الحج ويوم عرفة

سعود المغيص
1435/11/29 - 2014/09/24 05:49AM
الخطبة الأولى :

أما بعد عباد الله :
اتقوا الله تعالى واعلموا يا عباد الله ؛ أن الحج ؛ ركن من أركان الإسلام ، جعله الله تعالى فريضة على من استطاع إليه من عباده ، كما قال تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ( ، ففي هذه الآية ، الدليل على وجوب الحج ، على من استطاع إليه سبيلا ، أي من ملك زادا وراحلة وصحة وأمنا . نعم ـ أيها الأخوة ـ السبيل هو الزاد والراحلة والصحة وأمن الطريق ، ) وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ( . وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإسلام ، الذي هو ديننا ، بين أنه مبني على أركان خمسة ، لا يقوم إلا بها ، ولا يكمل إلا بتواجدها ، منها : الحج ، ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان )) .
وفي حديث جبريل عليه السلام ، حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال صلى الله عليه وسلم : (( الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا )) .
فالحج ركن من أركان الإسلام ، وحكمه : الوجوب مرة واحدة في العمر ؛ على كل مسلم بالغ عاقل مستطيع ، وقد جعل الله تعالى عدم القيام به ممن استطاع عليه بمثابة الكفر كما في قوله تعالى : ) وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ( .
فينبغي للمستطيع ، أن يبادر لتأدية فريضة الحج ، وأن يجعل الحج في مقدمة اهتماماته . على المسلم ؛ أن يحذر التقاعس والتسويف ، لأنه لا يدري ما ذا يحدث له ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من لم تحبسه حاجة ظاهرة ، أو مرض حابس أو منع من سلطان جائر ، ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا )) .
ومما أثر عن السلف الصالح ، أنهم كانوا يبادرون لتأدية فريضة الحج ، ويحذرون من تأخيرها ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى هذه الأمصار ، فينظروا كل من له جده ـ يعنى غنى ، يعني لديه مال ـ ولم يحج ، فيضربوا عليهم الجزية ، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين . ويقول علي ابن أبي طالب رضي الله عنه : من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى البيت ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا .
فالله ... الله ؛ أخي المسلم ، بادر لإكمال دينك ، وإتمام أركان إسلامك ، قم بهذا الركن العظيم ، وإياك والتسويف والتأجيل . أغتنم ـ يا عبد الله ـ غناك قبل فقرك ، وصحتك قبل مرضك ، وشبابك قبل هرمك . بل اغتنم حياتك قبل موتك . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : )وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ( .

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم يسر للحجيج حجهم, اللهم اجعل حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراً، واحفظهم من كل مكروه, اللهم ردهم إلى أهليهم وأوطانهم سالمين غانمين يا ذا الجلال والإكرام،
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية :

أما بعد عباد الله :
يوم عرفة ، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة ، يوم عظيم ، فيه كمل الدين ، وفيه يعتق الله ما شاء من عباده من النار ، وفيه يدنو الله جل جلاله يباهي بعباده الملائكة ، وصيامه يكفر سنتين ، سنة قبله وأخرى مثلها بعده ، قال صلى الله عليه وسلم : (( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده )) فصوموا ذلك اليوم يا عباد الله ، فإن صيام يوم تطوعا ، قد يكون سببا لنجاة صاحبه من النار ، ففي الحديث ((من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا )) . سبعون عاما تبعد عن وجهك النار .
أيها الأخوة المؤمنون :
لا تبخلوا على أنفسكم ، بصيام يوم يكفر الله به سنتين من ذنوبكم ، سنة قبله ، وسنة بعده ، ما هو والله إلا ساعات سرعان ما تنقضي وتنتهي ، ولكن يثبت أجرها لكم في موازين أعمالكم .
اسأل الله لي ولكم الفقه في الدين ، والتمسك بالكتاب المبين ، والإقتداء بسيد المرسلين ، والسير على نهج أسلافنا الصالحين .


المرفقات

564.doc

المشاهدات 2004 | التعليقات 0