الجمعة فضائل وتوجيهات

د مراد باخريصة
1436/02/19 - 2014/12/11 13:25PM
[font="]الجمعة فضائل وتوجيهات[/font]
[font="]عباد الله: يوم الجمعة هو يوم عظيم مبارك هو خير الأيام وسيدها وهو أعظم الأيام عند الله سبحانه وتعالى وأعلاها.[/font]
[font="]فضّله الله على سائر الأيام وميزه بكثير من المزايا والخصائص العظام حتى عدّ الإمام ابن القيم رحمه الله ليوم الجمعة أكثر من ثلاثين مزية وفضيلة.[/font]
[font="]فهو يوم عيدنا الأسبوعي الذي ميزنا الله سبحانه وتعالى به وجعله لنا عيداً وجعل لليهود السبت وجعل للنصارى الأحد ولهذا نهينا عن صيام يوم الجمعة لمن أراد صومه منفرداً.[/font]
[font="]كما أن يوم الجمعة هو يوم المزيد الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه عن أهل الجنة {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} قال أنس رضي الله عنه وأرضاه يتجلى لهم الله في كل جمعة.[/font]
[font="]ومن الأحاديث العظيمة التي بينت فضل يوم الجمعة وذكرت مزاياه الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا».[/font]
[font="]فهذا الحديث بيّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم الجمعة هو خير الأيام وذكر أنه كان فيه خُلق آدم وفيه دخل الجنة وخرج منها.[/font]
[font="]وعن أوس بن أوس : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ -أَيْ بَلِيتَ- قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلام ) . رواه أبو داود (1047) وصححه ابن القيم.[/font]
[font="]يقول الْقَاضِي عِيَاض رحمه الله : (الظَّاهِر أَنَّ هَذِهِ الْفَضَائِل الْمَعْدُودَة لَيْسَتْ لِذِكْرِ فَضِيلَته لأَنَّ إِخْرَاج آدَم وَقِيَام السَّاعَة لا يُعَدّ فَضِيلَة وَإِنَّمَا هُوَ بَيَان لِمَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الأُمُور الْعِظَام وَمَا سَيَقَعُ, لِيَتَأَهَّب الْعَبْد فِيهِ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَة لِنَيْلِ رَحْمَة اللَّه وَدَفْع نِقْمَته ).[/font]
[font="]وفي حديث آخر في صحيح الجامع قال صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يُشْفِقْنَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ) أي يشفقن من قيام الساعة فيه.[/font]
[font="]وجاء من فضائله أن فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى شيئاً إلا أعطاه إياه وأشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده يقللها ..[/font]
[font="]وأكثر العلماء على أنها الساعة الأخيرة من يوم الجمعة.[/font]
[font="]أيها المسلمون: يوم الجمعة هو يوم تكفير الخطايا ومغفرة الذنوب ومحوها ومن أعجب ما ورد في ذلك الحديث الشريف الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم (لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى) رَوَاهُ البُخَارِيّ.[/font]
[font="]وجاء في الحديث الآخر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وصححه الألباني.[/font]
[font="]وجاء في الرواية الأخرى في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ، فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».[/font]
[font="]وجاء في الحديث المتفق عليه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ».[/font]
[font="]كما بشر نبينا صلى الله عليه وسلم من توفاه الله يوم الجمعة أو مات يومها بالخاتمة الحسنى وشهد له شهادة طيبة فقال في الحديث الصحيح: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ ) .[/font]
[font="]ولهذا نلاحظ سبحان الله أن أكثر الأخيار والصالحين يوفقهم الله سبحانه وتعالى لهذا الفضل العظيم وهذه الكرامة المباركة والمنقبة الكبيرة والخاتمة الحسنة.[/font]
[font="]ويكفي يوم الجمعة شرفاً وفخراً وفضلاً أن فيه صلاة الجمعة التي تحل محل صلاة الظهر في سائر الأيام وهي من أفضل الصلوات وأعظمها عند الله لأنها صلاة مباركة مشهودة تشهدها الملائكة ويجتمع المسلمون فيها ويلتقون وقد أنزل الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم سورة كاملة سماها سورة الجمعة ذكر فيها هذه الصلاة فقال:[/font][font="] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة : 9].[/font]
[font="]يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الصَّلاةُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ).[/font]
