الاهتمام بالصلاة
عبدالله محمد الطوالة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله..
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}..
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار..
معاشر المؤمنين الكرام: جاء في الحديث الصحيح، قال ﷺ: "استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ".. فالصَّلاةُ يا عباد الله: هي خيرُ الأعمالِ، بل هيَ أُمّ العباداتِ وأولُ ما فُرضَ منها، وهيَ آخرُ ما يُفقدُ من الدِّين، وآكدُ وآخر ما أوصى به المصطفى ﷺ، وأولُ وأخطر ما يحاسبُ عليه المسلمُ يومَ الدَّين.. فإن قبلت قبل سائر العمل، وإن ردت رد سائر العمل.. الصلاة يا رعاكم الله: ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، ومِعراجُ المتّقين، وقرةُ عينِ المفلحين، الم تسمعوا قول الصادق الأمين: «وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة».. الصلاةُ أيها الموفقون: أداة الصلاح، وعنوانُ الفلاحِ، وطريقُ النَّجاح، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، وكيفَ لا يفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.. الصلاةُ يا أهل الصلاة: نورٌ في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وطمأنينةٌ في النفس، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، وشفاءٌ لما في الصدور.. تَكفَّرُ السيئات, وترفَعُ الدرجات, وتضاعَفُ الحسنات، يقول الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ}.. الصلاةُ أُيها المباركون: تفريجٌ للكروب، وعلاجٌ للخطوب.. تأملوا: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ}.. وتأملوا أيضاَ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}، ولذا كان المصطفي ﷺ: إذا حزبهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة.. ويقول لبلال: أرحنا بها يا بلال.. وفي الصحيحين قالَ ﷺ: "مَن توضَّأ نحوَ وُضوئِي هذا، ثم قامَ فرَكَع رَكعتينِ لا يُحدِّثُ فيهما نفْسَه، غُفِرَ لهُ ما تَقدَّمَ من ذنبِه".. وفي صحيح مُسلمٍ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قالَ: "ما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ".. الصلاةُ أيها الموفقون: فيصلٌ بين الإيمان والكفر، فلا دِينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تركَ الصّلاة، من حفِظها حفِظَ دينَهُ, وكانت لهُ نوراً وبرهاناً ونجاةً يومَ القيامةِ، ومن ضيَّعها فهو لما سِواها أضيَع.. بل جاءَ في صحيح مُسلمٍ أنّ النبيَّ ﷺ قال: "ليس بينَ الرّجل والكفرِ أو الشرك إلاّ تركُ الصّلاة"، وفي البخاري قال ﷺ: "من فاتتهُ صلاةٌ فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ"، وكان الصحابة لا يرَونَ شيئًا مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرُ الصّلاةِ.. الصلاةُ أيها المباركون: هيَ أكثرُ العباداتِ ذكراً في القرآن والسنةِ، فقد ذُكرت في القرآنِ الكريمِ أكثرَ من ستين مرةً، وفي السنةِ المطهرةِ أكثرَ من مائة وسبعينَ مرةً، ثم إن ما رُتب على تركِها من العقوبات, لم يأتي مِثلهُ في غيرها.. كلُّ ذلكَ يا عباد الله: يدلُ على عِظمِ قدرِ الصلاة، وعلى علو مكانتها عند الله.. فلا واللهِ لا يُفرِّطُ فيها بعدَ ذلك إلا مخذولٌ محرومٌ.. وذلك من أعظمِ أسبابِ دُخولِ النَّارِ، فحِينَ يُسأَلُ المجرمون: {مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ}..
وإنّ ممّا يؤسف له يا عباد الله: أنْ يخِفَّ عِندَ البعضِ قدر هذهِ الصلاةِ ويقِلُّ الاهتمامُ بها وأخذُ الزينةِ لها.. ولئن كان من المعتاد أن من يذهبُ إِلى اجتماعٍ أَو عمل، أَو من يدعى إِلى مناسبةٍ أَوِ زواج، فإنه يتهيأُ بأحسن ما يجد، ويلَبسُ أَفضلَ ما عنده، وَيتَزَيَّنُ وَيتَطَيَّبُ، وَهَذَا ولا شك شيءٌ جَمِيل، لكن المؤلمَ المؤسف، أنه إِذَا دُعِيَ إِلى مَا هُوَ أَجَلُّ وَأَعظَمُ، وَهُوَ لقاء ملك الملوك في بيتٍ من بيوت اللهِ، رأيت منه خلاف ذلك، في مناظر وهيئاتٍ يصعبُ وصفها والتعبيرُ عنها، سوى أنها لا تليقُ ببيوت الله، كيف وبُيُوتَ اللهِ هِيَ أَطهَرُ البِقَاعِ وَأَطيَبُهَا وَأَحَبُّهَا إِلى اللهِ، فلا يَجمُلُ بِالمُسلِمٍ أَن يَأتيَ إِلى أَحَبِّ البِقَاعِ إِلى اللهِ إِلاَّ وَهُوَ في أَجمَلِ صُورَةٍ وَأَحسَنِ هَيئَةٍ يقدر عليها، كيف والله جلّ وعلا يقول: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.. ويقول جل وعلا: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}.. كيف والرسولَ ﷺ يقول: (إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ"، والحديث رواه مسلم، وكما قال ابن عمر لغلامه: "أرأيتَ لو خرَجْتَ إلى النَّاسِ، أكُنتَ تجِدُ ثوبًا آخَرَ؟ قُال: نَعَم، قال: فاللهُ أحَقُّ أن تَزَّيَّنَ له".. وبُيُوتُ اللهِ لَها مَقامٌ رَفِيْعٌ.. {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، ومَنْ اسْتَشْعَرَ عَظَمَةَ القِيامِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ في الصَلاةِ، فسيحسن التهيؤ لهذا الموقف العظيم، مُمْتَثِلاً أَمْرَ اللهِ لَه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}..
