الحج توحيد لله –التصريح تنظيم للحج

محمد البدر
1436/11/20 - 2015/09/04 00:58AM
[align=justify]الخطبة الأولى :
أما بعد:قال تعالى:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }
وقال تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}
عباد الله:الحج عبادة عظيمة جمعت أعمال القلوب وأعمال البدن، وعبادة الله بالنفقة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : سُئلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ « إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ » .قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « حَجٌّ مَبْرُورٌ » متفقٌ عَلَيْهِ وجاء في فضلها ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (( مَنْ حَجَّ ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ )). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ»متفقٌ عليه.
وقد فرضه الله تعالى في العمر مرةً واحدة ، ومن زاد على الفريضة فهو تطوع، والحج اشتمل على عبادات لله تعالى يُرضِي بها المسلمُ ربَّه؛ فقد تضمن الإخلاص لله - عز وجل ،ولا يقبل الله عبادة إلا بإخلاص النية؛ بأن يفعل العبد العبادة يريد بها وجه الله والدار الآخرة، ويجتنب الرياء والبدع الداخلة على العبادات قال تعالى:{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}.
وعن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم يقول: « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى » رواه البخاري ومسلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم « اللَّهُمَّ حِجَّةٌ لاَ رِيَاءَ فِيهَا وَلاَ سُمْعَةَ » رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
ويتضمن الحج تخصيص الله تعالى - وإفراده بالدعاء والاستغاثة، والاستعانة وطلب الرزق، وغفران الذنوب وقضاء الحاجات كلها، وكشف الكربات والشدائد.. فعن جابر - رضي الله عنه - في حجة الوداع قال: "فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بِالتَّوْحِيدِ « لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ »رواه البخاري ومسلم.وقول جابر رضي الله عنه:" فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد؛رفع صوته بتوحيد الله بالتلبية، وأمر أصحابه بذلك، وأبطل الشرك بالتلبية الذي أحدثه المشركون، وغيروا ملة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم- بالشرك؛ فقد كان المشركون يقولون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك.
وتلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد هو معنى: لا إله إلا الله، فلا يُدعَى من دونه مَلَكٌ ولا نبي، ولا قبر ولا مخلوق.. قال تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً} فالحج يفتتح بتلبية التوحيد ويختتم بالتوحيد لله تبارك وتعالى قال تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً }.
ويتضمن الحج طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداءَ به في الأقوال والأفعال، ومحبته؛ ففي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: « خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ » صححه الألباني.
ويتضمن الحج تعظيم الرب - سبحانه - بكثرة ذكره وتلاوة كلامه، والتذلل له وتنوع الدعاء بالحاجات من خيري الدنيا والآخرة.
عباد الله : اجعلوا حجكم مبرورا وسعيكم مشكورا وادوا مناسك الحج كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم واحذروا من الشرك والنفاق والكذب واعلموا أنه ولله الحمد والمنة ليس عندنا قبور تُعبَدُ من دون الله وليس فيها مشاهدُ وأضرحةٌ يسجد ويطاف بها، ويذبح لها، وتسأل الرزق ويستنصر بها، وترفع لها الحاجات ويسأل أصحابها كشف الكربات وغفران السيئات، ليس في هذه البلاد شيءٌ من هذا؛ لأن هذا كله شركٌ أكبرُ ووثنية جاهلية جاء الإسلام بإبطاله ومحوه، والقضاء عليه؛ لتكون العبادة لله تبارك وتعالى قال الله تعالى:{إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ}فليس فيها شيء من هذا الشرك مع أن فيها قبورَ أفضل الخلق بعد النبي والأنبياء - عليهم الصلاة والسلام.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية :
أما بعد:قال تعالى :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}.
عباد الله :يجب علينا جميعاً أن نتعاون ونتواصا بالحق وطاعة ولاة امرنا وعلمائنا ومن الطاعة التقيد بالأوامر والتعليمات المنظمة للحج ومن تلك الأوامر التي صدرت وقررتها هيئة كبار العلماء بأنه لا يجوز لأحد أن يحج دون الحصول على تصريح لأن ذلك مخالف لأوامر ولاة الأمر حفظهم الله ،وأن الحصول على تصريح منظم للحج وفيه حل جزئي للإشكاليات وإن الناظر في حال كثير من الحجاج الذي يأتون للحج من غير تصريح وما يبدر منهم من تحايل وكذب قد تصل الأمور إلى حد الرشوة فبعضهم يدفعون لبعض السائقين أجرة كبيرة لقاء إدخالهم إلى مكة بمساعدة بعض ضعاف النفوس والذين همهم الوحيد جمع المال بأي طريقة كانت والله المستعان .
ألا وصلوا ...
[/align]
المشاهدات 1424 | التعليقات 0