التحذير من الاحتفال بأعياد المشركين + دعوة للمشاركة في حملة التبرع لإخواننا في الشام

المهذب المهذب
1438/04/01 - 2016/12/30 05:20AM

هذه الخطبة مستفادة من خطب للشيخ إبراهيم الحقيل ، وآخرها من خطبة الشيخ إبراهيم العجلان ، جزاهم الله خيراً


التحذير من الاحتفال بأعياد المشركين
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا؛ خَصَّنَا بِأَفْضَلِ رَسُولٍ، وَأَكْمَلِ دِينٍ، وَأَحْسَنِ حَدِيثٍ، وَأَشْمَلِ شَرِيعَةٍ، وَجَعَلَنَا مِنْ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ للنَّاسِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ صَاحِبُ المَقَامِ المَحْمُودِ، وَاللِّوَاءِ المَعْقُودِ، وَالْحَوْضِ المَوْرُودِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ فِي الْحَشْرِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَطْرُقُ بَابَ الْجَنَّةِ فَيُفْتَحُ لَهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَمْسِكُوا بِدِينِكُمْ، وَلَا تَغْتَرُّوا بِالدُّنْيَا؛ فَإِنَّ مَتَاعَهَا قَلِيلٌ، وَزَوَالَهَا سَرِيعٌ، وَإِنَّ الْحِسَابَ عَسِيرٌ، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفسٌ ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون".
أيها المسلمون: لقد قدَّر اللهُ تعالى على هذه الأمةِ أن يتبعَ بعضُ أفرادِها أعداءَهم في كلِّ كبيرٍ وصغيرٍ، كما أخبر النبيُّ  عن ذلك بقوله: "والذي نفسي بيده لتركبُنَّ سُنةَ من كان قبلَكم"، وقال : "لتتبعن سَنَنَ من قبلكم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، حتى لو سلكوا جحرَ ضبٍ لسلكتموه"، قلنا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟! "قال: فمن؟!".
ورغم أن ما وقعت فيه الأمةُ الإسلاميةُ من التشبه بالأمم الأخرى، إنما هو قدرٌ كونيٌ لا يُردُّ، إلا أنَّ هذا لا يعني أن يستسلمَ المسلمُ لهذا القدرِ الكونيِّ، بل هو مطالَبٌ بفعلِ الأسبابِ الشرعيةِ الواقيةِ؛ ولذلك أُمر العبدُ بدوامِ دعاءِ الله سبحانه بأن يهديَه الصراطَ المستقيمَ، وأن يجنِّبَه طريقَ المغضوبِ عليهم أو الضالين.
أيها المسلمون: لقد جاءت شريعةُ الإسلامِ بالنهيِ القاطعِ عن التشبه بالكافرين في أيِّ شيءٍ من خصائصِهم: في العباداتِ والمعاملاتِ، والأخلاقِ والعادات، واللباسِ والهيئات. ونصوصُ الشرع في ذلك أكثرُ من أن تُحصر؛ فمخالفةُ المشركين والبراءةُ منهم، أصلٌ من أصولِ الدين، وكان النبيُّ  يقصدُ مُخَالَفَةَ المُشْرِكِينَ، وَفِي آخِرِ حَيَاتِهِ حَرِصَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَكَثُرَتْ خِطَابَاتُهُ فِي هَذَا الشَّأْنِ، حَتَّى لَاحَظَ الْيَهُودُ ذَلِكَ فَقَالُوا: «مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ»، ولما قدِم النبيُّ  المدينةَ, وجد أهلَها يلعبون في يومين, فقال عليه الصلاة والسلام: "ما هذان اليومان"؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية, فقال رسول الله : "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما؛ يومُ الأضحى، ويومُ الفطر"، ولما رأى اليهودَ يصومون عاشوراءَ، أمر المسلمين بصيامِ يومٍ قبله أو بعده؛ مخالفةً لهم، وجاءت السنةُ بتعجيل الفطر وتأخير السحور؛ مخالفةً لهم، وجاء النهيُ عن الجلوس كما يجلسون، إلى غير ذلك، وحذَّر أمتَه من تقليد غيرِها في قولٍ أو فعلٍ؛ فقال : "من تشبه بقومٍ فهو منهم". وهكذا كان هدي النبيُّ  يريد لأمتِه الاستقلالَ التامَّ، والتميزَ عن الأعداء في كلِّ شيء، ومن اطلع على نصوص النهي عن التشبه بالكافرين اشتدَّ عجبُه من كثرتها في الكتاب والسنة، ومِن التشديد في ذلك، فلماذا كلُّ هذا؟!
إن السببَ في ذلك أن موافقتَهم في العوائد تقودُ إلى موافقتِهم في الشعائر، والتساهلَ في عدم مخالفتهم في الصغائرِ يؤدي إلى متابعتِهم في الكبائر، والمشاركةَ في الهديِ الظاهرِ تورِثُ تناسبًا وتشاكلاً بين المتشابهين، يقود إلى موافقةٍ في الأخلاق والأعمال؛ حتى ينسلخَ المسلمُ من دينه وهو لا يشعر، خاصةً مع الإعجاب بهم وبمنجزاتِهم وحضارتِهم.
