التوكل والتواكل أثناء أزمة كورونا
عايد القزلان التميمي
الحمد لله جعل لمن لاذ به واتقاه من كل همٍّ فرجاً ، ومن كل ضيقٍ مخرجاً وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله ،. صلى الله وسلم وبارك عليه ، وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان ، إلى يوم الدين . أما بعد : فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل ، فاتقوا الله رحمكم الله ، تزودوا بالتقوى فإن خير الزاد التقوى . أيها المؤمنون: يجب على المؤمن أن يعلق قلبه بالله عز وجل، فإن الله وحده هو الذي بيده ملكوت السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله، كما قال الله تعالى: { وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }، وقال الله تعالى: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون}. فالواجب على المؤمن أن يعتمد على ربه رب السماوات والأرض ويحسن الظن به. ولكن يفعل الأسباب الشرعية والقدرية الحسية التي أمر الله تعالى بها، لأن أخذ الأسباب الجالبة للخير المانعة من الشر من الإيمان بالله تعالى وحكمته ولا تنافي التوكل فها هو سيد المتوكلين محمد، رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخذ الأسباب الشرعية والقدرية فكان يعوذ نفسه عند النوم بالإخلاص والمعوذتين، وكان يلبس الدروع في الحروب، وأمر بحفر خندق على المدينة حين اجتمع أحزاب الشرك حولها حماية لها،. عباد الله هناك فرق كبير بين التوكل والتواكل ، فالتوكل هو تفويض الأمر لله –عز وجل- في جميع شؤون الحياة ، والإيمان بأن الله –سبحانه وتعالى- هو الميسر للأمور ، وأن ما أراده سيكون ، وما لم يرده لم يكن ، مع الأخذ بالأسباب ، والسعي ، وحسن التدبير ، والاجتهاد . أما التواكل فهو عدم الأخذ بالأسباب أو السعي أو التفكير بحجة أن الأمور ستسير بما هو مكتوب ، والركون إلى الكسل والخمول ، أو ترك الأمور هكذا بعيداً عن التفكر والتدبر . والفرق بين التوكل والتواكل ينطبق على الأزمة التي نعيشها حالياً ، وهي أزمة فيروس كورونا ، فهناك أناس مع الأسف تمارس الحياة من دون أخذ الاحتياطات الوقائية ، وإذا نصحته قال لك «كن متوكلاً على الله» . كلنا إن شاء الله متوكلون على الله ، ولكن الأمر يحتاج إلى تعقل ، وتدبر ، واتباع للتعليمات بأخذ الاحترازات لهذا الوباء , وتعجب من بعض المسلمين حين يترك الأسباب ويقول: توكلنا على الله، وهذا سوء فهم للتوكل، وقد حج أقوام بلا زاد، فنزلت: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى). عباد الله يجب على المسلم أن يتوكل على الله حق التوكل في طلبه دفع البلاء ورفع الوباء ليوافق بذلك الكتاب والسنة ويوفق للهداية والعصمة، وعلى المؤمن أن يعتقد أن كل ما وقع وما سيقع هو بقضاء الله وقدره وأن هذه الأمراض لا يمكن أن تنتشر بنفسها دون إرادة الله قال جل وعلى ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ على المسلم عند ظهور هذه الأمراض وانتشارها الرجوع إلى الله والإنابة إليه والاكثار من التوبة الصادقة لله جل وعلا، والتضرع إليه كما قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ الأنعام:42 أيها المؤمنون يجب علينا التفاؤل وعدم الارجاف ببث الرعب بين المسلمين بالمبالغات ونشر الكذب فالتفاؤل من الأمور المحمودة في الشرع بل والواجبة على المسلم لما فيه من حسن الظن بالله عزوجل والتفاؤل مما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم. عباد الله وجاء في الدعاء المأثور: (اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا ولا إلى أحد من خلقك طرفة عين) رواه أحمد وأبو داود أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن توكل على الله حق التوكل. واستغفروا ربكم إنه هو الغفور الرحيم الخطبة الثانية الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى أما بعد فيا عباد الله يجب علينا جميعا طاعة ولي الأمر فيما يتخذه من إجراءات لمواجهة هذا المرض لأن طاعة ولي الأمر فيما يتخذه من إجراءات احترازية لمواجهة هذا المرض من الواجبات التي يجب على المسلم أن يلتزمها فإن طاعته من طاعة الله ورسوله كما قال تعالى : ﴿يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم﴾ وعن ابن عمر رضي اللَّهُ عنهما، عَن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: (عَلى المَرْءِ المُسْلِم السَّمْعُ والطَّاعَةُ فِيما أَحَبَّ وكَرِهَ، إِلَّا أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإذا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طاعَةَ )متفقٌ عَلَيْهِ. وكذلك هي من التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به نسأل الله جل وعلا أن يجنب بلادنا وبلاد المسلمين جميعا الأمراض والأوبئة وأن يحفظنا بحفظه إنه ولي ذلك والقادر عليه. عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله.....
المرفقات
1612501980_التوكل والتواكل في وباء كورونا.doc