التحذير من الكذب بأنواعه.
عبدالله بن رجا الروقي
1436/05/06 - 2015/02/25 20:41PM
أمّا بعد: فإن من أجل الصفات قدراً وأثقلها عند الله وزناً صفةَ الصدق.
فقد وصفَ الله بالصدق رسلَه وأولياءَه فقال سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا ﴾
وأمر الله به المؤمنين فقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
وهذه الصفة قد أخلّ بها كثير من الناس فوقعوا في أنواع من الكذب بعضها أشد من بعض ، وقد أخبر النبي ﷺ أن الصدق سبب موصل إلى الجنة وأن الكذب بضد ذلك إذ يخشى على صاحبه من خاتمة السوء قال ﷺ : إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدُق حتى يكون صِدِّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذِب حتى يُكتب عند الله كذابًا. متفق عليه.
والكذب علامةٌ على النفاق؛ قال ﷺ : آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ : إذا حدَّثَ كذَبَ ، وإذا وعَدَ أخلَفَ وإذا اؤتُمِنَ خانَ. متفق عليه.
عباد الله إن الكذب ليس على مرتبة واحدة بل هو أنواع فأعظم الكذب الشركُ بالله فالمشرك كاذبٌ على الله بنسبة الشريك له فيما يختص به سبحانه قال ﷻ ﴿ هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾
ومن الكذب القول على الله بغير علم كأن يتكلم أحد في دين الله ولا علم له أويفتي بغير علم قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ﴾
فالواجب كف اللسان عن الكلام في دين الله بغير علم ، وهذا الأمر قد تساهل فيه كثير من الناس فتجد من لاعلم عنده يتكلم في أمور كبار لايتصدى لها إلا الجهابذة من العلماء
وهذا دليل على رقة الديانة وضعف الخوف من الله فقد جاء الوعيد الشديد على ذلك قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله عند هذه الآية : والكذب على الله يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبارِ عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء ِ النبوة، أو القولِ في شرعه بما لم يقله، والإخبارِ بأنه قاله وشرعه. انتهى كلامه.
ومن أعظم الكذب رمي المسلم العفيف بفاحشة الزنا وهذا مما يتساهل به بعض الناس وقد ذكر الله وعيداً عظيماً على من وقع فيه قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾
ومن أنواع الكذب الكذبُ في الأيمان فقد أمر الله ﷻ بحفظها قال تعالى ﴿ واحفظوا أيمانكم ﴾ ومن أشد أنواع الكذب فيها مايتضمن اقتطاع مال امرئ مسلم بغير حق كأن يجحد حقاً عليه لأحد ويحلف على ذلك أو يحلف أنه أعطي في سلعة أكثر مما أعطي حقيقة ليخدع بذلك المشتري
قال ﷺ : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل . ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه ، وهو على غير ذلك . ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا ، فإن أعطاه منها وفى ، وإن لم يعطه منها لم يف. متفق عليه.
وقال ﷺ : من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة ، لقي الله وهو عليه غضبان . قال عبد الله : ثم قرأ رسول الله ﷺ مصداقة من كتاب الله جل ذكره : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله } . الآية .
رواه مسلم.
وقال ﷺ : من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينِه ، فقد أوجب اللهُ له النارَ ، وحرم عليه الجنةَ . فقال له رجلٌ : وإن كان شيئًا يسيرًا ، يا رسولَ اللهِ ؟ قال : وإن قضيبًا من أراكٍ. رواه مسلم.
وليُعلم أن الكذب في البيع سبب لزوال البركة
فليست العبرة بكثرة المال بل بالبركة فيه قال ﷺ : (البيِّعان بالخيارِ ما لمْ يتفرقَا فإنْ صدقَا وبيَّنا بُورِك لهما في بَيعهِما، وإنْ كتَمَا وكذَبا مُحِقت بركةُ بيعهِما) رواه البخاري ومسلم.
اللهم وفقنا لمايرضيك وجنبنا أسباب سخطك ومعاصيك.
أقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد فمما يتساهل به بعض الناس : الكذبُ على الأولاد وهو محرم فعن عبد الله بن عامر - رضي الله عنهما - أنه قال: دعتني أمي يوماً ورسول الله ﷺ في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله ﷺ : ((ما أردت أن تعطيه؟)) قالت: أعطيه تمراً، فقال لها رسول الله ﷺ : ((أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة) رواه ابوداود
فدل الحديث على تحريم الكذب على الأولاد وهو منتشر في زمننا، عند بعض الآباء والأمهات فيكذبون على أولادهم ظناً منهم أنه لابأس بذلك فيتربى الأولاد على القدوة السيئة ويكتسبون هذا الخلق عن والدِيهم.
ومن الكذب الكذب لأجل إضحاك الناس وقد جاء الحديث بالوعيد عليه ممايدل على أنه من كبائر الذنوب قال ﷺ:
ويلٌ للَّذي يحدِّثُ فيكذِبُ ليُضْحِكَ القوم، ويل له ثم ويل له. رواه ابوداود.
