التستر التجاري + موافقة للتعميم
صالح عبد الرحمن
الخطبة الأولى :
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له -اللهم اهدنا فيمن هديت-، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا، نعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تُضلنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته واقتفى أثره بإحسانٍ إلى يوم الدين, أمابعد:
فاتقوا الله عباد الله، اتقوا الله تعالى حق تقواه, واجتهدوا فيما يقربكم إليه، واحذروا من كل ما يباعدكم منه؛ فكل السعادة والهنا والبهجة والسرور والطيب والانشراح في القرب من الله جل في علاه، وكل شقاء ووباء وضر وبلاء وتعاسة وسوء حال في بعدك عن الله عز وجل.
عباد الله, إن من أعظم ما يفسد المعاش ويبطل طيب العيش ويذهب بهجة الدنيا: ما يقع بين الناس من الظلم، "فالظلم ظلمات يوم القيامة:، هكذا قال رسول الله -صلى الله وعليه وسلم- .
الظلم وحشة، الظلم شقاء، الظلم لا يحصل به سعادة للإنسان مهما بدا له أنه بظلمه سيدرك مصالح أو ينجو من مهالك ومعاطب.
عباد الله, أمركم الله تعالى بالعدل في كل شيء وحرم عليكم الظلم في كل أمر، «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا» يشمل الدقيق والجليل والصغير والكبير في معاملتك لنفسك وفي معاملتك لزوجك وأهلك وولدك ووالديك وأرحامك وجيرانك وسائر من تتعامل معهم من الناس، كل ذلك ينبغي أن يتجنب الإنسان فيه الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وهو ظلمةٌ في الدنيا لا يهنأ به الإنسان.
أيها المؤمنون, إن من أكثر صور الظلم فشوًا بين الناس: التظالم في الأموال، ولذلك قال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ .
عباد الله, إن من صور الظلم وأكل المال بالباطل ما يقع بين الأفراد والشركات من تستر تجاري يتحايلون به على الأنظمة المنظمة للتجارة أو العمل بطرق شتى، يكون ذلك الظلم بمقابل مالي.
وكل ذلك مندرجٌ في سؤال النبي صلى الله وعليه وسلم«بم يأخذُ أحدُكُم مال أخيه بغير حق» ، فبأي حق تأكل هذه الأموال الناتجة عن ظلم للفرد والمجتمع.
التستر التجاري ـ أيها المؤمنون ـ بكل صوره التي تخالف أنظمة التجارة والعمل.
أيها المؤمنون, مفاسد التستر التجاري بكل صوره كثيرةٌ؛ فهو بوابة لكثير من الشرور من العبث والغش والتلاعب والفوضى من خلال مزاولة أنشطة تجارية أو زراعية أو صناعية أو غير ذلك من أوجه التكسب تندرج في كونها مخالفة للأنظمة المرعية وهي قائمةٌ على الغش التجاري ومزاحمة أصحاب الأعمال النظاميين من المواطنين أو الوافدين.
اللهم ألهمنا رشدنا وقنا شر أنفسنا، أغننا بحلالك عن حرامك، خذ بنواصينا إلى ما تحب وترضى، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمد الشاكرين، له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسانٍ إلى يوم الدين, أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله وعليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله فاتقوا الله عباد الله، والزموا هدي سيد الأنام في السر والإعلان واحرصوا على كثرة التوبة والاستغفار فما أكثر الخطأ وما أكبر الزلل، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين
عباد الله, من يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب، فما اكتسبت الأرزاق بأطيب وأوثق من تقوى الله عز وجل، فاتقوا الله وتقواه تقتضي أن يطلب الإنسان الكسب من طريق حلال، فاحذروا كل كسبٍ حرام؛ لأنه شؤمٌ وبلاءٌ على صاحبه يعود عليه بالبوار والهلاك في الدنيا والآخرة، ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ ، وهذا نصٌ في الربا وفي كل مال محرم يكتسب بطريق غير مشروع.
عباد الله, اتقوا الله تعالى, واحذروا كسبًا لا تعرفون حِله؛ فإنه يأتي على الناس زمانٌ لا يبالي المرء بما أخذ من المال أمِن حلال أم من حرام هكذا قال النبي- صلى الله وعليه وسلم- مخبرًا عما يكون عليه حال الناس في زمان من الأزمان، «لَيَأْتِيَنَّ علَى النَّاسِ زَمانٌ، لا يُبالِي المَرْءُ بما أخَذَ المالَ، أمِنْ حَلالٍ أمْ مِن حَرامٍ» .
فاتقوا الله وطيبوا مكاسبكم، طيب مكاسبكم تطيب به أحوالكم، تطيب به قلوبكم، تصلح به أعمالكم، يزكو به حالكم، يطيب به ما يكون من ذرياتكم ونسلكم ترون في أنفسكم بركةً وخيرًا، فالله تعالى يبارك في القليل ويعطي عليه الأجر الجزيل، فإذا كثُر ذلك من حرام كان محقًا ووبالاً على صاحبه.
فاتقوا الله أيها المؤمنون, واحذروا كل كسب محرم وإياكم ومخالفة الأنظمة التي تحفظ حقوق الناس وتصلح شؤونهم،التستر التجاري وغيره من المخالفات مما يترتب عليه دخول المكاسب في حيز الحرام وفي الظلم الذي حذر منه النبي صلى الله وعليه وسلم، أعطوا الأجراء والعمال حقوقهم وأوفوهم مالهم واتقوا الله؛ "فالظلم ظلمات يوم القيامة"
تركي العتيبي
لله درك خطبة مختصرة مفيدة كافية وافية
تعديل التعليق