التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَتَهْنِئَتُهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ 24 صَفَر 1435 هـ
محمد بن مبارك الشرافي
1435/02/22 - 2013/12/25 16:13PM
التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَتَهْنِئَتُهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ 24 صَفَر 1435 هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي أَكْرَمَ هَذِهِ الأُمَّةَ وَشَرَّفَهَا بِدِينِ الإِسْلامِ، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ هَيَّأَ لِعِبَادِهِ سُبُلَ السَّعَادَةِ وَنَهَاهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ السُّبُلِ وَاقْتِرَافِ الْخَطَايَا وَالآثَام، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُه وَرَسُولُهُ، شَهِدَتْ بِكَمَالِ هَدْيِهِ وَصفَاءِ سُنَّتِهِ الْقُلُوبُ وَالأَلْسِنَةُ وَالْأَقْلَام، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، صَلَاةً دَائِمَةً مَا تَعَاقَبَتِ اللَّيَالِي وَالأَيَّام .
أَمَّا بَعْدُ : فيا عِبَادَ اللهِ : إِنَّ دِيْنَكُمْ الذِي تَدِينُونَ بِهِ قَدْ أَكْمَلَهُ لَكُمْ رَبُّكُمْ ، وَرَضِيَهُ لَكُمْ شِرْعَةً وَمَنْهَجَاً ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَعَزَّهُ اللهُ ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَذَلَّهُ اللهُ ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ قَصَمَهُ اللهُ .أَمَّةَ الإِسْلَام : إِنَّهُ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَنَّهُمْ أَصْبَحُوا يَأْخُذُونَ كُلَّ مَا يُسَاقُ إِلَيْهِمْ ، وَيَنْسَوْنَ أَنَّ لَدَيْهِمْ دِينَاً عَظِيمَاً جَاءَ بِصَلَاحِ أَحْوَالِهِمْ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ , وَأَنَّ الْعِزَّةَ فِيهِ وَفِي اتِّبَاعِهِ , قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا)
وَإِنَّ مِمَّا يَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ وَيَحْزَنُ لَهُ الْفُؤَادُ أَنَّ مَنْ جَرَى خَلْفَ الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ إِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُمْ تَوَافِهَ الأُمُورِ وَأَرْدَأَ مَا عِنْدَهُمْ , وَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا تَفَوَّقُوا بِهِ فِي الْجَوَانِبِ الْمَادِّيَّةِ فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِ أُولَئِكَ اللَّاهِثُونَ خَلْفَهُمْ , وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن حَقًّا .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالْكُفَّارِ وَتَقْلِيدَهِمْ وَالسَّعْيَ وَرَاءَهُمْ أَمْرٌ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِمَقْتِهِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وَحَذَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِ اتِّبَاعِهِمْ , فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ , فَهُوَ مِنْهُمْ)أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ والألباني. فَتَأَمَّلْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ , هَذَا الْحُكْمَ الْعَامَ فَكُلُّ مَنْ تَشَبَّهَ بِأُنَاسٍ نُسِبَ إِلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ , فَمَنْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الإِسْلامِ فَهُوَ مِنْهُمْ , وَمَنْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الصُّلْبَانِ فَهُوَ مِنْهُمْ ! فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الصُّوَرَ التِي انْتَشَرَتْ فِي مُجْتَمَعِنَا الْمُسْلِمِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ مُتَعَدِّدَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ :
فَمِنْهَا : تَبَرُّجُ النِّسَاءِ , وَهَذَا لَهُ أَلْوَانٌ وَأَشْكَالٌ , فِي الأَلْبِسَةِ وَقَصَّاتِ الشَّعْرِ وَغَيْرِهَا , فَقُولُوا لِي بِرَبِّكُمْ , كَيْفَ لِبَاسُ بَنَاتِنَا الصَّغِيرَاتِ بَلِ الْكَبِيرَات ؟ أَلَيْسَ قَدِ ارْتَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ بَلْ وَصَلَ إِلَى الرُّكْبَةِ وَقَارَبَ الفَخِذَيْن ؟ وَهَذَا عَلَى مَرْأىً وَمَسْمَعٍ مِنَ الأَوْلِيَاءِ , وَلَا أَحَدَ يُحَرِّكُ سَاكِنَاً أَوْ يَنْكِرُ مُنْكَرَاً !
