الحضارم.. يحسبهم الجاهل أغنياء
د مراد باخريصة
1433/07/18 - 2012/06/08 11:25AM
كتب مراد باخريصة
من يعيش في حضرموت ويعرف الحضارم جيداً يدرك مدى عمق المأساة التي يعيشها أبناء حضرموت، الذين يظن الظانون في كثير من بلدان العالم أنهم من أكابر الأغنياء، وأن معظمهم من طبقة الأثرياء غير أن الأمر خلاف ذلك.
فهناك أسر حضرمية اشتهرت بالتجارة وعاشت حياة الترف والبذخ في عدد من دول الخليج واليمن ودول شرق آسيا وأفريقيا غير أن هذه الأسر تكاد تكون في آخر الأمر هي مجرد بيوت معدودة من آلاف البيوت والأسر الحضرمية.
إن التصور الخاطئ والمفهوم المغلوط عند كثير من الناس بأن الحضارم – كل الحضارم – أثرياء وأغنياء وميسورون جعلهم يتجاهلون مأساة أبناء حضرموت الاقتصادية ولا يلتفتون إلى تلمس أحوالهم المعيشية، بل ربما يصل الأمر إلى التعدي على ثرواتهم ونهب ممتلكاتهم وأخذ حقوقهم بحجة أنهم لا يستحقونها فعندهم ما هو خير منها.
إن من طباع الحضارم الأصيلة وصفاتهم النبيلة أنهم لا يظهرون خلتهم ولا يشكون لأحد حاجتهم ولا يسألون الناس شيئاً تحت أي ظرف من الظروف مع أن كثيراً منهم يعيش حياة القلة والفقر والمسكنة غير أنهم كما قال الله: { يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.
فهناك آلاف مؤلفة من الأسر – إن لم يكن أكثر الأسر – وخاصة في مدن وادي حضرموت تعتمد في رزقها بعد الله سبحانه وتعالى على الأعمال الشاقة وخاصة أعمال البناء، وكثير من الناس هناك هم ممّن يعملون في هذه الحرفة الشاقة المكلفة التي أصبحت متقطعة ومتعثرة جراء الأزمة التي يعيشها اليمن.
وربما يمر الشهر والشهران والثلاثة على أحدهم لا يعمل فيها إلا ما ندر فيا ترى كيف سيكون حاله؟!
تصور هذا المسكين الذي لديه أسرة مكونة من سبعة أفرادٍ أو عشرة أفراد وليس له راتب محدد أو دخل معروف وإنما دخله متوقف على العمل وحصوله منه ، كيف سيعيل أسرته وأطفاله وبناته؟! ومن أين سيصرف عليهم مصاريف العيش والسكن والدراسة…و…و…؟! وكيف سيفعل بأحدهم إذا مرض أو احتاج لعناية خاصة ؟!.
إنها والله مأساة عظيمة يعيشها الناس هنا حيث إن حياتهم كفاف ، ويمدّدون أرجلهم على قدر فراشهم ويصبرون ويصابرون ويحاولون أن يتصرفوا على قدر الموجود ، ويتعايشون مع الواقع كما هو بكل همومه وآلامه ، وقل مثلهم من أصحاب الحرف الأخرى كالصيادين والمزارعين وغيرهم.
إن من يلامس الواقع المعيشي ويتفقد أحوال الناس هنا في حضرموت سيرى عجباً عجاباً عندما يسمع أن أسراً لا تأكل إلا وجبة أو وجبتين في اليوم فقط ، وأسر غداؤهم الأرز الصافي أو مع التمر أو البصل أو ( البسباس ) وإن تحسن الحال فمع اللخم أو الصيد…
استمع إلى الاجتماعيين ومسؤولي اللجان الاجتماعية ورؤساء الجمعيات الخيرية ورموز المجتمع الذين يعرفون الناس ، ويعرفهم الناس في المجتمع الحضرمي ، لتسمع أخباراً مؤلمة وأحوالاً عجيبة فهذا مريض في البيت ينتظر الموت ؛ لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف العلاج أو ينتظر – إن عاش – إلى أن يأتي من أهل الخير من يكفل حالته ويقوم بعلاجه ، وآخر قد أصيب بحالة نفسية أو قلق أو أرق جراء الهموم والديون وتعقد الحياة ، وثالث نحل جسمه ورق عظمه ؛ لأنه يعيش في عالم الإحباط والتفكير والشرود الذهني ، ورابع يرى أنه قد فاته قطار الزواج وبلغ من السن عتياً ولم يستطع أن يتزوج ولو زواجاً ميسراً ؛ نظراً لكثرة العوائق والموانع ، وخامس يحمل شهادة جامعية ويعمل في عمل مهين لا يتناسب مع شهادته العلمية ومستواه الجامعي ، وسادس اضطر إلى ترك الدراسة والانفصال عنها نظراً لعدم وجود العائل الذي يعيله وأسرته ويصرف عليهم.
