التشكيك بالسنة النبوية خط أحمر

احمد ابوبكر
1434/07/16 - 2013/05/26 15:11PM
مركز التأصيل للدراسات والبحوث

لم تتوقف حملات التشكيك بالسنة النبوية ومحاولات التقليل والتهوين من شأنها عبر العصور , فحياكة الشبهات وحبكها حول السنة النبوية قديمة قدم هذا الدين العظيم , وقدم الصراع بين الحق والباطل .

ورغم وضوح كون السنة النبوية المصدر الثاني للتشريع في الإسلام , من خلال أدلة كثيرة من القرآن الكريم , كقوله تعالى : { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } المائدة/92 , وقوله تعالى : { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } النور/63 , وغيرها الكثير من الآيات التي تشير إلى وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم , بل واعتبار طاعة وتنفيذ أمره , طاعة لله تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } النساء/80 , إلا أن أعداء الإسلام لم يتركوا هذا الجانب , محاولين دس السم بالعسل .

لقد استغل أعداء الإسلام آراء المعتزلة بتمجيد العقل وإعماله في مورد النص , بل وتفضيله وتقديمه على السنة النبوية في كثير من الحالات , خاصة إذا كان الحديث من صنف الآحاد , وخالف ما يقتضيه العقل , فعملوا على تبنيها وترويجها بأسلوبهم وأدواتهم المعاصرة , بهدف ضرب المصدر الثاني من التشريع الإسلامي .

لقد وجد المستشرقون في هذه الآراء بغيتهم , فعملوا على التركيز على هذا الفكر من الإسلام , وأثاروا حول السنة النبوية الكثير من الشكوك والشبهات , ليتسنى لهم من خلال ذلك الطعن بالقرآن الكريم , ومن ثم القضاء على الإسلام كليا .

ولقد سارت المدرسة العقلية الحديثة على خطى المستشرقين في موقفها من السنة النبوية الشريفة , والخطير في الموضوع أن ثلة من أتباع هذه المدرسة هم من المسلمين , ممن استطاع الغرب والمستشرقون استقطابهم , من خلال العناوين البراقة المضللة , كادعائهم التزام المنهجية والحيادية في البحث العلمي وغير ذلك , فكان لمثل هؤلاء أثر بارز وظاهر في نشر تلك الأفكار بين المسلمين .

ولقد خرجت في الآونة الأخيرة بعض الأصوات من بلاد الحرمين , تغرد خارج السرب , وتتفوه بكلمات لا تعبر عن أصالة ذلك المكان الطاهر , الذي يعتبر مهبط الوحي ومعقل الإسلام , والحصن الحصين للسنة النبوية الشريفة .

فخرج علينا بادئ ذي بدء محمد آل الشيخ لينكر عبر حسابه الشخصي على موقع (تويتر) صحة حديثين نبويين , وأعلن عدم اعترافه بهما , وكتب يقول : )لا حديث بول الإبل ولا حديث جلد الظهر وأخذ المال ؛ هذه أحاديث ضد الفطرة السوية وإساءة للإسلام ) كما ادعى .
وقد أثار فعل هذا الكاتب غضبا عارما بين الدعاة والمشايخ في المملكة ، وطالبوا بمحاكمة الكاتب الذي أساء للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم .

ثم خرجت علينا الكاتبة السعودية حصة آل الشيخ , في مقالها الأخير المنشور بصحيفة الرياض للدفاع عن ابن عمها محمد آل الشيخ , والتي تجاوزت فيه إنكار الحديث الصحيح جريا على ما سبقها إليه الكاتب محمد آل الشيخ , بل ذهبت أبعد من ذلك وأخطر بكثير.

فقد هاجمت الكاتبة صحيح البخاري نفسه ، الذي هو بإجماع العلماء أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى ، وقالت في هذه الصدد: إننا مخدوعون بأحكام الرجال عندما نستخدم أقوالهم قبل وضعها في ميزان الشك والنقد ، فتكتسب قداسة شمولية ، كمقولة النووي والذهبي وغيرهما بأن (كتاب البخاري أصح كتاب بعد القرآن) ، لتتحول القداسة من التمحور حول الرجال كمعصومين ، إلى شمول الأقوال كمقدس، وكأن الله أنزل كتابين على المسلمين؟! ، كذا قالت.

ثم كانت ثالثة الأثافي وأخطرها حين كشفت الناشطة الاجتماعية روضة اليوسف وفقا لموقع المواطن عن إقامة دورات سرية في المملكة بحضور مدربة من خارج المملكة.

