التحذير من الظلم في الميراث
إبراهيم بن سلطان العريفان
الحمد لله الذي أمر بالعدل والإحسان، ونهى عن الظلم والطغيان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحكم العدل المتعال، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أوصيكم أيها المسلمون ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي وصيته للأولين والآخرين، قال الله تعالى )وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ(..
أخوة الإيمان والعقيدة .. الظلم ظلمات يوم القيامة، وقد حرم الله الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً، فقال في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا".
ومن أشد صور الظلم التي انتشرت في مجتمعاتنا، ظلم الورثة في حقهم المشروع الذي أوجبه الله عز وجل في كتابه، فكم من قلوب كُسرت وكم من أسر تفككت بسبب التعدي على حقوق الميراث، وكم من أموال حُرمت منها بنات وأبناء بسبب جشع وطمع البعض.
لقد شرع الله عز وجل الميراث بحكمة وعدل، وبيّن نصيب كل وارث في كتابه الكريم )يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِىٓ أَوۡلَـٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ( وقد فصَّل تعالى الميراث في آيات دقيقة وواضحة لا لبس فيها، وجعلها حدوداً لا يجوز تجاوزها )تِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۚ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ يُدۡخِلۡهُ جَنَّـٰتٍ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ(.
إن التعدي على الميراث نوع من أكل أموال الناس بالباطل، وقد حذر الله منه أشد التحذير، فقال )إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلۡيَتَـٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا يَأۡكُلُونَ فِى بُطُونِهِمۡ نَارًۭا وَسَيَصۡلَوۡنَ سَعِيرًۭا(.
والظلم في الميراث يقع بعدة صور، منها: حرمان بعض الورثة من حقوقهم الشرعية، خاصة النساء والأيتام، وهذا من أعظم الظلم الذي يؤدي إلى تفكك الأسرة وقطع الأرحام.
ومن الظلم التأخير في تقسيم الميراث بغير عذر شرعي، مما يؤدي إلى ضياع الحقوق أو التصرف فيها بغير وجه حق.
ومن الظلم أيضًا التلاعب في الأنصبة الشرعية، كتفضيل بعض الورثة على بعض بغير حق.
كل هذا من الظلم العظيم الذي حذرنا الله منه، فقال النبي ﷺ: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة".
فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا من الوقوع في الظلم في توزيع الميراث، واعلموا أن أموال الميراث ليست ملكاً لأحدٍ سوى أصحاب الحقوق الذين قسمها الله لهم، والتعدي عليها هو أكلٌ لأموال الناس بالباطل. واعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله وسائلكم عن أفعالكم.
نسأل الله أن يرزقنا الحلال، ويجنبا الحرام. اللهم ارزقنا العدل في القول والعمل، وأعنا على أداء الحقوق كما أمرت، ونجنا من الظلم والجور، إنك على كل شيء قدير.
أقول ما تسمعون ...
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
معاشر المؤمنين .. إن أعظم سبيل للنجاة من الوقوع في الظلم في الميراث هو التزام حكم الله عز وجل، كما ورد في كتابه وسنة نبيه ﷺ. إذا كان الله قد قسم الميراث بنفسه وأمرنا بالالتزام به، فمن نحن حتى نخالف حكمه أو نحاول التحايل عليه؟
ولذلك يجب على كل مسلم أن يلتزم بما شرعه الله في تقسيم الميراث، فلا يحرم أحداً من حقه، ولا يؤخر تقسيمه بلا عذر شرعي. وإذا أشكل عليكم أمرٌ، فاسألوا أهل العلم والاختصاص، ولا تتصرفوا بهوى أو جهل.
وتذكروا أن المال الذي أُخِذ بغير حق لا بركة فيه، بل يكون وبالاً على صاحبه في الدنيا والآخرة. قال النبي ﷺ: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة" فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: "وإن كان قضيباً من أراك".
فاتقوا الله في أموال الميراث، وأعطوا كل ذي حق حقه، تطيب بذلك نفوسكم، وتحفظوا بذلك أرحامكم.
نسأل الله أن يجعلنا من العادلين القائمين بالحق، وأن يعصمنا من الظلم والجور، وأن يوفقنا لطاعته واتباع شرعه.
المرفقات
1735839820_التحذير من الظلم في الميراث.pdf
1735839846_التحذير من الظلم في الميراث.docx