التبرج

د. ماجد بلال
1441/06/13 - 2020/02/07 12:12PM

خطبة التبرج / ماجد بلال / جامع الرحمن / تبوك / 13/6/1441ه

الخطبة الأولى:

أمَّا بعدُ أيُّها المباركون: لقدِ انفردَ جيلُ هذا الزَّمان المتأخِّرِ بظهورِ شرٍّ عظيمٍ فيه من قِبَلِ النِّساءِ ـ إلا من رحم الله ـ بعدَ أن ظلَّتِ المرأةُ المسلمة، قُرونا متواترة، وأزمنةً كثيرة، مستورةَ الجسم في الجملة، بل والمرأةُ من أهل الكتابِ أيضا، فإلى عهدٍ قريبٍ لا يكادُ يُرى منهُنَّ إلا الوجه، ثمَّ شيئا فشيئا، فسَدَتِ المرأةُ الغربيةُ وأعلنَت فسادها، فتابَعَـها على ذلكَ بعضُ المسلمات، فَهُنَّ كالذَّيْلِ لها، مُنبَهِراتٍ بسُفُورها، مُنبَهِراتٍ بتعرِّيـها، وتَنَصُّلِها من ثِيابها وعفافها وشَرَفِها، فكانَ ما كانَ من تأثُّرِ بعضِ المسلماتِ بتلكَ العاهرات الكافرات، ومن ثمَّ هُنَّ بدورِهِنَّ أثَّرْنَ في مسلماتٍ أُخريات، حتى أفضينَا إلى ما أفضينَا إليه من مخازٍ ورَزِيَّات.

في صحيح مسلم، عن أبي هريرةَ قال: صلى الله عليه وسلم: *صنفان من أهل النار لم أرهما، -أي أن هذا الصنف ليس في عهد الصحابة، بل في الأجيال التي تأتي وهذا دليل على نبوته e إذ تحقق ما قال به- وقال: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا*

وفي رواية (إلْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ) رواه الطبرانيُّ في الصَّغير، وحسَّنَهُ الألبانيُّ في الثمر المستطاب.

*نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ* ما لأنه شفاف أو لأنه ضيق يصف المفاتن فوجود هذا اللباس كعدمه فهي كاسية بالاسم عارية في الحقيقة، حتى أصبح المرء ليستحي في المناسبات والأعياد أن يسلم على عماته وخالاته من أجل هذه الألبسة الفاضحة، وقد تتساهل كثير من النساء في اللباس بحجة أنها عند نساء، ومن قال لها أن التعري عند النساء جائز، فالتعري حرام حتى عند النساء وحصل بسبب ذلك شر كبير من افتتان الفتاة بالفتاة كله بسبب هذا التعري.

بل إن بعض الأمهات –هداهن الله- لا تحتشم في لباسها أمام أولادها مما قد تتسبب باثارة شهوته وإشغاله بذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالله الله معاشر الرجال بأمر نسائنا وبناتنا بالاحتشام حتى داخل البيت وفي خارجه في المناسبات من باب أولى.

 

نسألُ الله عزَّ وجلَّ أن يُصلِحَ الأحوال، وأن يمُنَّ على نسائنا التَّأَدُّبَ بدينِ الله، وأن يَرْفَعَ عنَّا هذا الوبال.

