الحذر من نار الدنيا ونار الآخرة والاستعاذة منها

محمد البدر
1439/08/04 - 2018/04/20 04:28AM
الخطبة الأولى :
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى:﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾[البقرة 195]
وَقَالَ تَعَالَى:﴿ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء:29].قال الشاطبي: فَقَدَ اتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ ـ بَلْ سَائِرُ الْمِلَلِ ـ عَلَى أَنَّ الشَّرِيعَةَ وُضِعَتْ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ، وَهِيَ: الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالنَّسْلُ، وَالْمَالُ، وَالْعَقْلُ ـ وَعِلْمُهَا عِنْدَ الْأُمَّةِ كَالضَّرُورِيِّ، وَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا ذَلِكَ بِدَلِيلٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا شَهِدَ لَنَا أَصْلٌ مُعَيَّنٌ يَمْتَازُ بِرُجُوعِهَا إِلَيْهِ، بَلْ عُلمت مُلَاءَمَتُهَا لِلشَّرِيعَةِ بِمَجْمُوعِ أَدِلَّةٍ لَا تَنْحَصِرُ فِي بَابٍ وَاحِدٍ، وَلَوِ اسْتَنَدَتْ إِلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ لَوَجَبَ عَادَةً تَعْيِينُهُ. انتهى.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أن نجاة العبد في متابعة النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وملازمة سنته والسير على هديه قَالَ تَعَالَى:﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾[النساء 80] .
وَقَالَ تَعَالَى:﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾إلى غير ذلك من الآيات....
فلنقف على شيء من فضل هذه المتابعة وبيان فضيلة ملازمة المسلم للسنة وآدابها ومتابعة النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل ما جاء به من الشرع، وذلك من خلال بيان بعض السنن النبوية. فَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا حُدِّثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَأْنِهِمْ ، أَتَاهُمْ فَقَالَ:«إِنَّ هَذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا أَوْ قَالَ : هَذِهِ النَّارُ لَكُمْ عَدُوٌّ ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.ففي هذا الحديث بيان لرحمة النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحرصه علينا، فالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحرص الخلق على أمته، هداية وإيماناً ، وأمناً وسلامة، قَالَ تَعَالَى:﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين َرَؤوفٌ رَّحِيمٌ﴾ولهذا لما أخبر بشأن هذا البيت الذي احترق في المدينة أرشدهم ووجههم وعلمهم أن يأخذوا حذرهم ، وأن يطفؤوا نارهم الموقدة عند النوم وهذا مما يدل على محبة النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها وتعليمها ما يحفظ أمنها وسلامتها، كذلك في الحديث بيان نبوي تحذيري من خطر النار وشدتها، لأن النار ولا ريب خطر ماحق، وشر محرق مهلك لو أمسكت شيئاً من المتاع أو حتى المخلوقات قل أن تنجوا وأن تسلم من شرها إلا ما رحم الله، وقد أمرت السنة كثيراً بأن يستعيذ العبد من شر النار وشر العذاب والجحيم فيها في دار الآخرة ، لأن الله تعالى توعد بالنار يوم القيامة أصحاب القلوب القاسية ، وتوعد بها العصاة والكفار والمجرمين، الذين تعدوا حدود الله تعالى ومحارمه في هذه الدنيا، والذين لم يتبعوا كتبه ولا رسله عليهم السلام، وكفروا بهم وكذبوهم وآذوهم، توعدهم بالدخول فيها والعذاب الشديد عياذاً بالله تعالى والقرآن والسنة فيهما الكثير من هذا الوعيد والتحذير....أقول قولي هذا ...
الخطبة الثانية :
عِبَادَ اللَّهِ:النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استعاذ بِاللَّه بعد التشهد مِنْ أرْبَع فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « إذا تَشَهَّد أَحدُكُمْ فَليسْتَعِذ بِاللَّه مِنْ أرْبَع ، يقولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عذَابِ جهَنَّمَ ، وَمِنْ عَذَابِ القَبرِ، وَمِنْ فِتْنةِ المحْيَا والمَماتِ ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيح الدَّجَّالِ » . رواه مسلم.
وعَنْ أَنَسٍ رَضي اللَّه عنْهُ ، قَالَ : كانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً ، وفي الآخِرةِ حَسنَةً ، وَقِنَا عَذابَ النَّارِ » مُتَّفَقٌ عليهِ .فالنار إذا أحرقت لا تتوقف إلا نادراً وأنى لأحد أن يوقفها وأمرها بيد الله تعالى، فالواجب على كل مسلم الحذر منها ومن خطرها وشرها، فكم أحرقت من أناس ودمرت من بيوت وعمائر وحدائق،وكم أكلت من أموال وتجارات وممتلكات،وكم وكم ....
فعلى المسلم أن يعلم هذا الأدب النبوي من سنة رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وأن يطفأ النار في بيته وأن يقوم بتعليم زوجته وأولاده هذا الهدي النبوي حتى لا تقع المخاطر ونحن في غفلة من أمرنا، ومن أمثال ذلك إطفاء آلة الكي والتدفئة والسخانات وما يشابها إذا خيف وقوع الضرر منها أما إذا أمن الضرر فنرجو ألا حرج على المسلم فيه ،نسأل الله السلامة والعافية وأن يحفظ الجميع من كل مكروه.
....الا وصلوا .
المشاهدات 948 | التعليقات 0