التدخين والمجتمع .. (تهذيب واختصار وإضافة لخطبة الشيخ صالح بن حميد)
أحمد السويلم
1434/02/15 - 2012/12/28 05:11AM
الحمد لله ..
أيها المسلمون:
شريعة الإسلام في مطلوباتها ومباحاتها جالبة للمنافع، محققة للمصالح، وهي في نواهيها وممنوعاتها دافعة للشرور، نافية للأضرار، وفي كلمة جامعة مانعة: فإن شريعتنا مبنية على جلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها؛ ومن أجل هذا فقد أباح الله سبحانه لعباده كل طيب، وحرم عليهم كل خبيث: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}
ومن أخص أوصاف نبينا محمد ☺ وأظهر نعوته: {َيأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} .. وإذا كان هذا متقررًا لدى أهل الإسلام في جميع مذاهبهم واجتهاداتهم؛ فتأملوا في هذه البلوى التي ابتليت بها البشرية، وضجَّ منها العقلاء والحكماء، فضلاً عن الأطباء والعلماء والمربين وعلماء الاجتماع؛ حتى قالوا: ليس في الوجود بأسره عامل هدم لصحة الأبناء والبنات، ولكفاءاتهم وأخلاقهم، مثل هذا البلاء؛ بل لقد قالوا: لا نظن أن الجنس البشري ضعف واستكان أمام عدو من أعدائه كما فعل أمام هذه البلية، لقد أسرته وأذلته وحطمته؛ بل لقد قتلته وأهلكته، إنها المدمر لصحة الأفراد، وسلامة الأطفال، وشقاء الأسر، ومصالح المجتمع، وسعادة الأمم، واقتصاد الدول.
أتدرون ما هذه البلية؟! ومن هو هذا العدو؟! وما هو هذا القاتل المهلك السفاح؟! مهلك الحرث والنسل؟!!
إنه آفة التدخين، وبلاء التبغ والدخان بأنواعه وألوانه، تدخينا وسعوطًا، ومضغًا ونشوطًا.
معاشر الإخوة: لقد اتفق التربويون والإعلاميون، والرياضيون والاقتصاديون، وعلماء النفس والمحامون، وخبراء الإدارة، وعلماء الاجتماع، وقبلهم وبعدهم علماء الشرع المطهر والأطباء - اتفقوا جميعًا على خطر هذه الآفة، ووجوب مواجهتها ومكافحتها، ومنعها ومنع وسائلها وأسبابها.
نعم، لا يستريب عاقل، مدخنًا وغير مدخن - أن الدخان خبيث لا طيب فيه، مضرٌّ لا نفع فيه، ممرضٌ لا صحة فيه، خسارةٌ لا كسب فيه، ليس بغذاء ولا دواء، لا يسمن ولا يغني من جوع، لا يجني المدخن المسكين سوى هذه الأبخرة المتصاعدة يدخلها في جوفه؛ لتسري في جميع أجزاء جسمه، ويبقى آخرها رمادًا بين أصابعه، وليته مجرد دخان، ولكنها السموم القاتلة، يدفعها إلى داخل جسده؛ لتبلغ جميع أجزاء بدنه، وتسري مع عروقه وأعصابه؛ لتفسد ولا تصلح، وتهدم ولا تبني.
التدخين مرض وهلاك، وضياع مال، وضياع أسر؛ بل ضياع أمم؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
عباد الله:
هذه - وربكم - ليست مبالغات ولا مزايدات، فقد قرر ذوو الاختصاص من الأطباء والمَخبريين، أن التدخين مورث لعشرات الأمراض الفتاكة، من سرطان الرئة وسكتات القلب وانسداد أوعية الدم و التهاب المعدة وغيرها ؟!، وحصول بعضها كافٍ في الاتعاظ ، فكيف بها جميعًا، نسأل الله السلامة والعافية.
بل تؤكد منظمة الصحة العالمية والهيئات الطبية أن التدخين هو أكبر خطر على الصحة تواجهه حياة الناس اليوم، وهو ثاني أكبرِ أسباب الوفاة في العالم – بتقدير الله - وعدد الذين يلاقون حتفهم أو يعيشون حياة قاسية مليئة بالأسقام والأمراض المزمنة بسبب التدخين بكافة صوره يفوقون - دون ريب - عدد الذين يموتون بسبب المخدرات والطاعون والسل والجذام ومرض نقص المناعة (الإيدز) مجتمعةً كل عام.
