الانتصار للرسول المختار

علي الذهبي
1433/03/09 - 2012/02/01 00:52AM
الانتصار للرسول المختار
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، الحمد لله خير ثواباً ، وخير أملاً ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، لا يزال ربنا براً رحيماً ، عفواً كريماًً ، بعباده خبيراً بصيراً ، من يهده الله فلن تجد له مضلاً أبداً ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً واحداً ، فرداً صمداً ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أحسن الناس خلقاً وخلقاً ، وعبادة وورعاً ، وزهداً وتقوىً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير ألٍ وأفضل صحباً ، وسلم تسليماً مديداً كثيراً . . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، فالتقوى طريق لجنة المأوى ، وسبيل لملك لا يبلى ، ونجاة من نار تلظى ، فتدرعوا بها ليلاً ونهاراً قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
قبل سنوات صدر كتاب ، لكاتب غربي ، كان عنوانه : " الـ 100 الاوائل " ، تحدث فيه عن اهم مئة شخصية اثرت في تاريخ البشرية . جعل المؤلف نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ، على رأس هؤلاء المئة .. فجاء الاول بين مئة رجل ، بينهم الانبياء والمصلحون والقادة . ابتداء .. نحن لسنا بحاجة لشهادة احد ، بعظمة رسولنا ، صلى الله عليه وسلم .. وإن كان الحق ما شهدت به الاعداء . لكن .. العدل والانصاف يقتضي منا، ان نشيد بعدالة وانصاف بعض الشخصيات الغربية ، حين تناولهم للإســلام ، وأن نشكر لهم موضوعيتهم ، واحقاقهم للحق ، حينما يتناولون الاسلام ، ويتطرقون لشخصية ، رسولنا محمد ، صلى الله عليو وسلم . ان المصطفى ، صلى الله عليه وسلم ، الرسول الذي بعث رحمة للعالمين ، وكانت رسالته خاتم الرسالات ، التي غيرت مجرى تاريخ البشرية .. لايحتاج لشهادتنا على عظمته وعلو شأنه ، وهو الذي ( شهد ) له ، الله سبحانه وتعالى .. ومازالت ( تشهد ) له رسالة الاسلام ، التي جاء بها .. بعظمتها ، وشمولها ، وبعدها الانساني الهائل . اننا لانستطيع ان نتخيل مكانته ، واهميته المذهلة في تاريخ البشرية ، وحاجتنا له .. صلى الله عليه وسلم ، إلا اذا استطعنا ان ( نتخيل ) العالم .. للحظة بدون رسالة الاسلام ، التي جاء بها ..! نتخيل ( التوحيد ) الذي جاء به .. فنشخص بأبصارنا للسماء ، ضارعين لله شكرا وحمدا ، ونحن نرى ملايين من الناس ، على كوكبنا يعبدون قبورا واصناما . ألا يستحق محمد صلى الله عليه وسلم ، بأبي هو وأمي ، ان نحبه ، ونغضب ان تطاول عليه تافه ، وقد اخرجنا الله به من ظلمات الوثنية ، الى نور التوحيد .
نتخيل رسالة ( الاخلاق ).. والفضيلة ، التي بعث بها ، ونحن نبصر كيف تفتك الرذيلة بالعالم ، ممن حرم نعمة الاسلام ، فتورثه دمارا في الاسرة ، واوبئة كـ(الايدز ) ، وحمل مراهقات ، وابناء سفاح ، وجرائم لاتحصى ..!!
نتخيل ( الانسانية ) ، التي حملتها رسالة الاسلام ، التي جاء بها ، عليه افضل الصلاة والسلام .. فنعلم عظمتها ، وهو ينهى عن التمثيل بالقتلى ، وقتل الشيوخ والنساء والاطفال .. بل حتى قطع الاشجار . في المقابل ، نرى ما فعله الذين يشتمونه ، في غزة،!!
عباد الله، لقد رحمنا الله تعالى رحمة واسعة حين خصّنا فجعلنا أتباع خير الخلق صلى الله عليه وسلم ، الذي أخرجنا الله به من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهداية، ومن الشقاء إلى السعادة، ومن الذلّ والظلم والجهل والشتات والمهانة إلى العزّ والعدل والعلم والاجتماع والكرامة لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164].
