التشيع في تونس.. أو الطابور الخامس //عبد الباقي خليفة

احمد ابوبكر
1438/01/07 - 2016/10/08 13:54PM
[align=justify]في المدة الأخيرة، بثت قناة العالم، الشيعية، مشاهد من حسينية، قالت أنها في تونس، وهو ما آثار التساؤلات عما إذا كان هناك شيعة في تونس، وما عددهم؟ وما هي أنشطتهم؟ ويحاول الشيعة أن يظهروا بمظهر الحالة، فضلا عن الظاهرة، وقد ذكر أحد رموزهم في تونس، في برنامج تلفزيوني أنهم"ميئات الآلاف" في حين هناك تقديرات أخرى، تحدد أعدادهم بين 5 و15 ألف نسمة، إذ أنهم يؤثرون في الغالب على أسرهم، وينشطون سرا وعلنا في محيطهم. ولا ينتهجون أسلوب الصدام مع الآخرين، بل إن بعضهم يحرص خلاف أماكن أخرى في العالم على الصلاة مع المسلمين، رغم اعتقاد الشيعة بأن الصلاة من الفروع، ويعيدون صلاتهم التي صلوها مع المسلمين{ كذبا ونفاقا، يسمونه تقية} . ولا يسبون الصحابة، لكنهم لا يترضون عليهم.


بيد أن تسريب فيديو حول طريقة تشييع السنة التونسيين، صدمت التونسيين، ومن ذلك سب أبابكر وعمر ولعنهما والاعتقاد بأنهما في النار، وهو على ما يبدو من بروتوكولات تلقين الاعتقاد الشيعي. وهو اعتقاد يكفر جميع السنة دون استثناء، لأن من أصول الاعتقاد لديهم، الاعتقاد بالإمامة، فمن لا يعتقد في الإمامة كافر. وهذا لم يكن معلوما كما يبدو لدى أبناء الحركة الاسلامية في تونس، الذين يعدون التشيع مذهبا فقهيا، ويعتقدون أن التشيع يعني فقط، أن علي أولى بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان{ وكفى}. بينما التشيع دين آخر مختلف في أصوله وفروعه وما يجمعنا به من حيث الايمان بالقرآن، ووجود بعض الأحاديث المتطابقة أو المتشابهة لا يعدو شيئا، مقارنة بما يختلف فيه عنا، بل خلافنا هو دينه.


عوامل التشيع: هناك عدة عوامل ساهمت في تشيع "بعض التونسيين" منذ الثورة الايرانية { 1979 م } والتي جاءت، كما هو الحال بالنسبة للتنصير والإلحاد، في فترة حقق فيها أعداء الإسلام، خطوات على سبل تجفيف الينابيع، والتي بدأت منذ الاحتلال الفرنسي لتونس، سنة 1881 م، ولا تزال مستمرة إلى الآن بأشكال مختلفة وربما أكثر ضراوة. ومن المفارقات أن تكون فترة حكم حبيب بورقيبة {1956 / 1987 م } ثم فترة بن علي { 1987 / 2014 م } قد عرفتا حدة في حرب الإسلام، تفوق ما كان عليه الحال في عهد الاحتلال الفرنسي المباشر، وهناك دلائل تفيد بأن الحرب على الاسلام في تونس، كانت من بنود اتفاق سري بين بورقيبة وفرنسا ومن ذلك غلق جامع الزيتونة، ومصادرة الاوقاف والانتهاء عن ذلك النظام الاجتماعي العظيم، ومحاربة المظاهر الاسلامية كالحجاب واللحية والسمت الاسلامي عموما، وهو ما أنتج أجيالا هجينة تشرب بعضها جميع أنواع الفساد والافساد بكل طرقه. وفي ظل تلك الأضاع تمكن التشيع والتنصير والإلحاد، من التسلل إلى بعض التونسيين. وإلى جانب عوامل تجفيف الينابيع، وضرب وحدة الشعب التونسي الدينية والمذهبية على وهم أن ذلك يضعف الإسلام السياسي، كما يضرب طموح عودة الإسلام للساحة العالمية، وهو ما عبر عنه رئيس وزراء بريطانيا الأسبق تونس بلير بقوله" إن وحدة المسلمين وتطبيق الشريعة سيناريو لا يمكن تصوره، فضلا عن احتماله" إلى جانب ذلك، كان لسكوت المؤسسة الدينية الرسمية، دور في أن يصبح" التشيع" كالتنصير والإلحاد، هاجسا يؤرق المشفقين على هذه الأمة التي تتكسر النصال على النصال فوق ظهرها.