[font="]بل حتى صلاة الفجر يوم الجمعة مُيزت عن صلاة الفجر في سائر الأيام يقول عليه الصلاة والسلام:[/font][font="] ( أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة ).[/font]
[font="]وللجمعة فضائل أخرى كثيرة جداً ليس بوسعنا أن نمر عليها كلها فهي أكثر من أن تحصر ولاننسى أن فضل الله عظيم ورحمة الله واسعه وأجوره كبيرة وكثيرة ومباركة وليس على الإنسان فقط إلا أن يشمر ويسارع ويسابق {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد : 21].[/font]
[font="]ويقول سبحانه وتعالى في سورة الجمعة {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة : 4]، ويقول:[/font][font="] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة : 10].[/font]
[font="]بارك الله لي ولكم ..[/font]
[font="]الخطبة الثانية:[/font]
[font="]ذكرنا بعض فضائل يوم الجمعة ومزاياه وخصائصه ونريد أن نذكر في هذه العجالة بعض الأخطاء التي تصدر من بعضنا يوم الجمعة وهي كثيرة ولكن أريد أن أركز على المتكرر منها وخاصة ما نلاحظه ونشاهده هنا في مسجدنا هذا وهو موجود في أكثر المساجد.[/font]
[font="]من أعظم ذلك وأفحشه التأخير وعدم التبكير حتى صرنا نلاحظ في الفترات الأخيرة أن نرى أكثر من صف مسبوقين قد فاتتهم ركعة أو فاتتهم كلا الركعتين وهذا شيء مقلق حقاً وخطأ محضا يخالف ما أمرنا الله به من التبكير ويوقع العبد في المحذور الشديد والمخالفة الواضحة.[/font]
[font="]يقول النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى أَعْوَادِ الْمِنْبَرِ: (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمْ الْجُمُعَاتِ أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى قُلُوبِهِمْ وَلَيُكْتَبَنَّ مِنْ الْغَافِلِينَ).[/font]
[font="]ويقول عليه الصلاة والسلام: " لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم" رواه مسلم.[/font]
[font="]فأرجوا التنبه لهذا الأمر خاصة ونحن الآن في فصل الشتاء الذي يقصر فيه النهار ويدخل فيه وقت الجمعة مبكراً وليس من المعقول أن يطيل الخطيب في الخطبة على الحاضرين مراعاة لانتظار الغائبين أو يفصّل كل شيء ويقوم بشرح كل نقطة انتظاراً للمتخلفين فإن من السنة عدم إطالة الخطبة.[/font]
[font="]إن من المؤسف جداً أن يأتي وقت الخطبة ويدخل الخطيب ولايزال أكثر المصلين غير متواجدين ولايوجد منهم عند بداية الخطبة إلا الربع أو الثلث وأكثر من ثلثي المصلين لم يأتوا بعد ثم يتوافد الناس بعد ذلك فلا تنتهي الخطبة إلا وقد قارب المسجد على الامتلاء فأين هؤلاء في بداية الجمعة؟ وهل يعلموا أن حضورهم بعد صعود الخطيب قد حرمهم الأجور العظيمة والفضائل الكبيرة حتى أجر البيضة فلن يجدوه.[/font]
[font="]ومن الأخطاء الشنيعة الحديث مع الخطبة والكلام أثناءها وهذا شيء مؤلم خاصة عندما يصدر من الكبار ورجال يفهمون شناعة هذا الأمر وخطئه ومع ذلك يصدر منهم هذا الفعل.[/font]
[font="]ثم يتعذر الواحد منهم إذا نصحه الناصح بالحرج من الآخرين وأن فلان احرجه عندما مدّ له يده ليصافحه أو قال له كيف حالك؟.[/font]
[font="]والواجب على ذاك أن لا يحرج الناس ولا يحرمهم الأجر ويلغي عليهم جمعتهم ويكفيه شؤم التأخير عن الجمعة فلا يأتي فوق تأخيره فيفسد على الناس جمعتهم ويضيّع عليهم أجرهم.[/font]
[font="]كما أن على الآخر إذا كلمه أحد أن لا يرد ولا عيب في ذلك ثم يبين له بعد الصلاة أن الكلام مع الخطبة لا يجوز مهما كان نوعه حتى لو كانت كلمة واحدة أو نصيحة يقول النبي صلى الله عليه وسلم «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَدْ لَغَوْتَ».[/font]
[font="]وأحياناً يصدر الحديث مع الخطبة من الأولاد الصغار الذين يجلسون في آخر المسجد بسبب رؤيتهم للكبار فيقلدونهم أو لضعف تربية آبائهم لهم في هذا الجانب وعدم نهيهم عنه وقلة نصحهم بعدم الكلام أثناء الخطبة.[/font]
[font="]وبعض الآباء يأتي معه بابنه الصغير فيحرج نفسه به ثم يتعلل بالاضطرار للحديث معه وكان الأولى أن لا يأتي به أو لا يجيبه حتى يعلمه السكوت في المسجد ويربيه على ذلك ولا يجعل ابنه سبباً في حرمانه من الأجر والثواب وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ما هو أقل من ذلك فقال:[/font][font="] (وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا).[/font]
[font="]صلوا وسلموا ..[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
المشاهدات 1672 | التعليقات 0