بلغ صلى الله عليه وسلم الرسالة ، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده. آذاه قومه فصبر ليبلّغ هذه الرسالة، ذهب إلى الطائف على قدميه يعرض الإسلام على قبائلها، فأغرَوا به صبيانهم، وأدمَوا قدميه وهو صابر في سبيل الدعوة، يعرض نفسَه على القبائل فتطرده فلا يثنيه ذلك شيئا، أصحابه يُعذّبون في حرّ الهجير وهم يستغيثون بالله تعالى في سبيل هذا الدين، يؤمَر بالهجرة فيخرج من بلده مكّة ويقف على شفير خارج مكة ويقول: ((والله إنك لأحب البقاع إلى الله، ووالله إنك لأحب البقاع إليّ، ولولا أنّ قومك أخرجوني ما خرجت)). يشجّ رأسه يوم أحد، وتكسر رباعيته، ويتكالب الأعداء على قتله يوم الخندق، فيُحزّبون الأحزاب طلبا لرأسه، ويدسُّ له اليهود السمّ، ويحاولون قتله أكثر من مرّة، لكن ذلك لا يثني من عزيمته لنشر هذا الدين، حتى بَلَََغ الإسلام مشارقَ الأرض ومغاربها.لا تحصَى فضائله، ولا تعدّ مزاياه صلى الله عليه وسلم . ما من صفة كمال إلا اتّصف بها، زكّى الله تعالى عقله فقال: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2]، وزكّى لسانه فقال: وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى [النجم:3]، وزكّى شرعه فقال: إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4]، وزكّى معلِّمه فقال: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى [النجم:5، 6]، وزكّى قلبه فقال: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى [النجم:11]، وزكّى بصره فقال: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17]، وزكّى أصحابه فقال: وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29]، وزكّاه كلَّه فقال: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]. نعته بالرسالة: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ[الفتح:29]، وناداه بالنبوة فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ[الممتحنة:12]،وشرفه بالعبودية فقال:سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ[الإسراء:1]، وشهد له بالقيام بها فقال: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ[الجن:19].
شرح الله له صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وأتمّ أمره، وأكمل دينه، وبرّ يمينه. ما ودّعه ربه وما قلاه، بل وجده ضالاً فهداه، وفقيرًا فأغناه، ويتيمًا فآواه. وخيّره بين الخلد في الدنيا ولقاه، فاختار لقاء مولاه، وقال: ((بل الرفيق الأعلى)).
تالله ما حملت أنثى ولا وضعت *** مثل الرسول نبيّ الأمّة الهادي
لحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والأنبياء إخوانه . . . أما بعد : فاتقوا الله أيها الناس وكونوا مع الصادقين ، اتقوا الله واخشوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون .
واليومَ يأتي أقوام ما عرفوا الله طرفةَ ساعة، يعيشون في ظلمات الشهوات، أهدافهم وأفكارهم واعتقاداتهم منحطّة، يحاولون النيلَ من هذه المنارة الشامخة. ، في الأسبوع الماضي هاجمَ مقدم أحد البرامج الساخرة في قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة السيدة مريم العذراء، عليها السلام قائلاً أنها "غير عذراء" ورميه لسيدنا عيسى عليه السلام بأفظع الألفاظ والعبارات،.ان ما اقدمت عليه القناة لهو جريمة نكراء تقشعر منها الأبدان وتشمئز منها النفوس, بل هي محاولة للنيل من طهر نبي الله عيس بن مريم عليه السلام وأمه الطاهرة العفيفة.إن الإعتداء والإساءة لسيدنا المسيح عليه السلام هو تماماً كالإعتداء على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأن الأنبياء كلهم أخوة, ولسان حالنا كمسلمين تجاههم هو ما عبر عنه القرآن الكريم على لسان الثلة المؤمنة (لا نفرق بين أحد من رسله).لم يسلم الانبياء منهم ولا من شاشاتهم التلفزيونية لا يكفيهم ما فعلو بعزة من دمار وقتل وخراب.لم يكتفوا بل هاجموا المسيح عليه السلام ومريم عليها ها هم اليوم يكشفوا أكثر عن وجههم القبيح وأخلاقهم المنحطة بالتطاول على النبي صلى الله عليه وسلم ونعته بالحذاء، فلا بد من التأكيد أن هذا السلوك ليس جديدًا عليهم, فمن يقرأ التاريخ يعرف كيف أن هؤلاء قد تطاولوا أصلاً على سيدنا موسى عليه السلام وهو النبي الذي بعث فيهم ولإنقاذهم من ظلم الفراعنة في مصر. فلقد آذوا موسى بشتى أصناف الأذى، مع علمهم بأنه رسول من الله إليهم مما جعل موسى عليه السلام يستنكر هذا الأسلوب القبيح فقال الله تعالى حكاية عنه وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
"سيبقى عيسى عليه السلام وسيبقى محمد عليه السلام فهم تلك الشموس المضيئة التي لن يضرها عبث الصبيان ولا نباح الكلاب"
لقدتعرض المصطفى صلى الله عليه وسلم .. بأبي هو وامي ، الى حملة تشويه خسيسة ورخيصة ، في قناة التلفزة الإسرائيلية العاشرة
أين الغيرة؟! أين حب الرسول صلى الله عليه وسلم ؟! أين الدفاع عنه؟! أليس هذا هو مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
أيها المسلمون : لقد رفع الله ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم رغم أنوف الحاقدين والجاحدين , فهاهم المسلمون يُصوتون باسمه على مآذنهم في كل مكان .