إِنَّ تَبَرُّجَ النِّسَاءِ مِنْ صِفَاتِ الْكَافِرَاتِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) وَمَعَ الأَسَفِ أَنَّ أَكْثَرَ نِسَائِنَا الْيَوْمَ يَتَسَابَقْنِ إِلَى ارْتِدَاءِ الأَلْبِسَةِ الضَّيِّقَةِ وَالْقَصِيرَةِ التِي تُبَيِّنُ مَفاتِنَهُنَّ وَتُبْدِي أَجْسَامَهُنَّ , بَلْ وَصَارَ الْبَعْضُ مِنْهُنَّ يَعْتَبِرُ الأَلْبِسَةَ الْفَضْفَاضَةَ نَوْعَاً مِنَ التَّخَلُّفِ , مَعَ أَنَّ شَرْعَنَا جَاءَ بِبَيَانِ لِبَاسِ الْمَرْأَةِ , وَلَكِنَّنَا جَهِلْنَاهُ وَخَالَفْنَاهُ , وَلَهَثْنَا وَرَاءَ أَعْدَائِنَا , فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ ( يُرْخِينَ شِبْراً ) قالت : إِذَاً تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ . قَالَ (فَيرخِينَهُ ذِرَاعاً لاَ يَزِدْنَ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ : الاحْتِفَالُ بِأَعْيَادِهِمْ , وَكَذَا الأَيَّامُ والأَسَابِيعُ التِي ابْتَدَعُوهَا ، فَمِنَ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ إِلَى الاحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ ، إِلِى إِحْيِاءِ عِيْدِ الحُبِّ الوَثَنِي عِنْدَ الشَّبَابِ وَالشَّابَات , وَهَذِهِ كُلُّهَا أُحْدِثَتْ مُحَاكَاةً لِلْكُفَّارِ ، وَكَذَلِكَ الأَعْيَادُ الْوَطَنِيَّةُ وَالْقَوْمِيَّةُ التِي تَزْدَادُ يَوْمَاً بَعْدَ يَوْمٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَمِنْ أَخْطَرِ مَا يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ هُوَ الاحْتِفَالُ بِعِيدِ رَأْسِ السَّنَةِ وَالْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْكِرِسْمَسْ , وَهُوَ احْتِفَالٌ مُرْتَبِطٌ بِشِعَارَاتٍ دِينِيَّةٍ عِنْدَهُمْ , وَهُوَ مِيْلَادُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ فَالاحْتِفَالُ بِهِ محرم , وَكَذَلِكَ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ أَوْ إِعَانَتُهِمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ,
يَقُولُ سُبْحَانَهُ (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قَالَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ : أَيْ : لا يَحْضُرُونَ أَعْيَادَ الْكُفَّارِ .
