الحب في الله تعالى

هلال الهاجري
1440/06/01 - 2019/02/06 11:35AM

إنِ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وأَنْتمْ مُسْلِمُونَ)

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) .. أما بعد:

فحديثُنا اليومَ عن (الحُبِّ) .. نعم الحبُّ .. ولكنَّه الحبُّ الحقيقيُّ .. الحبُّ النَّابعُ عن حبِّ اللهِ تعالى وحبِّ نبيِّه صلى اللهُ عليهِ وسلمَ .. هل صادفتَ يوماً رجُلاً، ليسَ بأخٍّ لكَ أو صديقٍ، لا تعرفُه، وقد تكونُ لم ترَه من قبلُ، فإذا بقلبِك يميلُ إليه مَيلاً، وإذا بمشاعرِكَ تنجذبُ إليه انجذاباً، فلا تعرفُ لهذهِ المودةِ سبباً، ولا تجدُ لهذه المحبةِ تفسيراً .. إنَّه الحبُّ في اللهِ الذي جعلَه اللهُ تعالى بينَ عبادِه المؤمنينَ .. قَالَ تعالى: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)،  قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (هُمْ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّهِ).

عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: دَخَلْتُ مَسْجِدَ دِمَشْقِ الشَّامِ، فَإِذَا أَنَا بِفَتًى بَرَّاقِ الثَّنَايَا، وَإِذَا النَّاسُ حَوْلَهُ، إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوهُ إِلَيْهِ وَصَدَرُوا عَنْ رَأْيِهِ، فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيلَ: هَذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ -أَيْ: بَكَّرْتُ-، فَوَجَدْتُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ، وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي فَانْتَظَرْتُهُ، حَتَّى إِذَا قَضَى صَلاتَهُ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ إِنِّي لأحِبُّكَ لِلَّهِ عَزَّ وجَلَّ، فَقَالَ: آللَّهِ؟، فَقُلْتُ: آللَّهِ، فَقَالَ: آللَّهِ؟، فَقُلْتُ: آللَّهِ، فَأَخَذَ بِحُبْوَةِ رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: أَبْشِرْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ).

اللهُ أكبرُ .. أتعلمونَ لماذا وجبتْ محبةُ اللهِ تعالى لهؤلاءِ المُتحابِّينَ؟ .. لأنَّ المرءَ لا يُمكنُ أن يُحبَّ في اللهِ، إلا بعدَ أن يمتلىءَ قلبُه بمحبةِ اللهِ، فعِندها لا يُحبُّ إلا ما يُحبُّه اللهُ، ولا يُبغضُ إلا ما يُبغضُه اللهُ، وهي علامةُ تَمامِ الإيمانِ، كما في حديثِ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ، وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ، فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الإيمَانَ).

وَأَحْبِبْ لِحُبِّ اللهِ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا *** وَأَبْغِضْ لِبُغْضِ اللهِ أَهْلَ التَّمَرُّدِ
وَمَا الدِّينُ إلاَّ الْحُبُّ وَالْبُغْضُ وَالْوَلا *** كَذَاكَ الْبَرَا مِنْ كُلِّ غَاوٍ وَمُعْتَدِي

ولهذه المنزلةِ العظيمةِ، أحبَّ رسولُ اللهِ تعالى في اللهِ، كما قالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي لأحِبُّكَ يَا مُعَاذُ، فَقُلْتُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلاةٍ: رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)، فهنئياً لمعاذٍ هذه المنزلةُ .. وهذا هو قدوتُنا وإمامُنا يُحبُّ في اللهِ .. ويُخبرُ من يحبُّه بحُبِّهِ.

فلماذا نكتمُ مشاعرَنا؟ .. ولماذا لا نُفرحُ أحبابَنا؟ .. ولماذا لا نُشيعُ المحبةَ بينَنا؟.

أيُّها الأحبَّةُ ..

لماذا لا نُخبرُ من نُحبُّه في اللهِ، أنَّنا نُحبُّه في اللهِ؟ .. عَنْ أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلاً كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَعْلَمْتَهُ؟)، قَالَ: لَا، قَالَ: (أَعْلِمْهُ)، قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ .. فتخيلوا ما هو أثرُ هذه الكلماتِ على الرَّجلِ، وكيفَ ستقوى المودةُ، وتزدادُ المحبةُ، وتحلو الحياةُ.

ما أجملَها من ساعاتٍ، عندما تجتمعُ بالأحبابِ في اللهِ، فتنسى معَهم همومَ الدُّنيا، ومتاعبَ الحياةِ، لا يجمعُكم إلا حبُّ اللهِ تعالى، وذِكرُه، والتَّواصي بالحقِّ والتَّواصي بالصَّبرِ، حينَها تتنزَّلُ عليكم السَّكينةُ، وتغشاكم الرَّحمةُ، وتحفُّكم الملائكةُ، في لحظاتٍ تمتلئُ بالصَّفاءِ، مغمورةٌ بالنَّقاءِ، هي واللهِ لحظاتٌ من نعيمِ الجنَّةِ، كما وصفَ اللهُ تعالى أهلَها بقولِه: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ).

ولذلكَ كانَ الطريقُ إليهم هو طريقٌ إلى الجنَّةِ، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ: أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا).

يومَ القيامةِ سيُنادي اللهُ تعالى أُناساً أمامَ الخلائقِ .. فمن هم؟ .. وماذا سيَفعلُ بهم؟ .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: (أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي .. الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي) .. فيا اللهَ .. تخيِّلْ ذلكَ الموقفَ وأنتَ تُمسكُ حبيبَكَ بيدِه، وتذهبُ معهُ إلى ظلِّ اللهِ تعالى الظَّليلِ .. هروباً من شمسٍ قد دَنتْ من الخلائقِ قدرَ مِيلٍ.

