الحقوق الزوجية (تعميم )

يوسف العوض
1446/03/23 - 2024/09/26 09:23AM

الخطبة الأولى

عِبَادَ اللهِ:الإِسْلَامُ أَحَاطَ الأُسْرَةَ بِسِيَاجِ الكَرَامَةِ، وَاعْتَبَرَ عَقْدَ الزَّوَاجِ مِيثَاقَاً غَلِيظَاً، قَالَ تعالى في حَقِّهِ: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقَاً غَلِيظَاً﴾ فيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَفْقَهَ هَذِهِ الكَلِمَةَ وَيَحْتَرِمَهَا، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَسَّدَهَا بِقَوْلِهِ: «فَاتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ» فَالعَلَاقَةُ الزَّوْجِيَّةُ عَلَاقَةٌ كَرِيمَةٌ، وَمِيثَاقٌ غَلِيظٌ، وَلَكِنَّ الكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ لَا يَفْقَهُونَ هَذَا، فَضْلَاً عَنِ المُمَارَسَاتِ الخَاطِئَةِ في الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّة.

عِبَادَ اللهِ: الحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ أَمَانَةٌ وَأَيُّ أَمَانَةٍ، لَقَدْ حَمَلَهَا كُلٌّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ تُجَاهَ الآخَرِ، وَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرْهُونَاً بَيْنَ يَدَيْ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَهْلُ الوَفَاءِ يَقُومُونَ بِأَدَاءِ هَذِهِ الحُقُوقِ بِكُلِّ حُبٍّ وَوَفَاءٍ، أَهْلُ الوَفَاءِ تَتَفَطَّرُ قُلُوبُهُمْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ تعالى أَنْ يُحَاسِبَهُمُ اللهُ تعالى عَلَى تِلْكَ الحُقُوقِ، فَتُغَلَّ أَعْنَاقُهُمْ عِنْدَ لِقَاءِ اللهِ تعالى ، فالحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ كَمْ قَرَّبَتْ عِبَادَاً مِنَ اللهِ تعالى عِنْدَ أَدَائِهَا كَمَا أَمَرَ اللهُ تعالى، وَكَمْ أَبْعَدَتْ مَنْ أَضَاعَهَا مِنْ جِوَارِ اللهِ تعالى.

عِبَادَ اللهِ: كَمْ مِنْ رَجُلٍ ضَيَّعَ حُقُوقَ زَوْجَتِهِ فَخَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ تَرْتَعِدُ فَرَائِصُهُ خَوْفَاً مِنَ اللهِ تعالى، لِذَلِكَ هُوَ يَفِرُّ مِنْ زَوْجَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ؟! وَكَمْ مِنِ امْرَأَةٍ ضَيَّعَتْ حَقَّ زَوْجِهَا فَخَرَجَتْ مِنْ هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالجَنَّةُ حَرَامٌ عَلَيْهَا؟!

عِبَادَ اللهِ: الحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ لَنْ يَلْتَزِمَهَا إِلَّا مَنْ عَرَفَ قَلْبُهُ اللهَ تعالى، وَخَشِيَ لِقَاءَهُ، الحُقُوقُ الزَّوْجِيَّةُ التي أَنْزَلَهَا اللهُ تعالى في كِتَابِهِ، وَبَيَّنَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سُنَّتِهِ، لَمْ تَكُنْ عَبَثَاً ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.

عِبَادَ اللهِ: كُلُّنَا يَحْتَاجُ إلى أَنْ يُذَكِّرَ أَخَاهُ بِالحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَجَمِيعُ النِّسَاءِ يَحْتَاجُونَ إلى أَنْ يُذَكِّرَ بَعْضُهُنَّ بَعْضَاً بِالحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ.

أَيُّهَا الرِّجَالُ: بَيَّضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجْهَ مَنْ حَفِظَ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَمَا قَالَ: «فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرَاً» ، وَعِنْدَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي».

وَبَيَّضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجْهَ المَرْأَةِ التي حَفِظَتْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القَائِلِ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» وَالقَائِلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ مَا يُكْنَزُ؟ الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا سَرَّتْهُ، وَإِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ، وَإِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ».

عِبَادَ اللهِ: في هَذَا الزَّمَانِ أَصْبَحَ المُلْتَزِمُ دِينَ اللهِ تعالى وَالمُؤَدِّي للحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ غَرِيبَاً؛ لَقَدِ اسْتَخَفَّ الكَثِيرُ مِنَ الرِّجَالِ بِحُقُوقِ النِّسَاءِ، وَاسْتَخَفَّ الكَثِيرُ مِنَ النِّسَاءِ بِحُقُوقِ الرِّجَالِ.

البَلَاءُ كُلُّ البَلَاءِ، وَالمُصِيبَةُ كُلُّ المُصِيبَةِ، أَنْ تَجِدَ الرَّجُلَ ظَالِمَاً لِزَوْجَتِهِ، وَلَا يَجِدُ لَهُ أَخَاً نَاصِحَاً يُذَكِّرُهُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَحُقُوقِ الزَّوْجَةِ ، وَالبَلَاءُ كُلُّ البَلَاءِ، وَالمُصِيبَةُ كُلُّ المُصِيبَةِ، أَنْ تَجِدَ امْرَأَةً ظَالِمَةً لِزَوْجِهَا، وَلَا تَجِدُ لَهَا أُخْتَاً تُذَكِّرُهَا بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَحُقُوقِ زَوْجِهَا عَلَيْهَا ، والبَلَاءُ كُلُّ البَلَاءِ، وَالمُصِيبَةُ كُلُّ المُصِيبَةِ، أَنْ يَجِدَ المُجْتَمَعُ مُدَّاحَاً وَلَا يَجِدُ نُصَّاحَاً، وَلَا يَجِدُ عَلَى الخَيْرِ أَعْوَانَاً.

 

الخطبة الثانية

عِبَادَ اللهِ: وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَنْ يَنْعَمَ بِالسَّعَادَةِ مَنْ عَاشَ خَارِجَ دَائِرَةِ الإِسْلَامِ، لَنْ يَنْعَمَ بِالسَّعَادَةِ مَنْ ضَيَّعَ حُقُوقَ زَوْجَتِهِ، وَلَنْ تَنْعَمَ بِالسَّعَادَةِ مَنْ ضَيَّعَتْ حُقُوقَ زَوْجِهَا.

يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ، يَقُولُ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا، كَسَرْتَهَا وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا».

وَيَا أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ لَمْ تَمْنَعْهُ».

المرفقات

1727331801_الزوجية.docx

المشاهدات 1016 | التعليقات 0