صحيح أن هذه الأحوال موجودة في كل مكان وليس في حضرموت فقط غير أن حضرموت بثرواتها وما حباها الله لا ينبغي أبداً أن تكون هذه الحالة هي الغالبة والمسيطرة على واقع أكثر الناس فيها فيموت أهلها من الجوع والحرمان والقهر ، وغير أهلها يموتون من الشبع الذي أتخموا بسلب ثرواتها وخيراتها . ويهاجر أهلها منها مقهورين محرومين ، وغير أهلها يهاجرون إليها لأنها في نظرهم " البقرة الحلوب".
لا ينبغي لأحد أبداً كائنًا من كان أن يستغل سكينة الحضارم وصبرهم وحلمهم وكراهيتهم للنزاع والمشاكل وأكل الحرام فيتعدى على خيراتهم ويتصرف في حقوقهم وأموالهم كأنها حق مملوك له أو ملك من أملاك أمه وأبيه.
كما أن على الحضارم في ظل هذه الأزمات التي يعيشها البلد أن يتكاتفوا ويتآزروا ويتعاونوا ويعين بعضهم بعضاً وأن يتشبهوا بالأشعريين الذين مدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الأشعريين كانوا إذا أرملوا في الغزو أو قل طعم عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم على ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم". رواه مسلم
فهذا هو السبيل الأمثل اليوم للتعامل مع هذه الأحوال المأساوية التي يعيشها الناس هنا في حضرموت حتى يجعل الله بعد عسر يسراً ويأتي الله بحاكم يحكم بين الناس بالعدل ويرد الحقوق إلى أهلها ويعطي كل ذي حق حقه.
من يعيش في حضرموت ويعرف الحضارم جيداً يدرك مدى عمق المأساة التي يعيشها أبناء حضرموت، الذين يظن الظانون في كثير من بلدان العالم أنهم من أكابر الأغنياء، وأن معظمهم من طبقة الأثرياء غير أن الأمر خلاف ذلك.
فهناك أسر حضرمية اشتهرت بالتجارة وعاشت حياة الترف والبذخ في عدد من دول الخليج واليمن ودول شرق آسيا وأفريقيا غير أن هذه الأسر تكاد تكون في آخر الأمر هي مجرد بيوت معدودة من آلاف البيوت والأسر الحضرمية.
إن التصور الخاطئ والمفهوم المغلوط عند كثير من الناس بأن الحضارم – كل الحضارم – أثرياء وأغنياء وميسورون جعلهم يتجاهلون مأساة أبناء حضرموت الاقتصادية ولا يلتفتون إلى تلمس أحوالهم المعيشية، بل ربما يصل الأمر إلى التعدي على ثرواتهم ونهب ممتلكاتهم وأخذ حقوقهم بحجة أنهم لا يستحقونها فعندهم ما هو خير منها.
إن من طباع الحضارم الأصيلة وصفاتهم النبيلة أنهم لا يظهرون خلتهم ولا يشكون لأحد حاجتهم ولا يسألون الناس شيئاً تحت أي ظرف من الظروف مع أن كثيراً منهم يعيش حياة القلة والفقر والمسكنة غير أنهم كما قال الله: { يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.
فهناك آلاف مؤلفة من الأسر – إن لم يكن أكثر الأسر – وخاصة في مدن وادي حضرموت تعتمد في رزقها بعد الله سبحانه وتعالى على الأعمال الشاقة وخاصة أعمال البناء، وكثير من الناس هناك هم ممّن يعملون في هذه الحرفة الشاقة المكلفة التي أصبحت متقطعة ومتعثرة جراء الأزمة التي يعيشها اليمن.
وربما يمر الشهر والشهران والثلاثة على أحدهم لا يعمل فيها إلا ما ندر فيا ترى كيف سيكون حاله؟!
