الترغيب في إقامة الصلاة و المحافظة عليها
الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
1432/03/13 - 2011/02/16 21:35PM
[FONT="] [/FONT]
العبادات كما يجب أن تكون
* الترغيب في إقامة الصلاة و المحافظة عليها
( الحلقة الثانية )
بسم الله الرّحمان الرّحيم. الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على سيّد الأوّلين و الآخرين و على آله و صحبه أجمعين. أمّا بعد:
جمعين. أمّا بعد:
جاءت الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى و الأحاديث الشريفة في سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم، تبيّن لنا أهمية المحافظة على الصلاة و قيمة فضلها. قال تعالى: " إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " النساء 102 .
و قال تبارك و تعالى : " قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون " المؤمنون 1 و 2 . إلى أن قال تعالى : " و الذين هم على صلواتهم يحافظون* أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " ( سورة المؤمنون الآيات: 9/11 ).
وقال تعالى:" إنّني أنا الله لا إله إلاّ أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري" ( سورة طه: 13 ).
و قال الله تبارك و تعالى: " و الذين هم على صلاتهم يحافظون * أولئك في جنّات مكرمون " ( سورة المعارج الآيتان : 34/35 ).
و قال تعالى : " إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة و ءاتى الزكاة و لم يخش إلاّ الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " ( سورة التوبة الآية: 18 ).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: " أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرّات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال : فكذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهنّ الخطايا " ( رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي ) .
فالرسول صلى الله عليه و سلم يريد أن يبيّن لنا أن الصلاة كالماء الجاري على باب الإنسان يغتسل منه كل يوم خمس مرات. فكما أن هذا الإغتسال يزيل ما علق بالبدن من أوساخ، كذلك الصلوات الخمس المكتوبة، يمحو الله بهنّ الذنوب و الآثام.
و يصوّر الرسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه عمل الصلاة في محو الخطايا و الذنوب التي يأتيها الإنسان في صباحه و مسائه، فيروي لنا عنه سلمان الفارسي: أنّه كان معه تحت شجرة فأخذ منها غصنا يابسا. فهزّه حتى تحات ورقه، ثم قال : " يا سلمان، ألا تسألني. لما أفعل هذا ؟ قلت: و لم تفعله ؟ قال: " إنّ المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلّى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه : كما تحات هذا الورق. ثم تلا الآية الكريمة : " و أقم الصلاة طرفي النهار و زلفا من الليل إنّ الحسنات يذهبن السيّئات ذلك ذكرى للذاكرين " ( سورة هود الآية: 114 ، و الحديث رواه أحمد و النسائي ).
و عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلاّ كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله" رواه مسلم .
و عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " خمس صلوات كتبهنّ الله على العباد، فمن جاء بهن و لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقّهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة، و من لم يأت بهن فليس له عند الله عهد: إن شاء عذبه، و إن شاء أدخله الجنة " رواه مالك و غيره .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار، و يجتمعون في صلاة الصبح، و صلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربّهم، وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون: تركناهم و هم يصلون، و أتيناهم و هم يصلون " رواه مالك و البخاري و مسلم و النسائي .
و الأحاديث التي ذكرناها تبيّن لنا شأن الصلاة و أهميتها لنعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم، ما ترك شاردة و لا واردة في حضّ المسلمين على الصلاة، و إظهار فضلها و عظيم نفعها لهم إلاّ و أتى بها.
* الترهيب من ترك الصلاة
جاءت الآيات صريحة في كتاب الله و في سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم، مشدّدة و مندّدة بكل من تركوا الصلاة و محذّرة لهم من سوء المصير.
قال الحقّ تبارك و تعالى في محكم التنزيل : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا* إلاّ من تاب و ءامن و عمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة و لا يظلمون شيئا " ( سورة مريم الآيتان: 59 /60 ).
