الحجاب ومتسابقة أندونيسيا
mo ab
الحمد لله رب العالمين...........
عباد الله: انتشر في الأيامِ القليلةِ الماضيةِ مقطعٌ مصورٌ لامرأةٍ شرقَ آسيويةٍ محجبةٍ حجاباً كاملاً أثناءَ تَقَدُّمِها لمسابقةٍ من المسابقاتِ، وقد رفضتِ اللجنةُ المشرفةُ على المسابقةِ أن تبقى الفتاةُ مغطيةً وجهها، وقالوا إن شروط المسابقة أن تكشفي عن وجهك، فما كان منها إلا أن أعلنتها مدويةً : آسفةٌيا أستاذ لا أستطيع.
الله أكبر: فكرت بين دنياها وآخرتها، فقدمت طاعة ربها وعلى الدنيا وزخرفها، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾.
الحجاب داعية إلى طهارة القلوب، وعمارتها بالتقوى، وتعظيم الحرمات، وصدق الله سبحانه إذ يقول: ﴿ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾.
الحجاب علامة شرعية على الحرائر العفيفات في عفتهن وشرفهن، وبعدهن عن الدنس والريبة والشك ﴿ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾، وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دارٍ إلا أكسبتها الهناء. أنشد الشاعر النُّميري عند الحجاج قوله:
يُخمِّرْنَ أطراف البنان من التُّقى *** ويَخْرجن جُنحَ الليل معـتجراتِ
فقال الحجاج: "وهكذا المرأة الحرة المسلمة".
الحجاب وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض القلوب، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها ومحارمها، ووقاية من رمي المحصنات بالفواحش، وقالة السوء ودنس الريبة وسوء الظن، وغيرها من الخطرات الشيطانية.
حُورٌ حـرائر ما هَمَمْنَ بِريبةٍ *** كَظِبَاء مَـكَّة صيدهنَّ حـرامُ
الحجاب وسيلة فعالة لحفظ الحياء، وخلع الحجاب خلع للحياء قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» الْبُخَارِيُّ.
وما أعظم هذا القصص في سورة القصص في قصة ابنتي شيخ مدين: ﴿فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾ فقد جاء عن عمر رضي الله عنه بسند صحيح أنه قال: "جاءت تمشي على استحياء قَائِلَةً بثوبها على وجهها، لَيْسَت بِسَلْفَعٍ مِن النساء ولاّجةً خرَّاجة". والسلفع من النساء: الجريئة السليطة"، ذكره ابن كثير في تفسيره.
ففي القصة من الأدب والعفة والحياء، ما بلغ ابنة الشيخ مبلغًا عجيبًا في التحفظ والتحرز، إذ قالت: ﴿إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾ فجعلت الدعوة على لسان الأب، ابتعادًا عن الرَّيب والرِّيبة. إنها نتاج تربية صالحة على الحجاب والعفة والحياء.
اللهم احفظ نساءنا ونساء المسلمين واجعلهن صالحات هاديات مهديات وبأمهات المؤمنين والصحابيات مقتديات.
الخطبة الثانية
الحمد لله.......
معاشر الآباء والأزواج، اتقوا الله في أهليكم وعلموهم هذا الشرع المطهر، علموهم سورَ النورِ والنساءِ والتحريمِ، ربُّوهم وأدِّبُوهم على سيرةِ عائشةَ وحفصةَ وفاطمةَ الزهراء، وأمهات المؤمنين والصحابيات الجليلات قال تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾، قال علي رضي الله عنه: أدبوهم وعلموهم.
واجب على المربين والمربيات غرس الحياء، والتربية القائمة على هدي الكتاب والسنة وقيم المجتمع المسلم المحافظ. وقد قال الأول:
يَنْشا الصغيرُ على ما كانَ والدُهُ إنّ العُرُوقَ عليها يَنْبُتُ الشجرُ
عباد الله: عبادتان إن لم يربَ ويعوَّد عليهما الأبناءُ في الصِّغَرِ، استعصت عليهم في الكِبَر "الصلاةُ والحجابُ". فلذلك ربُّوا عليهما أبناءَكم واصطبروا عليها فستحمدونه في العاقبة.
وينشأ ناشيء الفتيان منا على ما كان عوده أبوه