الجمعة فضائل وتوجيهات-16-4-1441هـ-مستفادة من خطبة الشيخ مراد باخريصة

محمد بن سامر
1441/04/15 - 2019/12/12 20:46PM
الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وليُ الصالحينَ، وأشهدُ أنَّ محمدًا رسولُه الأمينُ، عليه وآلهِ الصلاةُ وأتمُ التسليمِ.
"يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَ تقاتِه ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون". أما بعدُ: فيا إخواني الكرام.
يومُ الجمعةِ يومٌ عظيمٌ مباركٌ، هو خيرُ الأيامِ، وأفضلُها، وسيدُها، وأعظمُها، وأعلاها عندَ اللهِ-سبحانه-، عدَّ الإمامُ ابنُ القيمِ-رحمه الله-له أكثرَ من ثلاثينَ فضيلةً.
فهو يومُ عيدِنا الأُسبوعيِ، هدانا اللهُ إليهِ، وجعلهُ لنا عيدًا، ونهانا عن صيامِه منفردًا، وأضلَ عنهُ اليهودَ، فاتخذوا السبتَ عيدًا، وأضلَ عنهُ النصارى، فاتخذوا الأحدَ عيدًا.
ويومُ الجمعةِ هو يومُ المزيدِ، قالَ اللهُ-سبحانه- فيه عنْ أهلِ الجنةِ "لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ"، يتجلى لهم اللهُ في كلِّ جُمعةٍ.
وهناكَ أحاديثُ كثيرةٌ بَيَّنَتْ فضلَه، أو ما وَقَعَ فِيهِ مِنْ الأُمُورِ الْعَظيمةِ وَمَا سَيَقَعُ، لِيَتَأَهَّبَ الْعَبْد فِيهِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَة لِنَيْلِ رَحْمَة اللَّه وَدَفْع نِقْمَته، ومنها:
قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا".
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ-أَيْ بَلِيتَ-قَالَ: إِنَّ اللَّهَ-عَزَّ وَجَلَّ-قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلام".
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ-يَخَفْنَ-مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ-من قيامِ الساعةِ فيه-".
وأخبرَنا رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ- أنَّ فيه ساعةً لا يوافقُها عبدٌ مسلمٌ يسألُ اللهَ-تعالى-شيئا إلا أعطاهُ إياه، كثيرٌ من العلماءِ يرونَ أنها الساعةُ الأخيرةُ من يومِ الجمعةِ.
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ، فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى".
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ، وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا".
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ-الخطيبُ-مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ".
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً-ذبحَ ناقةً صدقةً في سبيلِ الله-، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ".
وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ".
ويومُ الجمعةُ فيه صلاةُ الجمعةِ التي تحلُ محلَ صلاةِ الظهر، وقدْ أنزلَ اللهُ-تعالى في القرآنِ سورةً كاملةً سماها سورةَ الجمعةِ، ذكرَ فيها هذه الصلاةَ فقال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ".
قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "الصَّلواتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ".
فما أجملَ أن نسابقَ إلى هذه الصلاةِ العظيمةِ، "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ".
أستغفرُ اللهُ لي ولكم وللمسلمينَ...
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ كما يحبُ ربُنا ويرضى، أَمَّا بَعْدُ:
فهذهِ بعضُ الأخطاءِ التي تصدرُ من بعضِ إخواني المسلمينَ يومَ الجمعةِ-هداني اللهُ وإياهم-:
  • عدمُ الاغتسالِ.
  • التأخيرُ وعدمُ التبكيرِ: لوحظَ أنَّ بعضَهم يفوتهم الخطبةَ كلَّها، ويفوتهم ركعةٌ أو الركعتين معًا، فيخالفُ ما أمرَ اللهُ به من التبكيرِ، ويقعُ في الوعيدِ الشديدِ، ويُضَيِّعُ أجورًا عظيمةً لا يعلمُها إلا اللهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ-تركِهم-الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ-عَزَّ وَجَلَّ-عَلَى قُلُوبِهِمْ وَلَيُكْتَبَنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ"، وقَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "لقد هممتُ أنْ آمرَ رجلًا يصلي بالناسِ، ثم أُحَرِّقَ على رجالٍ يتخلفونَ عنْ الجمعةِ بيوتَهم".
  • البعدُ عن الخطيبِ وعدمُ الدنوِ والاقترابِ منه، والجلوسُ في آخرِ المسجدِ، مع ِ وجودِ فُرَجٍ قريبةٍ منَ الخطيبِ يمكنُ الجلوسُ فيها.
  • الكلامُ أثناءَ الخطبةِ: وهذا شيءٌ مؤلمٌ ومؤسفٌ، خاصةً عندما يصدرُ من الرجالِ الكبارِ الفاهمينَ، والكلامُ لا يجوزُ مهما كان نوعُه، حتى لو كانتْ كلمةً واحدةً أو نصيحةً، قَالَ رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ-: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَدْ لَغَوْتَ"، إذا قلتَ كلمةً واحدةً أبطلتَ أجرَ الجمعةِ كلَّه.
وأحيانًا يصدرُ الكلامُ من الأولادِ الصغارِ الذين يجلسونَ في آخرِ المسجدِ مقلدينَ للكبارِ، أو لضعفِ تربيتِهم.
وربما صدرتْ أفعالٌ من الكبارِ والصغارِ، أشدُ من الكلامِ، كاللعبِ بالجوالِ، أو شربِ الماءِ، أو مصافحةِ غيرِه، أو غيرِها من المخالفاتِ.
اللهم اهدنا والمسلمينَ لأحسنِ الأخلاقِ والأعمالِ، واصرفْ عنا والمسلمينَ سيِئ الأخلاقِ والأعمالِ، اللهم أصلحْ ولاةَ أُمورِنا وولاةَ أُمورِ المسلمينِ، وارزقهمْ البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ، ووفقهمْ لما تحبُ وترضى، وانصرْ جنودَنا المرابطينَ، ورُدَّهُم سالمينَ غانمينَ، اللهم اغفرْ لنا ولوالدينا وللمسلمينَ، أسألُك لي ولهم من كلِّ خيرٍ، وأعوذُ وأُعيذُهم بك من كلِّ شرٍ، اللهم اشفنا واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اجعلنا والمسلمينَ ممن نصرَك فنصرْته، وحفظَك فحفظتْه، اللهم عليك بأعداءِ المسلمينَ فإنهم لا يعجزونَك، اكفنا واكفِ المسلمين شرَّهم بما شئتَ يا قويُ يا عزيزُ.
 
المرفقات

فضائل-وتوجيهات-16-4-1441هـ-مستفادة-من-خطبة-ال

فضائل-وتوجيهات-16-4-1441هـ-مستفادة-من-خطبة-ال

المشاهدات 900 | التعليقات 0