التوحيد أولا وأخيرا"، أ.د. صالح دعكيك
شادي باجبير
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة: التوحيد أولا وأخيرا"، أ.د. صالح دعكيك، مسجد آل ياسر، حضرموت، المكلا، 6/9/2024م
*الحمد لله رب العالمين
توحيد الله تعالى وإخلاص العبادة له، هي قضية الكون الكبرى، بل قضية الدنيا والآخرة، إنها القضية العظمى التي من أجلها خلق الخلق، ووجدت الدنيا والآخرة، لأجلها أُرسلت الرسل، وخُلِقت الجنة والنار، وانقسم الناس إلى مؤمنين وكفار، وعليه وأُسست عليه الملة، وعُصمت به الأنفس.
ولهذا وجب أن يكون التوحيد أولا وأخيرا، وأن نعطيه كل الاهتمام، ونجعلها قضية القضايا، ومحور التربية، ومدار الحديث في كل ناد ومنشط، فهي قضية القرآن الكبرى، وغاية رسالات الرسل عليهم الصلاة والسلام.
لماذا التوحيد أولا وآخرا معاشر الإخوة؟
لأمور كثيرة، أوجز أهمها فيما يأتي:
أولا: لأن الله إنما خلق الخلق لتوحيده وعبوديته، فهي قضية الخليقة الكبرى، والامتحان الأعظم للناس جميعا إنما هو في تحقيق التوحيد، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56]. فمن التزم بالتوحيد نجا، ومن تركه خسر الدنيا والآخرة.
ثانيا: أن توحيد الله هو غاية دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإنما بعثوا بكمة التوحيد، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال تعالى:﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ [النحل: 36]، فدعوة الرسل أساسها تحقيق كلمة التوحيد، بإخلاص العبودية لله تعالى وحده.
ثالثا: القضية المحورية التي يتحدث عنها القرآن، ويبدئ فيها ويعيد، هي قضية العبودية لله تعالى، وتوحيده، وعدم الإشراك به، فالقرآن كله حديثٌ عن التوحيد، وبيان حقيقته، والدعوة إليه، وتعليق النجاة والسعادة في الدارين عليه، كله حديثٌ عن الله رب العالمين، عن وحدانيته وربوبيته وأوهيته، وعن أسمائه، وصفاته، وخلقه وأمره، حديث عن جزاء أهل الإيمان والتوحيد، وعن عبوديتهم، ودعوتهم لأقوامهم للتوحيد، وعن ما دار من قصصهم مع أقوامهم، وعن نجاتهم وكرامتهم على ربِّهم، كما أنه حديثٌ عن ضدِّه من الشرك بالله، وبيان حال أهل الإشراك، وسوء منقلبهم في الدنيا، وعذاب الهون في الآخرة.
ففي أول سورة منه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾. [الفاتحة: 5]، وفي آخر سورة منه: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ *مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾. سورة الناس.
وأخبر ربنا سبحانه أنه أنزل كتابه وأحكم آياته ثم فصلها لأجل بيان التوحيد، وعبادة الله وحدة لا شريك له: ﴿ الر* كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۚ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ﴾. هود (١،٢).
وهكذا يمضي القرآن في بيان التوحيد والعبودية الواجبة للخالق جلا في علاه، والتنفير من الشرك والرجس والأوثان، فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ [الزخرف:45].
ثم يتحدث القرآن عن عظم ذنب الشرك وآثاره فيقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48] ويردف قائلا: ﴿ومَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾. الحج ( 30 ،31).
وكل ما في القرآن بعد الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك من الأوامر والنواهي، ولزوم الطاعات، وترك المحرمات، والأحكام المختلفة، فهي حقوق التوحيد ولوازمه، ومكملاته، ذلك أن للتوحيد حقوقا ولوازم، فهي تابعه، ومن مقتضياته.
رابعا: إن الواجب الأول والفريضة الأولى على المكلف، هي توحيد الله، والنطق بالشهادتين بصدق وإخلاص، ولا دخول في الإسلام إلا بها، كما في حديث معاذ حينما بعثه داعيا إلى أهل اليمن ، قال له: «إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، -وفي رواية إليه- "عبادة الله" فإذا عرفوا ذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا، فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم، تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم، وتوق كرائم أموال الناس». رواه البخاري (7372).
