التخوض في الممتلكات العامة
إبراهيم بن سلطان العريفان
1435/07/24 - 2014/05/23 07:44AM
الحمد لله خالق كل شيء، ورازق كل حي، أحاط بكل شيء علماً، وكل شيء عنده بأجل مسمى، قسم النعم بين الأمم، وفاوت بينها في الأقدار والقيم، سبحانه جعل الأرض مهدًا وقرارًا، وسلك فيها للبشر منافع وخيرات وثمارًا، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره وهو بكل لسان محمود، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو الإله المعبود صاحب العطاء، والفضل والجود. وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صاحب المقام المحمود، والحوض المورود، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الركع السجود، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى اليوم الموعود، وسلم تسليماً كثيراً.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
إخوة الإيمان والعقيدة ... من أراد زاداً فالتقوى تكفيه، ومن أراد عزاً فالإسلام يكفيه، ومن أراد عدلاً فحكم الله يكفيه، ومن أراد جليساً فالقرآن يكفيه، ومن أراد زينة فالعلم يكفيه، ومن أراد واعظاً فالموت يكفيه، ومن أراد أنيساً فذكر الله يكفيه، ومن أراد غنى فالقناعة تكفيه، ومن أراد جمالاً فالأخلاق تكفيه، ومن أراد راحةً فالآخرة تكفيه، ومن لم يكفه كل هذا فالنار تكفيه.
عباد الله: إن الشعوب والأمم والدول لتعتز وتفتخر بمنجزاتها ومكتسباتها في مختلف جوانب الحياة، بل وتسعى جاهدة إلى تربية وتوجيه أبنائها للحفاظ عليها، ورعايتها وتنميتها وتطويرها، حتى يستمر عطاؤها، وتستفيد منها الأجيال بعد الأجيال.
فالمستشفيات والمدارس والجامعات، والحدائق والملاعب، والمصانع والمؤسسات والوزارات، وحقول استخراج المعادن والثروات، والجسور والشوارع والطرقات، والكهرباء والمياه، وغيرها؛ ممتلكات ومكتسبات عامة ليست ملك لأحد، بل هي ملك لجميع أفراد المجتمع، فكان الحفاظ عليها مسئولية الجميع، وهي من المال العام الذي ينبغي الحفاظ عليه، ويعتبر الاعتداء عليه بأي وسيلة أو طريقة نوع من الإفساد في الأرض، وقد قال الله ( وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ? ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ) أي الذين يَتَصرَّفون في المال العام بالباطل، والله يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) وفي حديث آخر ( ورب متخوض في مال الله ومال رسوله ليس له إلا النار يوم القيامة ).
فالمال العام حرمته كبيرة، وحمايته عظيمة؛ بموجب الشرع الحنيف، وهو أشد في حرمته من المال الخاص، لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له.
وإن من ينظر إلى كثير من الممتلكات العامة يجد الإهمال والتسيب والاعتداء واضحاً على معالمها؛ فكثير من الناس لا يحافظون على نظافتها ولا أدواتها، ولا الطرق الصحيحة للاستفادة منها، ولا يقومون بإصلاح ما تلف أو تعطل منها، أو رفع ذلك إلى الجهات المسئولة عنها. وقد يقوم بعض أفراد المجتمع بتخريب المباني والحدائق، وأثاث المدارس بصورة متعمدة. تشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها..
ولا يخفى عليكم – يا مسلمون – ما يفعله بعض طلبة المدارس وخاصة في آخر الأيام من تكسير للكراسي والطاولات وزجاج النوافذ والأبواب في كل عام .. وخرج من طلاب المرحلة الابتدائية في مدرسة ... يقومون بتمزيق الكتب والدفاتر ورميها في الشوارع معلنين عن فرحهم بانتهاء الدراسة .. وهذه زلزلة تربوية تعليمية .. الكل مشارك فيها.
هذا طرف من الممتلكات العامة، وإلا في غيرها الكثير الكثير
وفي المقابل نجد بعض العاملين والموظفين ومن يدير هذه المؤسسات والممتلكات العامة، صور من الاعتداء على الممتلكات العامة تظهر في عدة جوانب: من ذلك الأخذ والاختلاس من هذه الممتلكات العامة، والاستفادة منها دون وجه حق، وقد حذر الدين من هذا الأمر؛ قال رسول الله صلى اله عليه وسلم ( مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ ) والغلول هو الخيانة والاختلاس من أموال المسلمين، وقال الله ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد، فقال صلى الله عليه وسلم ( كلا والذي نفسي بيده إني رأيته في النار في بردة غلها، أو عباءة غلها ) ثم قال صلى الله عليه وسلم ( يا ابن الخطاب! اذهب فنادِ في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ) فانظر إلى هذا الذي اختلس وأخذ من المال العام .. شيء يسير قبل أن يوزع على المسلمين مع جهاده وشرف صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشفع له عند الله؛ فكيف بمن يعبث ويسرق ويختلس الأموال والعقار ... ألا يخاف الله ؟ ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ).