وأشارت اليوسف إلى أن هذه الدورات تعتمد على السرية التامة , ويتم التركيز على أشخاص معينين , مثل أساتذة في الجامعة ليستطيعوا التأثير على الطلبة ، بالإضافة إلى أسماء معينة تأتيهم رسائل على هواتفهم ، ويتم التأكيد فيها على السرية التامة ، لافتة إلى أن آخر دورة أقيمت في الرياض ، وأنه تم في الفترة الماضية إقامة دورة مماثلة في مدينة جدة.

وأفادت اليوسف إلى أن نص رسالة إحدى الدورات كانت على النحو التالي : عزيزاتي سأستضيف من دولة المغرب المفكرة الإسلامية الدكتورة فريدة البناني ، وذلك لإعطاء دورة تدريبية تحت عنوان (المرأة.. حقيقة النص القرآني) وتستمر مدة الدورة من 18- 22 مايو ، بين 5- 10مساء في فندق المشرق , ورسوم الدورة هي 2800 ريال سعودي.

وبينت اليوسف أنه - بحسب أحد الحضور- فإن المفكرة الإسلامية الدكتورة فريدة البناني ، شككت في السنة وفي تدوينها ومدى صدقها ، وسألتهم : هل الفقه الإسلامي هو الإسلام؟ مشيرة إلى أن البناني تهدف إلى نسف الفقه الإسلامي ونسف قانون الأحوال الشخصية بطبيعة الحال ، وهذا ما يتطلعون إليه في الحقيقة .

وأثارت اليوسف عدداً من الأسئلة ، من ضمنها : هل مركز الدكتورة وفاء الرشيد مرخص , وأيضا نوعية تأشيرة دخول المدربة للمملكة ، هل حضرت بتأشيرة مدربة أم زائرة؟ أم ما يتعارض مع الأنظمة؟

وطالبت اليوسف بوقوف الجهات المختصة واستدعاء الرشيد لمخالفتها الأنظمة ، وكذلك مخالفتها في محتوى الفكر الذي تنشره عبر البناني وغيرها .

ولا يستغربن أحد من المسلمين وقوع مثل هذا الأمر في بلاد الإسلام وعلى أيد المسلمين أنفسهم , فقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بذلك منذ أربعة عشر قرنا , حين قال : (لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه ) المستدرك على الصحيحين للحاكم 1/190 برقم 368 وصححه الألباني في الجامع برقم 7172 ,
و المطلوب في مثل هذه الحالات , إزالة الشبهة عن أمثال هؤلاء , ممن قد يكون مغرر به من قبل أصحاب الدعوات الباطلة , أو جاهل بأحكام الدين والعقيدة والشريعة , فإن آب وعاد فهو المطلوب والمعول , وإن عاند وكابر بعد وضوح الحق له والصواب , اتخذت بحقه كافة التدابير الشرعية القانونية , التي تكفل سلامة العقيدة والدين أولا, وتحفظ على البلاد والعباد الأمن والأمان العقدي والفكري والاجتماعي .
المشاهدات 1304 | التعليقات 1

الذين يكيدون للإسلامِ الصحيحِ في المملكة يتّجهون - بعد دراستهم للوضع جيّدًا - إلى محاولة تحريك و هدم الأصول النفيسَة التي بُني عليها المجتمع السعودي وصارت خيارًا استراتيجيًّا بالنّسبة إليه ينشأُ عليه الصغير ويهرم عليه الكبير . .
أعياهم منهجُ تحريك المفرَدات والتفاصيل والتشكيك فيها لأنَّهُ مكشوفٌ ، وهو في المملكة كالضربِ في الحديد البارِد والصخرة الصمّاء ، فاتّجهوا إلى توظيف بنِي الجِلدَة وأقلامِهم وجهودِهم لبثّ الشكّ و تحريك الأصول التي تنبني عليها تلك المفردات ، لبيان أنّ في المجتمع السعودي معارضة حقيقيّة وانقسام واضح ، تمهيدًا لشقّ وزعزعة و تفتيت الخيار الاستراتيجي المتميّز في المملكة .
على العلماء والأمراء والدعاة والمخلصين والشّرفاء من الإعلاميّين والأساتذة والمربّين سد الطريق أمام هذه المحاولات ، فهو واجبٌ شرعيٌّ ووطني ، بل والانطلاق في تجديد مختلف الأصول النفيسة التي يقوم عليها المجتمع السعودي بلغةٍ جديدة قويةٍ شاملةٍ متكاملة . و الله يهدي السبيل .
ربّ يسّر وأعن يا معين !