التحذير من إضاعة الصلوات واتباع الشهوات

محمد بن عبدالله التميمي
1442/10/22 - 2021/06/03 19:03PM
التحذير من إضاعة الصلوات واتباع الشهوات-لابن تيمية، ملخصة من نحو 50 صفحة
 
  الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ؛ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إلَيْهِ؛ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ؛ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ. وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، فَهَدَى بِهِ مِنْ الضَّلَالَةِ. وَبَصَّرَ بِهِ مِنْ الْعَمَى وَأَرْشَدَ بِهِ مِنْ الْغَيِّ. وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا؛ وَآذَانًا صُمًّا؛ وَقُلُوبًا غُلْفًا، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا؛ وَجَزَاهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ. أَمَّا بَعْدُ: فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بسبيل النجاة، فإن أحسنَ الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، واعلموا أن] طَرِيق السّنة علم وَعدل وَهدى، وَفِي الْبِدْعَة جهل وظلم، وفيهَا اتِّبَاع الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس، وَالرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مَا ضل وَمَا غوى، والضلالُ مقرونٌ بالغي فَكل غاوٍ ضال، والرُّشد ضد الغي، وَالْهدى ضد الضلال، وَهُوَ: مجانبة طَرِيق الْفجار وَأهلِ الْبدع ،كَمَا كَانَ السّلف ينهون عَنْهُمَا قَالَ تَعَالَى: {فخلف من بعدهمْ خلف أضاعوا الصَّلَاة وَاتبعُوا الشَّهَوَات فَسَوف يلقون غيا}، والرشد الْعَمَل الَّذِي ينفع صَاحبه والغي الْعَمَل الَّذِي يضر صَاحبه فَعمل الْخَيْر رشد وَعمل الشَّرّ غي وَلِهَذَا قَالَت الْجِنّ {وَإِنَّا لَا نَدْرِي أشر أُرِيد بِمن فِي الأَرْض أم أَرَادَ بهم رَبهم رشدا} فقابلوا بَين الشَّرّ وَبَين الرشد وَقَالَ فِي آخر السُّورَة {قل اني لَا أملك لكم ضرا وَلَا رشدا}. عباد الله.. [جانبوا سبيل الغي وكونوا راشدين، على الصلاة محافظين ولها مقيمين، ففي] الصَّلَاة إرادة وَجه الله، [{وهي ذكرى للذاكرين}، ولا تكونوا للشهوات متبعين، فذلك سبيل الغاوين] قَالَ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات أَن تميلوا ميلا عظيما} فَجعل التَّوْبَة فِي مُقَابلَة اتِّبَاع الشَّهَوَات، فَإِنَّهُ يُرِيد أَن يَتُوب علينا، فَالله يحب لنا ذَلِك ويرضاه وَيَأْمُر بِهِ، وَيُرِيد الَّذين يتبعُون الشَّهَوَات وهم الْغَاوُونَ أَن تميلوا ميلًا عَظِيما..، قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا وَاعْلَمُوا أَن خير أَعمالكُم الصَّلَاة وَلَا يحافظ على الْوضُوء الا مُؤمن"، فإذا بُلِيتَ [بميلٍ] فتوسَّط وعُدْ الى الطَّرِيق بِالتَّوْبَةِ كَمَا فِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مثل الْمُؤمن كَمثل الْفرس فِي آخيته يجول ثمَّ يرجع الى آخيته كَذَلِك الْمُؤمن يجول ثمَّ يرجع الى ربه قَالَ تَعَالَى {وسارعوا الى مغْفرَة من ربكُم وجنة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض أعدت لِلْمُتقين} الى قَوْله {وَنعم أجر العاملين} فَلم يقل: لَا يظْلمُونَ وَلَا يذنبون، بل قَالَ {وإذا فعلوا فَاحِشَة أَو ظلمُوا أنفسهم ذكرُوا الله فاستغفروا لذنوبهم}. عباد الله.. والمقصود [التحذير] من اتباع الشهوات، [وفي الحديث] قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "ثَلَاثٌ مهلكات: شحٌّ مُطَاع، وَهوًى مُتبع، واعجابُ الْمَرْء بِنَفسِهِ، وَثَلَاث منجيات: خشيَةُ الله فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة، وَالْقَصْدُ فِي الْفقر والغنا، وَكلمَةُ الْحق فِي الْغَضَب وَالرِّضَا" وجماعُ الشَّرِّ الْغَفْلَةُ والشهوةُ؛ فالغفلة عَن الله وَالدَّار الْآخِرَة تسد بَاب الْخَيْر الَّذِي هُوَ الذّكر واليقظة والشهوة تفتح بَاب الشَّرّ والسهو وَالْخَوْف فَيبقى الْقلب مغمورا فِيمَا يهواه ويخشاه غافلا عَن الله رائدا غير الله سَاهِيا عَن ذكره قد اشْتغل بِغَيْر الله قد انفرط أمره قد ران حب الدُّنْيَا على قلبه كَمَا رُوِيَ فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ تعس عبد الدِّينَار تعس عبد الدِّرْهَم تعس عبد القطيفة تعس عبد الخميصة تعس وانتكس واذا شيك فَلَا انتقش ان أعطي رَضِي وَإِن منع سخط جعله عبد مَا يرضيه وجوده ويسخطه فَقده، فَمَا كَانَ يُرْضِي الانسان حُصُوله ويسخطه فَقده فَهُوَ عَبده اذ العَبْد يرضى باتصاله بهما ويسخط لفقدهما والمعبود الْحق الَّذِي لَا اله الا هُوَ اذا عَبده الْمُؤمن وأخيه حصل لِلْمُؤمنِ بذلك فِي قلبه ايمان وتوحيد ومحبة وَذكر وَعبادَة فيرضى بذلك... وَالْمُؤمن ترضيه كلمة الْحق لَهُ وَعَلِيهِ وتغضيه كلمة الْبَاطِل لَهُ وَعَلِيهِ لِأَن الله تَعَالَى يحب الْحق والصدق وَالْعدْل وَيبغض الْكَذِب وَالظُّلم. [اللهم إنا نسألك حبك وحبَّ العمل الذي يقربنا إلى حبك، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين أجمعين {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}] الخطبة الثانية أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وعليكم بما ينفع، وجانبوا ما يضر، وتحوطوا بالورع: الذي هو] الامساك عَمَّا قد يضر، فَإِنَّهُ من اتَّقى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأَ لعرضه وَدينه وَمن وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام كَالرَّاعِي حول الْحمى يُوشك أَن يواقعه. [وإن الله قد وصف ما يُلهِي، وحذّر مما يُرْدِي] قَالَ تَعَالَى {ألهاكم التكاثر}، وَقَالَ تَعَالَى: {وتأكلون التراث أكلا لـمَّا * وتحبون المَال حبا جمّا} وَقَالَ: {إن الانسان لرَبه لكنود * وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد * وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد}. [{وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ}. اللهم إنا نسألك الهدى، وعوذ بك من الردى، ونعوذ بك من تضييع الصلوات واتباع الشهوات، ونسألك الإعانة على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك]. ملخصة من مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (10/ 568 -615) سوى ما بين معقوفتين
المرفقات

1622747008_التحذير من إضاعة الصلاة وتباع الشهوات.pdf

المشاهدات 1011 | التعليقات 0