عباد الله .. الإهمال في هذه المؤسسات والممتلكات العامة صورة بارزة من صور الاعتداء عليها؛ فأدواتها وأجهزتها، وأثاثها ووثائقها، وأموالها ومصالح الناس فيها؛ قد تتعرض للإهمال واللامبالاة؛ فتضيع حقوق، وتهدر أموال، وتتعطل مصالح، وانظروا إلى حرص عُمَرَيْن رضي الله عنمها عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز على المال العام؛ ليعتبر ويتعظ كل موظف ومسئول في أموال المسلمين وممتلكاتهم.
فعمر بن الخطاب في يومٍ صائفٍ شديد الحر، وهو محتجز بعباءة، يحاول إدراك بعيرًا من إبل الصدقة، شرد، فيه حق لليتيم والمسكين والأرملة، فقال رجل من القوم: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، هلا أمرت عبدًا من عبيد الصدقة يكفيك هذا؛ قال عمر: ثكلتك أمك، وأُيُ عبدٍ هو أعبد مني. إنها الأمانة والشعور بالمسئولية تجاه الحقوق والممتلكات العامة للمجتمع المسلم.
وهذا عمر بن عبدالعزيز .. جاء وزراؤه ليلاً ليتحدثوا في أمور المسلمين أوقد لهم شمعة يستضيئوا بها؛ فلما أكملوا حديثهم، وجلسوا يتسامرون أطفأها، وأوقد أخرى مكانها، فسألوه: لما يا عمر؟ قال: هذه الشمعة من بيت مال المسلمين، وكنا نتحدث في مصالحهم، أما وقد فرغنا من ذلك أوقدت سراجي. الله أكبر .. فأين من نظر للمال العام بأنه غنيمة باردة، فأخذ ينهب منها بغير حساب.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا .. نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا لكل خير، وأن يعصمنا من الزلل في القول والعمل.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
معاشر المؤمنين ... وصية أوصي بها نفسي وإخواني الآباء ... في هذه الأيام المقبلة .. أيام الاختبارات ، لأن أيام الاختبارات ، وخاصة فترة خروج الطالب من المدرسة بعد الاختبار إلى آذان الظهر، من الفترات القاتلة والخطيرة ، التي تغير كثيرا من سلوكيات الأبناء ، فكم حصل في هذا الوقت القصير من انحراف وضياع وفساد كبير.
ثلاث ساعات تقريبا - أيها الأخوة - المعلمون مشغولون في تصحيح ورصد اختبارات طلابهم ، والآباء مشغولون في أعمالهم ، والضحية بعض الأبناء ، فتجمعات عند التفحيط والمفحطين .. كم أزهقت من أرواح بريئة ، وكم هتكت من أعراض طاهرة.
في أيام الاختبارات ، وفي هذه الفترة القاتلة ، يذهب بعض الأبناء إلى المقاهي والأماكن الفاسدة ، وهناك يتعلمون العادات السيئة كالتدخين والشيشة ، ويتعرفون على بعض أصدقاء السوء .
وفي هذه الفترة القاتلة ، قد تكون الصداقات الجديدة ، فيخرج الابن من الامتحان ، ويجد من يوصله إلى البيت ، أومن يسأله عن امتحانه ، وفي نفسه أن يتعرف عليه.
إنها فرصة لمروجي المخدرات ، وخاصة الحبوب المنشطة ، التي راح ضحيتها ، بعض الشباب ، بحجة المذاكرة والمراجعة .
الشاهد ـ أيها الأخوة ـ إن وقت ما بعد الاختبارات اليومية ، وقت من أضر الأوقات وأخطرها على كثير من الأبناء ، فليحرص الآباء على فلذات أكبادهم، ويحرصوا أن يأخذوا أبناءهم من المدرسة بعد انتهاء الاختبار اليومي ... وأن لا يسمح لابنه أن يذهب إلى أي مكان مهما كانت الحجة ... فقط من المدرسة إلى البيت تحت نظر الأهل.
أسأل الله تعالى أن يصلح لنا نياتنا وذرياتنا ، وأن يحفظ لنا فلذات أكبادنا ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )
إخوة الإيمان والعقيدة ... من أراد زاداً فالتقوى تكفيه، ومن أراد عزاً فالإسلام يكفيه، ومن أراد عدلاً فحكم الله يكفيه، ومن أراد جليساً فالقرآن يكفيه، ومن أراد زينة فالعلم يكفيه، ومن أراد واعظاً فالموت يكفيه، ومن أراد أنيساً فذكر الله يكفيه، ومن أراد غنى فالقناعة تكفيه، ومن أراد جمالاً فالأخلاق تكفيه، ومن أراد راحةً فالآخرة تكفيه، ومن لم يكفه كل هذا فالنار تكفيه.
