التحذير من خطوات الشيطان
المحيميد المحيميد
1433/02/17 - 2012/01/11 20:19PM
[font="]بسم الله الرحمن الرحيم[/font]
[font="]د. محمد بن عبد الله المحيميد إمام جامع البصر بالقصيم[/font]
[font="]أما بعد /فأوصي نفسي وإياكم أيها المسلمون بتقوى الله تعالى،فاتقوه – رحمكم الله- فإن من اتقى الله وقاه، ووفقه إلى خير أموره وحفظه في دينه ودنياه.(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا..) .[/font]
[font="]عباد الله : تناقلت وسائل الإعلام قبل يومين بياناً صدر عن وزارة الداخلية جاء فيه : [/font]
[font="]( أقدم .. (فلان بن فلان) على قتل طفلة من أقاربه بعد استدراجها إلى خارج العمران، وفعل الفاحشة بها مفاخذة، ثم خنقها بملابسها وبيديه حتى أغمي عليها، وبعد ذلك قام بضربها بوتد خيمة على رأسها ضرباتٍ عدة حتى فارقت الحياة ، وبفضلٍ من الله تمكّنت سلطات الأمن من القبض على المذكور، وأسفر التحقيق عن توجيه الاتهام إليه بارتكاب جريمته، وبإحالته إلى المحكمة العامة صدر بحقه صكٌ شرعي يقضي بثبوث ما نُسب إليه شرعاً، ونظراً لبشاعة ما قام به ولكونه ضرباً من الفساد في الأرض حيث قام بقتلها وذلك بخنقها وتهشيم رأسها بعد أن فعل الفاحشة بها وهي صغيرة السن، وهو قريبٌ لها واجبٌ عليه حفظها وصيانتها وتحققت صفة قتل الغيلة فيما قام به، وحمايةً للفرد والمجتمع من المفسدين، فقد تم الحكم بقتله حد الغيلة، وصُدِّق الحكم من محكمة الإستئناف ومن المحكمة العليا، وصدر أمرٌ سامٍ يقضي بإنفاذ ما تقرر شرعاً وصُدِّق من مرجعه بحق الجاني المذكور. وتم تنفيذ حكم القتل حداً بالجاني ) .[/font]
[font="]ياله من خبر مؤلم ونبأ مفجع على إثر فعل مشين وجرأة متناهية على محارم الله ؛ قطيعة رحم وخطف وفاحشة ثم تعذيب وقتل ؛ سلسلة كبائر نسأل الله السلامة والعافية والثبات على الدين ، ونعوذ به من الزيغ والفتن وسوء العاقبة .[/font]
[font="]عباد الله:إن لي مع هذا الخبر ثلاث وقفات أرجو أن تنفعنا فإن السعيد من وعظ بغيره: [/font]
[font="]الوقفة الأولي : الإشادة بما ننعم به في هذه البلاد المباركة من تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء ؛ الضمانة الإلاهية الأكيدة لتحقيق الأمن والطمأنينة للمجتمع ، ومصدر العز والفلاح في الدنيا والآخرة ..، وما تنفيذ هذا الحد إلا أُنموذجاً شاهدا على ذلك فنحمد الله ونشكره عز وجل على ما من به علينا من هذه النعم العظيمة ونسأله سبحانه أن يديمها على بلادنا وأن يعم بها أوطان المسلمين ، ثم الشكر لولاة الأمر – وفقهم الله- على الإلتزام بتنفيذ الحدود الشرعية رغم أنوف الحاقدين الشانئين من الكفرة الحاقدين وأذنابهم من السفلة المنافقين المنادين بتعطيلها واستبدالها بالقوانين الوضعية .[/font]
[font="]الوقفة الثانية : مع عجيب مكر عدو الله إبليس وأحابيله في استدراج بني آدم إلى أن يزجهم معه في جهنم عياذاً بالله منها ؛ أجل يا عباد الله هل يعتقد أحد أن ذلك الرجل حين أقدم على على ما أقدم عليه من خطف تلك الطفلة البريئة قد عزم على التخلص منها بهذه الطريقة البشعة ؟ أنا لا أعتقد ولعل الكثير منكم يوافقني ؛ فالذي يظهر أنه إنما أراد فعل الفاحشة بها فقط لقضاء وطره ولم يكن قصده حتى مجرد إيلامها وإيذاءها بدليل أنه لم يفتض بكارتها كما ورد في الخبر ..