الجنة ونعيمها ( خطبة مشكلة )

الشيخ نواف بن معيض الحارثي
1444/09/15 - 2023/04/06 16:50PM

الخطبة الأولى عن الجنة ونعيمها

الـْحَمْدُ للـهِ مُبَلِّغِ الرَّاجِي فَوْقَ مَأْمُولِه، الْـمَنَّانِ عَلَى التَّائِبِ بِصَفْحِهِ وَقَبُولِه، خَلَقَ الْإِنْسَانَ وَأَنْشَأَ دَارَاً لِحُلُولِه، وَجَعَلَ الدُّنْيَا مَرْحَلَةً لِنُزُولِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللـهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ شَهَادَةَ عَارِفٍ بِالدَّلِيلِ وَأُصُولِه،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَا امْتَدَّ الدَّهْرَ بِطُولِه، وَسَلِّمْ تَسْلِيمَا.أَمَّا بَعْدُ: فأوصيكم ونفسي... فَاتَّقُوا اللـهَ ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعدتْ للمتقين ).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّـهِ e: «مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَبِرَسُولِهِ، وَأَقَامَ الصَّلاَةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّـهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّـةَ، جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّـهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّـهَ، فَاسْأَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الجَنَّةِ وَأَعْلَى الجَنَّةِ – أُرَاهُ-فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الجَنَّةِ ) خ.

معاشرَ المُسلمين: إِنَّ الحَدِيثَ عَنِ الجَنَّةِ حَدِيثٌ عَن أَعظَمِ النَّعِيمِ وَأَكمَلِهِ، ولقد تكاثَرَتِ النُّصُوصُ في جَنَّةِ الأَبرارِ، وأُلِّفَتِ الدَّوَاوِينُ في دارِ القَرَارِ، فما ذا عسانا أَن نستطيعَ قولَه عنها في خطبتِنا هذه؟!

فحيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدنٍ فإنَّها *** مَنازِلَنا الُأولَى وفِيها المُخَيَّمُ

فتَعَالَوا بِنَا نُعَرِّجْ عَلَى بَعضٍ مِن نَعِيمِ هَذِهِ الدَّارِ، الَّذِي يَبدَأُ مِن عِظَمِهِ وَكَمَالِهِ قَبلَ دُخُولِهَا، حِينَمَا يُسَاقُ الـمُتَّقَونَ إِلَيهَا جَمَاعَاتٍ مُعَزَّزِينَ مُكَرَّمِينَ، فَتُفتَحُ لَهُم أَبوَابُهَا، وَيَستَقبِلُهُم خَزَنَتُهَا، يُهَنِّئُونَهُم بِسَلامَةِ الوُصُولِ بَعدَمَا عَانَوهُ مِنَ الكُرُبَاتِ وَشَاهَدُوهُ مِنَ الأَهوَالِ في العَرَصَاتِ (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوا رَبَّهُم إِلى الجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَت أَبوَابُهَا وَقَالَ لَـهُم خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيكُم طِبتُم فَادخُلُوهَا خَالِدِينَ) .

وَمِن نِعمَةِ اللـهِ عَلَى المُؤمِنِينَ وَتَمَامِ نَعِيمِهِم وَرَاحَةِ نُفُوسِهِم أَنَّهُم لا يَدخُلُونَ الجَنَّةَ حتى يُهَذَّبُوا وَيُنَـقَّوا مِن كُلِّ مَا يُسَبِّبُ الغِلَّ وَالحِقدَ؛ لِيَسكُنُوهَا إِخوَانًا أَطهَارًا أَبرَارًا (وَنَزَعنَا مَا في صُدُورِهِم مِن غِلٍّ إِخوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لا يَمَسُّهُم فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِنهَا بِمُخرَجِينَ).

قَالَ e:(يَخلُصُ المُؤمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحبَسُونَ عَلَى قَنطَرَةٍ بَينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقتَصُّ لِبَعضِهِم مِن بَعضٍ مَظَالِمَ كَانَت بَينَهُم في الدُّنيَا، حَتى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُم في دُخُولِ الجَنَّةِ..).خ.

عباد الله: أَمَّا مَكَانُ الْـجَنَّةِ فَهِيَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الـْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى) وفي الحديث:( فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّـهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ-وفيه- وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ... »خ.

وَأَمَّا عَرْضُ الـْجَنَّةِ،فَقَدْ قَالَ اللـهُ تَعَالَى(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)فَهَذَا الْعَرْضُ فَكَيْفَ بِالطُّولِ؟

عن أبي هريرةَ t عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ أَهْلَ الْـجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ؛ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الأُفُقِ مِنَ المَشْرِقِ أَوِ المَغْربِ؛ لتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، تلْكَ مَنَازِلُ الأَنْبِيَاءِ لاَ يبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: «بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّـهِ وصَدَّقُوا المُرْسلِينَ» متفقٌ عليه.

وقالe (إِنَّ فِي الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلًا، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ»خ.م.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْـخُدْرِيِّ t عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: «إِنَّ في الْـجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِـيرُ الرَّاكِبُ الْـجَـوَادَ المُضَمَّرَ السَّرِيعَ ماِئَةَ ســنَةٍ مَا يَقْطَعُهَا » متفقٌ عليه.

وَأَمَّا بِنَاؤُهَا-عباد الله-فَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، الـْجَنَّةُ مَا بِنَاؤُهَا؟  قَالَ: (لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ، وَتُرْبَتُهَا الزَّعْفَرَانُ ) (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

عباد الله: إِنْ سَأَلْتُمْ عَنْ أَبْوَابِ الْـجَنَّةِ؟  فقد قَالَ e: (فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لاَ يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ) خ. (وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الـْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ).م.