فتأمل أخي القارئ، بعد أن وصف الله تعالى الأنبياء بالإنابة و الطاعة و السجود له و البكاء خوفا من الله، ذكر موقف الناس من هؤلاء الأنبياء، فإنهم لم يكونوا جميعا على المستوى المطلوب، لقد جاء خلف سوء من بعد الأنبياء عليهم السلام، مخالفون و كافرون، و مقصّرون و فسّاق، تركوا الصلاة المفروضة عليهم، و آثروا اتباع شهواتهم و أهوائهم بارتكاب المحرّمات، على طاعة الله، فاقترفوا الزنى، و شربوا الخمر، و شهدوا شهادة الزور، و لعبوا القمار، بل و تأولوا النصوص عبثا و لهوا و جهلا، و رضوا بالحياة الدنيا و اطمأنوا بها، لأنهم فقدوا الوازع الذي ينهاهم عن الفحشاء و المنكر. فهؤلاء لهم جزاء شديد، سيلقون غيّا، أي شرّا و خيبة و خسارا يوم القيامة، لإرتكابهم المعاصي، و إهمال الواجبات، فالغيّ: هو الخسران، و الوقوع في الورطات، و إضاعة الصلاة : الكفر و الجحود بها أو إهمالها و تأخيرها عن أوقاتها.
لكن هناك استثناء، فمن هؤلاء المقصّرين: من تاب مما فرط به من ترك الصلوات، و اتباع الشهوات، فرجع قريبا إلى طاعة الله و آمن به، إيمانا قويا ثابتا، و عمل عملا صالحا، فأولئك يدخلون جنّة ربهم، و تغفر لهم خطيئاتهم، لأنّ " التوبة ( أو الإسلام ) تجبّ ما قبلها " و لا ينقص من أجورهم شيء، و إن قلّ العمل و تقدّمت السن، فضلا من الله و رحمة .
وقال تعالى: " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون " ( سورة القلم الآيتان: 42/43 ). يوم القيامة يشتدّ الأمر وقت أن يكشف عن الساق ( يوم اشتداد الأمر ) و عظم الخطب، و حين يدعى هؤلاء المشركون و أنصارهم من الكفار و المنافقين، إلى السجود توبيخا لهم على تركه في الدنيا، فلا يتمكنون من السجود، لأنّ ظهورهم تيبس و تصبح شيئا واحدا، فلا تلين للسجود. قال مجاهد في قوله تعالى : " يوم يكشف " هي أوّل ساعة من القيامة، وهي أفظعها. و تكون أبصارهم ذليلة خاشعة منكسرة، تعمّهم الذّلة الشديدة، و الحسرة و الندامة، و قد كانوا في الدنيا مدعوين إلى الصلاة و السجود لله تعالى، فامتنعوا و تمرّدوا و كانوا سالمين أصحاء، متمكنين من الفعل، و لا يوجد مانع يمنعهم من السجود .
و قال الحق تبارك و تعالى : " ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين " ( سورة المدثر الآيتان: 42/43 ). إنّها حجّة واضحة كل الوضوح، صريحة بما في كلمة الصراحة من معنى، في أنّ أول إعتراف يسمعه أصحاب اليمين من المجرمين عن ذنوبهم التي أوردتهم موارد العذاب هو ترك الصلاة.
و العذاب لن يشمل تارك الصلاة فحسب، بل إنّ الساهي عنها و المتهاون في حقّها أو المتظاهر بها أمام الناس رياء و نفاقا، توعده الله بالويل وهو واد من أودية العذاب و الهلاك في جهنّم، مصداقا لقوله جلّ و علا : " فويل للمصلّين* الذين هم عن صلاتهم ساهون* الذين هم يراءون و يمنعون الماعون " ( سورة الماعون الآيات: 4/6 ).
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بين الرجل و بين الكفر ترك الصلاة " رواه أحمد و مسلم .
و قوله عليه الصلاة و السلام : " من حافظ عليها كانت له نورا، و برهانا، و نجاة يوم القيامة، و من لم يحافظ عليها لم يكن له نور و لا برهان و لا نجاة، و كان يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و أبيّ بن خلف " رواه أحمد .
و قال صلوات ربّي و سلامه عليه : " العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر " رواه أحمد و أبو داود و الترمذي .
هذه بعض الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة، التي تبيّن أن ترك الصلاة عمدا كفر و هدم للدين، و خروج عن ملّة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و سبب غضب الله و مقته، و ليس أصدق من الله و رسوله حديثا، فهل نحن مستجيبون لنداء الله تعالى و نداء نبيّه الأكرم فنحافظ على الصلاة و لا نضيّعها فهي عماد الدين و ركيزته و التي هي خمس في الأداء و خمسون في الأجر.
