الحـســــد
سعود المغيص
1436/03/02 - 2014/12/24 09:29AM
الخطبة الأولى
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى واعلموا أن من كمال إيمان العبد أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه، فعنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)) نعم ياعبدالله تحب لأخيك الإيمان، تحب له الاستقامة على الأخلاق والفضائل، وتكره له الفسوق والعصيان، والانحراف عن فضائل الأعمال، تحب له الصحة والعافية، تحب له الخير والرزق، تحب له الولد، تحب له راحة النفس لماذا؟ لأنه أخوك المؤمن،
وضد هذا الخلق الكريم، الخلق الذميم: الحسد، ذلكم الخلق المذموم الذي ذمه الله في كتابه، وحذر منه رسوله محمد ، وحقيقة هذا الحسد أن تتمنى زوال النعمة عن غيرك، تتمنى زوال النعمة عن أخيك سواءً أردتها لنفسك أو أردت زوال نعم الله عنه وإن لم تنل منها نصيباً، فمن يتمنى زوال النعم عن الآخرين؛ يتمنى لهم المرض بعد الصحة، والفقر بعد الغنى، ويتمنى الهم بعد الراحة، ويتمنى لهم المعصية، ويتمنى لهم الأخطاء، ويتمنى لهم النقص، ويفرح بكلّ نقصٍ عليهم، وينبسط بكلّ همٍّ يلحقهم، ويفرح بكل مصيبة تنزل بهم، تلك ـ والعياذ بالله ـ من الأخلاق المذمومة، هذا هو الحسد الذي ذمه الله في كتابه ، وذمه رسوله محمد ، فإن هذا خلق أعداء الله اليهود، وقبلهم إبليس، حسد آدم لما خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له فاعترض قائلاً: أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
واليهود حسدوا هذا النبي الكريم الذي يعرفون أوصافه، يعرفون صفاته كما يعرفون أبناءهم ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ فجحدوا رسالته وأنكروها، وحسدوا هذه الأمة على هذا الدين القيم الذي هدانا الله به، وأكمله وأتمه ورضيه لنا ديناً،
إنهم يحسدوننا على الجمعة التي هدانا الله لها، وأضل عنها من قبلنا من الأمم، يحسدوننا على قولنا وراء الإمام: آمين، يحسدوننا على كل خير،
عباد الله : الحسد مغروس في النفوس، ولكن المسلم يدافعه بالرضا عن الله، والاعتقاد الجازم أن الله حكيم عليم في عطائه ومنعه، وأنه حكيم عليم في قسم أرزاق عباده،
أخي المسلم : إن عدو الله إبليس قد يوغر صدرك، ويلقي عليك الشبهات، ويزين لك كراهية النعمة لأخيك المسلم، فاحذر مكائد عدو الله، وكلما رأيت نعمة من الله على عبدٍ من عبيده فاسأل الله من فضله وكرمه، وإياك أن تحسد أخاك المسلم على نعمة تفضل الله بها عليه، إياك أن تحسده، وإياك أن تكره وصول الخير إليه، لا بل أحب له الخير كما تحب لنفسك، ونبينا يقول لنا: ((لا تحاسدوا)) أي لا يحسد بعضكم بعضاً؛ فإن الحسد بغي، وظلم، وعدوان، .
وأخبرنا عن الآثار السيئة للحسد فقال: ((إياكم والحسد؛ فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)) .
