(البكاء من خشية الله )

محمد مرسى
1432/04/06 - 2011/03/11 07:44AM
الحمد لله الذى استخلص الحمد لنفسه واستوي به على جميع خلقه الذي ناصية كل شيء بيده

القوى فى سلطانه اللطيف جبروته--- لا مانع لما أعطي ولا معطى لما منع خالق الخلا ئق بقدرته

ومسخرهم بمشيئته وافى العهد صادق الوعد شديد العقاب جزيل الثواب نحمده ونشكره على

ما انعم به علينا مما لا يحصيه غيره وأتوكل عليه توكل المستسلم لقدرته والمتبرئ من الحول

والقوه إلا به واشهد شهادة لا يشوبها شكا انه لا ا له إلا هو وحده لا شريك له إلها واحدا

احد لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريكا في الملك ولم يكن وليا من الذل واشهد إن

محمدا عبده ورسوله صلي الله عليه وسلم صفوته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله بالمعروف

أمرا وعن المنكر ناهيا الى الحق داعيا على حين فتره من الرسل وضلالة من الناس واختلافا

من الأمور حتى أكمل به الدين وتمم به النعمة صلى الله عليه وعلى أهله وصحبه وسلم

تسليما كثيرا

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا فى امرنا اللهم اجبر تقصيرنا اللهم اجعلنا لما نقول من العاملين

واجعلنا لما نسمع من المتعظين وأعنا على محاربه الشيطان اللعين اللهم احينا حياه السعداء

وامتنا ميتة الشهداء اللهم رقق قلوبنا من خشيتك يا مولانا اللهم اجعلنا ممن ذكرت عنده وجل قلبه

واهتز فؤاده ولا تجعلنا مما إذا قيل له اتقى الله أخذته العزة بالإثم




البكائون



البكاؤون جمع بكاء وهو صيغه مبالغه من البكاء ،البكاء ذلك الفعل الذى يخرج من بنى ادم

تلك الانهار التى تجرى من غير اخاديد تلك البراكين التى تتفجر فى القلوب فلا تجد لها منفد

الا عبر العيون
البكاء والبكا لفظان يقال بكاء بالهمز ويقال بكا

قال اهل اللغة اذامددت فقلت بكاء اردت الصوت الذى يكون مع البكاء واذا

قصدت فقلت بكا اردت الدموع وخروجها

قال الخليل رحمه الله

من قصرا فقال بكا ذهب الى معنى الحزن ومن مده وقال بكاء ذهب الى معنى الصوت بتصرف عنه رحمه الله

قال كعب بن مالك رضى الله عنه

فى رثاء حمزه رضى الله عنه بكت عينى وما يغنى البكاء ولا العويل

انواع البكاء

زكر ذلك بن القيم رحمه الله فى ذاد الميعاد في المجلد الاول قال فيه بتصرف بسيط واختصار قال فمنه

1: بكاء الرحمه والرقه 2-وبكاء الخوف والخشيه

3- وبكاء المحبه وا لشوق 4- بكاء الفرح والسرور

5-بكاءالجذع 6- بكاء الحزن

7- بكاء الضعف 8-بكاء النفاق

9- بكاء مستعار 10- بكاء الموافقه

وليس عن هذا نتكلم ولكن نتكلم عن البكائين من خشيه رب العالمين البكاؤون الذين يحبهم ربهم والذين

امتدحهم إلههم يبكون رحمة وشفقة يبكون حزنا على ما جنت أيديهم فى الايام الماضيه يبكون خوفا على ما

يعلمون عن الايام القادمه يبكون شوقا لرؤيه ربهم يبكون فرحا بوعد نبيهم يبكون سرورا بثوابهم يبكونا لذه

بمناجاة ربهم ، لقد مدح الله رسله بالبكاء فقال جل علاه

(اذا تتلى عليهم ايات الرحمن خروا سجدا وبكيا )

ووصف اوليائه واحبابه من اهل العلم والدين انهم يبكون بل من بكائهم يخرون ويخشعون فقال جل علاه

(ويخرون للأذقان يبكون ويزدهم خشوعا )


اثنى الله على عبادا من عباده من بكائهم فقال سبحانه وتعالى
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ

من يسمع هذا القران فلا يبكى

فقال (افمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون )

فضيله البكاء

1- البكاء من الذنوب نعمه

2- البكاء عند تزكر الموت والخاتمه ُجنه

3- البكاء عندما تتذكر القدوم على الله والوقوف بين يديه والحساب

والسؤل سعادة البكاء عند فوات الطاعه والوجل من العذاب والرحمة عند المصاب والرقة عند الموعظهm

والخشية عند الذكر لذه لايعلمها الا من جربها

حينما اتكلم عن البكاء والبكائين فانى اتكلم عن اُناس لم تسكب عبراتهم الا من اجل ربهم لم تسكب عبراتهم

من اجل دنيا فاتتهم او مراكز اومناصب حاوزتهم او غيره لا وربى

إنما عن اشرف الدموع نتكلم عن الدموع

التى تدل على يقين صاحبها--- عن الدموع التى تدل على الرهبة والصدق والمعرفة انما نتكلم

عن دموع تتحدث هى للناس وهى افصح من كل كلمه-- اروع من كل عباره-- اجمل من كل قصيده انما نتكلم عن دموع فيها اسرار وعظات فيها قصصا وروايات دموعا فيها صرخات فيها اهات فيها ندائات لرب

الارض والسماوات دموعا بمعرفه مكنونها تكتب الكتب وتؤلف المؤلفات تروى لها القصص والراويات يا الله

ما اعظمها من دموع يا الله ما احلاها من عبارات

اللهم اجعلنا من البكائين من خشيتك اللهم اجعلنا من البكائين

طمعا فى رضاك ياذا الجلال والاكرام

فى الحديث المتفق على صحته يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم

سبعه يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله ومنهم رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه

يارب اجعلنا جميعا من هؤلاء يا رب العالمين يا رب اجعلنا ممن اذا خلا بك بكا ووجل وخاف ودعا واناب وتاب

برحمتك يا ذا الجلال والاكرام اللهم امين

ثبت عند الطبرانى بسند صححه الالبانى رحمه الله عليهم

عن انس بن مالك رضى الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
عينان لا تريان النار عينا بكت وجلا من خشيه الله وعينا باتت تكلأ فى سبيل الله
اللهم اجعلنا منهم يا ذا الجلال والاكرام والحديث عند ابى يعلى عن انس بسند صحيح

عينان لا تمسهما النار ابدا عينا بكت من خشية الله وعينا باتت تحرس فى سبيل الله

رواه الحاكم وحسنه الالبانى

اعلم يا مسلم اعلمى يا مسلمه يا من تستعجبون من البكائين اذا رأيتموهم يا من تستعجبون من اهل البكاء اذا

سمعتموهم لماذا هم يبكون ؟

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم

حرم على عينين ان تنالهم النار عينا بكت من خشية الله وعينا باتت تحرس الاسلام واهله من اهل الكفر

رواه الامام احمد والترمذي عن ابى هريره رضى الله عنه

يقول ابى هريره رضى الله عنه

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم

لايلج النار رجلا بكى من خشية الله حتى يعود اللبن فى الضرع ولايجتمع غبارا فى سبيل الله ودخان جنهم فى

منخري مسلم ابدا

ياالله: ايها المؤمنون ياالله ما احلى البكاء لرب الارض والسماء ما اجمل الانين ذلة لرب العالمين ما اروع

الانكسار والخضوع لمن يجير ولا يجار عليه ، انزلى انزلى يا دموع

عن كعب الاحبار قال

لان ابكى من خشيه الله احب الي من ان أتصدق بوزنى ذهبا

انهم اقوام عرفوا ما معنى البكاء من خشيه رب الارض والسماء انهم اقوام عشقوا الدموع خشية لرب القلوب

لكى يبكوا خشوعا ا

عن ابا رجاء قال

رايت بن عباس رضى الله عنه واسفل من عينيه مثل الشراك البالى من البكاء

قال قتاده

كان العلاء بن زياد قد بكى حتى غشى بصره وكان اذا اراد ان يقرا او يتكلم جهشه البكاء وكان ابوه يبكى حتى