عباد الله: إن الشعوب والأمم والدول لتعتز وتفتخر بمنجزاتها ومكتسباتها في مختلف جوانب الحياة، بل وتسعى جاهدة إلى تربية وتوجيه أبنائها للحفاظ عليها، ورعايتها وتنميتها وتطويرها، حتى يستمر عطاؤها، وتستفيد منها الأجيال بعد الأجيال.
فالمستشفيات والمدارس والجامعات، والحدائق والملاعب، والمصانع والمؤسسات والوزارات، وحقول استخراج المعادن والثروات، والجسور والشوارع والطرقات، والكهرباء والمياه، وغيرها؛ ممتلكات ومكتسبات عامة ليست ملك لأحد، بل هي ملك لجميع أفراد المجتمع، فكان الحفاظ عليها مسئولية الجميع، وهي من المال العام الذي ينبغي الحفاظ عليه، ويعتبر الاعتداء عليه بأي وسيلة أو طريقة نوع من الإفساد في الأرض، وقد قال الله ( وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ? ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة ) أي الذين يَتَصرَّفون في المال العام بالباطل، والله يقول ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) وفي حديث آخر ( ورب متخوض في مال الله ومال رسوله ليس له إلا النار يوم القيامة ).
فالمال العام حرمته كبيرة، وحمايته عظيمة؛ بموجب الشرع الحنيف، وهو أشد في حرمته من المال الخاص، لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له.
وإن من ينظر إلى كثير من الممتلكات العامة يجد الإهمال والتسيب والاعتداء واضحاً على معالمها؛ فكثير من الناس لا يحافظون على نظافتها ولا أدواتها، ولا الطرق الصحيحة للاستفادة منها، ولا يقومون بإصلاح ما تلف أو تعطل منها، أو رفع ذلك إلى الجهات المسئولة عنها. وقد يقوم بعض أفراد المجتمع بتخريب المباني والحدائق، وأثاث المدارس بصورة متعمدة. تشويه منظرها بالكتابة عليها، أو كسر النوافذ الزجاجية منها..
ولا يخفى عليكم – يا مسلمون – ما يفعله بعض طلبة المدارس وخاصة في آخر الأيام من تكسير للكراسي والطاولات وزجاج النوافذ والأبواب في كل عام .. وخرج من طلاب المرحلة الابتدائية في مدرسة ... يقومون بتمزيق الكتب والدفاتر ورميها في الشوارع معلنين عن فرحهم بانتهاء الدراسة .. وهذه زلزلة تربوية تعليمية .. الكل مشارك فيها.
هذا طرف من الممتلكات العامة، وإلا في غيرها الكثير الكثير
وفي المقابل نجد بعض العاملين والموظفين ومن يدير هذه المؤسسات والممتلكات العامة، صور من الاعتداء على الممتلكات العامة تظهر في عدة جوانب: من ذلك الأخذ والاختلاس من هذه الممتلكات العامة، والاستفادة منها دون وجه حق، وقد حذر الدين من هذا الأمر؛ قال رسول الله صلى اله عليه وسلم ( مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ ) والغلول هو الخيانة والاختلاس من أموال المسلمين، وقال الله ( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ) لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: فلان شهيد، وفلان شهيد، حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد، فقال صلى الله عليه وسلم ( كلا والذي نفسي بيده إني رأيته في النار في بردة غلها، أو عباءة غلها ) ثم قال صلى الله عليه وسلم ( يا ابن الخطاب! اذهب فنادِ في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ) فانظر إلى هذا الذي اختلس وأخذ من المال العام .. شيء يسير قبل أن يوزع على المسلمين مع جهاده وشرف صحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشفع له عند الله؛ فكيف بمن يعبث ويسرق ويختلس الأموال والعقار ... ألا يخاف الله ؟ ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ).
عباد الله .. الإهمال في هذه المؤسسات والممتلكات العامة صورة بارزة من صور الاعتداء عليها؛ فأدواتها وأجهزتها، وأثاثها ووثائقها، وأموالها ومصالح الناس فيها؛ قد تتعرض للإهمال واللامبالاة؛ فتضيع حقوق، وتهدر أموال، وتتعطل مصالح، وانظروا إلى حرص عُمَرَيْن رضي الله عنمها عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز على المال العام؛ ليعتبر ويتعظ كل موظف ومسئول في أموال المسلمين وممتلكاتهم.
فعمر بن الخطاب في يومٍ صائفٍ شديد الحر، وهو محتجز بعباءة، يحاول إدراك بعيرًا من إبل الصدقة، شرد، فيه حق لليتيم والمسكين والأرملة، فقال رجل من القوم: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، هلا أمرت عبدًا من عبيد الصدقة يكفيك هذا؛ قال عمر: ثكلتك أمك، وأُيُ عبدٍ هو أعبد مني. إنها الأمانة والشعور بالمسئولية تجاه الحقوق والممتلكات العامة للمجتمع المسلم.