أسأل الله لي ولكم قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى واعلموا أنه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا في المسجد عند رسول الله فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة))، قال: فدخل رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد علق نعليه بيده، فسلم على النبي وجلس، قال: ولما كان اليوم الثاني قال: ((يدخل من هذا الباب عليكم رجل من أهل الجنة))، قال: فدخل ذلك الرجل الذي دخل بالأمس، تنطف لحيته من وضوئه، مُعلقاً نعليه في يده فجلس، ثم في اليوم الثالث، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: فقلت في نفسي: والله لأختبرن عمل ذلك الإنسان، فعسى أن أوفّق لعمل مثل عمله، فأنال هذا الفضل العظيم أن النبي أخبرنا أنه من أهل الجنة في أيامٍ ثلاثة، فأتى إليه عبد الله بن عمرو فقال: يا عم، إني لاحيت أبي – أي خاصمت أبي – فأردت أن أبيت ثلاث ليال عندك، آليت على نفسي أن لا أبيت عنده، فإن أذنت لي أن أبيت عندك تلك الليالي فافعل، قال: لا بأس، قال عبد الله: فبت عنده ثلاث ليال، والله ما رأيت كثير صلاةٍ ولا قراءة، ولكنه إذا انقلب على فراشه من جنب إلى جنب ذكر الله، فإذا أذن الصبح قام فصلى، فلما مضت الأيام الثلاثة قلت: يا عم، والله ما بيني وبين أبي من خصومة، ولكن رسول الله ذكرك في أيامٍ ثلاثة أنك من أهل الجنة، فما رأيت مزيد عمل!! قال: هو يا ابن أخي ما رأيت، قال: فلما انصرفت دعاني فقال: غير أني أبيت ليس في قلبي غش على مسلم ولا أحسد أحداً من المسلمين على خير ساقه الله إليه، قال له عبد الله بن عمرو: تلك التي بلغت بك ما بلغت، وتلك التي نعجز عنها .
انظر كيف سلامة الصدر، وخلوه من الحسد، كيف بلغ بصاحبه تلكم المنزلة الرفيعة، فقليل من الأعمال الخالصة يجعلها الله سبباً لنيل صاحبها الخير والفضل ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء هذا الفضل العظيم لمن وفقه الله فسلم صدره، وصح إيمانه، ورضي بما قسم الله له، ولم يحسد أحداً من المسلمين، على خير ساقه الله إليه، لا يحاول التنقص منه، ولا الحط من قدره، ولا تشويه سمعته، ولا إلحاق الأذى به بأقواله وأعماله، بل هو متقٍ لله، راضٍ بقسم الله، عالم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين.
الا وصلوا ..
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى واعلموا أن من كمال إيمان العبد أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه، فعنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه)) نعم ياعبدالله تحب لأخيك الإيمان، تحب له الاستقامة على الأخلاق والفضائل، وتكره له الفسوق والعصيان، والانحراف عن فضائل الأعمال، تحب له الصحة والعافية، تحب له الخير والرزق، تحب له الولد، تحب له راحة النفس لماذا؟ لأنه أخوك المؤمن،
وضد هذا الخلق الكريم، الخلق الذميم: الحسد، ذلكم الخلق المذموم الذي ذمه الله في كتابه، وحذر منه رسوله محمد ، وحقيقة هذا الحسد أن تتمنى زوال النعمة عن غيرك، تتمنى زوال النعمة عن أخيك سواءً أردتها لنفسك أو أردت زوال نعم الله عنه وإن لم تنل منها نصيباً، فمن يتمنى زوال النعم عن الآخرين؛ يتمنى لهم المرض بعد الصحة، والفقر بعد الغنى، ويتمنى الهم بعد الراحة، ويتمنى لهم المعصية، ويتمنى لهم الأخطاء، ويتمنى لهم النقص، ويفرح بكلّ نقصٍ عليهم، وينبسط بكلّ همٍّ يلحقهم، ويفرح بكل مصيبة تنزل بهم، تلك ـ والعياذ بالله ـ من الأخلاق المذمومة، هذا هو الحسد الذي ذمه الله في كتابه ، وذمه رسوله محمد ، فإن هذا خلق أعداء الله اليهود، وقبلهم إبليس، حسد آدم لما خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له فاعترض قائلاً: أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ
واليهود حسدوا هذا النبي الكريم الذي يعرفون أوصافه، يعرفون صفاته كما يعرفون أبناءهم ٱلَّذِينَ آتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ فجحدوا رسالته وأنكروها، وحسدوا هذه الأمة على هذا الدين القيم الذي هدانا الله به، وأكمله وأتمه ورضيه لنا ديناً،
إنهم يحسدوننا على الجمعة التي هدانا الله لها، وأضل عنها من قبلنا من الأمم، يحسدوننا على قولنا وراء الإمام: آمين، يحسدوننا على كل خير،
عباد الله : الحسد مغروس في النفوس، ولكن المسلم يدافعه بالرضا عن الله، والاعتقاد الجازم أن الله حكيم عليم في عطائه ومنعه، وأنه حكيم عليم في قسم أرزاق عباده،
أخي المسلم : إن عدو الله إبليس قد يوغر صدرك، ويلقي عليك الشبهات، ويزين لك كراهية النعمة لأخيك المسلم، فاحذر مكائد عدو الله، وكلما رأيت نعمة من الله على عبدٍ من عبيده فاسأل الله من فضله وكرمه، وإياك أن تحسد أخاك المسلم على نعمة تفضل الله بها عليه، إياك أن تحسده، وإياك أن تكره وصول الخير إليه، لا بل أحب له الخير كما تحب لنفسك، ونبينا يقول لنا: ((لا تحاسدوا)) أي لا يحسد بعضكم بعضاً؛ فإن الحسد بغي، وظلم، وعدوان، .