عمى

اتعلم لماذا يبكون ؟

لانهم علموا فضل البكاء من خشيه الله جل فى علاه

فعن منصور بن عمار قال تكلمت يوما في المسجد الحرام فذكرت شيئا من صفة النار فرأيت الفضيل بن عياض صاح حتى غشى عليه فطرح نفسه.
وعن أبي إسحاق قال قال الفضيل بن عياض لو خيرت بين أن أعيش كلبا أو أموت كلبا ولا أرى يوم القيامة لاخترت أن أعيش كلبا أو أموت كلبا ولا أرى يوم القيامة.
وعن مهران بن عمرو الأسدي قال سمعت الفضيل بن عياض عشية عرفة بالموقف وقد حيل بينه وبين الدعاء البكاء، يقول وسوأتاه، وافضيحتاه وإن عفوت وعن احمد بن سهل قال قدم علينا سعد بْنُ زُنْبُورٍ فأتيناه فحدثنا قال كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليه فلم يؤذن لنا فقيل لنا انه لا يخرج إليكم أو يسمع القرآن. قال: وكان معنا رجل مؤذن وكان صيتا فقلنا له اقرأ ألهاكم التكاثر سورة التكاثر آية 1 ورفع بها صوته. فأشرف علينا الفضيل وقد بكى حتى بل لحيته بالدموع ومعه خرقة ينشف بها الدموع من عينيه وأنشأ يقول:
بلغت الثمانين أو حزتها فماذا أؤمل أو أنتظر؟

عن مجاهد

كان سيدنا يحيى بن سيدنا زكريا يبكى من خشيه الله وقد اتخذت الدموع مجرى فى وجهه من البكاء فقال له ابوه زكريا

يا ولدى انى سالت الله ولدا اقر به عينى فقال يا ابى ان جبريل اخبرنى ان بين الجنه والنار مفازه لا يقطعها

الا كل بكاء

يا الله

هل نحن من البكائين من خشيه رب العالمين ؟

قال وهيب ابن الورد

لما عاتب الله نوحآ فى ابنه لما انزل عليه

(انى اعظك ان تكون من الجاهلين)

بكى نوح حتى صار تحت عينيه امثال الجداول من البكاء ، فكيف بنا

وقد انزلت الايات وما زالت الى اليوم تعاتبنا فى تقصيرنا فى جنب الله ومع ذلك لانبكى

اه لقلوبنا ما اقساها اه لعيوننا ما اجفاها

قال يزيد الرقاشى

انما سمى نوحآ لانه كان نواحا

كلما استطعت ان تبكى اخي فابك لاتبخل على نفسك اسكب العبرات على ما جنت يداك من السيئات فان لم

تستطع فعليك بكلام رب الارض والسماوات لا يرقق القلوب مثل كلام علام الغيوب

عجبا لمن يقرا القران ولا يبكى

عجبا لمن يقف بين يدى الجبار يرتل القران ولا يخشع

لما رات ام اِلرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ ما يلقى الربيع من البكاء والسهر نادته فقالت يا بنى لعلك قتلت قتيل قال نعم يا أماه

قتلت قتيل قالت ومن هذا القتيل يا بنى نتحمل على اهله فيعفوك والله لو علموا ما تلقاه من البكاء والسهر

لرحموك فكان يقول يا والدتى هى نفسي

بينما محمد بن المنكدر قائم يصلي ذات ليلة اذ استبكي فكثر بكائة ففزع آهله وسالوه عن حاله فلم يستطع

الكلام وتمادى فى البكاء فارسلوا الى صاحبه ابا حازم فجاء اليه وقال ما الذى ابكاك فقال محمد مرت بى ايه

فابكتنى

قال الحسن البصري رحمه الله عليه

كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يمر بالايه من ورد الليل فيبكى حتى يسقط ويبقى في البيت يعالج

كان هناك رجلا يسمى عطاء البكاء وهو عطاء السليمى قيل له ما تشتهى قال اشتهى ان ابكى حتى لا اقدر

على البكاء فكان يبكى الليل والنهار كان يقؤل عنه رجل اسمه سرار العنزي قال عطاء لم يكن رجل من اهل

الدنيا فمن كثره بكائه عاتبه سرار فقال له عطاء كيف تعاتبنى فى شىء ليس هو لى انى اذا زكرت اهل النار

وما ينزل بهم من عذاب الله وعقابه تمثلت لى نفسى بهم

فيا اخى ويا اختى ان كنتم من المؤمنين الصالحين فبكوا شوقا

وان كنتم من ضعفاء الايمان فبكوا ندما

فلابد من البكاء ان الموت مصيرونا وان القبر مسكننا وان القيامه موعدنا وان الجنه او النار جزاؤنا