خامسا : أن التوحيد شرط في قبول الأعمال الصالحة، فلا يقبل عمل صالح من عامله، إن لم يأت بالتوحيد، أو أخلَّ بأصله وشرطه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. المائدة (5).
وقال تعالى: ﴿َوقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾. الفرقان (23).
سادسا: أنه لا يحكم بإسلام أحد حتى يقر بالتوحيد ، وينطق بشهادتي التوحيد والنبوة، كما في الحديث: «أُمِرْتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ». البخاري (25).
سابعا: أن الله حذر الله خاصته من الرسل والأنبياء من نقيض التوحيد، وهو الشرك بالله، فقال مخاطبا أفضل الرسل والأنبياء والخليقة جمعاء، محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. الزمر (٦٥).
وحاشاه عليه الصلاة والسلام، وحاشا كل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يقع منهم شيء من الشرك، ولكن المقصود التمسك بالتوحيد، والتحذير من خطورة الشرك؛ لأن قضية التوحيد قضية غير قابلة للمساومة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾. [النساء: 48].
وإذا كان ذلك الخطاب قد خوطب به المرسلين لتحذيرهم من الشرك، مع قوة توحيدهم، فكيف بمن دونهم من الناس!!
ولقد قال إمام الحنفاء إبراهيم عليه السلام: ﴿َواجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاْصْنَامَ رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ النَّاسِ﴾. [إبراهيم:35-36]. قال إبراهيم التيمي: ومن يأمن البلاء بعد إبراهيم؟؟.
وهذا مما يدل على خطأ من يقول: إننا نعرف التوحيد، وخلقنا على التوحيد، نحن وآباؤنا، فلا تشككون في إيمان الناس ولا توحيدهم!!
وهذا دليل ما هم عليه من الجهل، والغرور بالأمان من الشرك والانحراف، عياذا بالله تعالى، وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه، أن النبي صلى اله عليه وسلم قال له: « يا أبا بكر، الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل على الصفا»، فقال أبو بكر: وهل الشرك إلا من جعل مع الله إلها آخر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده، للشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره؟ قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم ». رواه البخاري في الأدب المفرد، ينظر :صحيح الأدب المفرد: (554).
عباد الله: نعلم مما تقدم أهمية العناية بالتوحيد، وتعلم العقيدة الصحيحة التي بها النجاة يوم القيامة، والحذر من الشرك صغيره وكبيره، والحذر من مكر الشيطان وخبثه، فإنه لا يزال بالمسلم حتى يوقعه في مهاوي الشرك والضلال، كما في الحديث القدسي: «خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يُشركوا بي ما لم أنزِّل به سلطاناً». أخرجه مسلم (7386).
أقول ما تسمعون ...............
((الخطبة الثانية))
عباد الله: ربَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته على حقائق التوحيد، وأنشأ جيلا يحمل أمانة كلمة التوحيد ليبلغها، ويتبرأ من كل الشركاء المزعومين، فوصلت دعوتهم بفضل الله إلى أرجاء المعمورة، فكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) هي الكلمة التي تحيي القلوب، والحادي لا يمل نداؤه، ولا يتلاشى صداه.
والمسلم حينما يرددها، فهو يقصد أمرين عظيمين:
أولهما: إحقاق الحق وإبطال الباطل؛ لأن معنى الكلمة: لا معبود بحق إلا الله، فكل ما خلا الله من المعبودات فهو باطل، وما هي إلا أوهام .
وثانيهما: ضبط السلوك البشري، داخل نطاق هذا التوحيد الخالص، المنبثق من كلمة التوحيد، بشروطها السبعة، وهي شروطه المتمثلة في: العلم بمعناها، واليقين المنافي للشك، والإخلاص المنافي للشرك، والصدق المنافي للكذب، والقبول المنافي للرد، والانقياد المنافي للترك، والمحبة المنافية للبغض.
وباجتماع ذلك، تتوحد العبادة بكل صورها، بحيث لا تكون إلا لله، فلا استنصار إلا بالله، ولا توكل إلا على الله، لا رغبة ولا رهبة، ولا خوف ولا رجاء إلا بالله ومن الله، ومن ثم، يعتقد الموحد من أعماق قلبه، أن ما دون الله هباء، وكل ما دون الله باطل.
فالتعلق بغير الله عجز، والتطلع إلى سواه ضلال، ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود:123].
