التحذير من بدعة المولد

أحمد بن ناصر الطيار
1446/03/09 - 2024/09/12 13:49PM

الحمد لله الذي أنزل برحمته الكتاب، وأجرى بقدْرته السحاب، وهزَم بقوته الأحزاب، وأشهد ألا إله إلا الله الكريمُ الوهاب، يُحب مِن عباده الشكورَ الأواب، ويتوب بعفوِه وحلمِه على من تاب، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسولُه، أزال الله ببعثَته عن القلوب الحجاب، وجاهد أهلَ الكفر والشك والارتياب، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنَّ توحيدَ الله تعالى يجمع القلب ويصفّيه؛ فإنّ كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لها معنى عظيمٌ جدًّا؛ فإنَّ الإله بمعنى مأْلوه, وهو الذي تألهه القلوب, أي تحبُّه وتَذِلّ له، فلا يرجو العبدُ الموحِّدُ إلا الله, ولا يخاف إلا منه, ولا يتوكل إلا عليه, ولا يدعو غيره, ولا يذلّ إلا له, ولا يطمئن إلا به, ولا يسكن إلا إليه.

والتوحيد الخالص لله هو الذي يُنقذ النفس من التشتت, ويوحّدها ويجمعها على واحد, وهو الرب العظيم القوي القريب.

فلا تخاف من مرض؛ لأنّ الشفاء بيد الله سبحانه.

ولا تخاف من عدوّ؛ لأنّ ناصيته بيده سبحانه.

ولا تخاف من الموت؛ لأنّ الآجال بيده سبحانه.

ولا تخاف من الفقر؛ لأن الرزق بيده سبحانه.

ولا تطمع إلا فيمن لا تنْفَد خزائنُه.

ولا تتوكّل إلا على من لا يُردُّ أمرُه.

ولا تشكو إلا لمن يسمع شكواك فيقضي حاجتك.

فعندها يجتمع القلبُ ويسكن ويطمئن, ويسلم من التشتت هنا وهناك, وعند فلان وفلان, ويتحرَّر من رِقّ العبودية للخلق, ويكونُ للخالقِ الرازقِ العظيمِ الكريم جل وعلا.

فالحريّةُ الحقيقية هي بالعبوديّة لله تعالى وحده.

فإنّ العبد متى الْتَفَتَ إلى غير الله: أخذ ذلك الالتفاتُ شعبةً من شُعَب قلبه, فضعف وجَبُن وتفرّق.

واعلم يا عبد الله أنك ستُسْأل يوم القيامة على كل قول قُلتَه وعملٍ عملتَه سؤالين: لِمَ، وكيف.

والسؤال الأول عن الإخلاص، فإذا لم تكن أقوالُك وأفعالُك خالصة لوجه الله لم تقبل منك، قالَ رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّما ‌الْأَعْمالُ ‌بالنِّيَّات، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى".

 والسؤال الثاني عن المتابعة, فإذا لم تكن موافقةً للكتاب والسنة لم تقبل منك, قالَ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»، أي: مردود.

فأخلِص لله تعالى في جميع أقوالك وأعمالك، ولتكن على السنة ولا تبْتدع.

ومن البدع المحدَثة، التي يأثم فاعلُها ومعتقدُها: الاحتفالُ بمولد النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}.

وإحداثُ مثل هذه الموالد يُفهَم منه أن الله ـ سبحانه ـ لم يُكْمِل الدين لهذه الأمة ، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يبلّغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به ، زاعمين أن ذلك مما يقربهم إلى الله ، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم، واعتراض على الله ـ سبحانه ـ وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، والله سبحانه قد أكمل لعباده الدين، وأتم عليهم النعمة.

والاحتفال بالمولد النبوي يقام في الثاني عشر من ربيع الأول، باعتبار أنه يومُ ولادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يوجد نَصٌّ صحيح يدلّ على هذا التاريخ.

 

‌بارك ‌الله ‌لي ‌ولكم ‌في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بالآيات والذّكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

*****************

الحمد الله رب العالمين, وصلى الله وسلم على المصطفى الأمين, وعلى آله وصحبه والتابعين, أما بعد:
إخوة الإيمان هذا سؤال موجّه لكلّ من يعتقد جواز الاحتفال:
هل احتفل النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه بمولده؟

والجواب المقطوع به: أنه لم يحتفل هو ولا أصحابه، فإنّ ذلك لم يُنقل بسند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع.

فلِمَ تفعل شيئًا لم يفعله نبيّك صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم، وهم أحرص الناس على الخير؟

[ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلفُ رضي الله عنهم أحقَّ به منّا، فإنهم كانوا أشدّ محبةً وتعظيمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منّا، وهم على الخير أحرص.

وإنما كمالُ محبتِه وتعظيمِه في متابعته وطاعتِه واتباعِ أمره، وإحياءِ سنّته باطنًا وظاهرًا، ونشرِ ما بُعث به، والجهادِ على ذلك بالقلب واليد واللسان؛ فإنّ هذه طريقة السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان]. اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 123)

 

اللهم أعذنا من الابتداع في دينك، وارزقنا اتّباع سنّةَ نبيّك، والعملَ بكتابك، يا حيّ يا قيومُ يا ذا الجلال والإكرام.

 

 

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 570 | التعليقات 0