، فقد زين له الشيطان فعله وسهل عليه الأمر ، ووسوس له وطمأنه أن الفتاة ربما يعجبها هذا الفعل فتعامله أو يغريها بالمال فتستر عليه على أقل تقدير . غير أنه بعد أن قضي وطره منها انقلب عليه الشيطان كعادته فخوفه من الفضيحة ثم العقوبة وألقى في روعه أنك مفضوح ومقتول لا محاله إن وصلت الفتاة إلى أهلها فهي صغيرة لا تكتم الخبر لو كان الفعل برضاها فكيف وهي مكرهة ، ولا نجاة لك من ذلك إلا بالتخلص منها فأقدم على قتل هذه الفتاة البريئة بهذه الطريقة البشعة التي تقشعر من سماعها الأبدان وترتجف منها القلوب بعد أن أفزعها وروعها عياذاً بالله ..ولا تسأل عما حل بأهله بعد فقدها وبعد معرفة خبرها نسأل الله أن يجبر مصابهم وأن يخلف عليهم خيراً [/font]
[font="]هذا هو الشيطان وهذه أحابيله - عباد الله -ينقل المسلم إلى النار بالتدرج ودون أن يشعر خطوة خطوة ومرحلة مرحلة بكل ذكاء وخبث ؛ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَعَبِّدٌ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فَأَرَادَهُ الشَّيْطَانُ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ، فَأَتَى أَهْلَ بَيْتٍ لَهُمْ شَرَفٌ ، فَتَلَبَّسَ بِأُخْتٍ لَهُمْ ، فَصَرَعَهَا ، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ : يَا هَؤُلاءِ ! أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يُدَاوِيهَا ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : فُلانٌ الْعَابِدُ . فَأَخْرَجُوهَا إِلَيْهِ ؛ فَكَانَتْ مَعَهُ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ ؛ فَلَمْ يَزَلْ يُزَيِّنُهَا لَهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : أَنَا دَلَلْتُهُمْ عَلَيْكَ ، وَأَنَا زَيَّنْتُهَا لَكَ حَتَّى وَقَعْتَ عَلَيْهَا ، وَلَيْسَ يُنجِيكَ مِنْهُمْ إِلا أَنْ تَقْتُلَهَا وَتَدْفِنَهَا . فَفَعَلَ ، فَأَتَى الشَّيْطَانُ أَهْلَ الْجَارِيَةِ ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ الْعَابِدَ وَقَعَ عَلَى أُخْتِكُمْ حَتَّى حَمَلَتْ ، وَقَدْ قَتَلَهَا وَدَفَنَهَا ؛ فَتَعَالَوْا حَتَّى أَدُلَّكُمْ عَلَى قَبْرِهَا . فَذَهَبُوا مَعَهُ ، فَدَلَّهُمْ عَلَى قَبْرِهَا ، قَالَ : فَأَخَذُوهُ ، فَأَتَوْا بِهِ مَلِكَهُمْ ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : أَنَا دَلَلْتُهُمْ عَلَيْكَ ، وَأَنَا زَيَّنْتُهَا حَتَّى وَقَعْتَ عَلَيْهَا ؛ فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً أُخَلِّصْكَ مِنْهُمْ . قَالَ : فَأَبَى ؛ فَأُمِرَ بِصَلْبِهِ ، فَصُلِبَ ، فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : اسْجُدْ لِي سَجْدَةً أُخَلِّصْكَ مِنْهُمْ ، فَفَعَلَ ، وَقُتِلَ الْعَابِدُ ؛ فَأَنْزَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ :[/font][font="] كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) قال الحافظ العراقي : رواه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن مردويه في تفسيره في حديث عبيد بن أبي رفاعة مرسلا وللحاكم نحوه موقوفا على علي بن أبي طالب وقال صحيح الإسناد ..؛ قال الإمام الغزالي-رحمه الله- بعد أن ذكر هذا الحديث : ( فانظر الآن إلى حيله واضطراره الراهب إلى هذه الكبائر وكل ذلك لطاعته له في قبول الجارية للمعالجة وهو أمر هين ، وربما يظن صاحبه أنه خير وحسنة فيُحسنُ ذلك في قلبه بخفي الهوى ، فيقدم عليه كالراغب في الخير ، فيخرج الأمر بعد ذلك عن اختياره ويجره البعض إلى البعض بحيث لا يجد محيصا ، فنعوذ بالله من تضييع أوائل الأمور ، وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه متفق عليه )اهـ رحمه الله.