الناس في التوحيد في القديم والحديث، يأوِّلون الإله بتعدد الآلهات، وهي المعبودات، كل يراه إلهه واحد، وتعدد الآلهة خرافة بشرية قديمة هزيلة، لفظها الإسلام بقوة، وحارب ناسها وأفكارها، ونبذها، وألقاها بعيدا، وتتبع أوهام الناس ودحضها، فأبان الحجة الحق، ودفع الشبهات، فالتوحيد شعار الإسلام الأول، في ميدان الاعتقاد والعمل، به عرف ومن أجله حورب، وعليه دار جدل طويل بين أهل الحق وأهل الباطل: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ *رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ﴾. [الصافات:4، 5]. ﴿ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾. [المؤمنون:91].
فالناس يتخذون آلهات شتى، فمن يعبد صنما، ومن يعبد صليبا، ومن يعبد أبقارا، ومنهم من يعبد أوثانا بمسميات مختلفة، تعلقت بها قلوبهم، وبنوا على ترهاتها حياتهم، رغبة ورهبة، فالحمد لله على نعمة الإسلام والتوحيد.
لقد ابتلي بعض المسلمين بالجهل بالتوحيد؛ فانحازوا إلى أصحاب القبور، والتجأوا إليهم، وتضرعوا أمام أعتابهم، فقبَّلوها، وتمسَّحوا بها، واستغاثوا بأهلها، سألوها في الشدائد والكروب، بل لقد كثر مروجوها والداعون إليها، من قبوريين ومخرفين، الذين يخترعون حكايات سمجة عن القبور وأصحابها، وكرامات مختلقة، لا تمت إلى الصحة بنصيب، حتى طاف بعض الناس بالقبور كما يطاف بالكعبة المعظمة!!، وأوقفوا الأموال الطائلة على تلك الأضرحة، حتى إنه لتجتمع في خزائن بعض المقبورين، أموال تعد بالملايينّ!! ولقد أحسن القائل:
أحياؤنا لا يكرمون بدرهم *** وبألفِ ألف يكرم الأموات
فما أعظم ضلال المتعلق بغير الله، ودعوته الأموات، والشكوى إلى الرميم والعظام النخرة؟
بل لقد بلغ ضعف التوحيد في النفوس مبلغا عظيما، إبان الهجوم التتر لبلاد الإسلام، حتى لقد قال بعض المسلمين من الهلع والجزع: "يا خائفين من التتر ، لوذوا بقبر أبي عمر"، عوذوا بقبر أبي عمر ينجيكم من الضرر. ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾. الكهف (6).
لقد قصَّر أناس في التوحيد؛ فضلت أهواؤهم، فمن مفتون بالتمائم والحروز، يعلقها عليه وعلى عياله، بدعوى دفع الشر عنهم، وذهاب االعين، والله تعالى يقوا : ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير﴾ [الأنعام:17].
ومنهم مفتون بالسحرة والمشعوذين، والدجاجلة الأفاكين، الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، بدعوى أنهم يكاشفونهم بأمور الغيب، فيما يسمى مجالس تحضير الأرواح، أو قراءة الكف والفنجان، ورسولنا عليه الصلاة والسلام يقول: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد بريءَ ممَّا أُنزِلَ على محمد». أخرجه أبو داود (3904) وسنده صحيح .
ومن الناس من هو مفتون بمستقبل الأبراج، فيمضي عاصب العينين، فاقد البصيرة، خلف قراء الأبراج، الذين يدَّعون أن السعادة كامنة في أصحاب برج الجدي، والغنى مستقر في أصحاب برج العقرب، أما أصحاب
برج الجوزاء فيا لتعاسة الحظ وخيبة الأمل، إلى غير ذلك، من سيل الأوهام الجارف، والخزعبلات المقيتة، ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. [الطور:38]. ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ * أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُون﴾. [الطور:41-43].
وبعد أيها الأفاضل: أكرم بنعمة التوحيد من نعمة، إنها نعمة جليلة ظاهرة، يخرج بها قلب العبد من ظلمات الشرك وضلالاته، إلى نور الإيمان بالله وتوحيده، يخرج من التيه والحيرة، والضلال والشرود، إلى المعرفة واليقين والطمأنينة والرضا والهداية.
﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾. الأنعام ﴾ (161- 163).
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب، اللهم ثبت قلوبنا على دينك، اللهم اهدنا سواء البسيل، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وأل شأننا كله، لا إله إلا أنت.
وصلوا وسلموا على نبينا الهادي، وعلى أله الطيبين الطاهرين.
والحمد لله رب العالمين.