وَأَمَّا الْوَصْفُ الْعَامُ لِنَعِيمِهَا-أيها المؤمنون- فعَنْ أَبي هُريْرةَ t قَال: قَال رسُولُ اللَّـهِ ﷺ: «قَال اللَّـهُ تَعالَى: «أَعْددتُّ لعِبادِيَ الصَّالحِينَ مَا لَا عيْنٌ رَأَتْ، ولَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولَا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ» واقْرُؤُوا إِنْ شِئتُمْ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) متفقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مِقْدارُ مُلْكِ الـْمُؤْمِنِ فِيهَا فَلا يَعْلَمُ عِظَمَهُ إِلَّا اللـهُ، فعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ t عنْ رسُولِ اللَّـهِ ﷺ قَالَ: «سأَلَ مُوسَى ﷺ ربَّهُ: ما أَدْنَى أَهْلِ الْجنَّةِ مَنْزلَةً؟ قَالَ: «هُو رَجُلٌ يجِيءُ بعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْـجَنَّةِ الْـجَنَّةَ، فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْـجَنَّةَ؛ فَيقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ وقَدْ نَزَل النَّاسُ منَازِلَـهُمْ، وأَخَذُوا أَخَذَاتِهِم؟ فَيُقَالُ لهُ: أَتَرضي أَنْ يكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيا؟ فَيقُولُ: رضِيتُ ربِّ، فَيقُولُ: لَكَ ذَلِكَ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ، فَيقُولُ في الْـخَامِسَةِ: رضِيتُ ربِّ، فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، ولَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، ولَذَّتْ عَيْنُكَ، فَيَقُولُ: رضِيتُ ربِّ» قَالَ: ربِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قالَ: «أُولَئِك الَّذِينَ أَردتُّ، غَرَسْتُ كَرامَتَهُمْ بِيدِي، وخَتَمْتُ علَيْهَا، فَلَمْ تَرَ عيْنُ، ولَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، ولَمْ يخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بشَرٍ»»م.

أيها المتقون: أَمَّا صِفَاتُ أَهْلِ الـْجَنَّةِ، فَهُمْ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الـْهَيْئَةِ وَالطُّولِ وَالـْحُسْنِ وَالْـجَمَالِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللـهِ e (إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْـجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ، وَأَزْوَاجُهُمُ الـْحُورُ الْعِينُ، أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ-خلْق- رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ) م.

وَأَمَّا وَصْفُ زَوْجَاتِهِمْ مِنَ الـْحُورِ الْعِينِ، فَأَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِهِ الْوَصْفُ (كأنهنَّ الياقُوتُ والمرجانُ) (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t عَنِ النَّبِيِّ e (لَرَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ، أَوْ غَدْوَةٌ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ، خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) خ.

عباد الله: إِنْ سَأَلْتُمْ عَنْ طعامِ أهلِ الجنةِ وشرابهِم ، فعَنْ جَابِرٍ tقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ e يَقُولُ: (إِنَّ أَهْلَ الْـجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَايَمْتَخِطُونَ قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟ قَالَ:(جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ، كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ) م.  وصدقَ الحقُّ في علاه (إِنَّ الْـمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ  وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

أَيُّهَا الـْمُسْلِمُونَ: افْرَحُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّ الْـجَنَّةَ حَيَاةٌ لا مَوْتَ فِيهَا وَشَبَابٌ لا هَرَمَ بَعْدَهُ وَصِحَّةٌ وَسَعَادَةٌ أبديةٌ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الـْخُدْرِيِّ tعَنِ النَّبِيِّ eقَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا ) فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الـْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) م .     فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الـْجَنَّةَ وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ...\

الـْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

الـْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ...  أَمَّا بَعْدُ:                                     أَيُّهَا الـْمُؤْمِنُونَ: أَمَّا أَعْلَى نَعِيمُ الْـجَنَّةِ فَهُوَ رُؤْيَةُ اللـهُ تَبَارَكَ وتَعَاَلىَ  وَمُحَادَثَتُهُ وَحُلُولُ رِضْوَانِهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللـهُ تَعَالَى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ).عنْ صُهَيْبٍ t أَنَّ رسُولَ اللَّـهِ ﷺ قَال: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْـجَنَّةِ الجَنَّةَ، يقُولُ اللَّـهُ تَباركَ وتَعالَى: «تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟» فَيقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟! أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْـجَنَّةَ وتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟! فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ» م.

عباد الله: أَينَ طريقُ الجَنَّهْ؟  طريقُها القرآنُ ثُمَّ السُّنَّهْ. قال e«الْـجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» خ. فاعملوا لأنفسكم ...

يا أَيُّها الَّذين آمنوا: مَن فاته اغتنامُ ما مضى من الشهرِ، فإِنَّ الفرصةَ ما زالت سانِحَةً لِّلْحَاقِ بقوافلِ السَّائرين إِلى اللَّـهِ؛ خاصةً أَنَّنا مُقْبِلون على أَيَّامِ العَشْرِ الأَوَاخِرِ من رمضانَ، وهي أَنْفَسُ ما فيه، وأَفضلُه، وهي الَّتي يجتهدُ فيها الصَّالحون ما لا يجتهدون في غيرِها من رمضانَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لاَ يَجْتَهِدُ فِى غَيْرِهِ» م. والسِّرُّ في مَزِيدِ اجتهادِه ﷺ في العَشْرِ الأَواخِرِ هو وُجُودُ ليلةِ القَدْرِ فيها...(ليلة القدر خير من ألف شهر) ... ثم صلوا ...

 

المشاهدات 558 | التعليقات 0