كما لا نغفل حسن النية { السذاجة } التي طبعت موقف كبرى الحركات الإسلامية في تونس من الشيعة والتشيع، عندما تم النظر إليه على أنه مذهب من المذاهب الإسلامية. وأن المصحف الذي لدى الشيعة هو نفسه المصحف الذي لدى السنة، وأن التاريخ الإسلامي شهد تعايشا بين السنة والشيعة، وبالتالي فإن ما يثار اليوم مجرد مشروع فتنة بين الطرفين، وهو نوع من التخدير حتى يمر التشيع في صمت.

كان لتلك العوامل دور في ظهور التشيع في تونس، الذي لا يكتفي بسب الصحابة، والنيل من أعراض أمهات المؤمنين، وايذاء الرسول صلى الله عليه وآله بذلك، والتفريق بين الصحابة من آل البيت وآل البيت رضي الله عنهم، من جهة، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من جهة أخرى. علاوة على تقسيم الصحابة من غير آل البيت بين مرضي عنهم ومعرضين للعن والطعن. لا يكتفي التشيع بذلك بل يسعى جاهدا لتقديم قراءة للتاريخ، وخاصة الفتوحات الإسلامية، ومنها فتح المغرب الكبير، أسوأ من تلك التي يقدمها الاستشراق الآيديولوجي المرتبط بالاحتلال الغربي، مما يؤكد على الطبيعة التوسعية لأرباب التشيع في ايران، فالتشيع له نفس أهداف الاستشراق المرتبط بدوائر الامبريالية الغربية، بل أشد خطرا، نظرا للعوامل التي تم ذكرها والتي سيتم ذكرها. إذ أن ايران التي تغذي التشيع في البلاد العربية ومنها تونس، لا تعتقد أن السنة أوجزءا كبيرا منهم في تونس مثلا، سيرتدون عن الإسلام ويصبحون شيعة، وإنما تبحث عن طابور خامس يكون مواليا لها ويحقق أهدافها، ولا يمكن أن يكون استراتيجيا إلا إذا كان مرتبطا معها برابط عقدي. فعميل المال مؤجر،أم الشيعي الناشط فهو ملك يمينها.


أدوات التشيع: كان للسفارة الايرانية في تونس دور في نشر التشيع، من خلال المركز الثقافي الايراني، حيث لا توجد دولة سنية عقائدية كما هو الحال بالنسبة لايران والتشيع. بل إن دولا عربية كثيرة تحاول أن تظهر بمظهر علماني غير اسلامي، وقد سدت ايران هذا الفراغ الكبير. وإلى جانب الكتيبات والنشريات التي يوزعها المركز الثقافي الايراني النشيط في تونس، هناك مكتبات يطلق عليها مكتبات الزهراء، توفر كتبا شيعية مختلفة، ويديرها شيعة ملقنين، يزعمون أن للتشيع جذور في تونس، يعود للدولة الفاطمية التي اتخذت مدينة المهدية عاصمة لها، وسامت المسلمين العذاب. رغم أن الدولة الفاطمية الإسماعيلية، لم تلبث طويلا في تونس حيث لم تزد تلك الفترة المظلمة عن 63 سنة{ 910 / 973 للهجرة } .

إلى جانب النشاط القنصلي، والمركز الثقافي الايراني، يدير الشيعة في تونس، صحيفة الصحوة، والتي تحاول الظهور بمظر سياسي موال لايران. وهناك صحيفة أخرى يشك أنها شيعية وتتلقى هي الأخرى تمويلا من ايران، لكن عدم وجود مصادر موثوقة تؤكد ذلك توقفنا عن ذكرها.