قَالَ الشَّيْخُ العَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ الْعُثَيْمِينُ رَحِمَهُ اللهُ :تَهْنِئَةُ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِسْمَسْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَعْيَادِهِمْ الدِّينِيَّةِ حَـَـرامٌ بِالاتِّفَاقِ ، كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ القَيِّمُ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ ( أَحْكَامُ أَهْـِل الذِّمَّـةِ) ، حَيْثُ قَالَ : وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ ، مِثْلُ أَنْ يُهَنِّيَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ ، فَيَقُولُ : عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ ، أَوْ : تَهَنَّأْ بهَذَا الْعِيدِ وَنَحْوِهِ ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بَسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمَـاً عِنْدَ اللهِ ، وأَشَدُّ مَقْتَـاً مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْـِل النَّفْسِ ، وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ ، وَكَثِيرٌ (مِنَ النَّاسِ) مِمَّنْ لا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ وَلا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدَاً بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللهِ وَسَخَطِهِ .انْتَهَى كَلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ . وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ تَحْذِيرُ أَوْلَادِنَا وَخَاصَّةً مَنْ يَدْرُسُ خَارِجَ البِلَادِ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ أَوْ تَهْنِئَتِهِمْ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنَ التَّشَبُّهِ الْمُحَرَّمِ : تَقْلِيدُ الْكُفَّارِ فِي قَصَّاتِ الشَّعَرِ أَوْ أَلْبِسَتِهِمُ الْخَاصَّةِ , كَلُبْسِ الْقُبَّعَاتِ الْخَاصَّةِ بِهِمْ أَوِ الْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتِهِمْ أَوْ أَسْمَاءَهِمْ !
وَقَدْ سُئِلَتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلافْتَاءِ هَذَا السُّؤَالُ : مَا حُكْمُ لُبْسِ الْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتٍ خَاصَّةً بِالْكُفَّارِ ، مِثْلَ الْفَنَايِلِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي عَلَيْهَا شِعَارَاتُ إِيَطالْيَا أَوْ أَلْمَانِيَا أَوْ أَمْرِيكَا ، أَوِ التِي مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ بَعْضِ اللَّاعِبِينَ الْكُفَّارِ ؟
فَأَجَابَتْ : الْمَلَابِسُ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتِ الْكُفَّارِ فِيهَا تَفْصِيلٌ كَمَا يَلِي :
وَقَدْ سُئِلَتْ اللَّجْنَةُ الدَّائِمَةُ لِلافْتَاءِ هَذَا السُّؤَالُ : مَا حُكْمُ لُبْسِ الْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتٍ خَاصَّةً بِالْكُفَّارِ ، مِثْلَ الْفَنَايِلِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي عَلَيْهَا شِعَارَاتُ إِيَطالْيَا أَوْ أَلْمَانِيَا أَوْ أَمْرِيكَا ، أَوِ التِي مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ بَعْضِ اللَّاعِبِينَ الْكُفَّارِ ؟
فَأَجَابَتْ : الْمَلَابِسُ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتِ الْكُفَّارِ فِيهَا تَفْصِيلٌ كَمَا يَلِي :
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ : التَّكَلُّمَ بِلُغَاتِهِمْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ , فَتَجِدُ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ وَخَاصَّةً الشَّبَابُ يُحَيِّي بَعْضَهُمْ بَعْضَاً بِهَا وَيَخْتِمُ لِقَاءَهُ بِهَا ، وَيَرَوْنَ هَذَا تَمَدُّنَاً وَتَقَدُّمَاً، بَلْ تَجِدُهُ يَتَكَلَّمُ الأَعْجَمِيَّةَ مَعَ بَعْضِ أَهْلِهَا الذِينَ يُجِيدُونَ الْعَرَبِيَّةَ ، وَيَتَحَدَّثُ بِهَا فَخْرَاً وَإِعْجَابَاً بِهَا وَإِظْهَارَاً لِمَعْرِفَتِهِ بِهَا .
وَسُبْحَانَ اللهَ ! أَيْنَ هَؤُلاءِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : إِيَّاكُمْ وَرَطَانَةِ الأَعَاجِمْ !
وَالسَّلَفُ رَحِمَهُمُ اللهُ كَانُوا يَكْرَهُونَ التَّكَلُمَّ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَّةَ وَيَنْهَوْنَ عَنْهُ , إِلَّا إِذَا كَانَ فِي تَعَلُّمِهَا مَصْلَحَةً وَحَاجَةً فَهَذَا جَائِزٌ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَمِنَ التَّشَبُّهِ الذِي صَارَ يَنْتَشِرُ فِينَا انْتِشَارَ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ : الاعْتِمَادُ عَلَى تَارِيخِهِمْ الْمِيَلادِي وَالأَشْهُرِ الإِفْرَنْجِيَّةِ.