* حكم تـارك الصــلاة
يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب و أقرّ بوجوب الصلاة ترك سبيله، و إن أصرّ على إنكاره، فإنّه يقتل – كفرا – بعد غروب شمس اليوم الثالث. و لا يدفن في مقبرة المسلمين إلاّ عند الضرورة كأن لا يوجد مكان يدفن فيه، أو خيف من تغيّره قبل دفنه، فإنّه يوارى في التراب، و لا يكفن و لا يغسل و لا يصلّى عليه قطعا و لا يورث و تركته تعود لبيت مال المسلمين. المراد بتارك الصلاة: المسلم المكلّف شرعا بأداء الصلاة.
أوّلا : حكم تارك الصلاة اختيارا مع اعترافه بأنّها واجبة.
أن يرفع أمره للحاكم المسلم أو لنائبه و يطالب بأداء الصلاة فإن استجاب للطلب و أدّى الصلاة أطلق سراحه، و إذا أصرّ على ترك الصلاة بعد تحذيره، فعلى الحاكم أو نائبه أن يؤخره إلى آخر الوقت الضروري للصلاة الحاضرة بقدر ما يتسع لوضوئه أو تيممه و أداء ركعة واحدة قبل خروج الوقت.
فإن لم يستجب و أصرّ على ترك الصلاة بعد كل ما تقدّم فحكمه أن يقتل حدّا لا كفرا. و إن استجاب بعد صدور الحكم بقتله بأن قال إنّي أصلّي و صلّى فعلا، فإنّه لا يقتل في هذه الحالة.
ثانيا : حكم تارك الصلاة مع إنكار وجوبها،
لم يعد لنا مزيد و غدا إن شاء الله هناك جديد
الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
الإمام الخطيب
[/align]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="] [/FONT]
العبادات كما يجب أن تكون
* الترغيب في إقامة الصلاة و المحافظة عليها
( الحلقة الثانية )
بسم الله الرّحمان الرّحيم. الحمد لله ربّ العالمين و الصلاة و السلام على سيّد الأوّلين و الآخرين و على آله و صحبه أجمعين. أمّا بعد:
جمعين. أمّا بعد:
جاءت الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى و الأحاديث الشريفة في سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم، تبيّن لنا أهمية المحافظة على الصلاة و قيمة فضلها. قال تعالى: " إنّ الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " النساء 102 .
و قال تبارك و تعالى : " قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون " المؤمنون 1 و 2 . إلى أن قال تعالى : " و الذين هم على صلواتهم يحافظون* أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون " ( سورة المؤمنون الآيات: 9/11 ).
وقال تعالى:" إنّني أنا الله لا إله إلاّ أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري" ( سورة طه: 13 ).
و قال الله تبارك و تعالى: " و الذين هم على صلاتهم يحافظون * أولئك في جنّات مكرمون " ( سورة المعارج الآيتان : 34/35 ).
و قال تعالى : " إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله و اليوم الآخر و أقام الصلاة و ءاتى الزكاة و لم يخش إلاّ الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين " ( سورة التوبة الآية: 18 ).
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: " أرأيتم لو أنّ نهرا بباب أحدكم، يغتسل فيه كل يوم خمس مرّات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال : فكذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهنّ الخطايا " ( رواه البخاري و مسلم و الترمذي و النسائي ) .
فالرسول صلى الله عليه و سلم يريد أن يبيّن لنا أن الصلاة كالماء الجاري على باب الإنسان يغتسل منه كل يوم خمس مرات. فكما أن هذا الإغتسال يزيل ما علق بالبدن من أوساخ، كذلك الصلوات الخمس المكتوبة، يمحو الله بهنّ الذنوب و الآثام.
و يصوّر الرسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه عمل الصلاة في محو الخطايا و الذنوب التي يأتيها الإنسان في صباحه و مسائه، فيروي لنا عنه سلمان الفارسي: أنّه كان معه تحت شجرة فأخذ منها غصنا يابسا. فهزّه حتى تحات ورقه، ثم قال : " يا سلمان، ألا تسألني. لما أفعل هذا ؟ قلت: و لم تفعله ؟ قال: " إنّ المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلّى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه : كما تحات هذا الورق. ثم تلا الآية الكريمة : " و أقم الصلاة طرفي النهار و زلفا من الليل إنّ الحسنات يذهبن السيّئات ذلك ذكرى للذاكرين " ( سورة هود الآية: 114 ، و الحديث رواه أحمد و النسائي ).
و عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلاّ كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة، وذلك الدهر كله" رواه مسلم .
و عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " خمس صلوات كتبهنّ الله على العباد، فمن جاء بهن و لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقّهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة، و من لم يأت بهن فليس له عند الله عهد: إن شاء عذبه، و إن شاء أدخله الجنة " رواه مالك و غيره .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار، و يجتمعون في صلاة الصبح، و صلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربّهم، وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون: تركناهم و هم يصلون، و أتيناهم و هم يصلون " رواه مالك و البخاري و مسلم و النسائي .
و الأحاديث التي ذكرناها تبيّن لنا شأن الصلاة و أهميتها لنعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم، ما ترك شاردة و لا واردة في حضّ المسلمين على الصلاة، و إظهار فضلها و عظيم نفعها لهم إلاّ و أتى بها.
* الترهيب من ترك الصلاة
جاءت الآيات صريحة في كتاب الله و في سنّة رسول الله صلى الله عليه و سلم، مشدّدة و مندّدة بكل من تركوا الصلاة و محذّرة لهم من سوء المصير.
قال الحقّ تبارك و تعالى في محكم التنزيل : " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا* إلاّ من تاب و ءامن و عمل صالحا فأولئك يدخلون الجنّة و لا يظلمون شيئا " ( سورة مريم الآيتان: 59 /60 ).
فتأمل أخي القارئ، بعد أن وصف الله تعالى الأنبياء بالإنابة و الطاعة و السجود له و البكاء خوفا من الله، ذكر موقف الناس من هؤلاء الأنبياء، فإنهم لم يكونوا جميعا على المستوى المطلوب، لقد جاء خلف سوء من بعد الأنبياء عليهم السلام، مخالفون و كافرون، و مقصّرون و فسّاق، تركوا الصلاة المفروضة عليهم، و آثروا اتباع شهواتهم و أهوائهم بارتكاب المحرّمات، على طاعة الله، فاقترفوا الزنى، و شربوا الخمر، و شهدوا شهادة الزور، و لعبوا القمار، بل و تأولوا النصوص عبثا و لهوا و جهلا، و رضوا بالحياة الدنيا و اطمأنوا بها، لأنهم فقدوا الوازع الذي ينهاهم عن الفحشاء و المنكر. فهؤلاء لهم جزاء شديد، سيلقون غيّا، أي شرّا و خيبة و خسارا يوم القيامة، لإرتكابهم المعاصي، و إهمال الواجبات، فالغيّ: هو الخسران، و الوقوع في الورطات، و إضاعة الصلاة : الكفر و الجحود بها أو إهمالها و تأخيرها عن أوقاتها.
لكن هناك استثناء، فمن هؤلاء المقصّرين: من تاب مما فرط به من ترك الصلوات، و اتباع الشهوات، فرجع قريبا إلى طاعة الله و آمن به، إيمانا قويا ثابتا، و عمل عملا صالحا، فأولئك يدخلون جنّة ربهم، و تغفر لهم خطيئاتهم، لأنّ " التوبة ( أو الإسلام ) تجبّ ما قبلها " و لا ينقص من أجورهم شيء، و إن قلّ العمل و تقدّمت السن، فضلا من الله و رحمة .
وقال تعالى: " يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون " ( سورة القلم الآيتان: 42/43 ). يوم القيامة يشتدّ الأمر وقت أن يكشف عن الساق ( يوم اشتداد الأمر ) و عظم الخطب، و حين يدعى هؤلاء المشركون و أنصارهم من الكفار و المنافقين، إلى السجود توبيخا لهم على تركه في الدنيا، فلا يتمكنون من السجود، لأنّ ظهورهم تيبس و تصبح شيئا واحدا، فلا تلين للسجود. قال مجاهد في قوله تعالى : " يوم يكشف " هي أوّل ساعة من القيامة، وهي أفظعها. و تكون أبصارهم ذليلة خاشعة منكسرة، تعمّهم الذّلة الشديدة، و الحسرة و الندامة، و قد كانوا في الدنيا مدعوين إلى الصلاة و السجود لله تعالى، فامتنعوا و تمرّدوا و كانوا سالمين أصحاء، متمكنين من الفعل، و لا يوجد مانع يمنعهم من السجود .