والله تعالى قد تولى الدفاع عن نبيه صلى الله عليه وسلم وأعلن عصمته له من الناس {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس }المائدة67وأخبر أنه سيكفيه المستهزئين {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ }الحجر95 سواء كانوا من قريش أو من غيرهم , وذكر الله سبحانه وتعالى في مواضع أخرى أنه كفاه غيرهم كقوله في أهل الكتاب {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ }البقرة137 وقال {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}الزمر36 . قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: " وقد فعل تعالى , فما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قِتلة .أهـ.
والله تعالى يقول : {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ }الكوثر3 أي : إنَّ مبغضك يا محمد ، ومبغض ما جئتَ به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين {هُوَ الْأَبْتَرُ } : الأقل الأذل المنقطع كل ذِكرٍ له . فهذه الآية تعم جميع من اتصف بهذه الصفة من معاداة النبي صلى الله عليه وسلم أو سعى لإلصاق التهم الباطلة به ، ممن كان في زمانه ، ومن جاء بعده إلى يوم القيامة.
وَمِن أَهَمِّ الأُمُورِ في نُصرَةِ الحَبِيبِ صلى الله عليه وسلم بَل هُوَ مَعنى شَهَادَةِ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَاجتِنَابُ مَا نهى عَنهُ وَأَن لاَّ يُعبَدَ اللهُ إِلاَّ بِمَا شَرَعَ، {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرسَلنَاكَ عَلَيهِم حَفِيظًا.
إِنَّ عَلَى المُسلِمِينَ أَن يَدرُسُوا حَيَاتَهُ صلى الله عليه وسلم وَسِيرَتَهُ، وَأَن يَنشُرُوا عِلمَهُ وَيُحيُوا سُنَّتَهُ، وَأَن يَدعُوا إِلى هَديِهِ وَطَرِيقَتِهِ، وَأَن يَتَخَلَّقُوا بِأَخلاقِهِ وَيَتَّصِفُوا بما كَانَ عَلَيهِ، فَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((مَن رَغِبَ عَن سُنَّتي فَلَيسَ مِني)). وَإِنَّكَ لَتَرَى في المُسلِمِينَ اليَومَ تَهَاوُنًا بِالسُّنَنِ وَتَقصِيرًا في الطَّاعَاتِ، بَل وَتَركًا لِلفُرُوضِ وَإِخلالاً بِالوَاجِبَاتِ وَإِضَاعَةً لِلصَّلَوَاتِ وَاتِّبَاعًا لِلشَّهَوَاتِ وَوُقُوعًا في الحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ، فَأَيُّ نُصرَةٍ لِلنَّبيِّ تُرجَى مِن مِثلِ هَؤُلاءِ؟! أَيُّ نُصرَةٍ تُرجَى ممَّن يَترُكُ صَلاةَ الفَجرِ وَيُؤثِرُ النَّومَ؟! أَيُّ نُصرَةٍ تُرجَى ممَّن يَتَهَاوَنُ بِصَلاةِ الجَمَاعَةِ وَيَهجُرُ المَسجِدَ؟! أَيُّ نُصرَةٍ تُرجَى ممَّن يَأكُلُ الرِّبَا وَلا يَسأَلُ عَن حِلِّ المُسَاهَمَاتِ وَالمُعَامَلاتِ مِن حُرمَتِهَا؟! أَيُّ نُصرَةٍ تُرجَى ممَّن لا يَتَوَرَّعُ عَن النَّظَرِ إِلى الحَرَامِ وَاستِمَاعِ الحَرَامِ في قَنَاةٍ أَو جَوَّالٍ أَو مِذيَاعٍ أَو صَحِيفَةٍ؟!
المشاهدات 1474 | التعليقات 0