مَعَ أَنَّ الأَصْلَ هُوَ هِذِهِ الأَشْهُرُ الْعَرَبِيَّةُ الْمَعْرُوفَةُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ)
ثُمَّ إِنَّهَا سَهْلَةٌ يَعْرِفُهَا الْعَامِيُّ وَالْمُتَعَلِّمُ وَالْبَدَوِيُّ وَالْحَضَرِيُّ , لِأَنَّهَا مَرْبُوطَةٌ بِظَاهِرَةٍ كَوْنِيَّةٍ يُدْرِكُهَا كُلُّ أَحَدٍ وَهُوَ الْقَمَر . ثُمَّ إِنَّنَا مُرْتَبِطُونَ بِهَذِهِ الأَشْهُرِ فِي دِينِنَا , فَمَتَى نَصُومُ إِنِ اعْتَمَدْنَا عَلَى أَشْهُرِهِمْ ؟ وَمَتَى نَحَجُّ ؟ وَمَا هِيَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ ؟ فَتَارِيخُنَا حَضَارَتُنَا وَعِزُّنَا وَفَخْرُنَا , لَأَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِدِيْنِنَا .
وَلَكِنْ إِذَا ابْتُلِينَا وَصَارَ لا بُدَّ أَنْ نَذْكُرَ التَّارِيخَ الْمِيلادِيَّ فَلْيَكُنْ أَوَّلاً بِالْعَرَبِيِّ الْهِجْرِيِّ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ نَقُولُ : الْمُوَافِقُ لِكَذَا وَكَذَا بِالأَشْهُرِ الإِفْرَنْجِيَّةِ , وَأَمَّا أَنْ نَجْعَلَ أَشْهُرَهُمْ هِيَ الأَسَاسَ وَنَتْرُكَ تَارِيخَنَا فَهَذَا أَمْرٌ لا يَجُوزُ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : هَذِهِ بَعْضُ الْمَظَاهِرِ التِي انْتَشَرَتْ بَيْنَنَا مِنَ التَّقْلِيدِ لِأَعْدَائِنَا وَأَعْدَاءِ شَرِيعَتِنَا الذِينَ لا يَأْلُونَ جَهْدَاً فِي إِذْلَالِنَا وَجَرِّنَا خَلْفَهُمْ لِنَكُونَ تَبَعَاً لَهُمْ , وَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِدِينِنَا وَأَنْ نَعْتَزَّ بِقِيَمِنَا وَأَنْ نَجْتَهِدَ فِي إِبْرَازِ حَضَارَتِنَا الإِسْلَامِيَّةِ وَهَوِيَّتِنَا الدِّينِيَّةِ , فَالْعِزَّةُ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ وَالْفَخْرِ لِأَهْلِ الإِيمَانِ , وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ , قال الله تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُون)
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِيْنَ وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعَدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينَ , اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا اللَّهُمَّ أَكْرِمْناَ وَلاَ تُهِنَّا , اللَّهُمَّ أَعِنَّا وَلا تُعِنْ عَليْنَا اللَّهُمَّ انْصُرْنَا عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيْنَا , اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عَيْشَ السُّعَدَاءِ وَمَوْتَ الشُّهَدَاءِ , وَالحَشْرَ مَعَ الأَتْقِيَاءِ , وَمُرَافَقَةَ الأَنْبِيَاءِ , اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعِيْهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ .
المرفقات
التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَتَهْنِئَتُهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ 24 صَفَر 1435 هـ.doc
التَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ وَتَهْنِئَتُهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ 24 صَفَر 1435 هـ.doc
المشاهدات 3081 | التعليقات 3
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا ونفع بعلمك
جزيت الجنة وسددك الله ونفع بك شيخ محمد وكل المعلقين
ابو عبدالله التميمي
بارك الله فيك ياشيخ خطبة موفقة نفع الله بكم الإسلام و المسلمين.
تعديل التعليق