[/font]
[font="] ألا فا تقوا الله عباد الله وخذوا حذركم من عدوكم فقد أقسم بعزة الله أن يغويكم أجمعين إلا عباد الله المخلصين -نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم -، واستعينوا بالله عليه واعتصموا به واحتموا بدعائه والإكثار من ذكره جل وعلا ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ –رضي الله عنهما - قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَقَوْلُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ ، قَالَ : قُلِ : اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ ، قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ ، وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ.) حديث صحيح أخرجه الإمام أحمد-رحمه الله وغيره .[/font]
[font="]أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) بارك الله لي ولكم في القرآن..[/font]
[font="]
الخطبة الثانية[/font]
الخطبة الثانية[/font]
[font="]الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ..[/font]
[font="]أما بعد [/font]
[font="]الوقفة الأخيرة أيها المسلمون : مع تهاون بعض الأولياء من الآباء والأمهات والأخوة والأخواة في ستر عورة الأطفال من البنين والبنات وحماية مفاتنهم عن الأنظار ؛ فقد فشي عند كثير من الناس مع الأسف التهاون في ملابس الأطفال فانتشرت الملابس القصيرة التي تكاد تبدو منها العورة المغلظة فضلا عما دونها والبناطيل الضيقة الفاتنة التي تجر إلى الفاحشة جراً وتغرى بهم ضعاف الإيمان لا سيما في ظل كثرة المهيجات من الأفلام والصور والقصص الجنسية ؛ المؤججة للغرائز التي تنتشر بين شبابنا وأطفالنا انتشار النار في الهشيم عبر الأجهزة الإلكترونية كالكمبيوترات والجوالات وغيرها . في ظل غفلة من العقلاء أو سذاجة من الأصحاء أو استجابة لرغبات ضعيفات الإيمان من النساء في متابعة الموضات والتقليد الأعمى مما يزينه الشيطان وأولياء الشيطان ، مما أخبر عنه المولى جل وعلا بقوله تعالى : (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) أجل يا عباد الله من زين في نفوس الكثيرين تقصير ملابس الفتيات ، وفي المقابل زين لهم اطالة ملابس الذكور؟ مع أنه مخالف للفطر السليمة والمنطق الصحيح ، من زين ذلك في نفوسهم إلا الشيطان ليوقع الجميع في معصية الله لعلم الخبيث أن إطالة الملابس محرمة على الرجال وتقصيرها محرم على النساء وسبب عظيم من أسباب الوقوع في المنكر والفحشاء ، بل وتفشيها بين المحارم والأقرباء[/font][font="]أيها المؤمنون : إن من يتهاون في ملابس الأطفال ويقع ابنه أو ابنته في فاحشة أو يكرهان عليها.. فإنه يعتبر المسؤل الأول عن ذلك وتجب معاقبته في الدنيا بما تسبب به على هؤلاء الأطفال الأبرياء من البلاء ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى نظير غشه وتفريطه في أمانته ؛ فعن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِىَّ –رضي الله عنه - قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ« مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ » أخرجه مسلم-رحمه الله وغيره .[/font]
[font="]ألا فلنتقي الله جميعاً أيها الرجال ولنقم بواجبنا تجاه ابنائنا وبناتنا بكل قوة وحزم مستصحبين الرفق والحكمة ، وندع التهاون والاتكال على النساء فالأمر جد خطير والأمانة عظيمة والمسؤلية مناطة بأعناقنا نحن ؛ قال تعالى : (يَا َيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) .[/font]
[font="]اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة .[/font]
[font="]اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ ، نشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، نعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أنَفْسِنا ، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ . إنك عل كل شيء قدير [/font]
[font="]
[/font]
[/font]
المشاهدات 3720 | التعليقات 2
خطبة طيبة بارك الله فيك ونفع بك
براعة الاستهلال موفقة
وفيها تربية بالأحداث
أسأل الله أن ينفع بك
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق