الحث على الصدقة وفضلها
عبدالله بن رجا الروقي
1437/09/11 - 2016/06/16 21:39PM
...أما بعد فإن من أعظم نعم الله على عباده نعمة المال التي تقوم بها الحياة بل بها يقوم الدين أيضا فبالمال يحج الناس ويعتمرون ويصلون الأقارب والأرحام وبه تُسد حاجة الفقراء والمساكين وتطبع كتب العلم وتنشر.
وهذا المال نعمة سنحاسب عليها فعن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم. رواه الترمذي.
عباد الله إن في أموالنا حقا جاء الشرع بذكره والحث عليه ألا وهو حق الإنفاق في وجوه الخير يقول تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾
﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
في هاتين الآيتين حث على الإنفاق والمبادرة بذلك في الحياة الدنيا قبل أن يحل أجل العبد فلاينتفع بما خلف من المال بل يحاسب عليه ويقتسمه ورثته من بعده بل ربما ماطل الورثة فلا يسددون دينه ولا ينفذون وصيته.
بل قد جاء الحث على الصدقة حتى ولو كانت يسيرة جدا قال ﷺ ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة . متفق عليه.
فليتصدق المسلم ولو بريال واحد فإنه يعظم أجره عندالله كثيرا لمن صحت نيته وتقبل الله منه.
وليست الصدقة مقصورة على النقود بل تشمل كل ما يمكن أن ينتفع به الناس ومن ذلك الصدقة بالماء
كوضع المياه في المساجد وفي مجامع الناس فإن هذا من أعظم المعروف وإذا كان الله غفر لامرأة بغي سقت كلبا فكيف بمن سقى مسلما.
ومن ذلك الصدقة بالطعام فقد أثنى الله على من يطعمون الطعام بقوله تعالى : ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾
عباد الله:
ليعلم المنفق أن النفقة مضاعفة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وهذه هي التجارة الرابحة مع أكرم الأكرمين, وأجود الأجودين عز وجل قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.)
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ . متفق عليه.
فالآية والحديث يدلان على أن أجر الصدقة يضاعفه الله أضعافاً كثيرة فطوبى للمتصدقين
وفي الحديث اشتراط كون الصدقة من حلال لأن الصدقة من مال حرام لايتقبلها الله فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
ومن فوائد الصدقة أنها باب عظيم من أبواب الرزق فإن الله يفتح للمتصدق أبواًبًا من الرزق لم تخطر له على بال ، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين ﴾
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه و سلم: ما نقصت صدقة من مال.رواه مسلم
ومن فضائل النفقة في وجوه الخير أن صاحبها إذا لقي ربه فلا يخاف ولايحزن قال تعالى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
فلايخافون مما يستقبلونه ولاهم يحزنون على مافاتهم من الدنيا.
ومن فضائلها أنها سبب للنجاة من الخسارة فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ جَالِسٌ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا رَآنِى قَالَ « هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى مَنْ هُمْ قَالَ « هُمُ الأَكْثَرُونَ أَمْوَالاً إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ». متفق عليه.
عباد الله إن الصدقة من أعظم أسباب دفع البلاء
فما دُفعت الشرور بمثل الصدقة ولهذا أرشد النبي ﷺ إلى الصدقة عند الكسوف فإن الكسوف يخوف الله به عباده من البلاء والصدقة سبب لدفعه.
قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب:
فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه . انتهى.
وتعظم الصدقة في الأوقات الفاضلة خاصة شهر رمضان فإنه شهر الجود والإحسان ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة فيدارسه القران , فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
عباد الله: من أنواع الصدقة الصدقةُ الجارية وهي التي يجري أجرها على صاحبها بعد موته قال رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ».رواه مسلم.
ومن الصدقة الجارية بناء المساجد والأوقاف ودور تحفيظ القران وغيرها مما يستمر أجره مادام باقيا.
ومنها طباعة المصاحف وكتب العلم وبناء المساكن التي يكون ريع أجرتها في أنواع البر.
وليُعلم أن الصدقة تكون أعظم أجرا إذا أداها الإنسان حال صحته وطمعه في الحياة
فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ .متفق عليه.
وليحذر المسلم من وسوسة عدوه الشيطان الذي يأمر بالإمساك، ويخوفه بالفقر والحاجة إذا أنفق، يقول الله تعالى:
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
وشتان مابين وعدالله الذي لا يتخلف وعده وبين وعد الشيطان الرجيم الذي قال الله فيه (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)
معاشرالمسلمين (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ...
