الانْفُلُوَنْزا مُخْتَصَرَةٍ
محمد البدر
الْخُطْبَةُ الأُولَى: خُطْبَةُ مُخْتَصَرَةٍ عَن: الانْفُلُوَنْزا الموْسِمِيَّةِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾.وَقَالَﷺ:«مَا يُصيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ،وَلاَ وَصَبٍ،وَلاَ هَمٍّ،وَلاَ حَزَنٍ،وَلاَ أذَىً،وَلاَ غَمٍّ،حَتَّى الشَّوكَةُ يُشَاكُهَا إلاَّ كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ»مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.إنَّ المرضَ وسائرَ المكارِهِ، وَ الصحةُ وسائرُ المحابِّ سُنةٌ ربَّانيةٌ،فالعبد مبتلى في كل شيء،فيما يسُرُّهُ ويُحبه،وفيما يسُوؤُهُ ويكرَهُهُ،فالأمراض والمصائب تردُّ العبدَ إلى ربه،وتَكُفُّهُ عن معصيته،لأنه إذا ابتلاه اللهُ بمرضٍ أو غيره استشعر ضعفَهُ وذُلَّهُ وفقره إلى مولاه،وتذكَّر تقصيره في حقه،فعاد إليه نادما،قَالَ تَعَالَى:﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ﴾.
عِبَادَ اللهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾.وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾.وَقَالَﷺ«تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ،فَإِنَّ اللَّهَ، سُبْحَانَهُ، لَمْ يَضَعْ دَاءً، إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً، إِلَّا الْهَرَمَ»قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ قَالَ«خُلُقٌ حَسَنٌ»رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.فمن ابتلاه الله بالانْفُلُوَنْزا الموْسِمِيَّةِ لا حرج عليه أن يبحث عَنْ الدَّوَاءِ للتداوي،وبذل أسباب الشفاء،وَطَلَبِ الدَّوَاءِ لَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ على الله فهو أخذ بالأسباب،ولله الحمد والمنة أن الدولة وفقها الله أوجدت اللقاح في جميع المراكز الصحية فبادروا يا عِبَادَ اللهِ بأخذ اللقاح،واعلموا أن اللقاح وَالدَّوَاءِ مجرد سبب للشفاء،والشافي حقيقةً هو اللهUفعليك بلإلحاح في الدعاء واللجوء والتضرع إلى اللهUوكُن على يقينٍ بالإجابة قَالَ تَعَالَى:﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ(83)فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ﴾.ولاباس بالرُّقْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ،كالفاتحةوالمعوذتين وآية الكرسي وغيرها،ومن الأفضل للمريض أن يقرأ على نفسه ولا يطلب ذلك من غيره،فعَنْ عَائِشَةَرضي الله عنها:كَانَﷺ:«إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ،وَيَنْفُثُ،فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيهِ،وَأَمْسَحُ عَنْه بِيدِهِ،رَجاءَ بَرَكَتِهَا»مُتَّفَقٌ عَلَيْه.وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّtأَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِﷺوَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِﷺ:«ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ،ثَلاَثًا،وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَكَانَﷺيَقُولُ لِلْمَرِيضِ«بِسْمِ اللهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا،بِرِيقَةِ بَعْضِنَا،يُشْفَى سَقِيمُنَا،بِإِذْنِ رَبِّنَا»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وَعَنْ عَائِشَةَرضي الله عنهاأَنَّ النَّبِيَّﷺكَانَ يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ،يَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ:اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ،أذْهِب البَأسَ،اشْفِ أنْتَ الشَّافِي لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفاؤكَ ،شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقماً»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.وعلى من ابتلاه الله بالانْفُلُوَنْزا الموْسِمِيَّةِ أن يكثر من الاستغفار والتوبة والإنابة،وأحسِان الظنَّ بربه،قَالَ تَعَالَى:﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّtقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِﷺقَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ«لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا وَإِمَامِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
عِبَادَ اللَّهِ:اعلموا أن جميع الفئات العمرية قد تتأثر بالانْفُلُوَنْزا الموْسِمِيَّةِ،ولكن هناك مجموعات أكثر عرضة للخطر من غيرها،مثل النساء الحوامل، والأطفال دون سن الخامسة، وكبار السن،والذين يعانون من حالات مزمنة مثل(أمراض القلب المزمنة،أو أمراض الرئة أو الكلى أو النمو العصبي أو الكبد أو الدم وغيرها)والذين يعانون من حالات كابتة للمناعة مثل(فيروس نقص المناعة البشرية،أو تلقي العلاج الكيميائي،أوالإصابة بالأورام الخبيثة وغيرها)والتطعيم هو أفضل طريقة للوقاية من الانْفُلُوَنْزا الموْسِمِيَّةِ،والأفضل أن يكون سنوياً وهو من الأسباب المشروعة لحماية النفس البشرية.
عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد.وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
عِبَادَ اللَّهِ:اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.
المرفقات
1729140056_خُطْبَةُ مُخْتَصَرَةٍ عَن الانْفُلُوَنْزا الموْسِمِيَّةِ.pdf