وإن تعجب فاعجب لمن يتلذذ بالدخان وهو لا يترك جزءًا من أجزاء جسده إلا وناله من ضرره وأذاه؛ من الصدر، والرئة، والقلب، والأسنان، والمخ، وجهاز الهضم، والجهاز العصبي، وتجاعيد الوجه والجلد، واضطراب النوم، والاكتئاب، والعقم، واضطراب الطمث عند النساء؛ حتى الجنين المسكين في بطن أمه !
أما آثاره الاقتصادية على الفرد والأسرة والأمة والإنسانية؛ فحدث عن الفقر والإفلاس والدمار ولا حرج، مع أن ما سبق من آثاره الصحية كافٍ لمَنْ كان له قلب، ولصاحب المسؤولية وصانع القرار!
عباد الله:
وثم دافع آخر لا يقل أهمية وهو إحدى آفات هذه البلية العظيمة، تلكم هو ما يعرف بالتدخين القسري، أو التدخين السلبي، أو التدخين بالإكراه؛ وهو تأثر غير المدخنين بالدخان المتصاعد من المدخنين، وتلوث المكان، والملابس، والحيطان، والأسقف، والأثاث، والفرش، يستنشقها غير المدخنين من الرجال والنساء والأطفال؛ فيبتلون بآثار هذا البلاء، وإن لم يدخنوا بمرة ! وهذا والله من الضرر المتعدي، والأذى الذي يجب دفعه ورفعه، والإنكار عليه، حماية ووقاية للمجتمع النقي.
أيها الإخوة المبتلون بالتدخين:
اقتلوه قبل أن يقتلكم، واهربوا منه قبل أن يلتف عليكم بحباله فيوثقكم، احموا أنفسكم وأطفالكم وأهليكم، واحفظوا أموالكم، واتركوه طاعة ربكم واحترامًا لأنفسكم ومن حولكم .
إن من اليقين والمعلوم أن هؤلاء الإخوة المبتلين بهذه الآفة - عافاهم الله وسلمهم - يملكون قلوبًا طيبةً وعواطفَ قوية جياشة نحو أسرهم وأهليهم ودينهم، إلا أنهم بلوا بهذا البلاء المدمر، وهم لا يكابرون في الاعتراف بأضرار التدخين؛ بل لعلهم لا يشكون في حرمته والإثم في تعاطيه، ويؤملون ويتمنون تركه والإقلاع عنه، فلهؤلاء جميعًا حق على إخوانهم أن يعينوهم، ويأخذوا بأيديهم، ويشجعوهم، ويبذلوا الوسائل لإنقاذهم.
أخي المبتلى:
إنما تكون المشقة في ترك المألوفات والعوائد ممن تركها لغير الله، أما مَنْ تركها مخلصًا في قلبه لله؛ فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة؛ ليمتحن: أصادق هو في تركها أم كاذب؟ فإن صبر على ترك المشقة قليلاً أعانه الله عليها.
وحينما يعافيك الله وينجيك من هذه الآفة؛ فإن آثارها العاجلة - بإذن الله -: حياة أطول، وزيادة في لياقة الجسم، وصفاء في البشرة، ومظهر أجمل، ورائحة أزكى، ومال أوفر، وحياة أسعد: {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
والذي يجلب الأسى والألم أن بلادنا تصنف بأنها إحدى الأقاليم الموبوءة بانتشار هذه الآفة، كما أنها – مع الأسف – من أكثر الأسواق المستهدفة لترويج هذه المصيبة العظيمة، فقد صنفت بأنها رابع أكبر دولة في استيراد التبغ في العالم.. فأي خسارة وتلف للأموال كهذه !
{وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}
والتهلكة: كل ما صار عاقبته إلى هلاك.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، أما بعد؛ فاتقوا الله تعالى، وأطيعوه، واعتصموا به، وتوكلوا عليه، {وتوبوا إليه جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
ثم لنتساءل أيها الكرام .. ما الذي يربحه المدخن من دخانه؟
المدخن في الواقع لا يربح إلا قلبًا سقيمًا، ونَفَسًا مضطربًا، وذهنا كليلاً، وأعصابًا ثائرةً مهتاجةً، وحيويةً مهدمةً، وحياةً قصيرةً مرهقةً.. يؤذي برائحته والديه وزوجه وأولاده وجيرانه وجماعة مسجده وزملاءه ومن مر به، حتى الحيوان والنبات والشجر.!