كما أن مِنْ أَعظَمِ صور عدم الاهتمام بالصلاة.. إتيان المَسْجِدَ بِرائِحَةٍ سيئة، فعَنْ جابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضي الله عنه أَنَّ رِسُولَ اللهِ ﷺ قال: (مَنْ أَكَلَ ثُومًا أوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، أوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا) والحديث في البخاري ومسلم، وفي رواية لمُسْلِمٌ: (فَإنَّ الملائِكَةَ تَأذَّى ممَّا يَتأذَّى مِنْهُ الإِنْسُ).. قَالَ العُلَماءُ: ويَدْخُلُ في هذا النَّهْيِ كُلُّ ما لَهُ رائِحَةٌ مُؤْذِيَة.. وعليه فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَحْضُرَ الْمَسْجِدَ بِرَائِحةِ الدُّخَّانِ، أَوْ بِمَلَابِس تفوح منها رَوَائِح العَرَق، فيؤذِي المُصلينَ بنَتَنِ رِيحِهَا..
وهكذا يا عباد الله: فهناك تفريطٌ وإهمالٌ فضيعٌ في شأن الصلاة، وعدم الاهتمام بها، هُناكَ من يتركُها بالكلية عامِداً مُتعمَّدًا، وهناكَ من يُخرِجُها عن وقتِها تَهاوُنًا وكسَلاً، وهناكَ من يُصلِّي في بيتهِ ولا يُصلِّي مع الجماعةِ إلا لماماً.. وهناك من لا يهتم للصلاة كما ينبغي، وكلهم ما بين مستقلٍ ومُستكثر، فأمَّا تاركُها عمداً فبإجماع العلماءِ إنْ لم يتُب فهو في النار من الخالدين.. وأمَّا المتهاونُ بها كسلاَ فهو مثلُه أو قريباً مِنهُ، فقد توعدهُ اللهُ بقولِه: {فَوِيلٌ لِلمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُم عَن صَلاتِهِم سَاهُونَ}، والويلُ هو الهلاكُ والثبور، أو هو وادٍ في جنهم.. وأما من يُصلي في بيتهِ ويتركُ الجماعةَ، فقد صحَّ أن النبي ﷺ قال: "من سمعَ المناديَ بالصلاة فلم يمنعهُ من اتِّباعه عذرٌ لم تُقبَل منهُ الصلاةَ التي صلّى"، قيل: وما العذرُ يا رسول الله؟ قال: "خوفٌ أو مرض"، وعن أبي هريرة ~ أنه قال: "لأن تمتلئ أذُنا ابنِ آدمَ رصاصًا مُذابًا خيرٌ لهُ من أن يسمعَ النداءَ ولا يجيب".. وعن علي رضي الله عنه قال: "لا صلاة لجار المسجدِ إلا في المسجد، قيل: ومن هو جارُ المسجد؟ قال: من سمعَ الأذان"..
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلاةِ في بيوت الله، وخذوا زينتكم عند كل صلاة، فعلى قدرِ إقامتِها والمحافظةِ عليها, والتبكير إليها، وحسن التهيؤ لها، تكونُ مكانةُ العبدِ عند اللهِ تعالى.. وعلى قدر إقامتِها والمحافظةِ عليها يكونُ البعدُ عن المعاصي والمنكرات: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، وعلى قدر إهمالها وتضيِّعيها والتفريطِ فيها، يكون الولوغُ في الشهوات: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.. أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، {وَاستَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاقُو رَبّهِم وَأَنَّهُم إِلَيهِ راجِعُونَ}.. أقول ما تسمعون ..
..
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..
أما بعد فاتقوا الله أيها المؤمنون، {وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}..