وكان الشيعة قد هادنوا نظام بن علي، وترعرعوا في ظله، بل تم استخدامهم ضد الإسلاميين، بما في ذلك حركة النهضة. وقد بلغ التنسيق والخدمات المتبادلة بين الشيعة والنظام السابق، حدا منعت فيه ايران رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، من دخول ايران، بزعم أنه موال للوهابية. واشترطت على وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن لا يكون الغنوشي من ضمنهم، لارضاء نظام بن علي. وقد بلغ التنسيق درجة كانت فيها قناة" المنار" التابعة لحزب الله، في لبنان تتلقى تمويلا من بن علي. ولم يكن هناك منبر شيعي واحد اعلامي أو سياسي قد انتقد بن علي، أو تحدث عن مظلمة الاسلاميين في تونس، بل العكس، هناك من أثنى عليه ومدحه وهادنه. وفي المقابل يتهمون حركة النهضة بأنها ارتمت في أحضان الوهابية.
وقد استغلوا حالة تجفيف الينابيع التي ازدادت حدة في عهد بن علي، لتشييع التونسيين، من قبل ضحايا آخرين سقطوا في التشيع،إذ أن المتشيعين الذين أصبحوا رؤوسا للتشيع يؤكدون بأنهم كانوا جهلة، وأن نقاشات مع صبية شيعة وعمائم شيعية حولهم للتشيع.


أخطبوط مموه: ومن المؤسف جدا أن قيادات اسلامية في تونس لا تملك زادا عقائديا كافيا، بل هي خالية الوفاض من أي ثقافة عقائدية سليمة، وهو ما جعلها تتساهل مع الشيعة والتشيع في تونس. ولا يدركون أن التشيع مشروع ايراني يمكن تسميته بالأخطبوط للسيطرة على المنطقة. وهو مشروع لا يختلف عن المشروع الصهيوني الذي يسعى للسيطرة على المنطقة من خلال من يوصفون ب" الحداثويين" كما فعل الاحتلال الانجلوفرنسي، في القرنين التاسع عشر والعشرين.

وماتفعله ايران، يؤكد رفضها للتعايش والتجانس والتعاون بين الدول الإسلامية، وهذه حقائق تحاول ايران وبعض الموالين لها أن تقلل من شأنها، إذ أنها ليست من فراغ. كما أن ايران ماضية في مخططها، ولا تزال تستقطب بعض الشباب الذين يريدون الخروج من تونس بقطع النظر عن البديل، فمنهم من يلقي بنفسه في البحر، ومنهم يلتحق بمناطق التوتر، ومنهم من يذهب لايران ليعود شيعيا داعيا لدينها.

وهناك أنباء عن زيارات بعض المتشيعين التونسين، إلى كربلاء وحملهم العلم التونسي،وزيارات لايرانيين وعراقيين لتونس تحت لافتات متعددة لنشر التشيع في تونس. وقد تم استخدام المتشيعة التونسيين في المظاهرات التي تم تنظيمها لدعم طاغية سوريا بشار الأسد،والتي كشفت عن حجمهم الحقيقي، وزيف ادعاءاتهم.


المعطيات متوفرة، لكن التفاصيل غائبة وهو ما يزيد الأمر خطورة.. مثلا تجتهد ايران في استقبال مثقفين وصحافيين ومدراء ورؤساء تحرير وسائل الاعلام التونسية وتحرص على ذلك، ولا تكل ولا تمل في الالحاح . تذاكر مجانية وإقامة مجانية وبدون مقابل، للصحافيين والصوفية، وبعض النافذين الذين يقدمون أنفسهم كخبراء أمنيين، وذلك لضمان سكوتهم، إذا لم يصبحوا أبواقا وتبعا لها.. وهناك من يعتقد بأن تغير خارطة تونس العقائدية { مسلمون، شيعة ، نصارى إلخ} من شأنه أن يقلل من احتمال قيام دولة اسلامية سنية في تونس، وهؤلاء يغفلون الخطر الأكبر على بقاء الدولة التونسية جراء ذلك، لو حصل لا قدر الله.
[/align]
المشاهدات 674 | التعليقات 0