الحذر من دعوات تحرر الشباب

د.صالح العبداللطيف
1440/06/02 - 2019/02/07 17:30PM
الحمد لله العلي الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى.. والصلاة والصلاة على الرسول المصطفى والنبي المجتبى وعلى آله وصبحه ومن سار على منهاجه واقتدى..
أما بعد: فعليكم بتقوى الله أيها المباركون قال سبحانه وتعالى.. يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم  مُّسۡلِمُونَ
     هناك طاقات هائلة في مجتمعنا.. ونعم من أكرم النعم التي أنعم الله بها علينا.. كان العظماءُ والعقلاء.. يرعونها غاية الرعاية.. فهي منبع النجاح والفلاح للأمم بعد توفيق الله..   شبابٌ تكتض بهم الشوارع.. وتغص بهم المقاهي والنوادي.. وفتياتٌ تضيق بهن الأسواق.. يمتلئون طاقة وحيوية.. ويحملون مفاتح النجاح والتقدم.. لكننا نراهم يسيرون بلا رؤية.. ويتجهون بلا هدف..
        ولأن الشباب هم وقود الأمة وأملها المنتظر.. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يقربهم ويوجههم ويؤسس فيهم معالم النجاح.. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ.. رواه الترمذي وصححه.                 
    ولأهمية رعاية الأولاد.. وتنشئتهم النشأة الصحيحة.. ولما لها من أثر في بناء الأمم والحضارات..  فقد حث الإسلام عليها.. ونهى عن التفريط فيها.. ورتب على حسن رعايتها غاية الأجر.. قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها النار والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون..  
  وجاء في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة»..
ثم انظر إلى ما رتب الله عليه من الأجر.. لمن أحسن تربية ذريته.. عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ـ وضم أصابعه.. رواه مسلم.. أي:كهاتين الأصبعين المضمومتين في قرب المنزلة..
والولد الصالح هو من الثمرة التي تبقى للإنسان بعد موته.. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " رواه مسلم.. والمراد أن يُعلم أن سنة الله سبحانه وتعالى الماضية.. أنه لا يضيعُ أجر من أحسن عملاً.. فالمجتهد في تربية ولده.. سيجد ثمرة ذلك بإذن الله تعالى. في حياته وبعد مماته..
    وليس من النصح والأمانة.. أن نترك صغاراً يسيرون حيث شاؤوا.. بين بحار من الفتن.. تحملها هذه الأجهزة الحديثة.. فتن لا تثبت أمامها أعينُ الكبار وقلوبُهم.. وهم يحملون الخبرة والمعرفة.. ويعلمون مواطن الزلل.. فكيف بهؤلاء..
  أيها المؤمنون.. لابد أن نكون يقظين لهذه الدعوات.. التي يُستهدف بها شبابُنا وفتياتُنا.. من دعوة للتمرد والانفلات.. وتحريض على اللحاق ببلاد الغرب وثقافته.. تلك البلاد التي ملأت الدنيا ضجيجاً.. وغرت سفهاء الأمم ببريقها.. بينما باطنها يحمل في طياته كلَّ معان الإسفاف والاستغلال.. والفجور والإجرام.. فلا مكان فيها لضعيف أو فقير..
   ومن نظر في تقاريرهم وخبر حالَهم.. علم أنه ليس كل ما يلمع ذهبا..
   لكن ما يدري أجيالُنا بهذه التفاصيل المرعبة عن تلك المجتمعات.. وهم يتلقون معلوماتهم من مقاطع خاطفة.. مملوءة باللعب والمرح.. والانطلاق والحرية.. وعليها يبنون أحلامهم ويحددون مستقبلهم.. فالصغار لا ينظرون في التفاصيل.. ويخدع خبرتهم ظواهر الأمور.. فلذا كان لزاما على الكبار.. أن يظهروا لأولادهم وأجيالهم.. حقيقة تلك البلدان.. ويطلعوهم على التقارير المعتمدة.. عن أحوال الجرائم هناك.. وكثرة الاعتداءات.. وحالات التحرش والاغتصاب التي لا تتوقف.. أما أن ننشغل عن أولادنا.. ونسلمَهم  لهذه التقنيات الحديثة.. وما فيها من دعوات للتمرد على الخُلق والدين.. فلا بد أن تكون النتيجة صادمة.. أصلح الله شباب المسلمين وفتياتهم.. وسترهم بستره الجميل..
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين واصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. 
وبعد فخاتمة الحديث على تربية الأولاد.. أن يُعلم أن أعظم مؤثر في الناشئة سلوك والديهم.. وصدقهم وحسن تعاملهم.. وصدق القائل حين قال:  
      ينشأ الصغير على ما كان والده.. إن العروق عليها ينبت الشجر
اللهم أصلح شبابنا وشباب المسلمين.. اللهم احفظنا وإياهم من كل فتنة وبلاء ومكروه.. اللهم اجعلهم مفاتيح خير وصلاح.. ووفقهم لما تحبه وترضاه..
 اللهم اعز الإسلام والمسلمين.. وأذل الشرك والمشركين.. اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان.. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين.. اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق وألف ذات بينهم واهدهم سبل السلام..
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك ياارحم الراحمين.. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا..ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.اللهم صل على نبينا محمد
المشاهدات 938 | التعليقات 0