التلاعبُ بالطلاق + الانفلونزا
راشد بن عبد الرحمن البداح
إِنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
إنها كلمةٌ طالما أبكتِ العيونَ وروعتِ القلوبَ، وفرقتِ الأُسرَ ومزقتِ الشملَ، يا لها من كلمةٍ قصيرةٍ صغيرةٍ ولكنها جليلةٌ خطيرةٌ، هل تعلمونَ ما هيَ؟ إنها كلمةُالطلاقِ. سمعتِ المسكينةُ طلاقَها، فكفكفتْ دموعَها، وودعتْ أولادَها، وفارقتْزوجَها ووقفتْ على بابِ بيتِها، لتُلقيَ آخرَ النظراتِ، على بيتٍ مليءٍ بالذكرياتِ.
يا أيُها المسلمونَ: لقد كثُرَ الطلاقُ اليومَ، فهل تعلمونَ لماذا كثرَ؟
كثرَ الطلاقُ لمّا قَل مقدارُ ميثاقِ الزواجِ الذي سماهُ ربُنا بالميثاقِ الغليظِ{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}[النساء21]
كثرَ الطلاقُ لأن تفكيكَ خليةِ الأسرةِ باتَ هدفاً تخططُ له الماديةُ الغربيةُ بخدعةٍسموها الحريةَ، فيُوحونَ للمرأةِ عبرَ مشاهيرِ السنابِ وغيرهِ على التمردِ على الزوجِ.
كثرَ الطلاقُ اليومَ حينما فقدنا زوجًا لا يَغفرُ الزلةَ ولا يرعَى المودةَ، فيأخذُها من بيتِ أبيها عزيزةً مسرورةً، ويردُها بعد برهةٍ ذليلةً مقهورةً باكيةً.
كثرَ الطلاقُ اليومَ لما كثرتِ النعمُ، وأصبحَ مقصودُ بعضِ البناتِ أن تتزوجَلمجردِ التمشيةِ والتزجيةِ، خرّاجةً ولاّجةً إلى الأسواقِ، مضيعةً لحقوقِ الزوجِ، متهاونةً بغليظِ الميثاقِ، ولها صديقاتٌ سفيهاتٌ يقلنَ بلا ترددٍ: اخلعي منه، اطلبي الطلاقَ.
فيا مَن يريدُ الطلاقَ: إن كانت زوجتُك ساءَتكَ يومًا فقد سرّتكَ أيامًا.
يا من يريدُ الطلاقَ: انظر إلى عواقبهِ على أطفالِك، ضياعًا وتشتُتًا ومِنّةَ قرابةٍ.
ويا من تطلبينَ الطلاقَ: أما تخافينَ أن تُحرَمي الجنةَ؟! ألم يقُلْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّمَا امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا –وفي لفظ- سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاَقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. حسنهُالترمذيُ(). وعن عكسِها قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ().
يا مَن تطلبينَ الطلاقَ: صبرٌ جميلٌ، لعل اللهَ أن يخرجَ من صُلبِكما ولدًا صالحًا تَقَرُ بها أعينُكما. قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما في قولِ اللهِ تعالى: {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ} أي: فاصبرُوا عليهن مع الكراهةِ. {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}[النساء19]. قال: (هو الولدُ الصالحُ)().
فيا أيُها الناسُ: إن أحدَنا لتمرُ عليهِ فتراتٌ لا يرضَى فيها عن نفسِه، فلا بد من غضِ الطرفِ عن الهفواتِ حتى تستمرَ العشرةُ، وتتحققَ المودةُ والرحمةُالتي قال ربُنا عنها: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) فإن لم تكنِ المودةُ فلا أقلَ أن تكونَ الرحمةُ.
فإذا استنفدتَ –أيُها الزوجُ- كلَ السبلِ القاطعةِ طريقَ الطلاقِ، فاستخرِاللهَ، وشاوِر حكيمًا، فاللجوءُ إلى الطلاقِ في أكثرِ الأحيانِ كاللجوءِ إلى بترِعضوٍ من الجسمِ. فإن كنتَ مريدًا للطلاقِ فخذْ بسنةِ النبيِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طلِّقها طلقةً واحدةً في طُهرٍ لم تُجامِعها فيه، ولا تُطلّقها وهيَ حائضٌ، فتلكَ حدودُ اللهِ: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}. وإذا طلقتَها فطلقةً واحدةً ولا تزدْ.
ولا تتلاعبْ بلفظِ الطلاقِ، فهو استهزاءٌ بشرعِ اللهِ. ولما قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ:إِنِّي طَلَّقْتُ امْرَأَتِي مِائَةَ تَطْلِيقَةٍ، فَمَاذَا تَرَى عَلَيَّ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلُقَتْ مِنْكَ لِثَلَاثٍ، وَسَبْعٌ وَتِسْعُونَ اتَّخَذْتَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا().
الحمدُ للهِ وكفَى، وصلاةً وسلامًا على النبيِ المصطفَى، أما بعدُ:
ففِعلُ الأسبابِ لا ينافيْ كمالَ التوكلِ على مسبِّبِ الأسبابِ. فقد كان خيرُ المتوكلينَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصيبهُ المرضُ، ويَتداوَى بمثلِ العسلِ والحبةِ السوداءِ، وتصيبهُ الحُمى، فيخففُها بالاغتسالِ.
وإنَ من التوقِّي من الأمراضِ الصدريةِ الشتويةِ أخذَ لِقاحِ الإنفلونزا الموسميةِ؛ لما في ذلكَ منْ حفظِ النفسِ البشريةِ، وتحقيقِ المقاصدِ الشرعيةِ، ففيه الوقايةُ من الإصابةِ، أو تخفيفُ حِدةِ المرضِ، خاصةً لدى الفئاتِ الأشدِ عُرضةًللخطرِ، ككبارِ السنِ والأطفالِ، والمصابينَ بالأمراضِ المزمنةِ.
نسألُ اللهَ أنْ يَدفعَ عنا البلاءَ والداءَ والوباءَ، وأنْ يُمتِّعَنا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوتِنا ما أحيانا، وأنْ يجعلَه الوارثَ منا.
• اللهم إنا نعوذُ بك مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.
• اللهم احفظْ بلادَنا وبلادَ المسلمينَ.
• اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رِجْزَكَ وَعَذَابَكَ إِلَهَ الْحَقِّ.
• اللهم وفَّقْ وليَّ أمرِنا ووليَّ عهدِه لما تحبُّ وترضَى، وخُذْ بناصيتِهِما للبرِّ والتقوى. وارزقهمْ بِطانةَ الصلاحِ والفلاحِ.
• اللَّهُمَّ أَنْتَ اللَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً، وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ. اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا
• اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا غَدَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ عَامًّا سَحًّا دَائِمًا. اللَّهُمَّ ارْفَعْ واكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفْهُ غَيْرُكَ.
المرفقات
1668692131_التلاعب بالطلاق الانفلونزا.docx
1668692139_التلاعب بالطلاق الانفلونزا.pdf