بل يؤذي الملائكة الكرام الحافظين الكاتبين، والملائكة الذين يشهدون الصلاة يتأذون بريحه ونتنه.
إن المدخن لو وقف بين يدي ملك من الملوك أو وجيه من الوجهاء لاجتهد في إخفاء أثر دخانه ونتن ريحه! أفلا يستحيي المدخن من ربه وهو يقف بين يديه يناجيه في الصلاة ونتن الدخان فيه جسده وفي فيه !
أي عباد الله .. إذا كان ضرر الدخان متقررا، وبلاؤه منتشرا، فما الذي يمنع أحدَنا من نصيحة متعاطيه ! ماذا لو تلطف كل واحد منا بنصح باعة الدخان ومروجيه! إلى متى وأحدنا يمر بالباعة يراهم يبيعون ويجاهرون وهو لا يحرك ساكنًا ! ما هذه السلبية الباردة !؟ هذه أسواقنا مليئة بهذه الآفة الخبيثة فأين العقلاء النصحاء !
أجهلنا أن أعظم الأسباب في انتشار المنكرات السكوتُ عن إنكارها ! فمن لم ينكر الشر فهو معين على نشره ولا ريب.
ومن الطريف المحزن ، أن أحد العمالة لما نصح في بيع الدخان قال بعفوية: لو كان حرامًا لما بيع في السعودية !! ظن المسكين ذلك وبعض الظن إثم ..
وبعد؛ فيا أيها الشباب، ويا أيها الأبناء، ويا أيها الناس جميعًا: نزهوا أنفسكم عن الوقوع في هذه الآفة التي تهلك النفس، وتفسد الصحة، وتضعف القوة، وتذهب بالنضارة، وتضيع المال..، وتذكروا أنه " لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عُمُرِهِ ، فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وعَنْ شَبَابِهِ ، فِيمَ أَبْلَاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ ، مِنْ أَيْنَ اكتَسَبه ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ ، مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ؟ "
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله جميعًا - واحفظوا أنفسكم، وقوا أنفسكم وأهليكم، وحافظوا على أموالكم وعافيتكم.
ثم صلوا وسلموا ..
أيها المسلمون:
شريعة الإسلام في مطلوباتها ومباحاتها جالبة للمنافع، محققة للمصالح، وهي في نواهيها وممنوعاتها دافعة للشرور، نافية للأضرار، وفي كلمة جامعة مانعة: فإن شريعتنا مبنية على جلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها؛ ومن أجل هذا فقد أباح الله سبحانه لعباده كل طيب، وحرم عليهم كل خبيث: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}
ومن أخص أوصاف نبينا محمد ☺ وأظهر نعوته: {َيأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} .. وإذا كان هذا متقررًا لدى أهل الإسلام في جميع مذاهبهم واجتهاداتهم؛ فتأملوا في هذه البلوى التي ابتليت بها البشرية، وضجَّ منها العقلاء والحكماء، فضلاً عن الأطباء والعلماء والمربين وعلماء الاجتماع؛ حتى قالوا: ليس في الوجود بأسره عامل هدم لصحة الأبناء والبنات، ولكفاءاتهم وأخلاقهم، مثل هذا البلاء؛ بل لقد قالوا: لا نظن أن الجنس البشري ضعف واستكان أمام عدو من أعدائه كما فعل أمام هذه البلية، لقد أسرته وأذلته وحطمته؛ بل لقد قتلته وأهلكته، إنها المدمر لصحة الأفراد، وسلامة الأطفال، وشقاء الأسر، ومصالح المجتمع، وسعادة الأمم، واقتصاد الدول.
أتدرون ما هذه البلية؟! ومن هو هذا العدو؟! وما هو هذا القاتل المهلك السفاح؟! مهلك الحرث والنسل؟!!
إنه آفة التدخين، وبلاء التبغ والدخان بأنواعه وألوانه، تدخينا وسعوطًا، ومضغًا ونشوطًا.
معاشر الإخوة: لقد اتفق التربويون والإعلاميون، والرياضيون والاقتصاديون، وعلماء النفس والمحامون، وخبراء الإدارة، وعلماء الاجتماع، وقبلهم وبعدهم علماء الشرع المطهر والأطباء - اتفقوا جميعًا على خطر هذه الآفة، ووجوب مواجهتها ومكافحتها، ومنعها ومنع وسائلها وأسبابها.
