التراص في صفوف الصلاة

سعود المغيص
1443/08/08 - 2022/03/11 07:22AM

أَمَّا بَعْدُ عباد الله : َ

اتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُوهُ ، وَاسْتَقِيمُوا إليهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ، وَتَذَكَّرُوا نِعَمَ اللهِ عَلَينَا ، بِأَنْ أَزَالَ عَنَّا الوَبَاءَ , بَعْدَ أَنْ بَاعَدَ بَيننَا فِي الْمَسَاجِدِ .

فَالْحَمْدُ للهِ كَاشِفِ الضُّرِّ والْبَلْوى ، القَائِلِ: ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ، وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ).

عِبَادَ اللهِ : اجْتِمَاعُ القُلُوبِ وَالكَلِمَةِ مِن مَقَاصِدِ الشَّرْعِ الحَكِيمِ، وَلأَجْلِهَا بُنِيَتْ شَرِيعَتُنَا الغَرَّاءُ.

وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ العِبَادَاتِ مِنْ صَلاةٍ وَصَومٍ وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ تَتَجَرَّدُ عَنْ الْمَقْصِدِ النَّبِيلِ, فَقَدْ جَانَبَ السَّبِيلَ. وَلَمْ يَعْرِفْ مَآلاتِ الكِتَابِ الْجَلِيلِ.

فَالصِّيَامُ وِحْدَةٌ وَاجْتِمَاعٌ , والحَجُّ اجْتِمَاع لِلقُلُوبِ وَالأَبْدَانِ فِي أَطْهَرِ البِقَاعِ , أَمَّا الزَّكَاةُ فَهِيَ مِنْ أَعْظَمِ أَوَاصِرِ التَّآلُفِ بَينَ الْمُسْلِمينَ.

أَمَّا الصَّلاةُ الْمَفْرُوضَةُ ، فَهِيَ هِبَةُ اللهِ لَنَا ، وَسَبَبُ ائتِلافِنَا وَاجْتِمَاعِنَا ؛ إذَا نَحْنُ أَقَمْنَاهَا كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى, فَقَدْ شُرِعَتْ جَمَاعَةً ، لِنَلْتَقِيَ بِإخْوَانٍ لَنَا خَمْسَ مَرَاتٍ يَومِيًّا ..

أيُّهَا الْمُؤمِنُونَ : تَصَوَّرُوا مَعِيَ الْمَشْهَدَ النَّبَوِيَّ الإيْمَانِيَّ , حَدَّثَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ مَشْهَدٍ وَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَومٍ مِنْ حَيَاتِهِ ، وَبالتَّحْدِيدِ ِفي يَوْم الِاثْنَيْنِ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، حِينَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، إذْ خَرَجَ إليهمُ رَسُولُ اللهِ وَهُمْ صُفُوفٌ في الصَّلَاةِ ، فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سِتْرَ الحُجْرَةِ ، يَنْظُرُ إلى أَصْحَابِهِ وَهُوَ قَائِمٌ ، كَأَنَّ وَجْهَهُ ورَقَةُ مُصْحَفٍ ، مِنْ رِقَّتِهِ وَصَفاءِ بَشرَتِهِ وَجَمالِهِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ ، فَأَشَارَ إلَيْنَا أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِن يَومِهِ.

أَتَدْرُونَ يَا رَعَاكُمُ اللهُ لِمَ تَبَسَّمَ؟

لَقَدْ تَبسَّمَ فَرِحًا بِاجتِمَاعِهِم عَلى الصَّلاةِ، واتِّفاقِ كَلِمتِهم، وَحُسْنِ مَنْظَرِهِمْ وَمَظْهَرِهِمْ فَقَدْ كَانُوا كَأسْنَانِ الْمِشْطِ الْوَاحِدِ ، اللهُ أَكْبَرُ ..

وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، الْمَسْجِدَ يَومًا فَقَالَ لأصْحَابِهِ: « مَالِي أَرَاكُمْ عِزِينَ » يعني مُتَفَرِّقِينَ « أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ » فَقلُ يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: ( يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْأُوَلَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ ).

الَّلهُمَّ ارْزُقْنَا عِلْمًا نَافِعًا وَعَملاً صَالِحًا, وَتَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ,

أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِلمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

أَمَّا بَعْدُ عباد الله :

احْمُدُوا اللهَ وَاشْكُرُوُهُ، وَتَأَمَّلُوا مَقَادِيرَهُ فِي عِبَادِهِ وَعَظِّمُوهُ، وَتَوَكَّلُوا عَلَيهِ وَكَبِّرُوهُ؛ فَإنَّهُ الكَبِيرُ الْمُتَعَالِ.

هَا نَحنُ اليَومَ نَعُودُ إلى التَّراصِّ فِي الصَّفِّ ، وَنَصُفُّ كَمَا تَصُفُّ الملائِكَةُ عندَ رَبِّهَا ، نَعَمْ نَعُودُ لِنَصُفَّ كَمَا تَصُفُّ الملائِكَةُ عندَ رَبِّهَا ، بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَىَ.

وكَيْفَ لَا نَفْرَحُ وَهُوَ إِشَارَةٌ عَلَى اِنْحِسَارِ الجَائِحَةِ ، وَقُرْبِ زَوَالِهَا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالى، كَيْفَ لَا نَفْرَحُ لِعَمَلٍ كَانَ رَسُولُنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَحْرِصُ عَلَيْهُ ، وَأَصْحَابُهُ والْمُؤمِنُونَ, فَإنَّهُ مَنْ أَرَادَ تَمَامَ صَلَاتِهِ فَعَلَيْهِ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ ).

 اللهم علمنا ماينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ،

 اللهم بلغنا رمضان ونحن في صحة وعافية وإيمان..

اللهم اهدنا بهداك واجعل عملنا في رضاك..

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وأذلَّ الشرك والمشركين واحمِ حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين .

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَحْفَظَنَا بِحِفْظِكَ، وَأَنْ تَكْلَأَنَا بِرِعَايَتِكَ، وَأَنْ تَدْفَعَ عَنَّا الغَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلَازِلَ وَالمِحَنَ وَسُوءَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ، وَهيِّئْ لَهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْه وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَسَدِّدْهُمْا وَأَعِنْهُمْا ، وَاجْعَلْهُما مُبارَكِيْنَ مُوَفَّقِيْنَ لِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلاحٍ يارب العالمين

اللهم انصر جنودنا المرابطين على الحدود، اللهم أنزل السكينة في قلوبهم، وثبت أقدامهم، واحفظهم من كيد الأعداء.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا. اللهم أغثنا، اللهم أغثنا.. اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدراراً ، برحمتك يا أرحم الراحمين.

(ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً وفي الآخِرَةِ حَسَنةً وقِنَا عذابَ النار)

سُبحانَ ربِّكَ ربِّ العِزَّةِ عمَّا يصفون ، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله رب العالمين.

 

المشاهدات 493 | التعليقات 0