و قال الحق تبارك و تعالى : " ما سلككم في سقر* قالوا لم نك من المصلين " ( سورة المدثر الآيتان: 42/43 ). إنّها حجّة واضحة كل الوضوح، صريحة بما في كلمة الصراحة من معنى، في أنّ أول إعتراف يسمعه أصحاب اليمين من المجرمين عن ذنوبهم التي أوردتهم موارد العذاب هو ترك الصلاة.
و العذاب لن يشمل تارك الصلاة فحسب، بل إنّ الساهي عنها و المتهاون في حقّها أو المتظاهر بها أمام الناس رياء و نفاقا، توعده الله بالويل وهو واد من أودية العذاب و الهلاك في جهنّم، مصداقا لقوله جلّ و علا : " فويل للمصلّين* الذين هم عن صلاتهم ساهون* الذين هم يراءون و يمنعون الماعون " ( سورة الماعون الآيات: 4/6 ).
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بين الرجل و بين الكفر ترك الصلاة " رواه أحمد و مسلم .
و قوله عليه الصلاة و السلام : " من حافظ عليها كانت له نورا، و برهانا، و نجاة يوم القيامة، و من لم يحافظ عليها لم يكن له نور و لا برهان و لا نجاة، و كان يوم القيامة مع قارون و فرعون و هامان و أبيّ بن خلف " رواه أحمد .
و قال صلوات ربّي و سلامه عليه : " العهد الذي بيننا و بينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر " رواه أحمد و أبو داود و الترمذي .
هذه بعض الآيات الكريمة و الأحاديث الشريفة، التي تبيّن أن ترك الصلاة عمدا كفر و هدم للدين، و خروج عن ملّة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، و سبب غضب الله و مقته، و ليس أصدق من الله و رسوله حديثا، فهل نحن مستجيبون لنداء الله تعالى و نداء نبيّه الأكرم فنحافظ على الصلاة و لا نضيّعها فهي عماد الدين و ركيزته و التي هي خمس في الأداء و خمسون في الأجر.
* حكم تـارك الصــلاة
يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب و أقرّ بوجوب الصلاة ترك سبيله، و إن أصرّ على إنكاره، فإنّه يقتل – كفرا – بعد غروب شمس اليوم الثالث. و لا يدفن في مقبرة المسلمين إلاّ عند الضرورة كأن لا يوجد مكان يدفن فيه، أو خيف من تغيّره قبل دفنه، فإنّه يوارى في التراب، و لا يكفن و لا يغسل و لا يصلّى عليه قطعا و لا يورث و تركته تعود لبيت مال المسلمين. المراد بتارك الصلاة: المسلم المكلّف شرعا بأداء الصلاة.
أوّلا : حكم تارك الصلاة اختيارا مع اعترافه بأنّها واجبة.
أن يرفع أمره للحاكم المسلم أو لنائبه و يطالب بأداء الصلاة فإن استجاب للطلب و أدّى الصلاة أطلق سراحه، و إذا أصرّ على ترك الصلاة بعد تحذيره، فعلى الحاكم أو نائبه أن يؤخره إلى آخر الوقت الضروري للصلاة الحاضرة بقدر ما يتسع لوضوئه أو تيممه و أداء ركعة واحدة قبل خروج الوقت.
فإن لم يستجب و أصرّ على ترك الصلاة بعد كل ما تقدّم فحكمه أن يقتل حدّا لا كفرا. و إن استجاب بعد صدور الحكم بقتله بأن قال إنّي أصلّي و صلّى فعلا، فإنّه لا يقتل في هذه الحالة.
ثانيا : حكم تارك الصلاة مع إنكار وجوبها،
لم يعد لنا مزيد و غدا إن شاء الله هناك جديد
الشيخ محمّد الشّاذلي شلبي
الإمام الخطيب
[/align]
[FONT="][/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="] [/FONT]