نعم، لا يستريب عاقل، مدخنًا وغير مدخن - أن الدخان خبيث لا طيب فيه، مضرٌّ لا نفع فيه، ممرضٌ لا صحة فيه، خسارةٌ لا كسب فيه، ليس بغذاء ولا دواء، لا يسمن ولا يغني من جوع، لا يجني المدخن المسكين سوى هذه الأبخرة المتصاعدة يدخلها في جوفه؛ لتسري في جميع أجزاء جسمه، ويبقى آخرها رمادًا بين أصابعه، وليته مجرد دخان، ولكنها السموم القاتلة، يدفعها إلى داخل جسده؛ لتبلغ جميع أجزاء بدنه، وتسري مع عروقه وأعصابه؛ لتفسد ولا تصلح، وتهدم ولا تبني.
التدخين مرض وهلاك، وضياع مال، وضياع أسر؛ بل ضياع أمم؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله.
عباد الله:
هذه - وربكم - ليست مبالغات ولا مزايدات، فقد قرر ذوو الاختصاص من الأطباء والمَخبريين، أن التدخين مورث لعشرات الأمراض الفتاكة، من سرطان الرئة وسكتات القلب وانسداد أوعية الدم و التهاب المعدة وغيرها ؟!، وحصول بعضها كافٍ في الاتعاظ ، فكيف بها جميعًا، نسأل الله السلامة والعافية.
بل تؤكد منظمة الصحة العالمية والهيئات الطبية أن التدخين هو أكبر خطر على الصحة تواجهه حياة الناس اليوم، وهو ثاني أكبرِ أسباب الوفاة في العالم – بتقدير الله - وعدد الذين يلاقون حتفهم أو يعيشون حياة قاسية مليئة بالأسقام والأمراض المزمنة بسبب التدخين بكافة صوره يفوقون - دون ريب - عدد الذين يموتون بسبب المخدرات والطاعون والسل والجذام ومرض نقص المناعة (الإيدز) مجتمعةً كل عام.
وإن تعجب فاعجب لمن يتلذذ بالدخان وهو لا يترك جزءًا من أجزاء جسده إلا وناله من ضرره وأذاه؛ من الصدر، والرئة، والقلب، والأسنان، والمخ، وجهاز الهضم، والجهاز العصبي، وتجاعيد الوجه والجلد، واضطراب النوم، والاكتئاب، والعقم، واضطراب الطمث عند النساء؛ حتى الجنين المسكين في بطن أمه !
أما آثاره الاقتصادية على الفرد والأسرة والأمة والإنسانية؛ فحدث عن الفقر والإفلاس والدمار ولا حرج، مع أن ما سبق من آثاره الصحية كافٍ لمَنْ كان له قلب، ولصاحب المسؤولية وصانع القرار!
عباد الله:
وثم دافع آخر لا يقل أهمية وهو إحدى آفات هذه البلية العظيمة، تلكم هو ما يعرف بالتدخين القسري، أو التدخين السلبي، أو التدخين بالإكراه؛ وهو تأثر غير المدخنين بالدخان المتصاعد من المدخنين، وتلوث المكان، والملابس، والحيطان، والأسقف، والأثاث، والفرش، يستنشقها غير المدخنين من الرجال والنساء والأطفال؛ فيبتلون بآثار هذا البلاء، وإن لم يدخنوا بمرة ! وهذا والله من الضرر المتعدي، والأذى الذي يجب دفعه ورفعه، والإنكار عليه، حماية ووقاية للمجتمع النقي.
أيها الإخوة المبتلون بالتدخين:
اقتلوه قبل أن يقتلكم، واهربوا منه قبل أن يلتف عليكم بحباله فيوثقكم، احموا أنفسكم وأطفالكم وأهليكم، واحفظوا أموالكم، واتركوه طاعة ربكم واحترامًا لأنفسكم ومن حولكم .
إن من اليقين والمعلوم أن هؤلاء الإخوة المبتلين بهذه الآفة - عافاهم الله وسلمهم - يملكون قلوبًا طيبةً وعواطفَ قوية جياشة نحو أسرهم وأهليهم ودينهم، إلا أنهم بلوا بهذا البلاء المدمر، وهم لا يكابرون في الاعتراف بأضرار التدخين؛ بل لعلهم لا يشكون في حرمته والإثم في تعاطيه، ويؤملون ويتمنون تركه والإقلاع عنه، فلهؤلاء جميعًا حق على إخوانهم أن يعينوهم، ويأخذوا بأيديهم، ويشجعوهم، ويبذلوا الوسائل لإنقاذهم.