ان رؤيه الله جل فى علاه شوقنا وان عدم رؤيتنا له اكبر حرمان لنا

بكت عينى وطاق لها البكاءُالا تبكي وقد عظما البلاء ُ اعود اليك يا رحمانِ ابكى ذنوبى

ليس لى منها وجاءُ
[ أخبرني من رأى ابن عمر يصلي وهو يترجح ويتمايل ويتأوه حتى لو رآه غيرنا ممن يجهله لقال لقد أصيب الرجل وذلك لذكر النار إذ مر بقوله تعالى وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين [ الفرقان 31 ] أو نحو ذلك خرجه أبو عبيدة ]

وفي كتاب الزهد للإمام أحمد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال قلت ليزيد بن مرثد مالي أرى عينك لا تجف قال وما مسألتك عنه قلت عسى الله أن ينفعني به قال يا أخي إن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار والله لو لم يوعدني أن يسجنني الا في الحمام لكنت حريا أن لا تجف لي عين قلت له فهكذا أنت في صلاتك قال وما مسألتك عنه قلت عسى الله أن ينفعني به قال والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي فيحول بيني وبين ما أريد وإنه ليوضع الطعام بين يدي فيعرض لي فيحول بيني وبينه وبين أكله حتى تبكي امرأتي وتبكي صبياننا ما يدرون ما أبكانا وربما أضجر ذلك امرأتي فتقول يا ويحها ما خصه من طول الحزن معك في الحياة الدنيا ما يقر لي معك عين

[ وقال يزيد بن حوشب ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما / صفحة 22 / ] : وروي ضمرة عن حفص بن عمر قال بكى الحسن فقيل ما يبكيك قال أخاف أن يطرحني غدا في النار ولا يبالي وعن الفرات بن سليمان قال كان الحسن يقول إن المؤمنين قوم ذلت والله منهم الاسماع والأبصار والأبدان حتى حسبهم الجاهل مرضى وهم والله أصحاب القلوب ألا تراه يقول وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن [ فاطر غير 43 ] والله لقد كابدوا في الدنيا حزنا شديدا وجرى عليهم ما جرى على ما جرى على من كان قبلهم والله ما أحزنهم ما أحزن الناس ولكن أبكاهم وأحزنهم أحمد الخوف من النار وروى ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن المختار عن الحسن نحوه

وروى ابن أبي الدنيا من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت عبد الله بن حنظلة يوما وهو على فراشه وعدته من علته اى زوته فى مرضه فتلا رجل عنده هذه الآية (لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ )فبكى حتى ظننت أن نفسه ستخرج وقال صاروا بين أطباق النار ثم قام على رجليه فقال قائل يا أبا عبد الرحمن اقعد قال منعني القعود ذكر جهنم ولا أدري لعلي أحدهم [ ومن حديث عبد الرحمن بن مصعب أن رجلا كان يوما على شط الفرات فسمع تاليا يتلو إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون [ الزخرف

47 ] فتمايل فلما قال التالي إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ( 74 ) لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ( 75 ) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ سقط في الماء فمات

ومن حديث أبي بكر بن عياش قال [ صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب وإلى جانبي علي ابنه فقرأ الفضيل ألهاكم التكاثر فلما بلغ لترون الجحيم [ التكاثر الذي 6 ] سقط علي مغشيا عليه وبقي الفضيل لا يقدر يجاوز الآية ثم صلى بنا صلاة خائف قال ثم رابطت عليا فلما أفاق إلا في نصف الليل ]

وروى أبو نعيم باسناده عن الفضيل قال أشرفت ليلة على علي وهو في صحن الدار وهو يقول النار ومتى الخلاص من النار وكان علي يوما عند ابن عيينة / صفحة 23 / فحدث سفيان بحديث فيه ذكر النار وفي يد علي قرطاس في شئ مربوط فشهق شهقة ووقع ورمى بالقرطاس أو وقع من يده فالتفت إليه سفيان فقال لو علمت أنك ها هنا ما حدثت به فما أفاق إلا بعدما شاء الله وقال علي بن خشرم سمعت منصور بن عمار يقول تكلمت يوما في المسجد الحرام فذكرت شيئا من صفة النار فرأيت الفضيل بن عياض صاح حتى غشي عليه وطرح نفسه