فلقد رأينا في البنات كبائرًا * و عظائِمَ الآثام رأْيَ عيانِ

بارَزْنَ للرحمن إثمًا ظاهرًا * أَعلنَّ فُحشا بَيِّنَ العصيان

فترى الفتاةَ بلُبْسِها قد شابهت * للكافراتِ بِربنا الدَّيَّانِ

وتزيَّنت و تبرّجت و تعطّرت * و تجمَّلت ما كان في الإمكان

من بعدِ ذا خرجت لِتَفتِنَ من ترى * من نَّاقِصِي الإيمانِ من شُبَّانِ

وَوليُّها عونٌ لها في غَيِّها * بِئسَ الولِيُّ معاشر الإِخوانِ

إِذْ يُنفِقُ الأموال في تزيينها * أعني تَزَيُّنَ زينةِ الشّيطانِ

يشري العطور وغالِيَ الأثواب ذَا * في ظَنِّهِ سيَجيءُ بالعِرسان

خان الأمانة راجيا حِفظًا لها * والله يُبغِضُ مِثلَ ذا الخوّانِ

بل تُنْكَحُ البنتُ العفيفة فانْتبِه * والعاريَاتُ يَبُؤْنَ بالنِّيرانِ

صحَّ الحديثُ بِلَعْنِهِنَّ بلا مِرَا * إِسنادَهُ قد حَسَّن الألباني

قال جلَّ وعلا: *يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ*

أمر الله الحرة بالحجاب وهو ارخاء الجلباب الذي كان يستر الرأس فتدنيه حتى يغطي وجهها ونحرها، ورخص للأمة العبدة الجارية في أن تكشف رأسها وذلك تخفيفا عليها في خدة سيدها، فالحرة عفيفة متسترة تعرف بذلك والمتكشفة تعرف بأنها جارية خادمة لذا قد يقع منها الزنى لهذا التكشف، وأما الحرة الأبية لا يمكن أن تنزل إلى الرذيلة والزنى، ولذلك أنكرت ذلك هند بنت عتبة عند مبايعة النبي e للنساء بقوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 12]

 فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَلْ تَزْنِي الْحُرَّةُ؟ قَالَ: "لَا وَاللَّهِ مَا تَزْنِي الْحُرَّةُ". تفسير ابن كثير ت سلامة (8/ 98)

ولقد كانت أميرات انجلترا قبل مائة سنة يخرجن الى الناس وعليهن الحجاب الكامل ولا يسمح لأي أحد أن يرى شيئا من الأميرات

فمن خذلانه أن تشبَّه بهم في شان، قد تشبَّهوا هم بدورهِم فيه بالشيطان. يقول ربُّنا جلَّ وعلا: *يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا* قال الإمام المفسِّر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: *بهذا تَعرفونَ أنَّ كشف العورة، مقصدٌ من مقاصِدِ إبليس، لِـــيُـهينَ بهذا كرامةَ النوعِ الآدميَّ وإهانةُ كرامتهم ولم يَزَل إبليسُ يُحاولُ إهانةَ بني آدم بكشف العورة، وإبداءِ السَّوأة، حتى بلغَ غايتَهُ من ذلك… وله مع ذلكَ قصدٌ آخر، وهو أنَّ انكِشافَ عورَتِها يدعو إلى الفاحشة* إهــ ولطالما كان من أنواع التعذيب والإهانة في السجون والمعتقلات تعرية الأسرى من رجال ونساء كما يفعل الشيوعيون بنساء الأيغور المسلمات العفيفات.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

نلاحظ في هذه الأيام انتشار ظاهرة كشف الوجه ولسنا نتكلم عن المسألة الفقهية، بل نتكلم أنه لم ينته الأمرُ عند ذلك، بل أصبحت المرأة تتبرج كامل التبرج للرجال الأجانب، مما أنعش سوق عيادات التجميل والعمليات التجميلية وتغيير خلق الله، فبعد أن كانت الفتاة متدينة متحجبة متسترة، ورأت الهالكات يجنين الأموال الطائلة من خلال التسويق لمنتجات التجميل، عن طريق وسائل التواصل، انسعرت كثير من البنات في تبرجها حتى تكون أداة إعلانية لمساحيق التجميل من الشركات التي تعطي الأموال الطائلة وتغرر بهؤلاء الفتيات وتستغل نضارة بشرتهن وشبابهن، وتدعي أنه من استخدام تلك المراهم والمساحيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)  وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)  [الأحزاب: 31]

ومع كل ما يحصل فإن المسلم مأمور بغض بصره عن النظر الى النساء

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) } [النور: 30، 31]

والحل هو التزام امر الله والقرار في البيوت عن ابنِ عمرَ قال صلى الله عليه وسلم: المرأةُ عَوْرةٌ، و إنَّها إذا خَرَجَت من بَيْتِهَا استَشْرَفَها الشَيطانُ، وإنَّهَا لَا تَكُونُ أَقْرَبَ إلى اللهِ منها في قَعْرِ بَيْتِها* رواه الطبرانيُّ في الأوسط، وقال المنذريُّ في الترغيب: رجاله رجال الصحيح.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا» صحيح مسلم (1/ 464)

صلوا وسلموا ......

المرفقات

خطبة-التبرج-ماجد-بلال

خطبة-التبرج-ماجد-بلال

خطبة-التبرج-ماجد-بلال-2

خطبة-التبرج-ماجد-بلال-2

المشاهدات 1137 | التعليقات 1

هذه الأبيات كتبها الأخ الفاضل وليد الجزائري وسبحان الله كنت أبحث عنها