أخي المبتلى:
إنما تكون المشقة في ترك المألوفات والعوائد ممن تركها لغير الله، أما مَنْ تركها مخلصًا في قلبه لله؛ فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة؛ ليمتحن: أصادق هو في تركها أم كاذب؟ فإن صبر على ترك المشقة قليلاً أعانه الله عليها.
وحينما يعافيك الله وينجيك من هذه الآفة؛ فإن آثارها العاجلة - بإذن الله -: حياة أطول، وزيادة في لياقة الجسم، وصفاء في البشرة، ومظهر أجمل، ورائحة أزكى، ومال أوفر، وحياة أسعد: {وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
والذي يجلب الأسى والألم أن بلادنا تصنف بأنها إحدى الأقاليم الموبوءة بانتشار هذه الآفة، كما أنها – مع الأسف – من أكثر الأسواق المستهدفة لترويج هذه المصيبة العظيمة، فقد صنفت بأنها رابع أكبر دولة في استيراد التبغ في العالم.. فأي خسارة وتلف للأموال كهذه !
{وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}
والتهلكة: كل ما صار عاقبته إلى هلاك.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
ثم لنتساءل أيها الكرام .. ما الذي يربحه المدخن من دخانه؟
المدخن في الواقع لا يربح إلا قلبًا سقيمًا، ونَفَسًا مضطربًا، وذهنا كليلاً، وأعصابًا ثائرةً مهتاجةً، وحيويةً مهدمةً، وحياةً قصيرةً مرهقةً.. يؤذي برائحته والديه وزوجه وأولاده وجيرانه وجماعة مسجده وزملاءه ومن مر به، حتى الحيوان والنبات والشجر.!
بل يؤذي الملائكة الكرام الحافظين الكاتبين، والملائكة الذين يشهدون الصلاة يتأذون بريحه ونتنه.
إن المدخن لو وقف بين يدي ملك من الملوك أو وجيه من الوجهاء لاجتهد في إخفاء أثر دخانه ونتن ريحه! أفلا يستحيي المدخن من ربه وهو يقف بين يديه يناجيه في الصلاة ونتن الدخان فيه جسده وفي فيه !
أي عباد الله .. إذا كان ضرر الدخان متقررا، وبلاؤه منتشرا، فما الذي يمنع أحدَنا من نصيحة متعاطيه ! ماذا لو تلطف كل واحد منا بنصح باعة الدخان ومروجيه! إلى متى وأحدنا يمر بالباعة يراهم يبيعون ويجاهرون وهو لا يحرك ساكنًا ! ما هذه السلبية الباردة !؟ هذه أسواقنا مليئة بهذه الآفة الخبيثة فأين العقلاء النصحاء !
أجهلنا أن أعظم الأسباب في انتشار المنكرات السكوتُ عن إنكارها ! فمن لم ينكر الشر فهو معين على نشره ولا ريب.
ومن الطريف المحزن ، أن أحد العمالة لما نصح في بيع الدخان قال بعفوية: لو كان حرامًا لما بيع في السعودية !! ظن المسكين ذلك وبعض الظن إثم ..
وبعد؛ فيا أيها الشباب، ويا أيها الأبناء، ويا أيها الناس جميعًا: نزهوا أنفسكم عن الوقوع في هذه الآفة التي تهلك النفس، وتفسد الصحة، وتضعف القوة، وتذهب بالنضارة، وتضيع المال..، وتذكروا أنه " لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ : عَنْ عُمُرِهِ ، فِيمَ أَفْنَاهُ ؟ وعَنْ شَبَابِهِ ، فِيمَ أَبْلَاهُ ؟ وَعَنْ مَالِهِ ، مِنْ أَيْنَ اكتَسَبه ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ ، مَاذَا عَمِلَ فِيهِ ؟ "
ألا فاتقوا الله - رحمكم الله جميعًا - واحفظوا أنفسكم، وقوا أنفسكم وأهليكم، وحافظوا على أموالكم وعافيتكم.
ثم صلوا وسلموا ..
المرفقات
التدخين وأضراره.doc
التدخين وأضراره.doc
عبدالله محمد الطوالة
جزاك الله خيرا
وبارك فيك ..
تعديل التعليق