تصور هذا المسكين الذي لديه أسرة مكونة من سبعة أفرادٍ أو عشرة أفراد وليس له راتب محدد أو دخل معروف وإنما دخله متوقف على العمل وحصوله منه ، كيف سيعيل أسرته وأطفاله وبناته؟! ومن أين سيصرف عليهم مصاريف العيش والسكن والدراسة…و…و…؟! وكيف سيفعل بأحدهم إذا مرض أو احتاج لعناية خاصة ؟!.
إنها والله مأساة عظيمة يعيشها الناس هنا حيث إن حياتهم كفاف ، ويمدّدون أرجلهم على قدر فراشهم ويصبرون ويصابرون ويحاولون أن يتصرفوا على قدر الموجود ، ويتعايشون مع الواقع كما هو بكل همومه وآلامه ، وقل مثلهم من أصحاب الحرف الأخرى كالصيادين والمزارعين وغيرهم.
إن من يلامس الواقع المعيشي ويتفقد أحوال الناس هنا في حضرموت سيرى عجباً عجاباً عندما يسمع أن أسراً لا تأكل إلا وجبة أو وجبتين في اليوم فقط ، وأسر غداؤهم الأرز الصافي أو مع التمر أو البصل أو ( البسباس ) وإن تحسن الحال فمع اللخم أو الصيد…
استمع إلى الاجتماعيين ومسؤولي اللجان الاجتماعية ورؤساء الجمعيات الخيرية ورموز المجتمع الذين يعرفون الناس ، ويعرفهم الناس في المجتمع الحضرمي ، لتسمع أخباراً مؤلمة وأحوالاً عجيبة فهذا مريض في البيت ينتظر الموت ؛ لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف العلاج أو ينتظر – إن عاش – إلى أن يأتي من أهل الخير من يكفل حالته ويقوم بعلاجه ، وآخر قد أصيب بحالة نفسية أو قلق أو أرق جراء الهموم والديون وتعقد الحياة ، وثالث نحل جسمه ورق عظمه ؛ لأنه يعيش في عالم الإحباط والتفكير والشرود الذهني ، ورابع يرى أنه قد فاته قطار الزواج وبلغ من السن عتياً ولم يستطع أن يتزوج ولو زواجاً ميسراً ؛ نظراً لكثرة العوائق والموانع ، وخامس يحمل شهادة جامعية ويعمل في عمل مهين لا يتناسب مع شهادته العلمية ومستواه الجامعي ، وسادس اضطر إلى ترك الدراسة والانفصال عنها نظراً لعدم وجود العائل الذي يعيله وأسرته ويصرف عليهم.
صحيح أن هذه الأحوال موجودة في كل مكان وليس في حضرموت فقط غير أن حضرموت بثرواتها وما حباها الله لا ينبغي أبداً أن تكون هذه الحالة هي الغالبة والمسيطرة على واقع أكثر الناس فيها فيموت أهلها من الجوع والحرمان والقهر ، وغير أهلها يموتون من الشبع الذي أتخموا بسلب ثرواتها وخيراتها . ويهاجر أهلها منها مقهورين محرومين ، وغير أهلها يهاجرون إليها لأنها في نظرهم " البقرة الحلوب".
لا ينبغي لأحد أبداً كائنًا من كان أن يستغل سكينة الحضارم وصبرهم وحلمهم وكراهيتهم للنزاع والمشاكل وأكل الحرام فيتعدى على خيراتهم ويتصرف في حقوقهم وأموالهم كأنها حق مملوك له أو ملك من أملاك أمه وأبيه.
كما أن على الحضارم في ظل هذه الأزمات التي يعيشها البلد أن يتكاتفوا ويتآزروا ويتعاونوا ويعين بعضهم بعضاً وأن يتشبهوا بالأشعريين الذين مدحهم الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: " إن الأشعريين كانوا إذا أرملوا في الغزو أو قل طعم عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم على ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم بالسوية فهم مني وأنا منهم". رواه مسلم
فهذا هو السبيل الأمثل اليوم للتعامل مع هذه الأحوال المأساوية التي يعيشها الناس هنا في حضرموت حتى يجعل الله بعد عسر يسراً ويأتي الله بحاكم يحكم بين الناس بالعدل ويرد الحقوق إلى أهلها ويعطي كل ذي حق حقه.