الحرب على الحجاب.. حرب على الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

إخوة الإيمان والعقيدة ... إن الإسلام جاء مكملاً لمكارم الأخلاق، ومنادياً بالبُعد عما يثير الغرائز، ويحرك الشهوات، وذلك من أجل إصلاح البشرية، والسمو بها عن مرحلة البهيمية والفوضى إلى درجة عالية من العفة والطهارة، قال رسول الله ﷺ: (إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق).

ولأن الغرائز والشهوات الطبيعية جزء أساسي من تكوين الإنسان، فقد عمل الإسلام على ضبطها وتوجيهها التوجيه السليم، فشرع الزواج الوسيلة الوحيدة لإشباع الغرائز والشهوات، وإنشاء الأسرة التي هي النواة للمجتمع الإسلامي.

ولأن النفس أمـارة بالسوء، فقد حرَّم الإسلام كل ما يمكن أن يؤدي إلى إثارة غرائز الإنسان، أو تهييج شهواته، ولهذا جاء الأمر الرباني للمسلمين بأن يغضوا من أبصارهم، وأمر المسلمات بارتداء الحجاب، يحفظن به أنفسهن، وحرَّم عليهن التبرج والسفور، ومخالطة الرجال غير المحارم ]وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[.

ولأن أمر الحجاب في الإسلام عظيم، فقد جاء الأمر الرباني للنبي الكريم ﷺ بأن يأمر أزواجه وبناته قبل نساء المؤمنين بارتداء الحجاب ]يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا[ فإذا كان الأمر بالحجاب قد بدأ بأزواج النبي ﷺ وهن العفيفات الشريفات الطاهرات فكيف ببقية نساء المؤمنين وخاصة في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن وصار فيه الدين غريباً!!

من أجل ذلك توعَّد الله U المتبرجات المظهرات لزينتهن لغير محارمهن بالعذاب الأليم يوم القيامة، قال ﷺ في وصف أهل النار: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

والتبرج هو أن تظهر المرأة زينتها لغير محارمها، وهو من الأمور المحرمة في الإسلام، لأن المقصود منه هو إثارة شهوات الرجال من غير الأزواج فتحدث الفتنة في المجتمع. أما الحجاب فهو نقيض التبرج ويُقصد به الستر والإخفاء.

وتقتضي فطرة الإنسان العفـة والطهارة، ولذلك نجد أن إبليس اللعين عندما أغوى آدم عليه السلام وزوجه بالأكل من الشجرة المحرمة وتم له ما أراد، سقطت عنهما ثيابهما وبدت لهما عورتاهما فأخذا يأخذان من أوراق الشجر ليخفياهما، وذلك التصرف الطبيعي والتلقائي الذي قاما به من دون أن يأمرهما به أحد يدل على أن الأصل في الفطرة البشرية العفة والطهارة وإخفاء العورات.

كانت النساء قبل الإسلام وفي عهد الجاهلية يتبرجن ويلبسن الملابس الخفيفة ويمشين في الأسواق ويعرضن أنفسهن على الرجال، فجاء الأمر من عند الله لنساء المسلمين بارتداء الحجاب، وقال ]وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا[.

أما اليوم فقد تفننت النساء في ابتداع أساليب جديدة من التبرج والسفور، وصارت المصانع الغربية تمد بلاد المسلمين بالملابس الضيقة الشفافة التي تكشف أكثر مما تستر، وتزيد من مفاتن النساء.

وغمرت هذه المصانع أسواق المسلمين بأنواع المساحيق والطلاء والعطور الكثيرة المثيرة للشهوات، وأنواع شتى من الأحذية التي تجعل النساء يتمايلن في مشيهن، ويبالغن في التغنـج والدلال.

نسأل الله أن يبصر المسلمين بهذه الأخطار العظيمة وأن يصون المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ...

الحمد لله رب العالمين ...

معاشر المؤمنين ... المعركة بينَ الحقِّ والباطل، وبينَ الخير والشَّرِّ مستمرَّةٌ منذُ غواية إبليس اللَّعين لآدمَ إلى يقومَ النَّاس لربِّ العالَمين، وهذه المعركة اتخذت صُورًا وأشكالاً مختلفةً، بحسبِ طبيعة العصر، وقوَّةِ الطَّرفين، ومِن أوضحِ أهداف هذه المعركة: عداوةُ الدِّين، ومحاولة طمس معالَمِ الشَّرع الحنيف، وإحلال الأفكار والرُّؤى الهدَّامة محلَّ نورِ الهداية والاستقامة.

فالحملة الشرسة وحرب شريرة فاجرة على الإسلام وقيمه وتعاليمه، خدمةً للمشاريع التغريبية التي تعمل ليل نهار على تذويب هوية المسلمين، وإبعادهم عن دينهم وعقيدتهم ]وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ[.

والحرب ضد الحجاب قديمة ليست وليدة اليوم. فعندما بدأت مظاهر الصحوة الإسلامية تظهر في العديد من بلدان العالم، وانتشر الحجاب في بلاد المسلمين، ووسط بناتهم في الدول الغربية هاج الغرب الكافر وماج، وتجاوب معه بعض أنصار الرذيلة ودعاة الفجور في البلاد الإسلامية، وبدأوا في محاربة الحجاب الإسلامي حرباً شعواء لا هوادة فيها، ووصفوا الحجاب بأنه يغطي على عقل المرأة، وأنه جزء من اضطهاد الإسلام لها. ونعتوا المحجبات بنعوت لا تليق، ورموهن بالتخلف والرجعية والاستسلام لسطوة الرجل وغيرها مما ينعق به الناعقون.

أيها المسلمون ... إن الحرب ضد الحجاب مظهر من مظاهر الصراع ضد الإسلام بأشكال وأنماط مختلفة ومتنوعة، فظهر من يقول إن الحجاب يعزل المرأة عن شرائح المجتمع، ويحرمها من دورها، وظهر من يدعو إلى تحرير المرأة وغيرها من الدعاوى الساقطة، ونسى هؤلاء الذين لا هم لهم إلا تحرير المرأة من قيمها واحترامها لنفسها أن الإسلام ما شرع الحجاب إلا صوناً للمرأة المسلمة وتكريماً لها وإعلاءً لقدرها وتقديراً لدورها في المجتمع، إذ أن المرأة المحجبة تكون بمنأى عن مشاكسات الذئاب البشرية، ومصانة ممن لا يريدون لها إلا أن تكون متاعاً ومكاناً لتفريغ الشهوات. وما دروا أن علماء الأمة الأمناء على دينها واقفون لهم بالمرصاد مفندين حججهم ودعاواهم.

ولكن يبقى أصحاب القلوب المطمئنة العامرة بالإيمان على يقين بأن العاصفة سوف تزول، وأن سحب التشكيك سوف تنقشع عما قريب، وأن الله متم نوره ولو كره الكافرون.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمّر أعداءك أعداء الدين.

اللهم احفظ نساءنا وبناتنا من الفتن والتبرج والسفور ...

اللهم احفظ بلادنا من كل ناعق يريد الفساد فيها وبين أهلها ...

وصلى الله علة نبينا محمد ....

 

المشاهدات 367 | التعليقات 0