وهذا المال نعمة سنحاسب عليها فعن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسئل عن خمس عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وماذا عمل فيما علم. رواه الترمذي.
عباد الله إن في أموالنا حقا جاء الشرع بذكره والحث عليه ألا وهو حق الإنفاق في وجوه الخير يقول تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾
﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾
في هاتين الآيتين حث على الإنفاق والمبادرة بذلك في الحياة الدنيا قبل أن يحل أجل العبد فلاينتفع بما خلف من المال بل يحاسب عليه ويقتسمه ورثته من بعده بل ربما ماطل الورثة فلا يسددون دينه ولا ينفذون وصيته.
بل قد جاء الحث على الصدقة حتى ولو كانت يسيرة جدا قال ﷺ ما منكم من أحدٍ إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، فينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة . متفق عليه.
فليتصدق المسلم ولو بريال واحد فإنه يعظم أجره عندالله كثيرا لمن صحت نيته وتقبل الله منه.
وليست الصدقة مقصورة على النقود بل تشمل كل ما يمكن أن ينتفع به الناس ومن ذلك الصدقة بالماء
كوضع المياه في المساجد وفي مجامع الناس فإن هذا من أعظم المعروف وإذا كان الله غفر لامرأة بغي سقت كلبا فكيف بمن سقى مسلما.
ومن ذلك الصدقة بالطعام فقد أثنى الله على من يطعمون الطعام بقوله تعالى : ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾
عباد الله:
ليعلم المنفق أن النفقة مضاعفة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وهذه هي التجارة الرابحة مع أكرم الأكرمين, وأجود الأجودين عز وجل قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.)
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى اللَّهِ إِلَّا الطَّيِّبُ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فُلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ . متفق عليه.
فالآية والحديث يدلان على أن أجر الصدقة يضاعفه الله أضعافاً كثيرة فطوبى للمتصدقين
وفي الحديث اشتراط كون الصدقة من حلال لأن الصدقة من مال حرام لايتقبلها الله فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
ومن فوائد الصدقة أنها باب عظيم من أبواب الرزق فإن الله يفتح للمتصدق أبواًبًا من الرزق لم تخطر له على بال ، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين ﴾
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ: أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه و سلم: ما نقصت صدقة من مال.رواه مسلم
ومن فضائل النفقة في وجوه الخير أن صاحبها إذا لقي ربه فلا يخاف ولايحزن قال تعالى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
فلايخافون مما يستقبلونه ولاهم يحزنون على مافاتهم من الدنيا.
ومن فضائلها أنها سبب للنجاة من الخسارة فعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ جَالِسٌ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ. فَلَمَّا رَآنِى قَالَ « هُمُ الأَخْسَرُونَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى مَنْ هُمْ قَالَ « هُمُ الأَكْثَرُونَ أَمْوَالاً إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا - مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ». متفق عليه.
عباد الله إن الصدقة من أعظم أسباب دفع البلاء
فما دُفعت الشرور بمثل الصدقة ولهذا أرشد النبي ﷺ إلى الصدقة عند الكسوف فإن الكسوف يخوف الله به عباده من البلاء والصدقة سبب لدفعه.
قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب:
فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه . انتهى.
وتعظم الصدقة في الأوقات الفاضلة خاصة شهر رمضان فإنه شهر الجود والإحسان ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة فيدارسه القران , فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
عباد الله: من أنواع الصدقة الصدقةُ الجارية وهي التي يجري أجرها على صاحبها بعد موته قال رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ».رواه مسلم.
ومن الصدقة الجارية بناء المساجد والأوقاف ودور تحفيظ القران وغيرها مما يستمر أجره مادام باقيا.
ومنها طباعة المصاحف وكتب العلم وبناء المساكن التي يكون ريع أجرتها في أنواع البر.
وليُعلم أن الصدقة تكون أعظم أجرا إذا أداها الإنسان حال صحته وطمعه في الحياة
فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا قَالَ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ .متفق عليه.
وليحذر المسلم من وسوسة عدوه الشيطان الذي يأمر بالإمساك، ويخوفه بالفقر والحاجة إذا أنفق، يقول الله تعالى:
(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
وشتان مابين وعدالله الذي لا يتخلف وعده وبين وعد الشيطان الرجيم الذي قال الله فيه (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)
معاشرالمسلمين (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ )
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ...