التَّمَسُّكَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ على فهم سلف الأمَّة
محمد البدر
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾وَقَالَ تَعَالَى:﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾وَقَالَﷺ:«فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فالسنة أمرها عظيم وهي المفسرة والمبينة للقرآن الكريم، وتَكَفَّلَ الله بحفظِها مع القرآن ، فعليكم بلزوم السنة والتسمك بها وتعظيمها.قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾وَقَالَ تَعَالَى:﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ﴾
وَقَالَ تَعَالَى:﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:والقرآنُ الكريمُ يَعِدُ من أطاعِ الرَّسولَ بالجنَّةِ ومن يَعْصِهِ بالنّارِ قَالَ تَعَالَى:﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.والسنة هي الطريق الوحيد إلى الجنة قَالَﷺ:«كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ،إِلاَّ مَنْ أَبَى»قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ«مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى»رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.والنبيﷺحريصٌ علينا رؤوف بناقَالَ تَعَالَى:﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.وَقَالَﷺ:«مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي » رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللَّهِ:ومن مواقف الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ في اتباع السنة وتعظيمهاعَنْ أَنَسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ، فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِﷺمُنَادِيًا يُنَادِي: أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ:قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَاأَنَّ رَسُولَ اللهِﷺاصْطَنَعَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَ يَلْبَسُهُ، فَيَجْعَلُ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ فَصَنَعَ النَّاسُ ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هذَا الْخَاتَمَ وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ فَرَمَى بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لاَ أَلْبَسُهُ أَبَدًا فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وبحق إن أولئك الصَّحَبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وأرضاهم بلغوا في طاعة رَسُولُ اللهِﷺواتباعه مبلغًا لن يبلغه غيرهم، وكان من حسن مراعاتهم لأمرهﷺما تعجز عن مثله الأجيال.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ وَيَقُولُ الإِمَامُ الشَّافِعيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:(أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِﷺلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لِقَوْلِ أَحَدٍ)وَيَقُولُ رَحِمَهُ اللَّهُ:(إِذا خَالف قولي قَول رَسُول ﷺفاضربوا بِهِ عرض الْحَائِط).
عِبَادَ اللهِ:إن الأمة اليوم بأمس الحاجة إلى التمسك الصحيح بدينها وسنة رسولهاﷺفي محبةٍ وتآلف واعتصام، وفي سماحة ويُسرٍ ووئام، وبذلك تتحقق وحدة الصف، وجمع الشمل، وتوحيد الكلمة على منهج الكتاب والسنة لفهم سلف الأمة رحمهم الله، يَقُولُ الإِمَامُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:(لا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا)وبذلك تنكشف الغمة عن هذه الأمة، وما ذلك على الله بعزيز.
الا وصلوا.
المرفقات
1627548197_التَّمَسُّكَ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ على فهم سلف الأمَّة.pdf