[ وفي الحلية لأبي نعيم أن علي بن فضيل صلى خلف إمام قرأ في صلاته سورة الرحمن فلما سلم قيل لعلي أما سمعت ما قرأ الإمام حور مقصورات في الخيام [ الرحمن 27 ] فقال شغلني عنها ما قبلها يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ [ الرحمن 35 ]

وقال ابن أبي ذئب حدثني من شهد عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة وقرأ عند رجل وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا * لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا [ الفرقان 31 ] فبكى عمر حتى غلبه البكاء وعلا نشيجه فقام عن مجلسه ودخل بيته وتفرق الناس وقال أبو نوح الأنصاري وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد فجعلوا ينادونه يا ابن رسول الله النار فما رفع رأسه حتى أطفئت فقيل ما الذي ألهاك عنها قال النار الأخرى



قال أحمد وحدثني أبو عبد الرحمن الأسدي قال [ قلت لسعيد بن عبد العزيز ما هذا البكاء الذي يعرض لك في الصلاة فقال يا ابن أخي وما سؤالك عن ذلك قلت يا عم لعل الله أن ينفعني به قال ما قمت في صلاتي إلا مثلت لي جهنم

[ وقال سرار أبو عبد الله عاتبت عطاء السلمي في كثرة بكائه فقال لي يا سرار / صفحة 24 / كيف تعاتبني في شئ ليس هو لي إني إذا ذكرت أهل النار وما ينزل بهم من عذاب الله عز وجل وعقابه تمثلت لي نفسي بهم فكيف لنفسي تغل يداها عنقها وتسحب إلى النار ان لا تبكي وتصيح وكيف لنفس تعذب أن لا تبكي ] لأن قال العلاء بن زياد كان إخوان مطرف عنده فخاضوا في ذكر الجنة والنار فقال مطرف لا أدري ما تقولون حال ذكر النار بيني وبين الجنة


وقال عبد الله بن أبي الهذيل لقد شغلت النار من يعقل عن ذكر الجنة [ وعوتب وقد يزيد الرقاشي على كثرة بكائه وقيل له لو كانت النار خلقت لك ما زدت على هذا فقال وهل خلقت النار إلا لي ولأصحابي ولإخواننا من الجن والإنس أما تقرأ سنفرغ لكم أيها الثقلان [ الرحمن 13 ] أما تقرأ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ [ الرحمن 35 ] فقرأ حتى بلغ يطوفون بينها وبين حميم آن [ الرحمن 44 ] وجعل يجول في الدار ويصرخ ويبكي حتى غشي عليه ]


وقرئ على رابعة العدوية آية فيها ذكر النار فصرخت ثم سقطت فمكثت ما شاء الله لم تفق ودخل ابن وهب الحمام فسمع قارئا يقرأ وإذ يتحاجون في النار [ غافر 47 ] فسقط مغشيا عليه فغسل بالنورة وهو لا يعقل




قال العباس بن الوليد عن أبيه : كان الأوزاعي إذا ذكر النار لم يقطع ذكرها و لم يقدر أحد أن يسأله عن شيء حتى يسكت فأقول بيني و بين نفسي : ترى بقي أحد في المجلس لم يتقطع قلبه حسرات ؟ !
كانت آمنة بنت أبي الورع من العابدات الخائفات و كانت إذا ذكرت النار قالت : أدخلوا النار و أكلوا و شربوا من النار و عاشوا ثم تبكي و كانت كأنها حبة على مقلي و كانت إذا ذكرت النار بكت و أبكت
قال عبد الواحد بن زيد : لم أر مثل قوم رأيتهم هجمنا مرة على نفر من العباد في سواحل البحر فتفرقوا حين رأونا فما كنت تسمع عامة الليل إلا الصراخ و التعوذ من النار فلما أصبحنا تعقبنا آثارهم فلم نر منهم أحدا

هل تبكى يا اخى هل تبكى يا اختى هل تبكى يا نفسى

هل نبكي على ما مضى وندعوا لما قد ياتى
المشاهدات 6872 | التعليقات 1

شكر الله لكم أخي الكريم على موضوعكم الطيب ومشاركتكم الجميلة وحول هذا الموضوع لموقعنا خطب مختارة على هذا الرابط نضعه لتعم الفائدة

عين بكت من خشية الله (خطب مختارة)