ومن الكذب ما يُسمى بالإشاعات وهو الرجل يكذب الكذبة فتنتشر بين الناس وأصدق مثال على ذلك ماوقع في وقتنا حيث تطورت وسائل النشر فأصبحت الكلمة تبلغ الآفاق عبر هذه الوسائل الحديثة.
وقد رأى النبي ﷺ في منامه عذاب هذا الكاذب فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري قوله ﷺ :وأما الرجلُ الذي أتيتَ عليه يُشرْشَرُ شِدْقُه إلى قفاه ومِنْخَرُه إلى قفاه وعَينُه إلى قفاه فإنّه الرجلُ يغدو من بَيتِه فيَكذِب الكذبة تبلغُ الآفاق.
فليحذر أولئك الذين يكذبون فينتشر كذبهم من هذا الوعيد الشديد.
وكذا ليحذر المسلم من نشر الإشاعة فبعض الناس يبادر بنشر مايأتيه من غير تثبت ولا رويّة.
ويزداد الأمر سوءا إذا كانت الشائعة في الأمور العظيمة التي تتعلق بالأمن والخوف وقد جاء الأدب القرآني في هذا قال تعالى ﴿ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾
قال العلامة عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله: هذا تأديب من الله لعباده ، عن فعلهم هذا غير اللائق .( أي إذاعة الأخبار) وأنه ينبغي لهم ، إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ، مما يتعلق بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم ، أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر .
بل يردونه إلى الرسول ﷺ ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهل الرأي ، والعلم والنصح ، والعقل ، والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالح وضدها . فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين ، وسرورا لهم ، وتحرزا من أعدائهم ، فعلوا ذلك .
وإن رأوا ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ، ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه .
ولهذا قال : ﴿ لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾
أي : يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ، وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية ، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ، ينبغي أن يولي من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ.
وفيه النهي عن العجلة والتسرع ، لنشر الأمور ، من حين سماعها .
والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة ، فيقدم عليه الإنسان ، أم لا ؟ فيحجم عنه. انتهى كلامه رحمه الله.
عباد الله هذه أنواع من الكذب ذكرتها لنحذر من الوقوع فيها
اللهم طهر ألسنتنا من الكذب واجعلنا من الصادقين...
فقد وصفَ الله بالصدق رسلَه وأولياءَه فقال سبحانه: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا ﴾
وأمر الله به المؤمنين فقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾
وهذه الصفة قد أخلّ بها كثير من الناس فوقعوا في أنواع من الكذب بعضها أشد من بعض ، وقد أخبر النبي ﷺ أن الصدق سبب موصل إلى الجنة وأن الكذب بضد ذلك إذ يخشى على صاحبه من خاتمة السوء قال ﷺ : إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدُق حتى يكون صِدِّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذِب حتى يُكتب عند الله كذابًا. متفق عليه.
والكذب علامةٌ على النفاق؛ قال ﷺ : آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ : إذا حدَّثَ كذَبَ ، وإذا وعَدَ أخلَفَ وإذا اؤتُمِنَ خانَ. متفق عليه.
عباد الله إن الكذب ليس على مرتبة واحدة بل هو أنواع فأعظم الكذب الشركُ بالله فالمشرك كاذبٌ على الله بنسبة الشريك له فيما يختص به سبحانه قال ﷻ ﴿ هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾
ومن الكذب القول على الله بغير علم كأن يتكلم أحد في دين الله ولا علم له أويفتي بغير علم قال تعالى : ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ﴾
فالواجب كف اللسان عن الكلام في دين الله بغير علم ، وهذا الأمر قد تساهل فيه كثير من الناس فتجد من لاعلم عنده يتكلم في أمور كبار لايتصدى لها إلا الجهابذة من العلماء
وهذا دليل على رقة الديانة وضعف الخوف من الله فقد جاء الوعيد الشديد على ذلك قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴾
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله عند هذه الآية : والكذب على الله يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة، والإخبارِ عنه بما لا يليق بجلاله، أو ادعاء ِ النبوة، أو القولِ في شرعه بما لم يقله، والإخبارِ بأنه قاله وشرعه. انتهى كلامه.
ومن أعظم الكذب رمي المسلم العفيف بفاحشة الزنا وهذا مما يتساهل به بعض الناس وقد ذكر الله وعيداً عظيماً على من وقع فيه قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ﴾
ومن أنواع الكذب الكذبُ في الأيمان فقد أمر الله ﷻ بحفظها قال تعالى ﴿ واحفظوا أيمانكم ﴾ ومن أشد أنواع الكذب فيها مايتضمن اقتطاع مال امرئ مسلم بغير حق كأن يجحد حقاً عليه لأحد ويحلف على ذلك أو يحلف أنه أعطي في سلعة أكثر مما أعطي حقيقة ليخدع بذلك المشتري
قال ﷺ : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل . ورجل بايع رجلا بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه ، وهو على غير ذلك . ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا ، فإن أعطاه منها وفى ، وإن لم يعطه منها لم يف. متفق عليه.