معاشر المؤمنين الكرام: مظاهر حُبُّ النبيِّ الكريمِ ﷺ للصلاة ظاهرةٌ متواترة، فقد صحَّ عنهُ عليه الصلاةُ والسلام أنهُ قال: «أرِحنا بها يا بلال»، وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: «وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة»، وكان ﷺ يصلي حتى تتفطر قدماه.. ووالله ما فعل ﷺ هذا الفعل العجيب، ولا قالَ هذا الكلامَ العجيبَ إلا لما وجَدَهُ في الصلاةِ مما تَقرُّ بهِ عينهُ، وينشرِحُ بهِ صدرهُ، ويأنسُ بهِ قلبهُ، وتفرحُ به روحهُ.. ووالله لو تمكَّنَ حُبُّ الصلاةِ من قلوبنا فلن نجِدَ حلاوةً ألذَّ منها، وسوف نهتمُّ بها ونحسن التهيؤ لها، واسألوا عن ذلك المُوفَّقون، أهلُ التُّقَى والهُدَى، المُعلَّقةِ قلوبُهم بالمساجِدِ، المُبكِّرون إلى الصلوات، المشَّاؤُون إليها في الظُّلَم، المُجيبُون لداعِيَ الفلاحِ، المتهيؤون لها بأحسن ما يجدون، المتنافُسون على الصف الأول، المُدرِكُون لتكبيرةِ الإحرام مع الإمام..
نعم أيها المباركون: فالتبكيرُ إلى الصلاة وانتِظارُها، وأخذُ الزينةِ لها، والاشتِغالُ بالذكرِ وقراءةِ القرآن قبلَها، من أعظمِ جالِبات الطُمأنينةِ والسعادةِ، ومن أقوى مُفرِّجاتِ الهُمومِ والغموم، روى الإمامُ البخاري في صحيحه قال ﷺ: "لو يعلَمون ما في التهجِير لسبَقُوا إليه".. والتهجيرُ هو التبكيرُ إلى الصلاة.. ويقول أهلُ العلم: "إن سببَ حُضورِ القلبِ في العبادة هو الهمُّ والاهتمام؛ فمتى أهمَّكَ أمرٌ حضرَ قلبُكَ فيه".. فإذا صَرفتَ همَّكَ وهِمَّتَك إلى الصلاة, حضرَ قلبُك فيها، وإذا حضر القلب أقبلَ العبد على مولاهُ فأحسَنَ المناجاة، وتلك هي الصلاةُ الخاشعةُ التي تُورثُ المصليَ الفلاحَ والمنازلَ العالية، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}.. {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُون}..
فهنيئًا لمن اهتمَّ بصلاته، وأحسن التهيؤ لها، واعتادَ التبكيرَ في الذهاب إليها، فلا يزالُ مُبشراً ببشارة النبيِّ الكريم ﷺ: "من صلَّى قبلَ الظُّهر أربعًا، وبعدَها أربعًا حرَّمه الله على النار".. و"رحِمَ الله امرأً صلَّى قبل العصر أربعًا".. وتبكيرُ المسلم إلى بيتِ الله، وتهيئهُ للصلاة بأحسن ما يجد: دليلٌ عمليٌ على محبَّةِ الصلاةِ وتعظِيمِ قدرها، وتعلُّقِ القلبِ بها، فهو داخلٌ في السبعة الذين يظلهم الله بظله.. والمهتم بالصلاة، المُبكِّرُ إلى بيت الله: داخِلٌ فيمن عنَاهم عليه الصلاة والسلام بقولِه في الحديث المتفق عليه: "لو يعلمُ الناسُ ما في النداء والصفِّ الأول ثمَّ لم يجِدوا إلا أن يستهِمُوا عليه لاستَهَمُوا عليه".. وفي قولِه ﷺ: "إن الله وملائكتَهُ يُصلُّونَ على الصفِّ المُقدَّم".. والمهتمُّ بالصلاة، المبكرُ إلى بيت الله: لا يزالُ في صلاةٍ ما انتظَرَ الصلاة؛ تُصلِّي عليه ملائكةُ الرحمن، وتدعُو له بالمغفِرَة والرحمةِ والرضوان..
ثم أوصيكم عباد الله في أبنائكم وقرّةِ عيونكم وفلذات أكبادكم، فإنهم أمانةٌ في أعناقكم.. مُروهم بالمحافظة على الصّلوات, وحضورِ الجُمَعِ والجماعات، رغِّبوهُم ورهّبُوهم، وشجِّعُوهم وحفِزُوهم، وكونوا لهم قُدوةً حسنة صالحة، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ}، ويقولُ رسولُ الهدى ﷺ: "مُروا أبناءَكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين".. وألحّوا على الله بالدعاء كثيراً أن يُصلحَهم ويهديهم، وأبناء المسلمين أجمعين..
اللهمّ أقِرَّ عيوننا وأسعِد قلوبَنا بصلاح شبابنا وفتياتنا، اللهم وحبب إلينا وإليهم الصلاة وأعنا وإياهم على الاهتمام بها، اللهمّ اجعلنا وإياهم هداة مهتدين، وأصلح لنا شأننا كله يا أرحم الراحمين ...
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..
اللهم صل على محمد..