التحذير من البدع عموما ومن المولد النبوي خصوصا
فهد موفي الودعاني
1433/03/09 - 2012/02/01 20:14PM
التحذير من البدع عموما ومن المولد النبوي خصوصا 11/3/1433هـ
للشيخ محمد الشرافي
للشيخ محمد الشرافي
الْحَمْدُ للهِ الذِي مَيَّزَ أَهْلَ السُّنَّةِ بِالتَّسْلِيمِ لأَدِلِّةِ الْقُرْآنِ الْمُبِين , وَآثَرَهُمْ بِالْهِدَايَةِ إِلَى دَعَائِمِ الدِّين ، وَجَنَّبَهُمْ زَيْغَ الزَّائِغِين ، وَضَلالَ الْمُلْحِدِين , وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَفَّقَ أَهْلَ الْحَقِّ لِلاقْتِدَاءِ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِين ، وَسَدَّدَهُمْ للتَّأَسِّي بِصَحْبِهِ الأَكْرَمِين ، وَيَسَّرَ لَهُمُ اقْتِفَاءَ آثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِين ، حَتَّى اعْتَصَمُوا مِن الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالْحَبْلِ الْمَتِين ، وَمِنْ سِيَرِ الأَوَّلِينَ وَعَقَائِدِهِمْ بِالْمَنْهَجِ الْمُبِين ، فَجَمَعُوا بَيْنَ الصِّدْقِ وَاليَقِين ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهِ ، دَعَا إِلَى الْحَقِّ وَالْهُدَى حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِين , صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين ، وَأَصْحَابِهِ وَمْنَ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين .
أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : اتَّقُوا اللهَ وَرَاقِبُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ الْبِدْعَةَ : هِيَ الإحْدَاثُ فِي الدِّينِ عَلَى خِلافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ r وأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ عَقِيدَةٍ أَوْ عَمَل .وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : كَانَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ r تَحْذِيرُ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِن الْبِدَعِ وَمِنْ الإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ فِي كُلِّ جُمْعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ , فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَعَلاَ صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ , حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ , وَيَقُولُ (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ـ وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى) وَيَقُولُ (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فَانْظُرُوا كَيْفَ أَنَّ النَّبِيَّ r يُحَذِّرُ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِن البِدْعَةِ مَعَ أَنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ وَأَعَلَمُ الأَمَّةِ عَلَى الإطْلاقِ ... أَفَلا يَجْدُرُ بِنَا نَحْنُ أَنْ نَخَافَ مِنْهَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَيُحَذِّرَ بَعْضُنَا بَعْضَاً ؟
أَيُّهَا الإِخْوَةُ : تَأَمَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ ... عن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ , فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ ؟ قَالَ (نَعَمْ ) فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ ( نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ ) قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ ( قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ ) فَقُلْتُ : هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ ( نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا ) فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ! قَالَ ( نَعَمْ : قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا ) قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ ( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ) فَقُلْتُ : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ ؟ قَالَ ( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ )رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَهَكَذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ r يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم الْفِتَنَ وَلِذَلِكَ سَأَلُوا عَنْهَا لِيَحْذَرُوا مِنْهَا , لأَنَّ مِنْ لا يَعْرِفُ الشَّرَّ مَا أَسْرَعَ أَنْ يَقَعَ فِيه !
وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَضَى بِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ وَمَشِيئَتِهِ النَّافِذَةِ أَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ الإسْلامِيَّةَ سَوْفَ تَفْتَرِقُ بَعْدَ مَوْتِ نَبِيِّهَا r إِلَى فِرَقٍ شَتَّى , وَالذِي عَلَى الْحَقِّ مِنْهَا وَاحِدَةٌ , وَهِيَ مَنْ تَمَسَّكَتْ بِهَدْيِ نَبِيِّهَا عَلَى الْوَجْهِ الأَكْمَلِ ... فَهَلْ نَحْنُ مِنْ تِلْكَ الطَّائِفَةِ النَّاجِيَةِ ؟
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً , فَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ , وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً , فَإِحْدَى وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَتَفْتَرِقَنَّ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ) قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ (الْجَمَاعَةُ ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ
و عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلَانِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً , وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً , كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً) قَالُوا : وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ (مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ
وَقَدْ دَأَبَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ r عَلَى إِبْعَادِ أُمَّتَهِ عَنْ الْبِدَعِ حَتَّى فِي أَوَاخِرِ حَيَاتِهِ بَلْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ وَصَايَاهُ الأَخِيرَةِ .
فَعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً , ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ , وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ , فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَ (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا , فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا , فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ , تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ , وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ , فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الألْبَانِيُّ
فَمَا أَحْسَنَهَا مِنْ وَصَيَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ r ! فَفِي آخِرِ حَيَاتِهِ حَذَّرَ أَصْحَابَهُ مِنْ الْبِدَعِ ... وَقَدْ وَقَعْتْ هَذِهِ الوَصِيَّةُ مَوْقِعَهَا فِي الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم , وَلِذَلِكَ لَمْ تَقَعْ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِدْعَةٌ حَتَّى لَقُوا رَبَّهَم ... بَلْ كَانُوا يُحَذِّرُونَ مِنْ الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ فَعَلَهَا وَإِنْ حَسُنَتْ نِيَّتُهُ .
فَعَنْ مُجَاهِدٍ بنِ جَبْرٍ رَحِمَهُ اللهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ طَافَ مَعَ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالكَعْبَةِ و فَكَانَ مُعَاوِيَةُ لا يَمُرّ بِرُكْنٍ إِلا اِسْتَلَمَهُ ! ويقول : لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْت مَهْجُورًا . فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة ) يَعْنِي وَلَمْ يَسْتَلِمْ إِلَّا الْحَجَرَ الأَسْوَدَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ ـ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : صَدَقْتَ !!!
فَانْتَهَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ عَرَفَ أَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ .
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعُوا فَقَدْ كُفِيتُمْ .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضَيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَا يَأْتِي عَلَى النَّاسِ مِنْ عَامٍ إِلَّا أَحْدَثُوا فِيهِ بِدْعَةً , وَأَمَاتُوا فِيهِ سُنَّةً , حَتَّى تُحْيَى الْبِدَعُ وَتَمُوتَ السُّنَنُ .
فَرَضَيَ اللهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مَثْوَانَا وَمَثْوَاهُمْ !
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغِفُرُ اللهَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّد ٍوَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ أَمَّا بَعْدُ : فَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَنَّ الْبِدَعَ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا تَأْتِي فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُنَاسٍ عِنْدَهُمْ حُسْنُ نِيَّةٍ و وَحُبٌ للْخَيْرِ , لَكِنْ عِنْدَهُمْ جَهْلٌ فَيَقَعُونَ فِي الْبِدْعَةِ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ , وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مُبَرِّرَاً لِعَدَمِ تَأَثُّمِهِمْ وَلا لِتَرْكِ الإنكَارِ عَلَيْهِمْ , بَلْ يَجِبُ الإنْكَارُ عَلَيْهِمْ وَإِرْشَادُهُمْ لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَهْدِيَهُمْ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَينٌ نَتَقَرَّبُ إِلَى اللهِ , بِهِ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) وَعَلَامَةُ حُبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ اتَّبَاعُهُ وَتَرْكُ الابْتِدَاعِ فِي سُنَّتِهِ , وَلَيْسَ ذَلِكَ مَتْرُوكَاً لآرَاء النَّاسِ فَكُلٌّ يُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ هَوَاهُ !
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الْقُرُونِ الثَّلاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ بِدعَةٌ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَان , وَلَيْسَ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ لَهَا حُجَّةٌ وَلا بُرْهَانٌ , وَلَمْ يَأَتِ لَهَا أَصْلٌ مِنْ عَمِلَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ , إِنَّها بِدْعَةُ مَا يُسَمَّى بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ [فَيَجْتَمِعُ النَّاسُ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فِي الْمَسَاجِدِ أَوْ الْبُيُوتِ فَيُصَلَّونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَوَاتٍ مُبْتَدَعَةٍ , وَيَقَرَؤونَ مَدَائِحَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، تَخْرُجُ بِهِمْ إِلَى حَدِّ الْغُلُوِّ الذِي نَهَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرُبَّما صَنَعُوا مَعَ ذَلِكَ طَعَامَاً يَسْهَرُونَ عَلَيْهِ , فَأَضَاعُوا الْمَالَ وَالزَّمَانَ ، وَأَتْعَبُوا الأَبْدَانَ فِيمَا لَمْ يَشْرَعْهُ اللهُ وَلا رَسُولُهُ ، وَلا عَمِلَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَلا الصَّحَابَةُ وَلا الْمُسْلِمُونَ فِي الْقُرُونِ الثَّلاثَةِ الْمُفَضَّلَةِ ، وَلا التَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَلَوْ كَانَ خَيْرَاً لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ خَيْرَاً مَا حَرَمَهُ اللهُ تَعَالَى سَلَفَ هَذِهِ الأُمَّةِ وَفِيهِمْ الْخُلُفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالأَئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ ، وَمَا كَانَ اللهُ تَعَالَى لِيَحْرِمَ سَلَفَ هَذِهِ الأُمَّةِ ذَلِكَ الْخَيْرَ لَوْ كَانَ خَيْرَاً ، ثُمَّ يَأْتِي أُنَاسٌ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْهِجْرِيِّ فَيُحْدِثُونَ تِلْكَ الْبِدْعَةِ .](1)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الوَاجِبَ عَلَيْنَا جَمِيعَاً الْحَذَرُ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْهَا , وَتَجَنُّبُ مَا يُقَامُ فِيهَا وَمِنْ أَجْلِهَا , فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ نَجَاتَنَا مِن الْبِدَعِ وَالْمُحْدَثَاتِ عُمُوماً هِيَ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوَّلاً ثُمَّ بِتَعَلَّمِ الْعِلْمِ عَلَى أَيْدِي الْعُلُمَاءِ الرَّاسِخِينَ , وَسُؤَالِهِمْ عَمَّا أَشْكَلَ , وَالْحَذَرِ مِنْ كُلِّ جَدِيدٍ فِي الدِّينِ لَمْ يَتَّضِحْ أَنَّهُ مِنْ هَدْيِ النَّبِي r وَضُوحَاً بَيِّنَاً .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعَاً وَعَمَلاً صَالِحَاً , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِنا دِينِنا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنا وَأَصْلِحْ لِنا دُنْيَانا الَّتِي فِيهَا مَعَاشِنا وَأَصْلِحْ لِنا آخِرَتِنا الَّتِي فِيهَا مَعَادِنا وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِنا فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِنا مِنْ كُلِّ شَرٍّ ... اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وِأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ ارْضَ عَنْ صَحَابَتِهِ وَعَنِ التَّابِعِينَ وَتَابِعيِهِم إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُم بِعَفْوِكَ وَمَنِّكَ وَكَرَمِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
ـــــــ
(1)مابين المعقوفين منقول من كلام شيخنا ابن عثيمين رحمه الله .
(1)مابين المعقوفين منقول من كلام شيخنا ابن عثيمين رحمه الله .
المرفقات
التحذير م...doc
التحذير م...doc
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاكما الله كل خير ونفع بكما
تعديل التعليق