وَكُلَّمَا كَانَ التَّشَبُّهُ أَظْهَرَ كَانَ عَلَى الدِّينِ أَخْطَرَ؛ فَلَيْسَ مَنْ تَشَبَّهَ بِالمشْرِكِينَ فِي شَيْءٍ لا يَظْهَرُ وَلَا يُعْلَمُ عَنْهُ كَمَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ فِيمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَعْلُومٌ، وَمُشَارَكَةُ الْكُفَّارِ فِي أَعْيَادِهِمْ أَوْ إِظْهَارُ الْفَرَحِ بِهَا هُوَ أَعْلَى دَرَجَاتِ الظُّهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَادَ هِيَ أَظْهَرُ الشَّعَائِرِ عِنْدَ الْأُمَمِ.
وَالمُلَاحِظُ فِي خِطَابَاتِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عَنِ الْأَعْيَادِ أَنَّهُ يُرَكِّزُ عَلَى مَسْأَلَةِ اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِأَعْيَادِهَا، وَاخْتِصَاصِ الْأُمَمِ الْأُخْرَى بِأَعْيَادِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ : "يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا"، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ : "يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ...". وَمَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ: أَنَّ المُسْلِمِينَ يَخْتَصُّونَ بِأَعْيَادِهِمْ، وَلَا يُشَارِكُونَ غَيْرَهُمْ فِي أَعْيَادِهِمْ.
وَلِعِلْمِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِالتَّشْدِيدِ الشَّرْعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْيَادِ فَإِنَّهُمْ مَا كَانُوا يُشَارِكُونَ الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى وَلَا المَجُوسَ فِي أَعْيَادِهِمْ فِي كُلِّ الْبُلْدَانِ الَّتِي فَتَحُوهَا، مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعِيشُونَ بَيْنَهُمْ وَيُخَالِطُونَهُمْ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ، بل قال عمرُ بنُ الخطابِ : "إياكم أن تدخلوا على المشركينَ يومَ عيدِهم في كنائسهم؛ فإن السُّخطةَ تنزلُ عليهم"، وقال أيضًا: "اجتنبوا أعداءَ الله في عيدهم"، وقال عبدُ اللهِ بنُ عمرو بنِ العاصِ رضي الله عنهما: "من بنى بأرضِ المشركينَ، وصنعَ نيروزَهم ومهرجانَهم، وتشبه بهم حتى يموت؛ حُشر معهم يوم القيامة".
وقد أجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَالْعُلَمَاءُ بَعْدَهُمْ عَلَى وُجُوبِ اجْتِنَابِ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ، وَتَحْرِيمِ مُشَارَكَتِهِمْ فِيهَا، أَوِ التَّشَبُّهِ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ شَعَائِرِهَا، أَوْ نَقْلِهَا إِلَى بِلَادِ المُسْلِمِينَ، أَوْ إِظْهَارِ الْفَرَحِ فِيهَا، أَوْ التَّهنِئةِ بِهَا؛ سواء هنَّأ بها الكفارَ أم هنَّأ بها المسلمين.
وَإِنَّ مِنَ الْإِرْهَابِ اللِّيبْرَالِيِّ انْتِقَادُهُمُ الْعُلَمَاءَ الْمُحَرِّمِينَ لِأَعْيَادِ الْكُفَّارِ، الْمُحَذِّرِينَ مِنْهَا، وَادِّعَاؤُهُمْ أَنَّهَا مُنَاسَبَاتٌ لِلتَّسَامُحِ وَالْوُدِّ وَالصَّفَاءِ بَيْنَ الْبَشَرِيَّةِ، وَهِيَ أَعْيَادٌ تُقَامُ عَلَى جُثَثِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي حَلَبَ وَسَائِرِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَالْيَمَنِ وَالْأَهْوَازِ وَبُورْمَا وَغَيْرِهَا مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي يُؤْذَى فِيهَا الْمُسْلِمُونَ وَيُقَتَّلُونَ وَيُهَجَّرُونَ بِإِشْرَافٍ غَرْبِيٍّ صَلِيبِيٍّ، وَتَنْفِيذٍ مَجُوسِيٍّ صَفَوِيٍّ وَبُوذِيٍّ وَثَنِيٍّ.
فَمَا لِلْمُؤْمِنِ وَلِأَعْيَادِهِمُ الَّتِي أُسِّسَتْ عَلَى الشِّرْكِ، وَعَجَّتْ بِالفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ؟!
نسأل اللهَ تعالى أن يحفظنا من البدعة والشرك، وأن يعصمَنا من الكفر والضلال، وأن يهديَنا صراطه المستقيم، إنه سميع مجيب، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ...

الخطبة الثانية:
أما بعد: أيها الناس: فمِنْ أَعظمِ شَعَائرِ النَّصَارى البَاطِلةِ احْتفَالُهمْ بهَذِينِ العِيدَينِ: عِيدِ مِيلَادِ المَسِيحِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَعِيدِ رَأْسِ السَّنَةِ المِيلَادِيَّةِ. وقد انتقلا إلى الأمم الأخرى بسبب التقليد والمحاكاة والتزيينِ الإعلاميِّ لهما، ولاسيَّما عيدِ رأسِ السنة الميلادية بسبب اعتماد التاريخِ الميلاديِّ تقويماً لأكثرِ دول العالم، وأضحى الاحتفالُ برأسِ السنةِ الميلاديةِ يتصدَّر نشراتِ الأخبار، وتُنقل بالبث المباشر في شتى بقاع العالم احتفالاتُ لحظةِ انتهاءِ العامِ الميلاديِّ من منتصف آخرِ ليلةٍ منه، وما يصاحبها من أنواع المحرماتِ.
ومن نعمة الله تعالى على بلادنا عدمُ ظهور الاحتفالات بأعياد الكفار فيها، نحمد الله تعالى أنْ وقانا، ونسأله أن يحفظنا وذرياتِنا؛ لكنَّ تلك الأعيادَ يصلنا خبرُها ووقائعُها وطقوسُها على التفصيل عبر الصحفِ والفضائياتِ ووسائلِ التواصل، ويظهر في تلك الاحتفالاتِ شعائرُ من الكفر والبدعة، ومشاهدُ من الفسوق والانحلال، وأنواعٌ من الشبهات والشهوات، وكان من الأثرِ السيءِ لذلك أن يتبادلَ بعضُ المسلمين التهانيَ بأعيادِ الكفار! ويزدادُ الأمرُ سوءًا حينما يشدُّ بعضُهم الرحالَ إلى البلدانِ التي تشهدُ هذه الاحتفالات وتُحييها..!
والواجب على من يؤمن بالله تعالى ويعظِّم شريعتَه أن يجتنب حضورَها أو المشاركةَ فيها، أو الإعانةَ عليها ببيع أدواتِ العيد وشعائرِه ورموزِه، أو التهاديَ بمناسبتها، أو تهنئةَ الآخرينَ بها، أو الردَّ على تهنئتِهم بمثلِها؛ فإن من هنّأ عبدًا بمعصيةٍ أو بدعةٍ أو كفرٍ فقد تعرَّضَ لمقت الله وسخطه؛ لأن في ذلك رضاً بشعائر الكفر ومناسكِه، والمؤمنُ لا يرضى أن يُكفَر بالله تعالى، بل يُنكر ذلك ويأباه، ويحذِّرُ الناسَ منه، ويدعوهم إلى الحقِّ الذي هداه اللهُ تعالى إليه.
وبعد أيها المسلمون: فقبلَ أيّامٍ بدأتْ الحملةُ الشَّعْبيةُ لإغاثةِ إِخْوانِنَا المنْكُوبِيْنَ في سوريا، وهي حمَلْةَ ٌ مُوفَّقةٌ مباركة، أمر بها وشارك فيها خادمُ الحرمين الشريفين، فجزاه الله خيرَ الجزاء.. وواللهِ إنَّه لمنَ الحِرْمانِ أنْ تُشْرعَ وجوه الصَّدقاتِ لأهلِ الشَّامِ وَتَتَيَسَّر، ثم نرى البعض يُعْرضُ عنها بخلاً أو تشكيكاً، فأيُّ خذلانٍ أَعظمُ مِنَ هذا!
يا أهلَ الكرمِ والنُّصرةِ والإِيمانِ، أَرُوا اللهَ مِنْ أنفْسِكم خَيْراً. اشْتَرُوا رِضَا رَبِّكم، فَالصَّدقةُ أَيّامَ الجَوَائِحِ والحَاجَاتِ أعظمُ ثَواباً.
"آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ". "وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ". و "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ".
هذا وصلوا وسلموا ...

المشاهدات 1060 | التعليقات 0