وهذا عمر بن عبدالعزيز .. جاء وزراؤه ليلاً ليتحدثوا في أمور المسلمين أوقد لهم شمعة يستضيئوا بها؛ فلما أكملوا حديثهم، وجلسوا يتسامرون أطفأها، وأوقد أخرى مكانها، فسألوه: لما يا عمر؟ قال: هذه الشمعة من بيت مال المسلمين، وكنا نتحدث في مصالحهم، أما وقد فرغنا من ذلك أوقدت سراجي. الله أكبر .. فأين من نظر للمال العام بأنه غنيمة باردة، فأخذ ينهب منها بغير حساب.
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا .. نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يوفقنا لكل خير، وأن يعصمنا من الزلل في القول والعمل.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
معاشر المؤمنين ... وصية أوصي بها نفسي وإخواني الآباء ... في هذه الأيام المقبلة .. أيام الاختبارات ، لأن أيام الاختبارات ، وخاصة فترة خروج الطالب من المدرسة بعد الاختبار إلى آذان الظهر، من الفترات القاتلة والخطيرة ، التي تغير كثيرا من سلوكيات الأبناء ، فكم حصل في هذا الوقت القصير من انحراف وضياع وفساد كبير.
ثلاث ساعات تقريبا - أيها الأخوة - المعلمون مشغولون في تصحيح ورصد اختبارات طلابهم ، والآباء مشغولون في أعمالهم ، والضحية بعض الأبناء ، فتجمعات عند التفحيط والمفحطين .. كم أزهقت من أرواح بريئة ، وكم هتكت من أعراض طاهرة.
في أيام الاختبارات ، وفي هذه الفترة القاتلة ، يذهب بعض الأبناء إلى المقاهي والأماكن الفاسدة ، وهناك يتعلمون العادات السيئة كالتدخين والشيشة ، ويتعرفون على بعض أصدقاء السوء .
وفي هذه الفترة القاتلة ، قد تكون الصداقات الجديدة ، فيخرج الابن من الامتحان ، ويجد من يوصله إلى البيت ، أومن يسأله عن امتحانه ، وفي نفسه أن يتعرف عليه.
إنها فرصة لمروجي المخدرات ، وخاصة الحبوب المنشطة ، التي راح ضحيتها ، بعض الشباب ، بحجة المذاكرة والمراجعة .
الشاهد ـ أيها الأخوة ـ إن وقت ما بعد الاختبارات اليومية ، وقت من أضر الأوقات وأخطرها على كثير من الأبناء ، فليحرص الآباء على فلذات أكبادهم، ويحرصوا أن يأخذوا أبناءهم من المدرسة بعد انتهاء الاختبار اليومي ... وأن لا يسمح لابنه أن يذهب إلى أي مكان مهما كانت الحجة ... فقط من المدرسة إلى البيت تحت نظر الأهل.
أسأل الله تعالى أن يصلح لنا نياتنا وذرياتنا ، وأن يحفظ لنا فلذات أكبادنا ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)
المشاهدات 2446 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
إبراهيم بن سلطان العريفان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد كانت الخطبة الثانية مناسبة لقرب الاختبارات عندنا في السعودية
ولكن أحبتت أن أشارك بالخطبة الثانية استكمالا لما ذكرته في الخطبة الأولى
لمن يرغب الاستفادة منها - ومنكم نستفيد -
الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
معاشر المؤمنين ... لنحافظ على هذه الممتلكات وهذه المنجزات والمكتسبات؛ ولنربي أبنائنا على الكسب الطيب، والعفاف والورع، ولنشكر المولى سبحانه وتعالى عليها، فبالشكر تزيد النعم ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )
ولنؤدي الأمانة كما يجب، ولنحذر من التسابق والتهافت على المال العام حتى لا نتعرض لسخط الله وعقوبته، ولنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فما فسدت القيم، وساءت الأخلاق، وسفكت الدماء، وتجرأ المسلم على أخيه المسلم إلا بسبب التنافس على الدنيا وأموالها بالباطل، ونسيان الآخرة بما فيها من أجر وثواب وحساب وعقاب.
وليسع المسلم لئن تكون حياته قائمة على الحلال ليكتب له القبول في الأرض والسماء، وتكتب له النجاة يوم القيامة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) وقال ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأني يستجاب لذلك؟ )
أسأل الله العلي العظيم أن يطيب كسبنا، وأن يصلح نياتنا، وأن يرزقنا وإياكم تقواه وخشيته ظاهراً وباطناً، إنه سميع قريب مجيب.
تعديل التعليق