وأخبرنا عن الآثار السيئة للحسد فقال: ((إياكم والحسد؛ فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب)) .
أسأل الله لي ولكم قلباً سليماً، ولساناً صادقاً، إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى واعلموا أنه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا في المسجد عند رسول الله فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ((يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة))، قال: فدخل رجل من الأنصار، تنطف لحيته من وضوئه، قد علق نعليه بيده، فسلم على النبي وجلس، قال: ولما كان اليوم الثاني قال: ((يدخل من هذا الباب عليكم رجل من أهل الجنة))، قال: فدخل ذلك الرجل الذي دخل بالأمس، تنطف لحيته من وضوئه، مُعلقاً نعليه في يده فجلس، ثم في اليوم الثالث، قال عبد الله بن عمرو بن العاص: فقلت في نفسي: والله لأختبرن عمل ذلك الإنسان، فعسى أن أوفّق لعمل مثل عمله، فأنال هذا الفضل العظيم أن النبي أخبرنا أنه من أهل الجنة في أيامٍ ثلاثة، فأتى إليه عبد الله بن عمرو فقال: يا عم، إني لاحيت أبي – أي خاصمت أبي – فأردت أن أبيت ثلاث ليال عندك، آليت على نفسي أن لا أبيت عنده، فإن أذنت لي أن أبيت عندك تلك الليالي فافعل، قال: لا بأس، قال عبد الله: فبت عنده ثلاث ليال، والله ما رأيت كثير صلاةٍ ولا قراءة، ولكنه إذا انقلب على فراشه من جنب إلى جنب ذكر الله، فإذا أذن الصبح قام فصلى، فلما مضت الأيام الثلاثة قلت: يا عم، والله ما بيني وبين أبي من خصومة، ولكن رسول الله ذكرك في أيامٍ ثلاثة أنك من أهل الجنة، فما رأيت مزيد عمل!! قال: هو يا ابن أخي ما رأيت، قال: فلما انصرفت دعاني فقال: غير أني أبيت ليس في قلبي غش على مسلم ولا أحسد أحداً من المسلمين على خير ساقه الله إليه، قال له عبد الله بن عمرو: تلك التي بلغت بك ما بلغت، وتلك التي نعجز عنها .
انظر كيف سلامة الصدر، وخلوه من الحسد، كيف بلغ بصاحبه تلكم المنزلة الرفيعة، فقليل من الأعمال الخالصة يجعلها الله سبباً لنيل صاحبها الخير والفضل ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء هذا الفضل العظيم لمن وفقه الله فسلم صدره، وصح إيمانه، ورضي بما قسم الله له، ولم يحسد أحداً من المسلمين، على خير ساقه الله إليه، لا يحاول التنقص منه، ولا الحط من قدره، ولا تشويه سمعته، ولا إلحاق الأذى به بأقواله وأعماله، بل هو متقٍ لله، راضٍ بقسم الله، عالم أن الله أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين.
الا وصلوا ..