعَةُ اللهِ! كَمَا لا يَفْتَأُ يَطْلُعُ عَلَينَا كُلَّ يَومٍ مُتَبَجِّحٌ وَقِحٌ يُنْكِرُ أَوَامِرَ الدِّينِ وَنَوَاهِيهِ ! ويَدَّعِي كَذِبَاً وَزُورَاً بِقَولِهِ: إنَّ الدِّينَ لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ كَذَلِكَ! أَو لا يُمْكِنُ أنْ يَأْمُرَ بِهَذا! أو يَنْهَى عنْ ذَاكَ، وَحُجَّتُهُ هِيَ هَوَاهُ حَقَّاً: (أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ). أعُوذُ باللهِ من الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ، يَأْتِيهِ الْأَمْرُ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ ". يا مُؤمِنُونَ لقَدْ أَمَرَنَا رَبُّنَا بِالْقِسْطِ أَيْ بِالعَدْلِ وَالاعْتِدَالِ فِي أُمُورِنَا كُلِّهَا لا بِالفُحْشِ والبَذَاءِ وَالتَّجَاوُزِ. وَأَمَرَنَا بِالاسْتِقَامَةِ على مَنْهَجِ اللهِ فِي عِبَادَتِهِ وَشَعَائِرِهِ، وَأنْ نَسْتَمِدَّ دِيَنَنا مِمَّا جَاءَ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ, فَأَقِيمُوا لَهُ الدِّينَ وَادْعُوا لَهُ مُخْلِصِينَ. فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ وَنَسْتَغْفِرُكَ ، وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْضَعُ لَكَ وَلا نَكْفُرُكَ ، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُكَ .اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنْ الرَّاشِدِينَ ،اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً كاملا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً نَصُوحَاً، واجعلنا هُداةً مهتدين، اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُلِ الفَسَادَ والمُفسِدين. اللهم من أرادنا وبلادَنا والمُسلمين بسوءٍ فأشغِله بنفسِه، ورُدَّ كيدَه في نَحره.اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودنا. ووفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضَى، وخُذ به للبرِّ والتقوى، اللهم وفِّق وُلاة أمور المسلمين لتحكيم شرعِك، واتِّباع سُنَّة نبيِّك واجعلهم رحمةً على المُؤمنين. )رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ). وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ


المشاهدات 1270 | التعليقات 0