موقفٌ عظيمٌ .. ومقامٌ كريمٌ .. يغبطهم عليه أهلُ الموقفِ جميعاً .. كما في حديثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لأنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الأنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تعالى)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟، قَالَ: (هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ، عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَ اللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
فماذا ننتظرُ؟ .. يجبُ علينا أن نبحثَ عن شَخصٍ نُحبُّه في اللهِ تعالى .. لا نُحبُّه إلا للهِ .. حتى ولو كانَ فينا شيءٌ من التَّفريطِ والتَّقصيرِ، كما قِيلَ:

أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْت مِنْهُمْ *** لَعَلِّي أَنْ أَنَالَ بِهِمْ شَفَاعَهْ 
وَأَكْرَهُ مَنْ تِجَارَتُهُ الْمَعَاصِي *** وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَهْ

اذهبْ إلى زيارتِهم .. وأنتَ لا تريدُ منهم شيئاً من حُطامِ الدُّنيا .. وإنما تُريدُ محبةَ اللهِ تعالى، كما جاءَ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ رَجُلا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ -أَيْ: عَلَى طَرِيقِهِ- مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟، قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟، قَالَ: لا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عز وجل، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ).

يقولُ ابنُ الجَوزيِّ رَحمَه اللهُ: وَفِي هَذَا الحَدِيثِ فَضلُ زِيَارَةِ الإخوانِ، وَهَذَا أَمرٌ بَقِيَ اسْمُه، وَذَهبَ رسمُه، فَإِنَّ الإخوانَ فِي اللهِ عَزَّ وَجلَّ أَعزُّ من الكِبريتِ الْأَحْمَرِ.

فيا أيُّها المُباركُ ..

إن كانَ لكَ أخاً في اللهِ تعالى، يُحبُّكَ وينصحُ لك، فاشدُد عليه، وحافظْ عليه، وكنْ له خيرَ أخٍ في اللهِ، فهذه نعمةٌ من اللهِ تعالى في الدُّنيا والآخرةِ، (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ).

مَا ذَاقَتِ النَّفْسُ عَلَى شَهْوَةٍ *** أَلَذُّ مِنْ حُبِّ صَدِيقٍ أَمِينِ
مَنْ فَاتَهُ وُدُّ أَخٍ صَالِحٍ *** فَذَلِكَ الْمَغْبُونُ حَقُّ الْيَقِينِ

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعنا بالآياتِ والذكرِ الحكيمِ، أقولُ قولي هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِّ ذَنبٍ، فاستغفروه إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ الذي يَسرَ لعبادِه سُبلَ محبتِه، ودعاهم بفضلِه وكرمِه إلى كسبِ مودتِه، أحمدُه سبحانَه وأشكرُه على ما تَفضلَ به على عبادِه من واسعِ رحمتِه، وعظيمِ نعمتِه ومنتِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأَشهدُ أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحابتِه .. أما بَعدُ:

مَن مِنكم أيُّها الأحبَّةُ ذاقَ طعمَ حلاوةٍ في قلبِه؟.

سُبحانَ اللهِ .. طعمٌ .. وحلاوةٌ .. وفي القلبِ! .. نعم، إنَّها حلاوةُ الإيمانِ .. يقولُ ابنُ رجبٍ رحمَهُ اللهُ: (الإيمانُ له حَلاوةٌ وطَعمٌ يُذاقُ بالقُلوبِ، كَما يُذاقُ حَلاوةُ الطَّعامِ والشَّرابِ بالفَمِّ)، ومِصداقُ ذلكَ ما جاءَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ(: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ؛ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ).

فيا أيُّها الأحبَّةُ ..

وأنا انطلاقاً من قولِه تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ).

وانطلاقاً من قَولِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا).

فأنا أُعلنُ لكم من هذا المنبرِ أنِّي أحبُّكم في اللهِ تعالى، وأحبُّ كلَ مؤمنٍ في الأرضِ، سواءٌ كانَ موجوداً أو مَيتاً أو لم يُخلقْ بعدُ .. كما قالَ القائلُ:

يا أخي المُسلمُ في كلِّ مَكانٍ وبَلدٍ *** أَنتَ مِني وأنا مِنكَ كرُوحٍ في جَسدٍ

اللهمَّ اجعلنا من المتحابينَ فيك، وارزقنا حبَّك وحبَّ من يحبُك، اللهم حببْ إلينا الإيمانَ وزينه في قلوبِنا، وكره إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، واجعلنا من الراشدينَ، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمر أعداءَك أعداءَ الدينِ، واجعل هذا البلدَ آمناً مطمئنًا وسائرَ بلادِ المسلمينَ، برحمتك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم انصرْ من نصرَ الدِّينَ، واخذل من خذلَ عبادَك المؤمنينَ، اللهم فرجْ همَّ المهمومينَ من المسلمينَ، ونفسْ كربَ المكروبينَ، واقض الدينَ عن المدينينَ، واشف مرضانا ومرضى المسلمينَ، برحمتِك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم آمنا في أوطانِنا، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافَك واتقاك واتبعَ رضاك يا ربَّ العالمينَ، اللهم وفق وليَ أمرِنا لما تحبه وترضاه من الأقوالِ والأعمالِ يا حيٌّ يا قيومٌّ، اللهم أصلح له بطانَته يا ذا الجلالِ والإكرامِ، ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذابَ النارِ، سبحانَ ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفونَ، وسلامٌ على المرسلينَ، وآخرُ دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

المرفقات

في-الله-تعالى

في-الله-تعالى

في-الله-تعالى-2

في-الله-تعالى-2

المشاهدات 1759 | التعليقات 0