وقال ﷺ : من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة ، لقي الله وهو عليه غضبان . قال عبد الله : ثم قرأ رسول الله ﷺ مصداقة من كتاب الله جل ذكره : { إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله } . الآية .
رواه مسلم.
وقال ﷺ : من اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينِه ، فقد أوجب اللهُ له النارَ ، وحرم عليه الجنةَ . فقال له رجلٌ : وإن كان شيئًا يسيرًا ، يا رسولَ اللهِ ؟ قال : وإن قضيبًا من أراكٍ. رواه مسلم.
وليُعلم أن الكذب في البيع سبب لزوال البركة
فليست العبرة بكثرة المال بل بالبركة فيه قال ﷺ : (البيِّعان بالخيارِ ما لمْ يتفرقَا فإنْ صدقَا وبيَّنا بُورِك لهما في بَيعهِما، وإنْ كتَمَا وكذَبا مُحِقت بركةُ بيعهِما) رواه البخاري ومسلم.
اللهم وفقنا لمايرضيك وجنبنا أسباب سخطك ومعاصيك.
أقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم إنه غفور رحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد فمما يتساهل به بعض الناس : الكذبُ على الأولاد وهو محرم فعن عبد الله بن عامر - رضي الله عنهما - أنه قال: دعتني أمي يوماً ورسول الله ﷺ في بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله ﷺ : ((ما أردت أن تعطيه؟)) قالت: أعطيه تمراً، فقال لها رسول الله ﷺ : ((أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة) رواه ابوداود
فدل الحديث على تحريم الكذب على الأولاد وهو منتشر في زمننا، عند بعض الآباء والأمهات فيكذبون على أولادهم ظناً منهم أنه لابأس بذلك فيتربى الأولاد على القدوة السيئة ويكتسبون هذا الخلق عن والدِيهم.
ومن الكذب الكذب لأجل إضحاك الناس وقد جاء الحديث بالوعيد عليه ممايدل على أنه من كبائر الذنوب قال ﷺ:
ويلٌ للَّذي يحدِّثُ فيكذِبُ ليُضْحِكَ القوم، ويل له ثم ويل له. رواه ابوداود.
ومن الكذب ما يُسمى بالإشاعات وهو الرجل يكذب الكذبة فتنتشر بين الناس وأصدق مثال على ذلك ماوقع في وقتنا حيث تطورت وسائل النشر فأصبحت الكلمة تبلغ الآفاق عبر هذه الوسائل الحديثة.
وقد رأى النبي ﷺ في منامه عذاب هذا الكاذب فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري قوله ﷺ :وأما الرجلُ الذي أتيتَ عليه يُشرْشَرُ شِدْقُه إلى قفاه ومِنْخَرُه إلى قفاه وعَينُه إلى قفاه فإنّه الرجلُ يغدو من بَيتِه فيَكذِب الكذبة تبلغُ الآفاق.
فليحذر أولئك الذين يكذبون فينتشر كذبهم من هذا الوعيد الشديد.
وكذا ليحذر المسلم من نشر الإشاعة فبعض الناس يبادر بنشر مايأتيه من غير تثبت ولا رويّة.
ويزداد الأمر سوءا إذا كانت الشائعة في الأمور العظيمة التي تتعلق بالأمن والخوف وقد جاء الأدب القرآني في هذا قال تعالى ﴿ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾
قال العلامة عبد الرحمن بن السعدي رحمه الله: هذا تأديب من الله لعباده ، عن فعلهم هذا غير اللائق .( أي إذاعة الأخبار) وأنه ينبغي لهم ، إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ، مما يتعلق بالأمن ، وسرور المؤمنين ، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم ، أن يتثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر .
بل يردونه إلى الرسول ﷺ ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهل الرأي ، والعلم والنصح ، والعقل ، والرزانة ، الذين يعرفون الأمور ، ويعرفون المصالح وضدها . فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين ، وسرورا لهم ، وتحرزا من أعدائهم ، فعلوا ذلك .
وإن رأوا ليس فيه مصلحة ، أو فيه مصلحة ، ولكن مضرته تزيد على مصلحته ، لم يذيعوه .
ولهذا قال : ﴿ لعلمه الذين يستنبطونه منهم ﴾
أي : يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة ، وعلومهم الرشيدة.
وفي هذا دليل لقاعدة أدبية ، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ، ينبغي أن يولي من هو أهل لذلك ، ويجعل إلى أهله ، ولا يتقدم بين أيديهم ، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ.
وفيه النهي عن العجلة والتسرع ، لنشر الأمور ، من حين سماعها .
والأمر بالتأمل قبل الكلام ، والنظر فيه ، هل هو مصلحة ، فيقدم عليه الإنسان ، أم لا ؟ فيحجم عنه. انتهى كلامه رحمه الله.
عباد الله هذه أنواع من الكذب ذكرتها لنحذر من الوقوع فيها
اللهم طهر ألسنتنا من الكذب واجعلنا من الصادقين...
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق