التبكير إلى الجمعة وبعض آدابها

الشيخ فهد بن حمد الحوشان
1446/05/19 - 2024/11/21 23:01PM

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُهُ ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا من يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه ﷺ
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ))
أما بعد فإِنَّ أصـدق الحديث كتابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وخيرَ الهَدْي هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ وكلَّ ضلالةٍ في النار
أيها المؤمنونَ أخرج الإمامُ أحمد عن أوسِ بنِ أوس الثقفي رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ( من غسَّل يومَ الجُمُعَةِ واغتسلَ ثم بكَّرَ وابتكرَ ومشى ولم يركبْ ودنا مِنَ الإمامِ واستمعَ وأنصتَ ولم يلْغُ كان له بِكُلِّ خُطوَةٍ يَخطُوهَا مِن بيتِهِ إلى المسجدِ عملُ سَنَةٍ أجرُ صِيامِها وقِيامِها )
فتنافَسوا رحمني الله وإيَّاكم في هذا الخير العظيم الذي جعَلَه الله في يوم الجمعة لِمَن استنَّ بسنَّة النبيِّ ﷺ في ذلك فنَظِّفوا أبدانَكم والبسوا من أحسن ثيابكم واستاكوا وتطيَّبوا من طِيبِكم وبكِّروا إلى الجمعة بسكينةٍ ووَقار وتَنافَسوا في الصفِّ الأوَّل ثم الذي يَلِيه دون أنْ تؤذوا أحدًا من إخوانكم وصلُّوا من النوافل ما كتَب الله لكم وأَكثِرُوا من ذكر الله وتِلاوَةِ كتابه وسؤال الله فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ( إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ أي المُبادِر المُبَكِّر كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ كَبْشًا ثُمَّ دَجَاجَةً ثُمَّ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ويجبُ على من حَضَرَ الجُمُعةَ أن يُنصِتَ للخُطبة وألَّا ينشَغِلَ عنها بأيِّ شيءٍ كالعَبَثِ بالسُّجَّادِ أو الجَّوالِ أو غيرِه لقولِ النبي ﷺ ( إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ ( متفق عليه وقولِه ﷺ ( وَمَنْ مَسَّ الحَصَا فَقَدْ لَغَا ) رواه مسلم ومن الآدابِ أثناءَ الخُطبَة أنَّ من جاءَ مُتَأخِّراً لا يجوزُ له تَخَطِّي رقابِ الناسِ فقد رأى النبي ﷺ رَجُلاً يتخطى رقابَ الناسِ يومَ الجُمُعة والنبيُّ ﷺ يخطُبُ فقال له ) اجلسْ فقد آذَيْتَ ) ومن الآدابِ الشرعية أنَّ من دخلَ والإمامُ يخطُبُ فلا يجلسْ حتى يُصلِّيَ ركعتينِ خفيفتين فعن جابرٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ( إذا جاءَ أحدُكم الجُمُعَةَ والإمامُ يخطُبُ فليُصَلِّ ركعتينِ خفيفتينِ ثم ليجلِس ( باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاسْتَغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورُ الرحيم
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا أَمَّا بَعْدُ فَاتقوا الله عِبَادَ اللهِ واعلموا أن من الخصائصِ التي خُصَّ بها هذا اليومُ أن فيه ساعةً لا يوافقُها عبدٌ مسلمٌ يدعو الله تعالى من خيري الدنيا والآخرة إلا أجابَ اللهُ دعاءَه قال رسول الله ﷺ ( إنَّ في الجُمُعَةِ لَساعَةً لا يُوافِقُها مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فيها خَيْرًا إلَّا أعْطاهُ إيَّاهُ وقال بِيَدِهِ يُقلِّلُها ) فالمحرومُ من حُرِمَ فضلَ هذا اليومِ وبركةَ هذِهِ الساعةِ المباركةِ التي تتكررُ علينا كلَّ أُسبوع والمُوفَّقُ مَن وفَّقَهُ الله فاحْرِصْ على التأمينِ علَى دُعاءِ الخَطِيبِ بدون رفع الصوت وأكثِرْ مِنَ الدُّعاءِ والابتهالِ في الصلاةِ سِيَّما في السُّجودِ وقَبلَ السَّلامِ.سُئِل سماحة الشيخُ عبدُالعزيزِ ابنُ بازٍ رحمه الله عن هذه الساعة فقال أرجح الأقوالِ في ساعةِ الإجابةِ يومَ الجُمُعةِ قولان أحدُها أنها بعدَ العصرِ إلى غُرُوبِ الشمسِ في حقِّ من جَلَسَ ينتظرُ صلاةَ المغرِب سواء كانَ في المسجدِ أو في بيتِهِ يدعو ربَّه وسواءً كانَ رجُلاً أو امرأة فهو حريٌّ بالإجابة الثاني أنها من حينِ يجلسُ الإمامُ على المنبرِ للخُطبةِ يومَ الجُمُعة إلى أن تُقضَى الصلاة فالدعاءُ في هذيْنِ الوقتينِ حريٌّ بالإجابة وهذانِ الوقتانِ هُمَا أحرى ساعاتِ الإجابةِ يومَ الجمعة انتهى كلامه رحمه الله ومما يُستحبُّ ليلةَ الجُمُعةِ ويومَ الجُمُعة الإكثارُ من الصلاةِ على النبي ﷺ لقوله عليه الصلاة والسلام ( إنَّ مِن أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجُمعةِ فيه خلَق اللهُ آدَمَ وفيه قُبِض وفيه النَّفخةُ وفيه الصَّعقةُ فأكثِرُوا عَلَيَّ مِن الصَّلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معرُوضَةٌ عَلَيَّ ) رواه أبوداود وصححه الألباني
اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلّمَ وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ وَعَنْ التَّابِعِينَ وَمَنْ تبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ ورَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ اللَّهُمّ أعزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وأذلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وانْصُرْ عِبَادِكَ الْمُوحِّدِينَ اللَّهُمّ آمِنَّا فِي أَوطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَتَنَا وَوُلاَةَ أَمْرِنَا
اللَّهُمَّ احْفَظْ وليَّ أَمْرَنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ ووفِّقْهُمَا لِكُلِّ خَيرٍ وَلَمَّا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا ذَا الجَلَالِ والإِكْرَام اللهمَّ احْفَظْ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى الحُدُودِ وثبِّتْ أَقْدَامَهُمْ اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غَيِّثًا مُبَارَكا تُغِيثُ بِهِ البِلَادَ والعِبَادَ وتَجْعَلُهُ بَلَاغًا للِحَاضِرِ والبَادِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) عِبَادَ اللَّهِ اذْكُرُوا اللَّهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكمْ (( وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ))

 

المرفقات

1732219253_خطبة الجمعة 20 من جمادى الأولى 1446هـ عن آداب الجمعة خطبة مختصرة.pdf

1732219263_خطبة الجمعة 20 من جمادى الأولى 1446هـ عن آداب الجمعة خطبة مختصرة.docx

المشاهدات 455 | التعليقات 0